الاستيطان عنوان ثابت في الأجندة الإسرائيلية

الكاتب : عادل عبد الرحمن

2011-10-27

الحديث عن الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي، وتسليط الضوء على أخطاره وتداعياته على السلام والتعايش، أمر في غاية الأهمية. مع أن القارئ لشدة ما يقرأ عن الاستيطان في القدس ومدن الضفة الفلسطينية، والإعلان المتواصل عن عطاءات البناء شبه اليومية، وصمت العالم وخاصة أقطاب الرباعية الدولية، وتأتأة الولايات المتحدة، وتعلثمها المقصود والهادف للتساوق مع خيارات حكومة نتنياهو، وعدم تمكن أقطاب الرباعية من الخروج على بيت الطاعة الأميركية، وفي ظل موقف فلسطيني وعربي لا يخرج عن إصدار البيان تلو البيان، والتحذير وراء التحذير، كل ذلك يدفع المواطن الفلسطيني والعربي وحتى في العالم إلى النفور، وإدارة الظهر لأي مقالة تعالج موضوع الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي، على اعتبار، ماذا سيأتي بجديد هذا أو ذاك من الكتاب سوى الطحن بذات المدخلات والمخرجات السياسية.
مع ذلك على الفلسطينيين، أن لا يملوا أو يترفعوا عن متابعة هذا الملف لأنه الأخطر على الأرض والإنسان الفلسطيني، وحتى على المجتمع الإسرائيلي، لان تداعياته لن تنحصر في حدود التضييق والخنق لحياة الشعب الفلسطيني من خلال عمليات النهب الجشعة من قبل حكومات إسرائيل وقطعان مستوطنيها، بل يطال المجتمع الإسرائيلي، الذي عليه مسؤولية تجاه مستقبله ومستقبل الأجيال الإسرائيلية القادمة، ومستقبل عملية السلام. لا سيما أن المتضرر لن يكون الولايات المتحدة ولا أقطاب الرباعية من انتهاكات الحكومات الإسرائيلية بالمعنى المباشر، بل أبناء الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، اللذين سيكتويان بنيران الجريمة الإسرائيلية المنظمة لعصابات المستوطنين ومن يقف خلفهم امثال نتنياهو وليبرمان ويشاي من قادة الائتلاف الأكثر تطرفا في تاريخ دولة الابرتهايد الإسرائيلية. الأمر الذي يفرض على الإسرائيليين التصدي بذات العزيمة, التي يتصدى فيها الفلسطينيون وأكثر للحيلولة دون إغلاق بوابات السلام المفتوحة منذ عشرين عاما، ولحماية التعايش بين الشعبين. لان هناك عقبات مفهومة وغير مبررة وغير مسؤولة تحول دون تدخل أقطاب الرباعية الدولية، التي من المفترض أن تدعم تطبيق قرارات الشرعية الدولية قبل غيرها، وهي أو لنقل بعضها يفعل ذلك في مناحي العالم المختلفة، ولكن حين تصل عملية تطبيق قرارات الشرعية الدولية ضد الدولة الإسرائيلية، تنكفئ وتتراجع، ويخفت صوت الضمير والقانون وتغيب حتى مصالح تلك الأقطاب تحت حجج وذرائع باهتة وتافهة. وأيضاً نهوض الشعب الإسرائيلي من خلال حركات الاحتجاج، التي بدأت, ومن المفترض أن تعود لحماية حقوق الطبقة الوسطى والفقراء، التي تذهب بشكل متواصل للمستوطنين والجيش، لأنها (الحركات الاحتجاجية) كحلقة رئيسية من حلقات التصدي للاستيطان، يمكن أن تساهم في دعم التوجهات الدولية، وحتى في الأوساط الإسرائيلية والأميركية.
وعلى الفلسطينيين، أن يخرجوا عن الأسلوب المتبع حتى الآن، المتمثل بإصدار بيانات الاستنكار، والاكتفاء بالمظاهرات البسيطة الأسبوعية هنا وهناك في المدن والقرى الفلسطينية، لا بد من تطوير الإستراتيجية الوطنية لمواجهة التحدي الإسرائيلي، والاندفاع نحو الرأي العالمي المساند والداعم للسلام في العالم والمنطقة خصوصا. والاستفادة من كل الاجتهادات والقوانين والمواثيق الدولية لمجابهة الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة في البناء داخل وخارج مدينة القدس، التي لن يكون آخرها الإعلان عن بناء (1400) وحدة استيطانية جديدة كما أشارت صحيفة يديعوت احرونوت أمس الأول، كمقدمة لبناء حي من (4000) وحدة استيطانية جنوب القدس الشرقية. فلا بد من مواجهة الرباعية وإحراجها بالحقائق الملقاة في وجه أقطابها كما هي ملقاة في وجه الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، وأيضاً وضع آليات عمل مختلفة في مخاطبة الرباعية، حتى لا تبقى الأمور تسير وفق ما هو قائم، لان العالم لا يسمع من الضعفاء والذين يستجدون حقوقهم. وسياسة التهديد لا تكفي، الشعب الفلسطيني بحاجة إلى إحداث صدمة في السياسة الدولية وفق رؤية برنامجية واضحة ومحددة. ومن المسائل التي يمكن الاتكاء عليها وأخذها بعين الاعتبار في النضال الوطني ضد الاستيطان الاستعماري التسلح بالقانون الدولي، وفق ما ذكر البروفيسور جون كويجلي «يعتبر جريمة حرب يحق لجميع محاكم العالم النظر فيها حسب القانون الدولي الإنساني». كما أوردت وكالة « وفا» أمس الأول. على القيادة الفلسطينية أن تتحرك بخطى حثيثة وقوية، وتلقي عن ظهرها قطع المساعدات وغيرها من الإجراءات الأميركية ـ الإسرائيلية، لأنه لا قيمة لأية مساعدات من أي نوع والمصالح الوطنية تتهدد صباح مساء، وتختطف الأرض الفلسطينية على مرأى ومسمع العالم. وليبقى السؤال مطروحا على العالم والولايات المتحدة والشعب الإسرائيلي، هل تريدون سلاماً أم حرباً؟ طريق السلام واضح وصريح: عنوانه الأول أوقفوا الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي، ولتستعد إسرائيل للانسحاب غير المشروط من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وفي مقدمتها القدس الشرقية، كمقدمة لبناء الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة. والكف عن ادعاء الخوف والخشية من البعبع الفلسطيني والعربي، وإثارة موضوع الأمن. من يريد السلام، ويصنعه، هو من يحصل على الأمن والاستقرار والتعايش. والأمن الفلسطيني أهم من الأمن الإسرائيلي، لان الشعب الفلسطيني اعزل، ولن تكون لديه أسلحة وليس لديه جيش، ويقبل بوجود قوات الناتو أو قوات دولية على رأسها قوات أميركية، وألف ضمانة وضمانة للإسرائيليين، إذا لتنته لعبة التسويف والمماطلة الإسرائيلية والرباعية الدولية خاصة الأميركية. وفي حال لم تلتزم القوى الرباعية، التي ستلتقيها القيادة اليوم بممارسة الضغوط الحقيقية على حكومة نتنياهو، على الرئيس محمود عباس، الذي قاد عملية السلام, وآمن بخيار السلام والتسوية، ورفض خيار المقاومة المسلحة والأشكال الأخرى، أن يعلن أن برنامجه فشل، وعلى العالم تحمل المسؤولية عما ستؤول إليه الأمور.