موقع منتدى الدوايمة الاكتروني al-Dawayima تأسس 27 سبتمبر 2008
موقع منتدى الدوايمة الاكتروني al-Dawayima تأسس 27 سبتمبر 2008
موقع منتدى الدوايمة الاكتروني al-Dawayima تأسس 27 سبتمبر 2008
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

موقع منتدى الدوايمة الاكتروني al-Dawayima تأسس 27 سبتمبر 2008

أخبار .. بحث.. سياسة .. آدب .. ثقافة عامة .. حرية رأي .
 
الرئيسيةبوابة فلسطينالتسجيلأحدث الصوردخول
من حروف أسم الدوايمة يتكون وطني الدوايمة(د .. دم)(و..وطني)( أ .. أوثقه)(ي.. يأبى)(م .. مسح )(هـ .. هويته) (دم وطني أوثقه يأبى مسح هويته)...نضال هدب


أن نسي العالم مجزرة الدوايمة أو تناسىى فان طور الزاغ الكنعاني سيظل شاهداً أميناً على المجزرةالمتواجدون الآن ؟
المواضيع الأخيرة
» رحلة الإنسان من بداية خلقه وتكوينه وحتى دخوله الجنة أو النار .
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالأحد يوليو 30, 2023 3:30 pm من طرف الشيخ جميل لافي

» عيد ُ الحُــــب / فالنتــاين !! .
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالثلاثاء فبراير 14, 2023 1:42 am من طرف الشيخ جميل لافي

» كيف تخشـــع في صلاتك ؟
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالإثنين يناير 16, 2023 3:37 am من طرف الشيخ جميل لافي

» ما هي كفارة تأخير قضاء رمضان بدون عذر ، وما مقدارها ونوعها ؟؟
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالسبت نوفمبر 26, 2022 9:24 pm من طرف الشيخ جميل لافي

» أحكام الجمع والقصر في السفر والحضر والمطر
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالإثنين أبريل 05, 2021 12:25 am من طرف الشيخ جميل لافي

» عظم الكلمة عند الله عز وجل .....
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالسبت ديسمبر 26, 2020 2:31 am من طرف الشيخ جميل لافي

» الإمامة في الصلاة . مهم جـداً
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالسبت ديسمبر 26, 2020 2:28 am من طرف الشيخ جميل لافي

» إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشرّ ومنهم من يُهاب لله ومنهم إذا رؤوا ذُكر الله
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالسبت ديسمبر 26, 2020 2:25 am من طرف الشيخ جميل لافي

» البيع المُحرّم في الإسلام . الجزء الأول
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالسبت ديسمبر 26, 2020 2:24 am من طرف الشيخ جميل لافي

» كفارة الغيبة والنميمة .
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالسبت ديسمبر 26, 2020 2:23 am من طرف الشيخ جميل لافي

» حُكم الغناء والموسيقى والمعازف .
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالسبت ديسمبر 26, 2020 2:22 am من طرف الشيخ جميل لافي

» رباه إنا طامعين بجنة - الشاعر : عطا سليمان رموني
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالخميس يناير 18, 2018 12:11 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني

» رباه إنا طامعين بجنة - الشاعر : عطا سليمان رموني
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالأحد يناير 14, 2018 12:36 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني

» مشروع وثيقــــة شـــرف عشائر الدوايمة”
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالثلاثاء ديسمبر 08, 2015 3:24 am من طرف نضال هديب

» ادخل احصاء ابناء الدوايمة في الشتات
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالإثنين نوفمبر 30, 2015 5:41 pm من طرف أدارة الدوايمة

» الدوايمة ليست قبيله ولا عشيرة
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالإثنين نوفمبر 30, 2015 3:18 pm من طرف نضال هديب

» الدوايمة ..أنا لاجىء من فلسطين في الداخل والشتات اوقع لا تنازل عن حقي بالعودة
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالإثنين نوفمبر 30, 2015 4:23 am من طرف نضال هديب

» لإحياء المجزرة التي تعرضت لها قريتهم «غزة» توقد ذاكرة أبناء الدوايمة وتدفعهم للتحرك قانونياً
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالإثنين نوفمبر 02, 2015 5:45 pm من طرف نضال هديب

» مجزرة الدوايمة وصرخة الدم النازف.بقلم .نضال هديب
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالخميس أكتوبر 29, 2015 10:54 am من طرف نضال هديب

» صباح الخير يا دوايمة
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالخميس أكتوبر 29, 2015 1:24 am من طرف نضال هديب

» خربشات نضال . قال القدس لمين
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالخميس أكتوبر 29, 2015 1:22 am من طرف نضال هديب

» المستوطنون يستعدون لاكبر عملية اقتحام للأقصى
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالخميس سبتمبر 17, 2015 2:04 pm من طرف نضال هديب

» اخي ابن الدوايمة \ البوم صور لقاءات ومناسبات ابناءالدوايمة في الداخل والشتات
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالخميس سبتمبر 17, 2015 1:44 pm من طرف نضال هديب

» اجمل ترحيب بالاعضاء الجدد الذين انظمو لقافلة منتديات الدوايمة وهم السادة
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالخميس أغسطس 20, 2015 1:04 pm من طرف ahmad-lafi

» ما هوَ ثمن الجـنـّة ؟؟ .
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالخميس أغسطس 06, 2015 7:18 pm من طرف الشيخ جميل لافي

» حرمة الإحتفال بعيد الأم المزعوم
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالأربعاء مارس 18, 2015 5:13 pm من طرف الشيخ جميل لافي

» القناعة للشاعر عطا سليمان رموني
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالأربعاء ديسمبر 24, 2014 11:04 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني

» قرية الدوايمة المغتصبة لا بديل عنها ولو بالقدس
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالثلاثاء ديسمبر 23, 2014 3:08 pm من طرف أحمد الخضور

» عن حقي ابد ما احيد للشاعر عطا سليمان رموني
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالإثنين ديسمبر 22, 2014 1:16 pm من طرف الشاعر عطا سليمان رموني

» بابي لعبدي مشرع للشاعر عطا سليمان رموني
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالثلاثاء نوفمبر 25, 2014 8:25 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني

» الذكرى الـ97 لوعد بلفور المشؤوم
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالأحد نوفمبر 02, 2014 9:14 pm من طرف نضال هديب

»  نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي موشيه فيغلن اقتحم الحرم القدسي
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالأحد نوفمبر 02, 2014 9:09 pm من طرف نضال هديب

» يووم سقوط الدوايمة
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالثلاثاء أكتوبر 28, 2014 9:37 pm من طرف نضال هديب

» حذاري ان تعبثوا بالوطن
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالسبت أكتوبر 25, 2014 9:34 pm من طرف نضال هديب

» اعلان وفاة زوجة الحاج عبد الحميد ياسين هديب وحفيدة ابن رامي عبد الحميد
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالجمعة أكتوبر 24, 2014 9:32 pm من طرف نضال هديب

» جرح مجزرة الدوايمة يأبى الإلتئام بقلم نضال هديب
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالسبت سبتمبر 27, 2014 11:04 pm من طرف نضال هديب

» الدوايمة / كتاب توراة الملك ........ دليل لقتل الفلسطينيين
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالسبت سبتمبر 27, 2014 10:58 pm من طرف نضال هديب

» غداً السبت الموافق 27ايلول 2014 تحتفل بالعام السادس لتاسيس منتدى الدوايمة
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالجمعة سبتمبر 26, 2014 3:27 pm من طرف نضال هديب

» أحاديث لا تصح في الأضحية وفي المسح على رأس اليتيم
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالجمعة سبتمبر 26, 2014 1:34 am من طرف الشيخ جميل لافي

» فضائل صوم ست من شوال
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالجمعة أغسطس 08, 2014 1:46 am من طرف الشيخ جميل لافي

» قرر الرئيس محمود عباس تشكيل الوفد الفلسطيني الى القاهرة كما يلي :-
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالسبت أغسطس 02, 2014 12:27 am من طرف نضال هديب

» بان كي مون يطالب بـ "الافراج فورا" عن الجندي الاسرائيلي الاسير
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالسبت أغسطس 02, 2014 12:17 am من طرف نضال هديب

» لقناة البريطانية العاشرة الجندي الاسراييلي الاسير بريطاني الجنسية
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالسبت أغسطس 02, 2014 12:12 am من طرف نضال هديب

» الاسير هدار غولدين ابن عم وزير الدفاع الاسرائيلي
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالجمعة أغسطس 01, 2014 10:08 pm من طرف نضال هديب

» اسر الجندي الصهيوني الملازم الثاني هدار غولدين
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالجمعة أغسطس 01, 2014 10:07 pm من طرف نضال هديب

» في ذكرى رحيل أمي
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالجمعة أغسطس 01, 2014 6:20 pm من طرف نضال هديب

» ينعى موقع منتدى الدوايمة الاكتروني بشديد الحزن والاسى الجامعه العربية
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالثلاثاء يوليو 29, 2014 2:34 am من طرف نضال هديب

» تضامنا مع غزة شبكة منتديات الدوايمة تدعوا اقتصار مظاهر العيد على الشعائر الدينية
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالسبت يوليو 26, 2014 7:45 pm من طرف نضال هديب

» توفيت الصحفية عزة سامي، نائب رئيس صحيفة الأهرام التي قالت «كتر خيرك يا نتنياهو ربنا يكتر
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالسبت يوليو 26, 2014 1:43 am من طرف نضال هديب

» أغنية الجندي المخطوف (شاؤول ارون)عملوها الفدائية
 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالخميس يوليو 24, 2014 9:14 pm من طرف نضال هديب


 

  الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نضال هديب
المدير العام
المدير العام
نضال هديب


العمر : 58
المزاج :

 الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Empty
مُساهمةموضوع: الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد     الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد  Emptyالأحد نوفمبر 14, 2010 7:23 pm




اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد بقلم / دكتور سمير محمود قديح

بانكشاف أمر الدكتور عيزرا خزام وأعوانه، توالى سقوط شبكات الموساد في العراق، نتيجة الخطأ الجسيم في نظام الاتصال بين الشبكات.

ذلك الخطأ الذي أفاد العراقيين، ومكنهم بسهولة من كشف تسع شبكات دفعة واحدة، مما أحدث فراغاً مخابراتياً كبيراً في إسرائيل، بسبب توقف سيل المعلومات عن الحياة المختلفة في العراق.

كان "عيزرا ناجي زلخا" أحد هؤلاء الرؤوس.. واحداً من أشرس الجواسيس وأمهرهم، الذين قادوا الصراع بالأدمغة بين المخابرات الاسرائيلية والمخابرات العراقية. .

فهو يهودي عراقي، ماكر كالثعلب، وديع كالأرنب، شرس كالنمر ذو ألف مخلب، سهل جداً أن يتلون كالحرباء وفقاً للظروف والمواقف، لكنه على كل حال ثعباني الخطر، قلما يفلت مخلوق من لدغته.

ولد عيزرا ناجي زلخا بالموصل شمالي العراق أو يناير 1927، وحصل على شهادة متوسطة أهلته للعمل موظفاً في أرشيف وزارة التجارة ببغداد.

تعرف بمعلمة يهودية اسمها "ملاذ" في المعبد اليهودي، لا تحمل قدراً كبيراً من الجمال، لكنها رقيقة تفيض عذوبة وحناناً. . فأحبها بإخلاص وتزوجا عام 1952، وعاشا معاً هانئين ترف حولهما السعادة، الى أن أصيبت فجأة بالحمى التيفودية التي سرعان ما فتكت بها، ورحلت بعد عام واحد من الزواج، فعاش حياته من بعدها وحيداً، مهموماً، منشغلاً عن متع الحياة بالسباحة في بحر الذكريات.

أشفق عيله نفر من صحبه، وفي محاولة لمساعدته ليخرج من محنته، دفع دفعاً للعمل فترة مسائية بأحد المختبرات الطبية، فاستنزفه العمل ليل نهار، لكنه برغم ذلك، ظل وفياً لزوجته الراحلة، لم يغتنم فرصة واحدة للتجاوب مع اية امرأة أخرى تتقرب اليه.

وفي أحد الأعياد اليهودية، حمل باقة زهور الى قبرها، استند برأسه الى جدار القبر، وهجمت عليه الذكريات كالأعاصير. فاستغرقته تماماً، وتلبد حاله لينخرط في بكاء مرير، حفرت دموعه التخينة أخدودين نازفين على خديه.

التفت فجأة الى صاحب اليد الحانية التي تربت على كتفه، فوجد رجلاً قارب الستين نحت الزمن آثاره على وجهه. جذبه الكهل فمشى الى جواره يقص عليه حكايته، وأحزانه فتأثر الرجل وطالبه بالصبر، وأخذ يقص هو الآخر حكايات ومأثورات ليخفف عنه، ثم حدثه عن نفسه وعن زوجته فائقة الجمال، التي ماتت هي الأخرى في شبابها وهي تلد، فلم يعثر على من تماثلها جمالاً، وعاش بلا زوجة واهباً حياته لابنته الوحيدة التي أنجبها.

كان اليهودي الكهل – واسمه "بوشاط – يعمل تاجراً متجولاً بين أحياء بغداد الشعبية، يبيع بضائعه المختلفة بالأجل، فاشتهر بين النساء الفقيرات اللاتي أقبلن على سلعه، باسمات فرحات بحديثه العذب، ومداعباته الرقيقة لأطفالهن.

وكانت زيارة عيزرا لبوشا لأول مرة. . بداية مثيرة لقصة من قصص الحب، والجاسوسية، والتوحش.

فبوشا التاجر المتوسط الحال، وقع منذ زمن في شرك الجاسوسية، وانضم لإحدى الخلايا السرية التي تعمل لصالح إسرائيل. وكانت مهمته جمع المعلومات عن فقراء اليهود في الأحياء الشعبية، ظروفهم المعيشية، وأعدادهم، وتعليمهم، وحرفهم، واتجاهات الرأي عندهم في مسألة الهجرة. فكان لذلك يكثف من زياراته للأحياء اليهودية ليكتب تقاريره عنهم. ويتردد على القبور لتصيد الأخبار من أفواه المكلومين، دون أن تعلم ابنته بنشاطه التجسسي، أو يحاول هو جرها الى العمل معه.

ذهب عيزرا مطمئناً الى صديقه الجديد بوشا الذي استقبله بترحاب كبير، وصارحه بأنه مغتبط لوفائه العظيم لزوجته الراحلة مثله. ونادى على ابنته، فأقبلت. . أقبلت "روان". . كأنما أقبلت معها رائعات الحياة جميعها، وتجمعت في وجهها الرائق الصافي الساحر.

كالأبله فغر فاه، لا يصدق أن هناك من بني البشر من هي بمثل ذلك الجمال الفتان.

مدت يدها مرحبة بالضيف فارتبك عقله، إذ سلب بريق عينيها النجلاوين ما بقي عنده من إدراك. ومست أصابعها يده فمست فؤاده. . ووجدانه.. حتى النخاع. . وهتف في نفسه:

"يا الهي . . من أي سماء أتيت. . ؟ ومن أي بطن ولدت.. ؟ أمثلك يمشي على الأرض مثلنا ويلوك الشعير .. ؟. . !!"

رجع عيزرا الى مسكنه إنساناً آخر، يشعر في قرارة نفسه بأن ابنة بوشا دحرته، وانتصرت على ذكرى الراحلة. فها هي قدماه تقودانه رغماً عنه الى "روان". وها هو القلب يدق كلما ذكرها في خياله، أو جلس قبالتها، إن شرايينه عادت تنبض بالعشق من جديد، في تحنان وانتعاش، حتى الحياة كلها من حوله، تبدلت فيها الصور. . وتجملت.

زار بوشا ذات مساء وكانت روان بمفردها . . دعته ابنة السابعة عشر للدخول فلبى، وجلس اليها كالتلميذ الغبي البليد الذي يجهل النطق والكلام.

تمنى لحظتئذ أن يصارحها بحبه. أن يضمها بين أحضانه ويدفن رأسه بين شعرها المنسدل كأستار الليل، أن يلثم أناملها وراحة يدها، ويتأمل هذا الوجه الساحر عن قرب.

استجمع جرأته وسألها هل تقبل به زوجاً، ضحكت كطفلة بريئة ملأى أنوثة، وقالت له: إن هذا الأمر بيد والدها لا بيدها، فصارح بوشا برغبته، ولحظتها. . ضحك العجوز ساخراً، وسأله كم ديناراً يملك مهراً لها؟

فأجابه عيزرا بأنه يدخر ألف دينار، ولديه سكناً وعملاً حكومياً، وراتبه يفي بمتطلبات الحياة الزوجية.

قهقه اليهودي الذي يدرك مدى هيامه بابنته، وأخبره أن مهر ابنته الوحيدة عشرة آلاف لا تنقص ديناراً واحداً.

وجم عيزرا العاشق الموله، وغادر المنزل مقهوراً، تسبح روان بدمه وتسيطر على عقله، وفؤاده، وأعصابه.

مرت به ليال طويلة مريرة وهو يفكر ما العمل؟ وصدق حدس بوشا عندما زاره عيوزرا عراضاً ألفي دينار مهراً لروان.

سأله العجوز بخبث عن مصدر الألف الثانية فقال إنه تقدم الى العمل بطلب "سلفة" تخصم من راتبه. ولما رفض طلبه للمرة الثانية، عرض عيزرا أن يستكتبه صكاً بألف دينار أخرى. لكن بوشا وافق أن تكون قيمة الصك ثمانية آلاف دينار.. على شرط.

سأله عيزرا عن شرطه الأخير، فأحكم اليهودي الخبير خنقة الشد، عندما عرض عليه مساعدته في إقناع من يعرفهم من اليهود للهجرة الى إسرائيل، فإن تحديد موعد زواجهما مرهون بمدى ما يبذله من جهد في هذا المجال.

وافق عيزرا على الفور طالما أزيلت عثرة المهر، أما مسألة هجرة اليهود فذاك أمر واجب ولا يعد تضحية في نظره. فالدولة اليهودية كانت عبر إذاعتها العربية، تبث دعايتها ليل نهار بأحقية يهود العالم في أرض الميعاد. وهو كيهودي. . تمنى أن يسافر لإسرائيل ليراها فقط قبل أن يقرر. فالدعاية المضادة في الإعلام العربي، كانت تصف إسرائيل أنها دولة الإرهاب والمذابح، وتصور الحياة بها كأنها الجحيم، وتنشر الكثير من الحوادث المؤسفة، تفضح إدعاءات إسرائيل التي واجهت كل ذلك بالرفض والاستنكار، متهمة الإعلام العربي بأنه يكذب، ويدعي، ويتحايل، لخداع اليهود، والكذب عليهم ليحجموا عن الهجرة.

كانت الحرب الدعائية دائماً في حالة غليان لا يتوقف. وكان إيمان عيزرا ناجي زلخا بقضية الوطن – إسرائيل – مزعزعاً. فهو ما عرف سوى العرق وطناً. . آمناً، يضم عشرات الآلاف من اليهود على أرضه، وينعمون جميعاً بالحرية والأمن.

وتساءل: لما لا تكون إسرائيل صادقة فيما تدعيه؟ أن اليهود عاشوا على أرض فلسطين منذ آلاف السنين، ولهم حق تاريخي في فلسطين. فلماذا يحاربهم العرب؟

ثم ماذا سيخسر ليكسب روان. . ؟ إن مجرد "إقناع" بعض اليهود بالهجرة ليس بالأمر الصعب. فالفقراء الذين سيتكلم معهم، يحسون بالضيق لسوء أحوالهم المعيشية، وقد يروا في الهجرة مخرجاً لهم من أزمتهم . إذن. . ماذا سيخسر؟

هكذا استطاع بوشا اصطياد عميل جديد للموساد، يعمل "مجاناً" عن قناعة . . واثقاً من إخلاصه للعمل، لكي يفوز بابنته الرائعة بعد ذلك. . !!

كانت تعرف

في تلك الفترة التي تأهب فيها عيزرا للعمل. . حدث انقلاب كبير على الساحة العربية. إذ وقع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، واحتلت إسرائيل شبه جزيرة سيناء، وبتدخل الولايات المتحدة انسحبت الجيوش المعتدية.

كان احتلال سيناء أمراً مدهشاً لليهود العرب، فقد ارتابوا كثيراً من قبل في قدرة الجيش الاسرائيلي على مواجهة الجيوش العربية، وتراجعوا عن فكرة الهجرة، ثقة في القوة الرادعة العربية.

أما وقد حدث العدوان واحتلال سيناء ثم الانسحاب – فقد اهتزت الصور . . واعتقد أكثر اليهود فهماً لأمور السياسة، أن العرب فوجئوا بالقوة العسكرية الإسرائيلية.. وهم بلا شك يستعدون، ويتحينون الفرصة المناسبة لضرب إسرائيل والقضاء عليها بعدما أضحت خطراً على المنطقة كلها.

هذا الرأي انتشر كانتشار النار في الهشيم بين اليهود العرب في سائر الأقطار. وبدلاً من الثقة في القدرة اليهودية، انعكس الأمر، وتحول احتلال سيناء الى نكسة مدمرة لاستراتيجية إسرائيل السياسية والعسكرية. . فتراجع أكثر اليهود عن رأيهم، وبالتالي. . أخفقت محاولات كثيرة للتأثير على اليهود وحثهم على الهجرة.

لهذا تعمدت المخابرات الاسرائيلية إذاعة حديث إبراهام دار بطل عملية "توشيا" وهي أجرأ عملية قام بها بتهريب 65 يهودياً من بورسعيد إبان العدوان الثلاثي – وكان المقصود بإذاعة حديثه عبر الراديو لعدة أيام مغزى مخابراتي.

واكب ذلك مقتل تاجر يهودي عراقي بيد لصين اقتحما داره. وأشاع عملاء الموساد أن العملية مدبرة لبث الرعب في قلوب اليهود.

انتهز بوشا حادث مقتل اليهودي لإثارة حمية عيزرا .. وتهيئة المناخ النفسي لإيقاظ حماسته. فانفعل عيزرا بغريزته كيهودي حامل لفيروس الخيانة، وأخلص كثيراً في عمله.

وإن هي إلا شهور قليلة حتى كان رصيده اثنتي عشرة أسرة يهودية، تمكن من إقناعها بالهرب الى إيران.. ومنها الى إسرائيل، ورحلة الهرب كثيراً ما كانت تبدأ من الشمال الشرقي، حيث يقوم فيها بعض العملاء من الأكراد بدور رئيسي وفعال. إذ يقودون الهاربين عبر الجبال والسهول والممرات الوعرة الى الحدود الإيرانية. . حيث يتعهدهم حرس الحدود وضباط الموساد.

هكذا ابتدأ عيزرا العمل، بداخله إحساس بالبطولة، والفخر بقدراته الخداعية التي مكنته من مؤازرة إسرائيل. فاستهوته اللعبة الخطرة المصيرية.. وقطع فيها شوطاً منحه الثقة في ألا يتراجع، لذلك كافأه بوشا بحق عندما زوجه روان.

أيام جميلة وعيزرا في العسل يمتص النعيم مصاً. . ويخوض بحور اللذات سابحة وغرقاً بين أحضان عروسه. ولم تكد تمر فترة وجيزة حتى مات بوشا .. فمات بالتالي الدين الذي صكه.

وأثناء تشييع جنازته، اقترب منه رجل لا يعرفه.. همس له ببضع كلمات واختفى. وعاد الى منزله تشوبه ملامح القلق. وسألته روان عما بداخله فصارحها بأمر أبيها ومعاونته له في تهريب اليهود. "إذن أنت بطل". . هكذا كان تعليقها وهي تعانقه، وتفجر القنبلة التي كان يمسكها بيده عندما قالت: كنت أعرف.

لقد اختصرت الطريق عليه. . وطالما هو بطل في نظرها فكل شيء يهون.

وفي مقهى قاسم جاءه الرجل الغامض. . منحه خمسمائة دينار وطلب منه أن يتلاقيا بعد أسبوع في ذات المكان والساعة.

إنه أحد عملاء الموساد في العراق. مهمته تدريب الجواسيس الجدد، وحصد المعلومات منهم وتجميعها، والربط بين الشبكات.

توالت لقاءاتهما بأماكن مختلفة ببغداد، وأخضع عيزرا لدورات في فنون التجسس. وفي غضون مرحلة قصيرة تعلم الكثير . . وأقبل على مهنته في شغف بالغ وقد تخرج في مدرسة الموساد جاسوساً مدرباً ملماً بهذا العالم المثير العجيب. . عالم الجاسوسية.

لقد انصب عمل عيزرا على تكثيف جهوده لتهريب يهود العراق. . وفي خلال عامين تمكن من تهريب أكثر من أربعمائة منهم الى عبادان عبر شط العرب. وسلك في ذلك أساليب شيطانية أنجحت مهمته، برغم التواجد الأمني المشدد، فأصبح بذلك أمهر جواسيس الموساد في بغداد.

وبينما عيزرا يتقدم في عمله بنجاح، كانت روان مشغولة بأمر فشلها في الإنجاب، يملؤها الحنين الى طفل يضيء حياتها.

وبرغم صمت زوجها وعدم اهتمامه بالأمر، إلا أنها سعت للأطباء واهتمت بالوصفات الشعبية دون فائدة. فأكلها الهم ومزقها الأسى، وحدثتها نفسها أن تفاتح زوجها برغبتها في الهرب معاً لإسرائيل، حيث تدوالت الأقاويل إمكان علاجها هناك.

لقد ظلت كثيراً تقلب هذه الفكرة في رأسها الى أن تشجعت وعرضت الفكرة عليه، فثار رافضاً في البداية ثم عاد وطلب منها الانتظار حتى "يأذنوا" له بالهرب. وانتهز الفرصة وتكلم مع مندوب الاتصال الذي يلتقي به في مواعيد محددة. فطلب منه مهلة ليعرض الأمر على رؤسائه في الموساد.

بالطبع لم يكن من السهل على الموساد أن تسحب عيزرا بعدما اتقن عمله وأجاده بحرفية عظيمة .. فعملية سحب العملاء تخضع لحسابات معقدة أهمها أن تصل درجة ثقة العميل في نفسه الى حد الغرور. . مما قد يوقعه في خطأ فادح يكشفه، نتيجة الثقة الزائدة في قدراته، والاستخفاف بقدرات رجال الأمن في القطر الذي زرع فيه. لم يصل عيزرا الى حد الخوف عليه بعد. فالمنتظر منه لا زال آتٍ بالطريق. . ولا بد من استغلاله و "استهلاكه" قبل الإذن له بالتوقف، أو السماح له بالمغادرة.

جاءه الرد كما كان متوقعاً. . فحزن كثيراً لأجل روان، وتملكه الزهو عندما أعلم بأنه منح رتبة عسكرية في الجيش الاسرائيلي، تضمن له ولأسرته معاشاً محترماً عندما ينتهي من مهمته ويفر الى إسرائيل. وأخضع لدورة تدريبية جديدة لتعلم كيفية استعمال اللاسلكي في الإرسال بعدما سلموه جهازاً لاسلكياً متطوراً. . ولا يمكن رصده بأجهزة تتبع الذبذبات التي لم تكن موجودة أصلاً بالعراق.

بذلك .. وثق عيزرا في أهمية دوره لخدمة مصالح إسرائيل في العراق، فطور كثيراً من مهامه التجسسية لتشمل جمع التقارير المهمة التي يحصل عليها من عمله في وزارة التجارة.

أيضاً نجح في تنمية علاقاته ببعض المسؤولين، وطلب الإذن بتجنيد ما يراه منهم فلم يأذنوا له. وبقدر ذهول مرؤوسيه في الموساد لمهارته في البث اللاسلكي.. أذهلهم أكثر تغلغله داخل فئات المجتمع وإرسال تقارير غاية في الأهمية عن الاقتصاد والزراعة. . وأصبحت المعلومات التي يبثها الى تل أبيب تقيم في الفئة (أ) التي تستحق عن جدارة مكافآت مالية ضخمة اتخمت بها جيوبه وبدلت نظام حياته وإنفاقه.

أشفق عيزرا على حال روان التي انزوت بين همومها بسبب حنينها الى طفل. فعرض عليها من باب "التسلية" مشاركته . . أيضاً. . طمعاً في المزيد من أموال الموساد، وكان المطلوب منها أن تبدي بشاشة لموظف بوزارة الخارجية صادقة أخيراً.

بدت المهمة صعبة في البداية، فهي لم تعرف بعد حدود تلك البشاشة، إذ ترك لها تقدير الموقف بنفسها. . وهذا يعد إذناً لها بأن تمشي في الطريق الى نهايته. .

وطني أكثر من اللازم

حاولت روان ببساطة الأنثى المثيرة التي تعد أمراً. . وبسهولة شديدة أوقعت الموظف المسيحي في حبائلها.. فأوهمته بأنها تحبه، وبأنها أصبحت لا تفكر بالهرب الى إسرائيل من أجل أن تظل الى جانبه.

انزعج "كامل" عند سماع اسم "إسرائيل" ولكي تذهب عقله وتشل تفكيره، أسلمت له نفسها فانزلق بين أحضانها يحسو الخمر نشواناً. . لا ينفك يطلب المزيد والمزيد. وهل امرأة صغيرة رائعة مثلها يشبع منها رجل . .؟ أو يفيق من سكره. . ؟

ففي غيبة الإدراك أعلنها كامل صريحة بأنه معها في أي مكان. . ولو في إسرائيل . . ولما تأكدت من إتمام سيطرتها عليه. . طلبت منه الثمن. . ثمن دخولهما إسرائيل.. فتدفقت الوثائق والتقارير من أرشيف الوزارة السري. . وكلما سلمها عشرات الوثائق الخطيرة ادعت بسخرية تفاهتها.

ومرت بهما الأيام وقل حديثها عن الحب والهرب. . إذ شغل الحديث عن مغامراته لجلب الوثائق كل المساحة بينهما.

لقد أدرك كامل بأنه وقع لأذنيه في بئر الخيانة. . فانغمس غصباً عنه لا يستطيع التراجع أو الخلاص. .

واستلذت روان اللعبة. . والمغامرة، والقتل بسلاح أنوثتها، إنها لعبة مثيرة ترضي غرورها. . وتبعدها عن التفكير في الإنجاب. فانساقت في الطريق وقد استهواها العمل واستغرقها.

أما عيزرا فلم يضيع وقتاً طويلاً في الثناء على شريكته الجديدة. إذ كلفها باصطياد ملازم أول مطار بغداد مغرور ببزته الرسمية وبالسيارة الحكومية التي تذهب به وتجيئه كل يوم.

ولأنه يسكن بالمنزل المواجه. . كان الأمر هيناً جداً. . عندما أشهرت روان أسلحتها الأنوثية الفتاكة في وجهه، فاستسلم. . وتقرب الى عيزرا الذي هيأ له المناخ الصحي للسقوط .. فسقط الشاب الصغير بلا تفكير .. وتدفقت من خلاله المعلومات الأكثر سرية عن المطار، وطائرات الشحن المحملة بالمعدات العسكرية، التي تفرغها بداخل حظائر خاصة تخضع لإجراءات أمنية صعبة، وكذا، وأعداد الخبراء السوفييت والتشيك الذين يتوافدون ويغادرون، والرحلات السرية لطائرة الرئاسة.

معلومات أشد سخونة كان يبثها عيزرا فتثير شهية الإسرائيليين.. وتدهشهم جرأة عميلهم الذي امتلك قلباً من فولاذ . . لا يقهره خوف .. أو يرتجف رعباً إذا ما قرأ بالصحف العراقية عن سقوط جواسيس للموساد أو إعدامهم.

كانت التحذيرات تجيئه آمرة إياه بألا يقرأ تلك الأخبار "الكاذبة" التي يروجها العراقيون. لكنه لم يكن يأبه لتلك المخاوف، بل كان يقرأ ليستفيد من الأخطاء التي أدت لسقوط الجواسيس، فيتجنبها، وتتضاعف بذلك خبراته. . وثروته.. بفضل حسه الأمني. . وبالمعلومات الثمينة التي يحصل عليها بفضل جسد زوجته. خاصة وقد أخبرهم بأمر انضمامها الى العمل.. وقدراتها الفائقة على السيطرة وتجنيد عملاء جدد. فكان ردهم بأنهم يقدرون ذلك. . وأن روان قد تم منحها هي الأخرى رتبة ملازم أول في جيش الدفاع الإسرائيلي . . تقديراً لتعاونها المشرف .. !!

ولأسبابا أمنية بحتة .. اشترى عيزرا منزلاً جديداً من طابق واحد في حي الكاظمية . . كان بالمنزل حديقة خلفية ذات أشجار كثيفة. . وباب يؤدي الى منطقة مهجورة مليئة بالأحراش. . وبواسطة تلسكوب مكبر كان "يمسح" المنطقة المحيطة المؤدية الى منزله قبل خروجه. . أو قبل زيارة عميل مهم.

هذا المنزل تحول الى غرفة عمليات خطيرة.. وتتم فيه عملية السيطرة على من يراد تجنيدهم.

وخلال ثلاث سنوات من انخراط روان في الجاسوسية. . استطاعت وحدها تجنيد ثلاثة عشر موظفاً عاماً في مواقع مهمة. أربعة منهم ضباط برتب مختلفة في الجيش العراقي.. وضابط بأمن المطار. . وستة آخرين يشغلون مناصب إدارية بالوزارات المختلفة. جميعهم سقطوا في قبضة روان بفضل لغة الجسد والإثارة. وتدفقت بواسطتهم أسرار العراق أولاً بأول الى إسرائيل.

وحدث أن نصبت روان شباكها حول طبيب بالجيش يحمل رتبة نقيب.. وكانت خطة استدراجه بواسطة أحد العملاء لتوقيع الكشف على زوجها. إذ تهيأت الحية الرقطاء وبدت كأن الفتنة كلها حلت بذاك الجسد.. فطابت ثمارها شوقاً لقاطفها.

ولما جاء الطبيب الأعزب تسمر مكانه.. وبدا كطفل جائع تتلوى أعضاؤه وترتجف. . فثوبها العريان لم يخف من مفاتنها أكثر مما كشف، وجسدها الأملود كان ينادي: أيها الجائع المبهوت. . هيا . . تذوق اللذات براكين من الفوران. . قناطير من النعيم السرمدي، والقطف.

وكمثل سابقيه. . فقد الطبيب مقاومته وغرق فيها عشقاً وذوباناً . وشوقاً الى الذروة . . فلم تكن تمنحه إلا بمقدار . . حتى تجيء اللحظة التي يفقد فيها العقل تماماً، فتبدأ معه المبادلة. . فكل شيء له مقابل.. وثمن.

ولما جاءت لحظة المكاشفة. . والسقوط. . لم يصدق النقيب الطبيب حسين علي عبد الله أنه بين أحضان جاسوسة محترفة، في وكر للجواسيس، فانتفض بين أحضانها وقد غاصت نشوته وقام فزعاً يرتدي ملابسه ويتوعدها بمصير مظلم.

هددته بتسجيلاته الجنسية معها فرد عليها بأنه رجل ولا عار عليه فهي تؤكد رجولته. هددته ثانية بما تفوه به في السياسة والعسكرية وأن مستقبله بيدها. فبصق عليها قائلاً إنهم سيكافئوه بالترقية لأنه سلمهم جاسوسة إسرائيلية. وهجم عليها محاولاً تكبيلها واقتيادها للسلطات، لكنه فوجئ بعيزرا أمامه يشهر مسدسه.

أحس بخطئه الكبير كرجل عسكري، فقد كان يجب عليه مسايرتها حتى يخرج من بيت الأفاعي. لكنه "كان يعتقد" أنهما بمفردهما.

لم يترك له عيزرا فرصة للتعامل معه. بل انطلقت الرصاصات الى رأسه، وتناثرت شظايا عظام جمجمته على جدران الغرفة.

صرخت روان في هلع.. وكتمت صراخها عندما بحلق فيها غاضباً. . بعينين ترسلان نظرات كاللهيب، وتكورت ترتجف في أنين خافت. .

أخذ عيزرا يسبها لأنها عجزت عن السيطرة عليه كسابقيه.. وتسرعت كثيراً في مكاشفته ثقة في جمالها.

وبخوف يشع رعباً دافعت عن نفسها، مؤكدة له بأنها طوعته جدياً لكنه "وطني مخلص أكثر من اللازم" وظلا طوال الليل يحفران قبره في الحديقة الخلفية. . ثم أهالا التراب فوق الجثة. . وانكمشت روان يفتك بها الهلع. . فهي تنام بين أحضان قاتل. . وعلى بعد خطوة من فراشها. . يرقد قتيل.

الطيار القتيل

. . حلت الكآبة بالحية تفتت عقلها. . لكن الثعبان السام لم يكن ليستسلم. . فالمجد ينتظره في إسرائيل . . وهو الآن يصنع تاريخه..

ومضى الجاسوس الداهية في طريقه قدماً تحفه الثقة ويملؤه الغرور. تسع سنوات كان لا يكل ولا يخاف. . وأعوانه منتشرون في كل مؤسسات العراق الحيوية . . يمدونه بما يذهل الإسرائيليين من معلومات عن أحشاء العراق، وشرايين الحياة المختلفة به.

وفي رسالة التكليف التي تلقاها بواسطة الراديو. . كان الأمر مختلفاً عليه. فقد كان المطلوب تجنيد طيار عسكري عراقي – وبأي ثمن – يقبل الفرار بطائرته الحربية ميج 21 الى إسرائيل.

بدأ عيزرا رحلة البحث عن طيار خائن. . ومن خلال الخونة العسكريين أعضاء شبكته، تعرف عيزرا – بشكل يبدو عفوياً – بالنقيب طيار شاكر محمود يوسف ، المولود في "محلة حسن جديد باشا" عام 1936، وسبق له أن التحق بدورات تدريبية في موسكو ولندن لزيادة كفاءته كطيار للميج 21 القتالية الاعتراضية التي ترعب إسرائيل.

التقى به عيزرا وزوجته في إحدى الحفلات. . وحاولت روان بأسلحتها الأنثوية الطاغية أن تلفت انتباهه لكنه تجاهلها. . فاغتاظت وتملكها الضيق وشكت في كونها أنثى لا ترد. حتى إذا ما استجمعت نفسها بعدها بأيام، أعلنت عيزرا بقرار اعتزالها مهمة اصطياد عراقيين جدد.

لكنه فاجأها ذت مساء حينما جاء وبرفقته شاكر، وأسر لها بأن الطيار الشاب تجاهلها في الحفل لوجود زوجته معه، وأن "الوسيط" استدرج شاكر ورأى منه الرغبة في التعرف اليها.. فتظاهر بمصاحبته وبدأت الاتصالات بينهما.

وما كادت روان تسترجع من جديد ثقتها في جاذبيتها وسحرها. . وتوشك أن تسيطر على أعصاب الطيار الولهان، حتى سافر فجأة الى أمريكا للحصول على دورة في "قيادة التشكيل" في تكساس.

هناك تولت المخابرات المركزية أمره. . فدفعت بحية أخرى في طريقه. . جيء بها خصيصاً على وجه السرعة من النمسا حيث تعمل كممرضة بالمستشفى الأمريكي بفيينا.

إنها "كروثر هلكر". . فاتنة الحسن طاغية الجمال .. التي عملت كمشرفة في نادي الطيارين الشرقيين في قاعدة التدريب الجوية بتكساس. . ونصبت شباكها حول شاكر يوسف فوقع في حبائلها لا حول له ولا قوة. فقد كان يريدها عشيقة مؤقتة بأمريكا، بينما كانت تريده زوجاً لتكتمل الخطة. . رفض رغبتها بالطبع لأنه متزوج ويحب زوجته. لكنها لم تيأس . . وظلت تحاول . . مرات ومرات الى أن فشلت. . ووضح جيداً جهل الموساد و الـسي اي اي ، فالعسكريون العرب محظور عليهم الزواج بأجنبيات.

لكن تملكت الاسرائيليين والأمريكان رغبة عارمة في السيطرة عليه وتجنيده. . ليهديهم سر أسرار الطائرة السوفييتية اللغز .. ولما عاد الى بغداد دون أن يحقق حلمهم. . طارت كروثر خلفه ونزلت بفندق بغداد الدولي واتصلت به.

ولأنها حضرت لأجله – تحرج كشرقي – واستأجر لها شقة مفروشة بمنطقة الكرادة الشرقية تطل على نهر دجلة. وأخذ يتردد عليها خفية، محاولاً إقناعها بالعودة لأنه متزوج ويعول طفلاً فلم تنصت اليه.

وعندما حدثته عن "منظمة السلام العالمي" المهتمة بنشر السلام حول العالم، صرخ فيها وهددها بأن تسافر فوراً خارج العراق، وإلا فهو مضطر لإبلاغ السلطات بسعيها لتجنيده لصالح جهات أجنبية.

عند ذلك . . ولأنها تحمل تصريحاً بالقتل، رأت أنه لا بد من تصفيته في أسرع وقت خشية افتضاح الأمر. وتنكشف بذلك نوايا الأمريكيين والإسرائيليين، فيمنع الطيارون الذين أوفدوا في بعثات للخارج من قيادة الميج 21، وصدرت الأوامر لعيزرا ناجي زلخا بالتخلص من النقيب الطيار شاكر يوسف.

وهنا قد يتساءل البعض:

ما علاقة عيزرا جاسوس الموساد بكروثر هلكر جاسوسة الـ C.I.A.؟

الإجابة بسيطة جداً. . فالموساد والـ C.I.A. ترتبطان معاً بعلاقات وثيقة ترسمها المصالح والنوايا المشتركة. وسواء جند طيار عربي بواسطة الموساد أو بواسطة الـ C. I.A. فسوف يهرب بطائرته الى إسرائيل، ليفحصها الأمريكان.

من هنا . . لجأت الـ C.I.A. لمعاونة الموساد في تصفية شاكر بواسطة عملائها ببغداد. وبثت الموساد امراً عاجلاً لعيزرا بالاتصال بكروثر التي تجيد العربية، وتم الاتفاق بينهما على الخطة..

وأثناء زيارة النقيب شاكر الأخيرة لهلكر بالشقة المفروشة، عمد كما في المرات السابقة الى ترك سيارته على بعد شارعين تحسباً لأي طارئ، واحتدم النقاش بينهما فهددته بأفلام وصور جنسية أخذت لهما في أمريكا فلم يهتم.

وفي آخر محاولة لإبقائه حياً، عرضت عليه مليون دولار ثمناً لطائرة الميج 21 يفر بها لإسرائيل، فلطمها على وجهها لطمة قوية انبثق لها الدم من فمها. وقبل أن يخرج من الحجرة ثائراً لإبلاغ السلطات، فاجأه عيزرا بطلقات مسدسه الكاتم للصوت، وسقط شاكر في الحال قبلما يتمكن من استعمال مسدسه.

وبينما هلكر تعد حقيبتها للحاق بالطائرة المتجهة الى لندن، انشغل عيزرا بإزالة الآثار والبصمات، وجر جثة الطيار لأسفل السرير ملفوفة ببطانية، ثم فتح أجهزة التكييف .. وغادر الشقة.

اكتشفت الجثة في 6 يوليو 1965 بعد وقوع الجريمة باسبوع. كان عيزرا في ذلك الوقت يمضى أسوأ أيام حياته على الإطلاق. إذ نشرت الصحف العراقية نبأ مقتل كروثر هلكر بأحد فنادق لندن في ظروف غامضة، بعد يومين من مغادرتها لبغداد، وصرح مسؤول أمني أن الجثة وجدت ممزقة، وبها ثلاثون طعنة بعدد سنين عمرها، هكذا تخلصت الـ C.I.A. من كروثر لإخفاء معالم الجريمة الى الأبد. فماذا عنه هو؟

دارت الدنيا بعيزرا وضاقت به على وسعها. وصور له خياله أن الموساد سوف تقتله أيضاً لأنه ستراً للجريمة. . وما كان يعلم أن أسلوب قتل العملاء بعد انتهاء مهامهم تستخدمه الـ C.I.A. فقط. أما الموساد فالجواسيس لديها بمثابة أبطال عظماء تفخر بهم وتخلدهم. لم يكن يعلم ذلك عندما عطّل جهاز اللاسلكي. واختبأ بإحدى الشقق لا يخرج هو أو روان إلا للضرورة.

وبعد احتفالات رأس السنة . . وما إن هلت أيام يناير 1966 الأولى، حتى انكشف أمر شبكته ضمن الشبكات التسع .. وجرى البحث عنه وتعقب آثاره في كل العراق.

كان يجهل أمر البحث عنه من قبل جهاز المخابرات – المكتب الثاني – فعلاقته بأعوانه كانت منقطعة طوال تلك الشهور الخمسة.

ولأن المجرم دائماً يحوم حول مسرح جريمته، تصادف أن توجه وروان لمنزل الكاظمية حيث يخبئ أجهزة التجسس. فاطمأن على وجودها، وفي المساء قاد سيارته وحده الى منزل بوشا القديم، فنام مرهقاً حتى الفجر، وأسرع بالعودة الى روان مرة أخرى وما كان يدري بما ينتظره.

ففي غبش الفجر اقتحمت المنزل قوات الأمن، وكانت روان بمفردها كالشبح.. متكورة كجنين ببطن أمه. . فلم تبد أية دهشة أوتصعق للمفاجأة.

سألوها عن عيزرا قالت بهدوء: "لن يتأخر"..

واعترفت من تلقاء نفسها بأنها جاسوسة إسرائيلية، استطاعت أن تجند جيش من اليهود العراقيين وسائر الملل بالغواية والجنس. وأرشدت عن مقبرة الضابط الطبيب بالحديقة الخلفية، وقادتهم الى مخبأ سري بداخله جهاز اللاسلكي المعطل وكتاب الشفرة وعدة كاميرات سرية، وأفلام ووثائق لم تبعث بعد للموساد.

كانت سيارات الأمن قد اختفت من المكان الذي بدا طبيعياً. واختبأ عدة ضباط بداخل المنزل ينتظرون الثعبان الكبير. وما أن جاء وخطا خطوات قليلة الى الداخل حتى هوجم وكبل في الحال.. واقتيد الى مكان سري للاستجواب، فاعترف اعترافات تفصيلية بنشاطه لمدة عشر سنوات لصالح الموساد، وسدت اعترافاته ثغرات عديدة كانت تحول دون الوصول لبقية الشبكات.

وبينما هو بالقفص، بانتظار سماع الحكم بإعدامه وروان شنقاً مع تسع آخرين، وبالرصاص خمسة عسكريين، نظرت اليه روان وقد أكلها الهزال وبرزت عظام وجهها، وقالت له إنها تشعر بالأسف على كل شيء. . لكنها سعيدة جداً لعدم إنجابهما أطفال يتعذبون من بعدهما طوال حياتهم. . حيث سيصيح الناس في كل شوارع بغداد: هؤلاء أبناء الثعبان والحية.. !!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الدوايمة ..ملفات الجاسوسية اشرس جواسيس الموساد يسقط في بغداد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  الدوايمة ..من ملفات الجاسوسية ـ جواسيس الموساد في الدول العربية
» من أشهر جواسيس الموساد العرب
» الدوايمة / ملفات منسية من ذاكرة النكبة مجازر مران والدوايمة والفالوجة
» [تم الحل]نطلاق احتفالية القدس عاصمة لثقافة
» الدوايمة / الموساد اغتيال القيادي الحمساوي نزار أبو مجاهد الليلة الماضية في دمشق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع منتدى الدوايمة الاكتروني al-Dawayima تأسس 27 سبتمبر 2008  :: خيمة فلسطين التاريخية المغتصبة عام 48 :: منتدى تاريخ اليهود والحركه الصهيونيه-
انتقل الى: