موقع منتدى الدوايمة الاكتروني al-Dawayima تأسس 27 سبتمبر 2008
موقع منتدى الدوايمة الاكتروني al-Dawayima تأسس 27 سبتمبر 2008
موقع منتدى الدوايمة الاكتروني al-Dawayima تأسس 27 سبتمبر 2008
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

موقع منتدى الدوايمة الاكتروني al-Dawayima تأسس 27 سبتمبر 2008

أخبار .. بحث.. سياسة .. آدب .. ثقافة عامة .. حرية رأي .
 
الرئيسيةبوابة فلسطينالتسجيلأحدث الصوردخول
من حروف أسم الدوايمة يتكون وطني الدوايمة(د .. دم)(و..وطني)( أ .. أوثقه)(ي.. يأبى)(م .. مسح )(هـ .. هويته) (دم وطني أوثقه يأبى مسح هويته)...نضال هدب


أن نسي العالم مجزرة الدوايمة أو تناسىى فان طور الزاغ الكنعاني سيظل شاهداً أميناً على المجزرةالمتواجدون الآن ؟
المواضيع الأخيرة
» رحلة الإنسان من بداية خلقه وتكوينه وحتى دخوله الجنة أو النار .
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالأحد يوليو 30, 2023 3:30 pm من طرف الشيخ جميل لافي

» عيد ُ الحُــــب / فالنتــاين !! .
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالثلاثاء فبراير 14, 2023 1:42 am من طرف الشيخ جميل لافي

» كيف تخشـــع في صلاتك ؟
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالإثنين يناير 16, 2023 3:37 am من طرف الشيخ جميل لافي

» ما هي كفارة تأخير قضاء رمضان بدون عذر ، وما مقدارها ونوعها ؟؟
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالسبت نوفمبر 26, 2022 9:24 pm من طرف الشيخ جميل لافي

» أحكام الجمع والقصر في السفر والحضر والمطر
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالإثنين أبريل 05, 2021 12:25 am من طرف الشيخ جميل لافي

» عظم الكلمة عند الله عز وجل .....
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالسبت ديسمبر 26, 2020 2:31 am من طرف الشيخ جميل لافي

» الإمامة في الصلاة . مهم جـداً
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالسبت ديسمبر 26, 2020 2:28 am من طرف الشيخ جميل لافي

» إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشرّ ومنهم من يُهاب لله ومنهم إذا رؤوا ذُكر الله
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالسبت ديسمبر 26, 2020 2:25 am من طرف الشيخ جميل لافي

» البيع المُحرّم في الإسلام . الجزء الأول
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالسبت ديسمبر 26, 2020 2:24 am من طرف الشيخ جميل لافي

» كفارة الغيبة والنميمة .
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالسبت ديسمبر 26, 2020 2:23 am من طرف الشيخ جميل لافي

» حُكم الغناء والموسيقى والمعازف .
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالسبت ديسمبر 26, 2020 2:22 am من طرف الشيخ جميل لافي

» رباه إنا طامعين بجنة - الشاعر : عطا سليمان رموني
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالخميس يناير 18, 2018 12:11 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني

» رباه إنا طامعين بجنة - الشاعر : عطا سليمان رموني
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالأحد يناير 14, 2018 12:36 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني

» مشروع وثيقــــة شـــرف عشائر الدوايمة”
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالثلاثاء ديسمبر 08, 2015 3:24 am من طرف نضال هديب

» ادخل احصاء ابناء الدوايمة في الشتات
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالإثنين نوفمبر 30, 2015 5:41 pm من طرف أدارة الدوايمة

» الدوايمة ليست قبيله ولا عشيرة
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالإثنين نوفمبر 30, 2015 3:18 pm من طرف نضال هديب

» الدوايمة ..أنا لاجىء من فلسطين في الداخل والشتات اوقع لا تنازل عن حقي بالعودة
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالإثنين نوفمبر 30, 2015 4:23 am من طرف نضال هديب

» لإحياء المجزرة التي تعرضت لها قريتهم «غزة» توقد ذاكرة أبناء الدوايمة وتدفعهم للتحرك قانونياً
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالإثنين نوفمبر 02, 2015 5:45 pm من طرف نضال هديب

» مجزرة الدوايمة وصرخة الدم النازف.بقلم .نضال هديب
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالخميس أكتوبر 29, 2015 10:54 am من طرف نضال هديب

» صباح الخير يا دوايمة
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالخميس أكتوبر 29, 2015 1:24 am من طرف نضال هديب

» خربشات نضال . قال القدس لمين
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالخميس أكتوبر 29, 2015 1:22 am من طرف نضال هديب

» المستوطنون يستعدون لاكبر عملية اقتحام للأقصى
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالخميس سبتمبر 17, 2015 2:04 pm من طرف نضال هديب

» اخي ابن الدوايمة \ البوم صور لقاءات ومناسبات ابناءالدوايمة في الداخل والشتات
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالخميس سبتمبر 17, 2015 1:44 pm من طرف نضال هديب

» اجمل ترحيب بالاعضاء الجدد الذين انظمو لقافلة منتديات الدوايمة وهم السادة
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالخميس أغسطس 20, 2015 1:04 pm من طرف ahmad-lafi

» ما هوَ ثمن الجـنـّة ؟؟ .
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالخميس أغسطس 06, 2015 7:18 pm من طرف الشيخ جميل لافي

» حرمة الإحتفال بعيد الأم المزعوم
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالأربعاء مارس 18, 2015 5:13 pm من طرف الشيخ جميل لافي

» القناعة للشاعر عطا سليمان رموني
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالأربعاء ديسمبر 24, 2014 11:04 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني

» قرية الدوايمة المغتصبة لا بديل عنها ولو بالقدس
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالثلاثاء ديسمبر 23, 2014 3:08 pm من طرف أحمد الخضور

» عن حقي ابد ما احيد للشاعر عطا سليمان رموني
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالإثنين ديسمبر 22, 2014 1:16 pm من طرف الشاعر عطا سليمان رموني

» بابي لعبدي مشرع للشاعر عطا سليمان رموني
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالثلاثاء نوفمبر 25, 2014 8:25 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني

» الذكرى الـ97 لوعد بلفور المشؤوم
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالأحد نوفمبر 02, 2014 9:14 pm من طرف نضال هديب

»  نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي موشيه فيغلن اقتحم الحرم القدسي
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالأحد نوفمبر 02, 2014 9:09 pm من طرف نضال هديب

» يووم سقوط الدوايمة
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالثلاثاء أكتوبر 28, 2014 9:37 pm من طرف نضال هديب

» حذاري ان تعبثوا بالوطن
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالسبت أكتوبر 25, 2014 9:34 pm من طرف نضال هديب

» اعلان وفاة زوجة الحاج عبد الحميد ياسين هديب وحفيدة ابن رامي عبد الحميد
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالجمعة أكتوبر 24, 2014 9:32 pm من طرف نضال هديب

» جرح مجزرة الدوايمة يأبى الإلتئام بقلم نضال هديب
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالسبت سبتمبر 27, 2014 11:04 pm من طرف نضال هديب

» الدوايمة / كتاب توراة الملك ........ دليل لقتل الفلسطينيين
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالسبت سبتمبر 27, 2014 10:58 pm من طرف نضال هديب

» غداً السبت الموافق 27ايلول 2014 تحتفل بالعام السادس لتاسيس منتدى الدوايمة
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالجمعة سبتمبر 26, 2014 3:27 pm من طرف نضال هديب

» أحاديث لا تصح في الأضحية وفي المسح على رأس اليتيم
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالجمعة سبتمبر 26, 2014 1:34 am من طرف الشيخ جميل لافي

» فضائل صوم ست من شوال
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالجمعة أغسطس 08, 2014 1:46 am من طرف الشيخ جميل لافي

» قرر الرئيس محمود عباس تشكيل الوفد الفلسطيني الى القاهرة كما يلي :-
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالسبت أغسطس 02, 2014 12:27 am من طرف نضال هديب

» بان كي مون يطالب بـ "الافراج فورا" عن الجندي الاسرائيلي الاسير
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالسبت أغسطس 02, 2014 12:17 am من طرف نضال هديب

» لقناة البريطانية العاشرة الجندي الاسراييلي الاسير بريطاني الجنسية
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالسبت أغسطس 02, 2014 12:12 am من طرف نضال هديب

» الاسير هدار غولدين ابن عم وزير الدفاع الاسرائيلي
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالجمعة أغسطس 01, 2014 10:08 pm من طرف نضال هديب

» اسر الجندي الصهيوني الملازم الثاني هدار غولدين
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالجمعة أغسطس 01, 2014 10:07 pm من طرف نضال هديب

» في ذكرى رحيل أمي
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالجمعة أغسطس 01, 2014 6:20 pm من طرف نضال هديب

» ينعى موقع منتدى الدوايمة الاكتروني بشديد الحزن والاسى الجامعه العربية
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالثلاثاء يوليو 29, 2014 2:34 am من طرف نضال هديب

» تضامنا مع غزة شبكة منتديات الدوايمة تدعوا اقتصار مظاهر العيد على الشعائر الدينية
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالسبت يوليو 26, 2014 7:45 pm من طرف نضال هديب

» توفيت الصحفية عزة سامي، نائب رئيس صحيفة الأهرام التي قالت «كتر خيرك يا نتنياهو ربنا يكتر
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالسبت يوليو 26, 2014 1:43 am من طرف نضال هديب

» أغنية الجندي المخطوف (شاؤول ارون)عملوها الفدائية
قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالخميس يوليو 24, 2014 9:14 pm من طرف نضال هديب


 

 قصص ل"موباسان " ج1

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
زكريا ابو صبيح
مشرف سابق
مشرف سابق




قصص ل"موباسان " ج1 Empty
مُساهمةموضوع: قصص ل"موباسان " ج1   قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالجمعة مايو 01, 2009 8:07 pm




اليتيم

غي. د. موباسان













منذ زمن بعيد وفي ظروف تعيسة للغاية تبنّت الآنسة "سُوّرْسْ" صبياً. كانت تبلغ من العمر آنذاك ستة وثلاثين عاماً. ودفعها تشوهها (كانت صغيرة عندما تزحلقت من على ركبتي مربيتها في المدفأة فاحترق وجهها بأكمله ومنذ ذلك الحين غدت مريعة للناظر) ودفعها تشوهها إلى عدم الزواج أبداً. لأنها لم تكن تريد أن تتزوج طمعاً بأموالها. كانت لديها جارة ترملت وهي حامل وماتت بعدها وهي تضع مولودها دون أن تترك له قرشاً واحداً. احتضنت الآنسة "سوّرْسْ" المولود وعيّنت له مرضعة وربته وأرسلته إلى مدرسة داخلية ومن ثم استعادته عندما بلغ من العمر أربعة عشر عاماً حتى يملأ عليها بيتها الفارغ، ولتجد فيه من يحبها ويرعاها ويهون عليها شيخوختها.

كانت تسكن في منزل خاص في الريف على بعد أربعة فراسخ من مدينة (رين) وتعيش الآن بدون خادمة. لقد تزايدت النفقات إلى أكثر من الضعف منذ قدوم هذا اليتيم ولم يعد دخل شهري يبلغ ثلاثة آلاف فرنك يكفي لإعالة ثلاثة أشخاص كانت تقوم بأعمال التنظيف والطبخ بنفسها. وكانت ترسل الفتى الذي كان لا يزال يهتم بحراثة الحديقة للعمولات. لقد كان لطيفاً، خجولاً، هادئاً ومداعباً، كانت تحس بسعادة غامرة، سعادة جديدة عندما يقبّلها دون أن يكون مذعوراً أو مصدوماً من قباحتها كان يدعوها خالتي وهي بدورها كانت تعامله معاملة الأم لابنها.

في المساء، كانا يجلسان كليهما في زاوية من النار وكانت تحضر له الحلويات، تدفئ النبيذ وتحمص شرحات الخبز وهكذا تجهز عشاء خفيفاً وساحراً قبل الخلود إلى النوم. غالباً ما تحمله على ركبتيها وتمطره بقبلاتها هامسة له بكلمات حنونة للغاية، وتناديه "يا زهرتي الصغيرة، يا طفلي الجميل، يا ملاكي المعبود، يا جوهرتي المقدسة" وهو بدوره يستسلم بلطف يخبئ رأسه على كتف العانس.

بالرغم من أنه بلغ الآن تقريباً الخمس عشرة سنة إلا أنه بقي هزيلاً صغيراً وله هيئة المريض، أحياناً كانت الآنسة" سُوّرْس" تصطحبه معها إلى المدينة لرؤية اثنتين من قريباتها، ابنتي عمها متزوجات في الضاحية، وهما عائلتها الوحيدة. إلا أن المرأتين كانتا تحقدان عليها لتبنيّها هذا الطفل بسبب الميراث. ومع ذلك كانتا تستقبلانها بحفاوة آملتين أن تحصلا على حصتيهما. الثلث دون شك إذا ما قسمت الورثة.

كانت سعيدة وسعيدة جداً لكل ساعة تهتم فيها بطفلها. اشترت له كتباً لتزيّن بها عقله. وانكب الولد على القراءة بشغف.

وفي المساء لم يعد يجلس على ركبتيها ليقبلها كما في السابق بل كان يجلس على كرسيه الصغير، في زاوية من المدفأة ويفتح كتاباً. والمصباح على طرف الطاولة فوق رأسه يضيء شعره المجعد وجزءاً من جبهته. لم يعد يتحرك ولا يرفع بصره. ولم يكن يقوم بأية حركة. يقرأ، يدخل ويختفي كلياً في مغامرة الكتاب. أما هي فكانت تجلس قبالته تتأمله بنظرة محبة وثابتة، كانت مندهشة من شدة تركيزه، غيورة ومستعدة للبكاء أحياناً. كانت تقول له في بعض الأحيان "سترهق نفسه ياكنزي" آمله أن يرفع رأسه ويأتي فيقبلها ولكن لم يكن حتى ليجيب. لم يكن يسمع أو يفهم، لم يعرف شيئاً غير ما كان يراه في الصفحات. وخلال عامين التهم مجلدات لا تحصى. ومنذ ذلك الحين تغير طبعه.

طلب المال لعدة مرات متتالية من الآنسة "سُوّرْسْ" كان يلزمه المزيد دائماً وفي بعض الأحيان تنتهي بالرفض لأنها كانت تتمتع بالنظام والقوة وتعرف كيف تكون عقلانية عندما يستوجب الأمر ذلك. ذات مساء ولشدة التوسلات حصل منها على مبلغ كبير. وبعد عدة أيام كان يتضرع إليها مجدداً ولكنها بدت صلبة صارمة ولم تعد تنقاد إليه بسهولة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زكريا ابو صبيح
مشرف سابق
مشرف سابق




قصص ل"موباسان " ج1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص ل"موباسان " ج1   قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالجمعة مايو 01, 2009 8:13 pm

ج2

ويبدو أنه كان في السابق هادئاً، محباً، يبقى جالساً لساعات كاملة دون أن تبدر عنه أية حركة. عينان مخفضتان غائصتان في الأحلام. لم يعد حتى يتكلم مع الآنسة سُوّرْسْ بالكاد كان يجيب على ما كانت تقوله له بجمل مقتضبة ومحددة. مع ذلك كان لطيفاً معها وكثير العناية بها. ولكنه لم يعد يقبلها أبداً.

وفي المساء عندما يتقابلان وجهاً لوجه على جانبي المدفأة جامدين وصامتين كان يبعث الرعب في قلبها أحياناً. كانت تريد أن توقظه، أن تقول له شيئاً أي شيء من أجل الخروج من هذا الصمت المرعب الشبيه بالصمت الجنائزي. ويظهر أنه لم يكن يستمع إليها. كانت ترتعد خوفاً عندما كانت تكلمه خمس أوست مرات على التوالي دون أن تسمع منه كلمة واحدة.

ما باله؟ ما الذي يدور في هذا الرأس المغلق؟ وعندما كانت تبقى هكذا ساعتين أو ثلاث قبالته كانت تشعر بنفسها مجنونة، ومستعدة للهروب إلى الريف لكي تنقذ حياتها وتتجنب هذا الأخرس وهذا الوضع الأبدي وجهاً لوجه. ولتتجنب أيضاً خطراً غامضاً محدقاً لم تكن لتشك به. بل كانت تحسه وتشعر به.

كانت تبكي أغلب الأحيان وحيدة. ماذا أصابه؟

وإذا ما رغبت في شيء كان ينفذه دون تذمر. وإذا ما احتاجت لشيء ما من المدينة كان يحضره أيضاً. لم يكن عليها أن تشتكي منه. لا بالتأكيد ولكن..

ومر عام آخر. وبدا لها أن تغييراً حديثاً قد اكتمل في الرأس الغامض لهذا الشاب لقد لاحظته، اشتمته وأحسته، خمنته. كيف؟ لا يهم؟ كانت على يقين بأنها لن تحظى أبداً. ولكنها لم تستطع القول كيف تغيرت الأفكار المجهولة لهذا الصبي الغريب. كان يبدو حتى هذه اللحظة أنه أشبه برجل متردد اتخذ قراراً فجأة.

وقد راودتها هذه الفكرة ذات مساء عندما التقت نظرته. نظرة ثابتة غريبة لم تعهدها أبداً. وهكذا أخذ يتأملها في كل لحظة وكانت ترغب عندها في الإختباء تجنباً لهذه النظرة الباردة المصوبة نحوها. حدق بها طيلة أمسيات كاملات كان يستدير فقط عندما كانت تقول له بعد أن تستجمع كل قواها "لا تنظر إلي هكذا يا صغيري". وعندها فقط يخفض رأسه. ولكن ما أن تدير ظهرها حتى تحس مجدداً بنظراته لها. كان يلاحقها أينما ذهبت بنظراته الملحة. أحياناً عندما تتنزه في حديقتها الصغيرة تلمحه فجأة جاثماً على حجر كما لو أنه في مرصاد. أو عندما كانت تجلس أمام بيتها لترقع الجوارب تحس به يراقبها وهو يحرث أحواض الخضراوات بمكر دون التوقف عن العمل. وكان من غير المجدي سؤاله "ما بالك يا صغيري؟ منذ ثلاثة أعوام أصبحت مختلفاً تماماً. لم أعد أعرفك. قل لي ماذا أصابك؟ بم تفكر؟ أتوسل إليك. وكان يجيب دوماً دونما تغيير بنبرة هادئة متعبة "ليس بي شيء يا خالتي" وعندما كانت تلح بالسؤال متوسلة "هيا يا صغيري أجبني عندما أكلمك. لو تعلم أي حزن أليم تسببه لي لأجبتني دوماً ولما نظرت إلي هكذا. هل تعاني من شيء؟ قل لي سأخفف عنك وأواسيك" وكان يذهب بهيئته المتعبة وهو يتمتم "ولكن أؤكد لك بأن ليس بي شيء".

لم يكن قد كبر كثيراً لأن له شكل الطفل بالرغم من أن ملامح وجهه تنبئ برجولته. كانت ملامحه قاسية. كان يبدو غير مكتملاً فاشلاً، مخططاً ومثيراً للقلق كالسر الغامض. لقد كان كتوماً وغير قابل للنفوذ إلى أعماقه. كان يبدو أن عملاً ذهنياً نشيطاً وخطيراً يدور في داخله دون توقف. كانت الآنسة سُوّرْسْ تحس بكل شيء ولم تعد تعرف طعم النوم من القلق. كانت تقض مضجعها مخاوف مرعبة وكوابيس مريعة. وتقفل على نفسها في غرفتها موصدة الباب ترتعد ذعراً. مم كانت تخاف؟ لم تكن تعرف عنه شيئاً. خوف من كل شيء من الليل، من الجدران من الأشكال التي تصدر عن القمر من خلال ستائر النوافذ البيضاء والخوف منه خاصة لماذا؟ مم كانت تخشى؟ هل كانت تعرف ذلك! لم تكن تستطيع العيش هكذا! كانت متأكدة من أن مصيبة تهددها. مصيبة فظيعة. وذات صباح خرجت سراً وذهبت إلى المدينة عند قريبتيها وحكت لهما الأمر بصوت لاهث. ظنت المرأتان أنها غدت مجنونة وحاولتا طمأنتها. قالت: "لو تعرفان كيف ينظر إلي من الصباح إلى المساء! كان يلاحقني دائماً بعينيه! وأحياناً أرغب في الصراخ طالبة النجدة. أرغب أن أنادي الجيران. إني أخاف كثيراً! ولكن ماذا كنت سأقول لهم؟ إنه لا يفعل لي شيئاً سوى النظر إلي". سألتها ابنتا عمها: هل هو فظ معك أحياناً؟ هل يرد عليك بخشونة؟" وتجيب: "لا أبداً إنه ينفذ كل ما أريد. إنه يعمل جيداً وهو منظم الآن ولكني أخافه. إن شيئاً ما يدور في رأسه. أنا متأكدة من ذلك بل على يقين. ولا أريد البقاء معه وحيدة هكذا في الريف. أظهرت لها القريبتان المتحيرتان دهشتهما وعدم فهمهما شيئاً. نصحتاها بأن تكبت مخاوفها ومشاريعها دون أن تصرف النظر عنها وتأتي لتسكن في المدينة آملين بهذه الطريقة استرجاع الميراث بأكمله. وقد وعدتاها بمساعدتها ببيع البيت وبالبحث عن غيره بالقرب منهما. عادت الآنسة سُوّرْسْ إلى منزلها ولكن فكرها كان مضطرباً للغاية بحيث كانت ترتجف لأقل ضجة ويداها ترتعشان لأصغر انفعال. وعادت مرتين مجدداً لتتفق مع قريبتيها مصممة على عدم البقاء وحيدة في مسكنها وأخيراً اكتشفت في الضاحية بيتاً صغيراً يناسبها فاشترته خفية. وتم التوقيع على العقد صباح يوم ثلاثاء. وشغلت الآنسة سُوّرْسْ بقية نهارها بالتحضيرات للانتقال. وفي الساعة الثامنة مساء استقلت العربة التي كانت تنقلها كيلو متراً واحداً من منزلها وتتوقف في المكان الذي اعتاد أن يوقفها السائق فيه. وصاح الرجل وهو يجلد أحصنته: "عمت مساء ياآنسة سُوّرْسْ وتصبحين على خير" وترد هي مبتعدة: "عمت مساء أيها الأب جوزيف".

وفي صباح اليوم التالي عند الساعة السابعة والنصف لاحظ ساعي البريد الذي يحمل الرسائل إلى القرية على الطريق المختصر غير البعيد عن الطريق العام بركة دم كبيرة لا تزال حديثة. قال في نفسه: "لا بد أن يكون أحد السكّيرين قد نزف من أنفه" ولكنه لاحظ بعد عشر خطوات منديل جيب ملطخاً بالدماء. التقطه كان نسيجه ناعماً. اقترب المترجل من الحفرة التي اعتقد أن يجد فيها شيئاً غريباً. كانت الآنسة سُوّرْسْ مستلقية على العشب وصدرها مفتوح بضربة سكين. وبعد ساعة أخذ رجال الشرطة وقاضي التحقيق والكثير من المسؤولين بإنشاء فرضيات حول الجثة. قدمت القريبتان اللتان استدعيتا للشهادة لترويا مخاوف العانس ومشاريعها الأخيرة. قبض على اليتيم. وبعد موت تلك التي تبنته كان يبكي من الصباح حتى المساء غارقاً على الأقل ظاهرياً في أعمق حالة من الكآبة. وقد برهن أنه قضى السهرة حتى الساعة الحادية عشرة في مقهى. رأى عشرة أشخاص وقد بقوا إلى حين مغادرته وصرح الحوذي بأنه أنزل المغدورة في الشارع بين الساعة التاسعة والنصف والعاشرة. والجريمة لم تكن لتقع إلا في المسافة من الشارع إلى بيتها حوالي الساعة العاشرة وبرئ المتهم.

إن وصية قديمة موضوعة عند كاتب عدل في مدينة (رين) جعلت منه موصى إليه بحق عمومي بكل المال. وقد ورثها. ولكن أهالي البلد ظلوا لمدة طويلة يتحملقونه ويشكون به. وبقي بيته -بيت المغدورة سابقاً- ينظر إليه على أنه بيت ملعون. وكان الناس يتحاشونه في الطريق. ولكنه أظهر من طفولته الطيبة والمنفتحة والألوفة التي أنست شيئاً فشيئاً الشك المريع. لقد كان سخياً ودوداً وفي منتهى التواضع محدثاً بارعاً عن كل شيء والمدة التي نشاؤها.

كان كاتب العدل السيد رامو المقتول بثرثرته الباسمة أول الذين رجعوا لصالحه فذات مساء أعلن على العشاء عند الجاب "أن رجلاً يتكلم بهذه السهولة والسلاسة وبمزاج جيد على الدوام لا يمكن أن يقترف جريمة مماثلة تطعن في الضمير والأخلاق. فكر الحاضرون متأثرين بهذا البرهان وتذكروا المحادثات الطويلة لهذا الرجل الذي كانوا يستوقفونه في زاوية الطرقات، بالقوة أحياناً، من أجل مناقشة أفكاره. وهو بدوره كان يجبرهم على الدخول إلى بيته عندما يمرون من أمام حديقته.

كان اختيار الكلمة لديه أكثر سهولة من عند ضابط في الشرطة نفسها.وكان يتمتع بمرح معدِ بحيث لا يمكن الامتناع أبداً عن الضحك عند مجالسته.

وفتحت كل الأبواب أمامه. وها هو الآن عمدة قريته.
15حزيران 1883
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
انور هديب
مشرف التدقيق الإملائي




قصص ل"موباسان " ج1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص ل"موباسان " ج1   قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالسبت مايو 02, 2009 1:45 pm

بداية جيدة أبو يحيى ، تحياتي الحارة وننتظر المزيد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
lool
عضو الهيئة الادارية نائب المدير
عضو الهيئة الادارية نائب المدير
lool



قصص ل"موباسان " ج1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص ل"موباسان " ج1   قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالسبت مايو 02, 2009 6:39 pm


الاخ زكريا

جميل هذه القصة للمبدع ورائد القصة القصيرة الفرنسي

جي دي موباسان الذي تمكن من التميز في العالم الادبي والكتابة

رغم حياته الشخصية التي أثارت الجدل والتي انتهت بالجنون والوفاة

ورغم وفاته بسن صغيرة 43 سنة الا انه تمكن من كتابة

اروع القصص وتحقيق شهرة واسعة

وقد ترجمت كتاباته إلى عدة لغات

وهذه إحدى القصص التي تم ترجمتها والتي قدمتها

لنا في منتدانا الغالي

دمت مميزاً بداية اكثر من رائعة

بإنتظار مزيدك

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زكريا ابو صبيح
مشرف سابق
مشرف سابق




قصص ل"موباسان " ج1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص ل"موباسان " ج1   قصص ل"موباسان " ج1 Emptyالثلاثاء مايو 05, 2009 12:59 am

شكرا تكم على المرور
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصص ل"موباسان " ج1
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مناورة "تحول - 4" تحاكي حرباً إليكترونية وكيماوية والجيش الإسرائيلي يبلور خطة لإخلاء "مئات الآلاف"
» " مانديلا"و"حريات": ادارة السجون تفرض اجراءات عقابية بحق الاسرى
» عااااجل ::: كسوف الشمس يبدأ غدا الساعة "السابعة".. "طرق الوقاية للتمتع"...
» "الشاباك" يبحث عن "شاليت" منتحلا شخصية مراكز دراسات وأبحاث
» حاخام متشدد يطلب "خدمات جنسية" من امرأة مقابل "تهويدها"

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع منتدى الدوايمة الاكتروني al-Dawayima تأسس 27 سبتمبر 2008  :: خيمة الثقافة والآدب العربي :: منتدى - الشعر والقصة القصيرة-
انتقل الى: