الدوايمة / الهوية 'الغزّية' تحرم أسيل وديمة من تحقيق أحلامهما

الهوية 'الغزّية' تحرم أسيل وديمة من تحقيق أحلامهما

رام الله 21-7-2010 وفا- زلفى شحرور

لا تنتظر أسيل حامد نتائج الثانوية العامة على أحر من الجمر كغيرها من الطلبة، بل تنتظر بلهفة أكبر نبأ السماح لها بمغادرة رام الله، هذه المغادرة التي ستمكنها من الطيران باتجاه الحلم والمستقبل.

أسيل واحدة من أربع طالبات، فازت بمنحة من جامعة فيرجينا في الولايات المتحدة الأميركية، من خلال 'الأمدإست'، وتنافست عليها مع ألف طالب وطالبة.

ولا تعرف حتى اللحظة إن كان بإمكانها المغادرة في الموعد المحدد لها في الثالث من آب القادم، أم ستفرض عليها الظروف فقدان منحتها. وذنبها في ذلك أنها تحمل هوية غزة، التي لا تمكن أصحابها من مغادرة فلسطين، إلا بتنسيق مسبق من الجانب الإسرائيلي، وفي الغالب لا يتم الحصول عليه.

عادت أسيل مع عائلتها إلى الوطن بعد اتفاق أوسلو، من خلال معابر غزة؛ بسبب عمل والدها في غزة. وبناء عليه حصلوا على هوية غزة، رغم أن والدها من سكان الضفة الغربية، وتعود أصوله إلى قرية سنيريا في محافظة قلقيلية، التي غادرها وفقد هويته في ثمانينيات القرن الماضي؛ لعلاقته مع منظمة التحرير الفلسطينية.

العائلة عادت للسكن في الضفة الغربية منذ العام 1999 وحتى اللحظة، ولم تتمكن من تغيير عنوان مسكنها، ومنذ ذلك اليوم تعاني الأمرّين في حركتها، وحرمت الكثير من الفرص بسبب 'الهوية'. وجاء الانقسام ليزيد هذه المعاناة؛ لأن سلطات الاحتلال تغالي في إجراءاتها ضد حاملي الهوية 'الغزية'.

حال أسيل هو حال أختها ديمة (16 عاما)، ولكن بمبالاة أقل، فهي تشعر بالإحباط، والقهر، ولا تعتقد أن هناك فرصة أمامها؛ بسبب تجربتها التي ما زال ألمها طريا ولم يجف.وحرمت ديمة قبل نحو شهر من مرافقة الفريق النسوي لكرة القدم كعضو في الفريق إلى البرازيل، حيث لعب الفريق هناك ولم يخطر على بالها أبدا أنها لن تشارك، خاصة أنها تلقت تطمينات من مستويات عليا، ولكن في الساعات الأخيرة قبل السفر، وبعد تجهيز حقيبتها وانتظارها لموعد رحيلها ليلة سفرها، أبلغت بعدم وجود تنسيق لها.
واليوم ديمة تعيش ذات الألم والمعاناة، وهي تنتظر السماح لها بالمغادرة لتشارك في برنامج تبادل العائلات، الذي تشرف على تنفيذه الأمديست، والذي يتم بناء عليه استضافة ديمة مدة سنة في واحد من بيوت الأميركيين، وتنهي الصف الحادي عشر هناك.
العائلة تشعر بالظلم الكبير في هذه الأيام، كما توضح أحلام العمصي والدة أسيل وديمة، التي لم تتوقف دموعها عن الجريان طوال الحديث معها.

وترابط أحلام هذه الأيام، في هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية في البيرة؛ لعلها تتمكن من التسريع والحصول على جواب يريح ابنتيها وترتاح. وتتساءل: لماذا يحصل بعضهم على التنسيق بسرعة ونواجه نحن الأمرّين؟ وهي لا تتوقف عن السؤال عن منظمات حقوق الإنسان، ومنظمات حقوقية فلسطينية وإسرائيلية يمكن اللجوء إليها؛ كي تساعدها في تذليل هذه العقبة التي تقف أمام مستقبل بنتيها بالمرصاد.

وتقول أحلام إن العاملين في الشؤون المدنية يبدون تعاطفا واضحا معها، لكن لا حيلة لهم في الأمر، ويطلبون منها عمل الكثير من الإجراءات التي قد تساهم في حل الموضوع من نوع استصدار تصاريح حواجز، وحمل شهادات المدرسة لأسيل وديمة في المدرسة.

ولا تستطيع تخيّل فكرة أن عليها الاختيار بين الحصول على تصريح مغادرة واحدة من ابنتيها، فالشؤون المدنية تنصحها التركيز في معاملة واحدة، حتى لا تخسر الفرصتين؛ لأن السفر حق لكل واحدة منهما، ولكل واحدة منهما أيضا حق الحصول على فرصتها، التي جاءتها بناء على جهود كبيرة بذلتها.

وتضيف 'هذه المنح لا تأتي للشخص على طبق من فضة، بل تتطلب وجود مهارات أخرى إلى جانب التعليم، من نوع الاهتمام بنشاطات وفعاليات مجتمعية، وحقوق إنسان، والمعرفة الجيدة باللغة الانجليزية، وهما بذلتا كل جهد ممكن للحصول على فرصتيهما، وتحقيق حلميهما'.

ولا تخفي أحلام قلقها على ديمة من هذه التجربة لطبيعة شخصيتها، في حين تبدو أكثر ثقة بموقف أسيل، التي خاضت ذات التجربة في السابق، وهي تقاتل من أجل حقها وترفض الاستسلام، رغم الألم والقهر الذي تشعر به.

وتشير إلى المعاناة التي تعيشها ديمة وأسيل، خاصة أن كل الاتصالات بخصوص منحتهيما في هذه الفترة تخص تفاصيل الإقامة وترتيباتها، فأسيل تسأل يوميا زميلتها في الغرفة الجامعية، عن ديكور الغرفة، وترتيبها، وديمة تستشعر استعجال العائلة التي تستضيفها للقائها، لأنها تشاطرها الاهتمام بكرة القدم، وتحدثها عن المشاريع المشتركة التي تعدّانها لتشاركهم فيها.

وعن موقف القنصلية والأمديست، توضح أحلام أنهما لا يتدخلان في مثل هذه القضايا رغم تعاطفهما، فالقنصلية الأميركية عبرت عن تعاطفها مع أسيل، ووعدتها بالحصول على الفيزا من العاصمة الأردنية طالما أنها لا تستطيع الوصول إلى القدس؛ لأن وصولها القدس يعني حصولها على تصريح من معبر بيت حانون، لأن العائلة غادرت القطاع من خلاله.

وتبكي أحلام بحرقة وهي تقول، هل بناتي يعاقبن على نشاطهن وفعاليتهن؟ وتتساءل 'كيف يمكن لي تهدئة ديمة وأسيل وأنا احترق مثلهما، وماذا أقول أنا ووالدهما، ونحن لا نمتلك الإجابة على سيل أسئلتهما التي لا تنتهي؟'.

تسأل الابنتان والديهما: 'ما ذنبنا نحن، لماذا ندفع ثمن عودتنا ووطنيتنا؟ لماذا تخليتم عن الجنسية الأردنية لصالح الجواز الفلسطيني؟ لماذا ذهبتما إلى غزة بدلا من الضفة؟ لماذا لا نستطيع تغيير عنواننا ونحن نمتلك الأرض والتاريخ والجذور في سنيريا؟ ماذا فعلنا لنعاقب هذا العقاب؟ ما العيب فينا لنعامل غير كل البشر، ألا يحق لنا التعلم..ألا يحق لنا التنقل.. ألا يحق لنا اختيار مستقبلنا؟؟؟.

وتضيف الأم 'لا نملك سوى تهدئتهما، والقول نحب بقاءكما إلى جانبنا، أنتما أفضل من غيركما، فهناك الكثير محرومون حتى من هوية غزة، عليكما التعامل بصورة واقعية مع الظرف، والفرص أمامكما في الجامعات الفلسطينية متوفرة، لكننا في قرارة أنفسنا غير مقتنعين بهذه الإجابات... ونحن نناشد كل المعنيين بالأمر التدخل لمساعدة أسيل وديمة في الحصول على حقهما'.

ـ

» قوانين السويد تحرم آباء وأمهات فلسطينيين من اطفالهم
» الأسر الفلسطيني: الهوية والحيّز.!
» الهوية الأردنية جامعة والتحديات قادمة والرد بالوحدة
» الأطفال الفلسطينيون في لبنان يتخبطون في «أزمة الهوية والانتماء»
» جدار شعفاط يفصل 55 ألفا من حملة الهوية المقدسية عن مدينتهم