بمناسبة الذكرى أل 46 لتأسيس المنظمة .. منظمة التحرير الفلسطينية ... يد تفاوض ... ويد تقاوم !!

بمناسبة الذكرى أل 46 لتأسيس المنظمة ..

منظمة التحرير الفلسطينية ... يد تفاوض ... ويد تقاوم !!

عصفٌ فكري كبير يجتاح المنتديات السياسية، وحلقات البحث، والندوات التلفزيونية، وحتى الجلسات الشعبية في المقاهي أو المنازل عن المشهد الفلسطيني، وما آلت إليه الحالة الفلسطينية بل المشروع الوطني الفلسطيني برمته ، خاصة بعد تعطل مسار المفاوضات (المباشرة) ، وانسداد الأفق السياسي وقرارات حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية بالاستمرار في سياسة الاستيطان وقضم الأراضي الفلسطينية وتهويد القدس ، والموقف الفلسطيني بعدم العودة لطاولة المفاوضات في ظل هذه السياسة الإسرائيلية المتعنتة .

سأل أبو محمود وهو رجل في الستين من عمره ما جدوى المفاوضات وماذا حققت لنا ؟؟ وقال أبو علي: ستة عشر عاما مضت منذ توقيع اتفاقية أوسلو، أين الدولة الفلسطينية المستقلة؟

أما أبو تيسير فقال ان الصواريخ جلبت الكارثة والدمار لغزة وأهلها !! أما احمد وهو شاب يبدو مثقفا في الثلاثينات من عمره فقال إن المقاومة غير المنظمة وإطلاق صاروخ محلي الصنع هنا أو هناك، بشكل فردي وعشوائي وعدم وجود إطار موحد ورؤية واحدة للمقاومة وأهدافها من جميع الفصائل الفلسطينية جعل المقاومة تبدو وكأنها لعبة في أيدي الفصائل تستغلها في الوقت الذي تريده من اجل تحقيق مصالح ذاتية فئوية لمصلحتها الحزبية وليس للمصلحة الوطنية، وها هي حماس تمنع إطلاق الصواريخ من قطاع غزة بعد سيطرتها عليه وبعد أن كانت تسميها صواريخ المقاومة أصبح اسمها اليوم الصواريخ غير الوطنية !!

هذا غيض من فيض، أسئلة كثيرة وكبيرة بسيطة وشديدة التعقيد في آن واحد تروي الحالة الفلسطينية والانقسام الفلسطيني . والدم الفلسطيني الذي سال بغزارة في الحرب على غزة هو اكبر شاهد على أن الخلافات الفلسطينية والعربية تقدم الأرض والشعب الفلسطيني الأعزل قربانا .

ادى الانقسام إلى فصل شطري الوطن جغرافيا إلى جزئيين، والى بعثرة الموقف السياسي الفلسطيني إلى أجزاء، قدم هدية ثمينة للاحتلال الإسرائيلي على طبق من فضة للتنصل من التزاماته القانونية والدولية حتى الذهاب للقول بأنه لم يعد هناك شريك فلسطيني يستطيع فرض الاتفاقيات على الأرض .

إسرائيل من جانبها أضعفت الجانب الفلسطيني وراوغت وما زالت تراوغ في المفاوضات، تناور وتماطل وتعد ولا تفي بوعودها، وهي تضرب بعرض الحائط كل القرارات الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية بهدف القضاء على حلم إقامة الدولة الفلسطينية .

وإسرائيل بدورها قسمت الضفة الغربية عبر حواجزها وطرقها الالتفافية إلى معازل وكنتونات وهي بذلك حققت مصلحتها في عدم وجود دولة فلسطينية مستقلة متصلة ذات سيادة ،وفي الوقت ذاته زادت من وتيرة مصادرة الأراضي والاستيطان والقرارات العسكرية التي تقوض مشروع الدولة الفلسطينية وآخرها القرار 1650 الذي يعتبر وجود أي فلسطيني في الضفة الغربية مقيما غير شرعي بدون الحصول على تصريح إسرائيلي !

بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي على غزة والذي أدى إلى دمار هائل في القطاع ،ومئات الضحايا من المدنيين الأبرياء ، خرج قادة حماس وأعلنوا انتصار المقاومة !! وهنا بدأ السجال الذي لن ينتهي هل انتصرت المقاومة فعلا ؟؟ هل أعيدت أرضنا هل دحر الاحتلال ؟؟ وبعد هذا النصر متى ستقام الدولة الفلسطينية العتيدة ؟؟

أقولها بصراحة وليس انتقاصا من شأن المقاومة، من انتصر فعلا هو الشعب الفلسطيني والمواطن والطفل الذي صبر وتحمل الأذى، ودفع ثمنا باهظا لصموده .، لم ينتصر المفاوض الفلسطيني لان الموقف الفلسطيني الداخلي مشتت وغير موحد، بسبب المراوغة الإسرائيلية وبسبب السياسات التي تتبعها للتلاعب بالقوانين والتهرب من الاستحقاقات الدولية ، كذلك عدم قدرة المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل بالقبول بقرارات الشرعية الدولية وإلزامها بها .

المشكلة باتت واضحة للجميع، فحل الوضع الداخلي أولا هو بوابة لحل الصراع مع إسرائيل، لان استمرار الانقسام سيقضي على المشروع الوطني الفلسطيني وعلى حلم إقامة الدولة المستقلة، وإنهاء الانقسام بات ضرورة قصوى ومرحلة أولى لإنقاذ المشروع الوطني، ثم انضمام كافة الفصائل بما فيها حركة حماس والجهاد الإسلامي لمنظمة التحرير الفلسطينية، حيث يمكن البدء من داخل المنظمة وليس من خارجها في حوار وطني شامل يأخذ مصالح الشعب الفلسطيني العليا في أولوياته، وبعدها يتم الاتفاق على البرنامج السياسي وطرق تفعيل المنظمة وباقي التفاصيل التي تصبح جزئية عند الاتفاق على الأساس، لان منظمة التحرير هي البوتقة التي تتسع للجميع ومن خلالها يمكن الانطلاق في إستراتيجية فلسطينية واضحة نحو المفاوضات ونحو إستراتيجية ورؤيا موحدة للمقاومة بكافة أشكالها خاصة المقاومة الشعبية السلمية .

و لتعمل فصائل منظمة التحرير جميعها على الأرض بشكل منظم وموحد على دعم المفاوض الفلسطيني بشتى الوسائل السياسية والإدارية واللوجستية، وبناء جبهة مقاومة شعبية تتحرك على الأرض بشكل مبرمج وممنهج داخل الوطن وخارجه(عربيا ودوليا )، وحث المواطن العربي للخروج للشوارع للضغط على قياداته لدعم منظمة التحرير في مفاوضاتها ، واستخدام لغة المصالح مع الدول الكبرى الراعية لعملية السلام، لان إسرائيل ماضية في عدوانها .

وما القرار الأخير رقم 1650 القاضي بملاحقة واعتقال ونفي الفلسطينيين الموجودين في الضفة الغربية واعتبارهم متسللين داخل وطنهم ، ورفض وقف الاستيطان وتهويد القدس ، إلا دليلا على أن إسرائيل تستهدف الوجود الفلسطيني بكل مكوناته السياسية والاجتماعية والثقافية ،وبالتالي فهي تستهدف كيانية منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية، وعلينا كفلسطينيين مواجهتها بكافة الطرق المتاحة للمحافظة على أرضنا وقضيتنا وحقوقنا الوطنية المنصوص عليها في الشرائع الدولية .

يد تفاوض ويد تقاوم ، هذه الإستراتيجية التي يجب أن تتبعها منظمة التحرير الفلسطينية ، فهي الجهة الوحيدة القادرة على جمع الشمل الفلسطيني والكل الفلسطيني تحت راية واحدة وسياسة واحدة وهدف واحد هو دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .

سليمان الوعري

الأربعاء مايو 26 2010

» دوائر منظمة التحرير الفلسطينية
» نعم لتحرير منظمة التحرير الفلسطينية
» تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية 1964
» منظمة التحرير الفلسطينية بين التراجع والمراجعة
» نشأة وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية