بعد 35 عاماً من هبة يوم الأرض...

بعد 35 عاماً من هبة يوم الأرض... مسلسل المصادرة والتهويد ما زال ينهش الأرض الفلسطينية

رام الله- "وفا": يؤثر الستيني خالد خوالدة الصمت عند سؤاله عن حياته في بيت تطبق عليه مستوطنة "بيت إيل" من جهاته الثلاث، على الحديث لوسائل الإعلام، التي لا يجني من مقابلاتها له سوى وحشية المستوطنين واعتداءاتهم.
بتوجس اقتربنا عبر طريق وعر من برج الحراسة الإسرائيلي، المشرف على منزل خوالدة، والذي كان سبباً قبل حوالي العام في استشهاد 5 فتية من مخيم الجلزون على الجهة المقابلة للمستوطنة، عدا كاميرات المراقبة المسلطة على المنزل التي ترصد كل داخل إليه وخارج منه، فيما ظلت أعين المستوطنين شاخصة ترقب طوال فترة الزيارة التي لم تتجاوز ثلث الساعة.
يقول خوالدة (أبو نضال) "أرجوكم سامحوني، لا أستطيع الحديث معكم، فبعد كل زيارة لوسيلة إعلام يدهمون (المستوطنون) باحة المنزل، وتنهمر علينا حجارتهم، وواقع الحال كما ترون ليس بحاجة إلى شرح وكلام"، فعلى الرغم من محاولات أبو نضال حماية منزله بوضع صفائح حديدية تحمي المدخل، و"شبك" حديدي يحمي النوافذ، فإن آثار الاعتداء الأخير قبل أيام كانت بادية على زجاج النوافذ المحطم.
"ليس السبب هو الخوف، ولكن ربما اليأس من الجدوى"، يفسر مناضل خوالدة (ابنه)، صمت أبيه ورفضه الخوض في تفاصيل حياته اليومية مع جيرانه.
ويقول مناضل (32 عاماً) والذي انتقل للسكن في مدينة رام الله بعد زواجه كحال أخويه الاثنين، بعد منع قوات الاحتلال أفراد العائلة المكونة من سبعة أفراد، من البناء في ما تبقى لهم من أرض، ومصادرة حوالي 14 دونماً.
ويضيف: "زارنا الكثير من الصحافيين، وبعد كل زيارة صورت فيها الكاميرات الوضع الصعب الذي تعانيه عائلتي، كانت وحشية المستوطنين تزداد، فبعد إحدى الزيارات تعرض أخي وأختي لجروح جراء اعتداءات المستوطنين، والتي هي بمعدل مرة كل عشرة أيام".
ويصف مناضل شجاعة أبيه وتمسكه بأرضه، على الرغم من المضايقات اليومية وصعوبة وصول الناس إليهم، قائلاً "لم يرفض والدي عرضاً إسرائيليا لشراء البيت بالمبلغ الذي يحدده بـ"شيك" بنكي مفتوح فقط، بل وآثر أن يبقى وحيداً فيه في ليلة زفاف فلذة كبده (ابنه) قبل عشرة أيام، خشية أن يستولي عليه المستوطنون".
ويقطن في مستوطنة "بيت إيل" التي أقيمت في بداية السبعينيات على أراضي قرية دورا القرع (6 كم) شمال رام الله آلاف المستوطنين، هم جزء من 517,774 مستوطناً يتوزعون على 144 مستوطنة في شتى أنحاء الضفة الغربية، يتمركز 52% منهم في محافظة القدس بواقع 26 مستوطنة، تليها محافظة رام الله والبيرة بواقع 24 مستوطنة.
وفي المشهد العام، فإن مشهد استيلاء الاحتلال على الأراضي اليوم، لا يختلف كثيراً عما كان عليه قبل 35 عاماً، إبان هبة يوم الأرض في الثلاثين من آذار عام 1976 بعد مصادرة الاحتلال نحو 21 ألف دونم من أراضي عدد من القرى العربية.
فلا تزال آلة القمع الإسرائيلية التي خرجت لقمع الفلسطينيين في الجليل، وعرابة، وسخنين، ودير حنا، وعرب السواعد آنذاك، تقمع المحتجين في المسيرات الأسبوعية المنددة بالجدار والاستيطان في أكثر من قرية وبلدة في الضفة الغربية، حيث يتوقع أن يصل طول جدار الفصل والضم العنصري بعد اكتماله إلى (747كم).
كما ولا تزال تلك الآلة تهدم القرى والبلدات في الداخل الفلسطيني (عام 48)، والتي كان آخرها هدم قرية العراقيب للمرة الـ21 قبل أيام، والعراقيب قرية من 45 قرية عربية في النقب لا تعترف إسرائيل بها، كقرية طويل أبو جرول، والتي هدمت للمرة الـ 50 في السابق.
في حين لا تزال إسرائيل تفرض حصاراً خانقاً على قطاع غزة منذ حزيران 2007، وتواصل قصفها اليومي له كان نتيجة آخر قصف استشهاد مواطنين وجرح آخر حتى لحظة كتابة التقرير، بعد عملية عسكرية في العام 2009 أطلقت عليها اسم "الرصاص المسكوب" استشهد فيه حوالي 1500 شهيد، وآلاف الجرحى وهدم نحو 21 ألف منزل.

» يوم الأرض الخالد على هذه الأرض ما يستحق الحياة
» النكبة.. «62 عاماً شهود أحياء»
» 34 عاماً على استشهاد مخيم تل الزعتر
» عمان تحتضن لقاء شقيقين فلسطينيين فرقتهما النكبة قبل 62 عاماً
» أربعة وخمسون عاماً على مذبحة خان يونس