مخيم نهر البارد ... جرح في الجسم الفلسطيني لا زال ينزف

أجرى المقابلات مندوب مجلة سنعود - جابر ابو هواش)

مخيم نهر البارد ... جرح في الجسم الفلسطيني لا زال ينزف

سنتان ونصف ومعاناة أهل مخيم نهر البارد مستمرة،رغم كل الوعود التي اُطلقت من هنا وهناك،ولا يزال الحلم بعودة الإعمار شاخص امامهم،ينتظرون ثم ينتظرون، وقد طال الإنتظار،ومع طول الإنتظار يقصر الإمل،ولكن سكان المخيم الذين دفعوا فاتورة حرب دارت رحاها على ارض مخيمهم دون وجه حق،متمسكين بإعادة إعمار المخيم،واصبحت قضية المخيم بالنسبة لهم،هي أم القضايا واولها، وهي مقياس للإلتزام الوطني والقومي .
و مع قدوم فصل الشتاء تزداد المعاناة و سكان مخيم نهر البارد لا زالو نازحين عن مخيمهم وبيوتهم، صابرين على كل الظروف القاهرة التي يعانون منها،وللوقوف على هذه المعاناة كنا قد اجرينا بالعدد السابق لنشرة سنعود مقابلة مع مسؤول لجنة المتابعة العليا لملف مخيم نهر البارد "الرفيق مروان عبد العال "عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكان لا بد من إغناء الحقيقه عبر ملامسة الواقع من خلال أصحاب المعاناة، للوقوف إلى جانبهم برفع الصوت عاليا،في سبيل تحقيق هذا الهدف،هدف العودة الصغير إلى أن يتحقق حلم العودة الكبير إلى الأرض التي هجروا منها على يد العصابات الصهيونية في العام 1948.
وفيما يلي نص المقابلات :
سنعود : مرت سنتان ونصف على احداث مخيم نهر البارد ولا زال الشك ينتاب أهل المخيم خصوصا والجماهير الفلسطينية في لبنان عموما، واليوم نحن في نشرة سنعود نود أن نسمع من حضرتكم، باعتباركم احد القادة السياسيين في الشمال تتابعون وتطلون على اوضاع المخيم وأهل المخيم، اين اصبح موضوع اعادة ألاعمار وما هي العقبات التي تواجه عملية إعادة الاعمار ؟
جلال مرزوق (ابو وسيم ) سكرتير حزب الشعب الفلسطيني في شمال لبنان، في البداية نرحب بمندوب نشرة سنعود في منطقة الشمال للإطلاع على واقع جماهيرنا ونرحب بنقل الصورة الحية للواقع المأساوي الذي يعيشه أهلنا في مخيم نهر البارد.
- على الرغم من تجاوز قضية ألأثار وقرار مجلس شوري الدولة الذي ادى إلى أحداث إرباك وشكل حالة من الضغط الكبير على أهل المخيم واللجان الشعبية والقيادة السياسية في الشمال،ألا أن الوضع في الحقيقة لا يزال الوضع يراوح مكانه،ولا زالت حالة التشاؤم تخيم على الأمل المنتظر بالنسبة لإهل المخيم. ولكن نحن وأهل المخيم، لا نزال نؤمن بأن الاعمار حتمي،وأيماننا هذا نابع من تمسكنا بالمخيم وبالعودة اليه إلى أن يحين تحقيق حلم عودتنا إلى البلاد والديار التي هجرنا منها في العام 48،واصرارنا أيضا على عدم السماح بتكرار تجارب سابقة خسرنا فيها أكثر من مخيم بسبب الحروب الداخلية.
كونك أحد القيادين السياسين في منطقة الشمال وتجري سلسلة من اللقاءات السياسية مع اصحاب القرار لدى الدولة اللبنانية هل لمستم أي تجاوب لإعادة ألاعمار، أو عراقيل؟
- نحن نجري لقاءات على مستوى منطقة الشمال ونجري أيضا لقاءات مع المعنيين بالأمن العسكري والسياسي وقد أبدو إستعدادهم لخدمة أهل المخيم والتخفيف عنهم مع ضمان حفظ الامن،ونحن على تواصل دائم وخاصة بعد فتح مخفر في المخيم الجديد. إلا أنه بطبيعة الحال هناك الحالة النفسية لدى اهلنا في نهر البارد وبنتيجة التعقيدات التي تحدث منذ سنتين ونصف والمستمرة لغاية اليوم فقد، بدأ الاهالي يفقدون الامل، لكن القيادة السياسية في لبنان والممثلة بالرفيق مروان كونه امين سر هيئة المتابعة العليا وبعد تواصله مع المعنين على أعلى المستويات قد بشرنا ان التعقيدات والعقبات جميعها الى حد ما قد أُزيلت ومن المفترض أن تنطلق عجلة الإعمار،ولكن ليس بالقدر والسرعة التي ننتظرها،وانا اوافقه الراي بسبب التعقيدات السياسية اللبنانية الداخلية،والتي تنعكس إجابا أو سلبا على وضعنا الفلسطيني كوننا نعتبر عنصر حيوية وفعال على الأراضي اللبنانية،وجزء من الحراك السياسي الذي يتم داخليا وخارجيا إن شئنا وإن أبينا.
سنعود : هناك معاناة تتعرضون لها مع قدوم فصل الشتاء خاصة سكان البركسات والكراجات وسكان المخيم الجديد كيف تجري معالجتها ؟ وما هو الدور الذي تلعبه الاونروا والجمعيات؟
- ليس في الشتاء فقط بل أيضا في فصل الصيف، فالبركاسات لا تصلح لحياة أدمية فهي في فصل الصيف حارة جدا جدا والسكان يهجرونها طوال النهار،على أن تغيب الشمس ويذهب مخزون الحرارة منها. هذه ليست منازل... هي عباره عن حاويات، وقبل أيام عندما هطل المطر تحولت منطقة البركسات إلى مستنقعات،ولم يتمكن الناس من الدخول إليها، فهي غير مخصصة للسكن أصلا،والاونروا ورغم الضغط الجماهيري لا تزال على سياستها ونحن زلنا نختلف معها على موضوع المخيم الجديد،الذي تعتبره خارج نطاق عملها،ونحن نعتبر ما جرى في مخيم نهر البارد استثناء،ويحتاج إلى اسلوب وسياسة استثنائية من وكالة الغوث "الا نروا" وهنالك أيضا اشكالية تتعلق بالإعانات التي تقدمها الجمعيات والمؤسسات الأهلية،في البداية قدمت الكثير لكن للأسف يوجد عدم تنظيم وإستغلال للناس وهناك فوضى بعملية توزيع الاعانات فهي لا تشمل الجميع ويوجد تحيُز وإنتقاء ومحسوبيات وهناك العديد من الاشخاص لم يستفيدوا من خدمات هذه الجمعيات على الاطلاق لعدم وجود خطة تجمع هذه المؤسسات والجمعيات،وغياب المراقبة على مقدراتها أيضا،وبالتالي اصبح العديد من سنعود: كيف ترى مستقبل عملية إعادة الاعمار كونك أحد القيمين على الارض ؟
-أنا بإعتقادي ان المسألة ليست بالبساطة المتوقعة،فعملية الإعمار ستأخذ أن استمر العمل بها سنتين أو ثلاثة أو أكثر والمسألة متعلقة بالظروف المحلية اللبنانية والفلسطينية وبالتزام المجتمع الدولي بتعهداته،لكن المهم أن تبقى أطرنا السياسية والشعبية موحدة،وأن نحافظ على الدعم الجماهيري لهذه القضية،وأن لا نيأس بسبب أي معوقات يمكن أن تعترض طريق إعادة الإعمار،وعلينا أن نصر للحفاظ على المخيم كما كان قلعة نضالية من اجل تحقيق الأهداف الوطنية في العودة وتقرير المصير وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

والتقى مندوب نشرة سنعود بالاستاذ حسن لوباني مدرس في مدارس الإونروا ومن سكان مخيم نهر البارد،وسأله : بعد مرور اكثر من سنتين ونصف على احداث مخيم نهر البارد،هل أنت متفائل وتعتقد أن المخيم سيعاد إعمار ؟
- بالبداية ارحب بمندوب نشرة سنعود لإهتمامها بنقل صورة عن الواقع المرير الذي يعيشه أهل مخيم نهر البارد .

فبالرغم من التطمينات التي تقوم بها الجهات الرسمية ولا سيما الحكومة اللبنانية والتي تؤكد على موضوع إعادة الإعمار لكن مايجري على الإرض عكس ذلك تماما وأنا من وجهة نظري الذي يقوم بتدمير شي لايقوم باعادة بناءه وما زال موضوع إعادة إعمار المخيم القديم لم تبدأ بعد سماعنا الكثير من الوعود من قبل لم يطبق. فعلى سبيل المثال بعد انتهاء حرب تموز بالجنوب اللبناني عادوا المهجرين إلى قراهم وبدأت عملية الاعمار فورا. و نحن مازالنا مهجرين وبعيدين عن منازلنا،وخاصة سكان المخيم القديم،البعض مستأجر منازل وكراجات واخرون يسكنون في بركسات انشأتها الانروا كمنازل مؤقتة لاتتمتع بادنى شروط السكن،فقبل يومين هطل المطر وادى الى تدمير الحيطان واعتقد انها قابلة للانهيار وقد تؤدي الى احداث ضحايا، كذلك الطبقات السفلى غرقت بالمياه والطرقات التي تؤدي اليها موحلة لعدم تزفيتها والناس تعاني .

*برايك ما هو الدور التي تقوم به الاونروا والجمعيات لتخفيف معاناة النازحين ؟
- الاونروا تقوم بدفع بدل ايجار مبلغ 150 دولار، لكن هذا المبلغ غير كاف، كون أي أيجار لا يقل عن مبلغ 250 دولار،وبالتالي هذا الفرق بقيمة الإيجار يتحمله الناس كعبئ إضافي للأعباء الواقعه عليهم،في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها.كماأن هنالك تهرب من قبل الأنروا للقيام بمسؤولياتها تجاه سكان نهر البارد،بحيث تعمد الى فصل بين المخيم القديم والمخيم الجديد وتعتبر نفسها مسوؤلة فقط عن القسم القديم ولا سيما الاعمار والنظافة، والطبابة، وهذة السياسة خطيرة، فالناس بموضوع النظافة في القسم الجديد من المخيم تدفع 5000 ل.ل لقاء ازالة النفايات مع ان هذا الامر يجب أن يكون من مسوؤلية الاونروا. وكذلك موضوع الاعمار والترميم في القسم الجديد، فالجمعيات والمؤسسات الأهلية هي التي تقوم بذلك،وبشكل رمزي ليس بالمستوى المطلوب وانا برأيي لهم اهداف وهو اظهار الفصائل انها عاجزة وهي البديل عن الفصائل مع غياب الرقابة على هذه الجمعيات من قبل الفصائل أو أي جهة قانونية .
سنعود : بعد تشكيل اللجنة الفلسطينية العليا لمتابعة ملف نهر البارد من قبل الفصائل الفلسطينية هل لعبت هذه اللجنة دور في تخفيف المعاناة وهل تلمستم انجازات جديده؟
هذه اللجنة بالتنسيق مع اللجان الشعبية والفصائل تقوم بجهد مشكورة عليه لكنها ليست بديل عن الاونروا، كونها هي المعنية مباشرة،بحيث ان هذه اللجنة لايتوفر لديها المال لمعالجة المشاكل،وقد قامت بعدة لقاءات مع اللجان الشعبية والانروا،وتجري اتصالات مع الجهات الرسمية لتزيل بعض العقبات،ونامل أن يستمر الموقف الموحد لتحقيق انجازات،وانا باعتقادي اذا بقيت الفصائل واللجان الشعبية موحدة، قد نحرز تقدم على كافة الأصعدة وخاصة، بموضوع إعادة إعمار المخيم القديم والتكافل مع المجتمع المحلى ولاسيما التحركات الشعبية المطالبة بإعادة الإعمار

* كيف تصف العلاقة مع المحيط اللبناني وكيف تقيمها بعد الاحداث .
- استشهد بقول العقيد عامر الحسن قال انتم تقومون بالضغط على الجهات المختصة كذلك المحيط اللبناني يضغط اكثر من اجل إعادة الإعمار . نحن والمحيط نعيش مع بعضنا منذ اكثر من ستين عاما ويوجد بيننا روابط عائلية ونسب وعلاقتنا معهم لم يشوبها أي مشاكل في السابق، ويوجد علاقة اقتصادية بيننا وأعمال مشتركة والإجراء الأخير من قبل قيادة الجيش اللبناني بالسماح للبنانين بالدخول على الهوية مشكورين عليه، يساعد بعودة الحياة إلى ما كانت عليه قبل الإحداث ونامل أن يسري هذا الإجراء على الجميع وإلغاء التصريح للجميع .

*كيف ترى مستقبل اعادة الإعمار وهل انت متفائل؟
- لا أناغير متفائل والتفاؤل يبدأ عندما تبدأ عملية الإعمار بالمخيم القديم ونرجو ذلك.

والتقى مندوبنا أيضا مع الحاجة حسنية عبد العال من سكان مخيم نهر البارد "ربة منزل"وسألها : حّاجة كيف تصفين لي أوضاعكم ؟
نحن تهجرنا من المخيم منذ أكثر من سنتين ونصف ومنذ ذلك الوقت ونحن نعيش بمعاناة التهجير وحاليا نسكن في البركسات والكراجات وهذه المساكن لا تتلائم مع الحياة الإنسانية. كذلك حاليا لا يوجد أحد يقدم لنا المساعدة،في البداية كان يوجد مساعدة أما اليوم تعطينا الأنروا شؤون كل ثلاثة أشهر، ونحن ما زلنا نعاني من التهجير والحرارة بالصيف والغبار والبرد والمياه في فصل الشتاء،في أغلب الاحيان وعندما تمطر فان المياه تدخل للبيوت، ونحن نعيش ستة أنفار في غرفة واحدة’ السكن غير صحي لللآطفال وهم يعانون من الامراض ومعظم الوقت نبقى خارجه،لم يتغير هذا الوضع لغاية اليوم ولا يأتي أحد لزيارتنا أو مساعدتنا، الحياة اصبحت جحيم ونريد حلا لمشكلتنا.
-بخصوص موضوع الاعمار هل تعلمون عنه شي؟
نحن نسمع أن الاعمار قد بدء من الناس وأن الحديد قد أدخل الى المخيم ويقومون بأنشاء بنية تحتية داخل المخيم القديم لكن هذا ما سمعناه لكننا لا نرى شيا لاننا ممنوعون من الدخول الى المخيم،يقولون هناك إعمار لكن الحقيقة لا يوجد شيىء لا زلنا في نفس المكان.

*هل أنت متفاءلة بالعودة الى منزلك في المخيم القديم؟
- إن شاء الله يتم الإعمار لكن نحن متشائمون وسمعنا كلام كثير ووعود أكثر ولا زلنا نرواح مكاننا والمدة الزمنية طالت وهذا يدفعنا الى التشاؤم من عدم إعادة الاعمار والعودة الى بيوتنا ونخاف ألا نعود اليها أبدا،ويحصل معنا مثلما حصل مع أهلنا في فلسطين وعود بالعودة لكن في الحقيقة لا شيء.

يا مخيم نهر البارد
فحالك حال الشعب الشارد
مخيم الوحدات يهديك السلام
ويقول لك صبراً فهذا المقال
عسى أن يصل إلى من يهمه الأمر والشان
وحاله كحال كل الأوامر في السلة يدام

عوض غوانمة / ابو جهاد

» دراسات\ مخيم البارد... اليوم
» الدوايمة -شقق مخيم البارد تضيق بأثاثها
» عودة 41 عائلة فلسطينية إلى مخيم نهر البارد بعد 4 سنوات على تدميره
» التجمعات السكنية المؤقتة في مخيم نهر البارد تنتج نمط حياة جديداً
» مخيم "نهر البارد" في لبنان في الذكرى الثالثة: خيمة وإضراب عن الطعام