لا معنى للدولة اليهودية

الكاتب : عادل عبد الرحمن
دولة ما تصبغ نفسها بالطابع الديني، لا يمكن ان تكون دولة مدنية. وبالضرورة لا يمكن ان تكون دولة ديمقراطية، حتى لو أَسبغت عليها الامبراطورية الاميركية في الزمن الحاضر مثل هذا الوصف. لان مطلق دولة مدنية، هي بالضرورة دولة كل مواطنيها بغض النظر عن دياناتهم ومعتقداتهم والوانهم واجناسهم او اعراقهم. بغض النظر عن حجم المتدينين التابعين لهذا الدين أو ذاك. ودولة إسرائيل كما يدعي قادتها تاريخيا، هي، دولة «ديمقراطية» ويتساوق معهم في هذا المنحى الاميركيون والأوروبيون بتفاوت نسبي. لا بل يعتبر الغرب عموماً، ان دولة إسرائيل، هي، الدولة «الديمقراطية» الوحيدة في المنطقة !؟
ولا يود المرء ان يستشهد بكتابات المؤصلين الاوائل للديمقراطية البرجوازية، ولا بالكتابات الاسرائيلية (اليهودية)، التي تنفي عن دولة التطهير العرقي، كما يعرفها الكاتب «إيلان بابه» صفة الديمقراطية، ولا يود الاستشهاد بما اورده الكاتب «شلومو ساند» صاحب كتاب «اختراع الشعب اليهودي» عن نفيه من الاصل وجود «شعب يهودي»، وسيقتصر الاستشهاد بما قاله الرئيس الفرنسي ساركوزي، اليميني المعروف، والمنحاز لاسرائيل، عندما اشار إلى «أن لا معنى لدولة يهودية، لأن اي دولة ليست يهودية او كاثوليكية» ويضيف المرء، وليس لأي دولة معنى بوصفها «دولة إسلامية» حتى لو لم يكن بين سكانها من اتباع الديانات الاخرى. لانه بالضرورة هناك اصحاب معتقدات وافكار أخرى تتجاوز المعتقد الديني.
إذاً حكومة نتنياهو، المستكلبة على وصف الدولة الاسرائيلية بالبعد الديني «اليهودي»، تفقد بمجرد طرحها، وتمسكها بالطابع الديني اليهودي، السمة، التي تتغنى بها، ويتغنى بها الغرب عموماً واميركا خصوصاً، وتنزع عن الدولة العبرية طابعها الديمقراطي، هذا إن وجد بمعايير الديمقراطية الحقيقية، لا الديمقراطية المحسوبة الثمن والمسيسة. لأن دولة تقوم على اضطهاد شعب آخر، واحتلال ارضه وتطرده عبر عملية تطهير عرقي بشعة واجرامية كما فعل الاميركيون مع الهنود الحمر، لا يمكن لها ان تتسم بالديمقراطية. لأن للديمقراطية الحقيقية مواصفات وسمات لا تتمثلها لا الولايات المتحدة ولا دولة الابرتهايد الاسرائيلية، ولا أي دولة قامت على انقاض شعب آخر، حتى لو تمثلت بعض معايير الديمقراطية في حياتها ومؤسساتها الوطنية. كون الديمقراطية كمفهوم ومعايير لا تتجزأ.
وعود على بدء، فإن الرئيس الفرنسي، لم يشأ الضحك على ذاته ولا على الاسرائيليين، كما يفعل الاميركيون في الكونغرس او حتى في الادارة التنفيذية. الامر الذي دعاه ان يقول بمنتهى الوضوح، اغلقوا هذا الباب، وكفوا عن جلد العالم، وجلد ذاتكم، وجلد تاريخ آبائكم من قادة الحركة الصهيونية كما جابوتنسكي، الذي قال امام لجنة بيل البريطانية عام 1937، وهي تناقش مستقبل الانتداب البريطاني، وبالتالي مستقبل فلسطين، اثناء الثورة الكبرى 1936 ـ 1939 وفق ما اشار لذلك الوزير مريدور، الذي قال «إن جابوتنسكي قال في حينه، انه في دستور الدولة التي ستقام لا يجب ان يشار إلى طابعها القومي. يكفي ان تكون فيها ببساطة اغلبية يهودية». ومريدور ليس اقل صهيونية من نتنياهو ولا ليبرمان، وهو وزير في الحكومة اليمينية، صاحبة المقترح أو الشرط المراد فرضه على القيادة الفلسطينية للقبول بالتفاوض؟!
بالتأكيد مثل هذا الشرط يعني كما يقول «يهودا بن مئير» المنحاز لموقف نتنياهو، «ان الطلب إلى الفلسطينيين، ان يعترفوا بإسرائيل، بانها الدولة القومية للشعب اليهودي (....) هو في الحقيقة طلب ان يتخلوا عن «روحهم الوطنية الجامعة». هو، طلب مرفوض جملة وتفصيلاً. وشرط لا يمكن ان يكون عقبة كأداء امام تحرك عربة السلام، واعادتها إلى المربع صفر. لأن قادة اليمين الصهيوني المتطرف الحاكمين الآن، ليسوا مستعدين لدفع الثمن. اي لدفع ثمن التسوية السياسية، وبلوغ حل الدولتين للشعبين على حدود 1967».
تصريح الرئيس ساركوزي، تصريح مهم، ويساعد قادة اليمين المتطرف الحاكم في تلمس طريق التسوية السياسية، إن شاءوا ذلك. وعليهم ان ينسوا للابد مثل هذا الشرط، لأنه لا يساعد في ترميم الجسور بين الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي، بل يشعل فتائل كل القنابل الموقوتة في حقل الغام عملية السلام.

» خبير قانوني: الولاء "للدولة اليهودية" يمس الوجود الفلسطيني برمته
» يترجمون رفضهم للدولة
» نبذة تاريخية عن اليهودية و الصهيونية
» حائط البراق وزيف الأكاذيب اليهودية
» الصهيونية المسيحية والصهيونية اليهودية .........الألتقاء والأفتراق