الأسير إبراهيم جبر جبل من إرادة

قدم نجله البكر شهيداً من أجل العودة إلى حيفا
الأسير إبراهيم جبر جبل من إرادة

فؤاد الخفش

كالصقر وقف بين جموع الأسرى مرفوع الرأس عالي الجبين ، ترتسم على محياه ابتسامة خفيفة يعانقه الجميع ، يشد على معصمه يبادلهم العناق بعناق ودعاء ويجيب اللهم تقبله عندك في الصالحين.
صورته يوم أن التف الأسرى من حوله يهنئوه باستشهاد نجله الأكبر مصعب وصبره وثباته ودمعاته الحرى التي تساقطت من عينيه يصبر زوجته أم مصعب لا يمكن لأحد أن ينساها.
قال لها يا أم الشهيد ألم تربّه على حب الوطن ؟؟ ألم تشربيه لبن العزة ؟؟ ألم تقولي له أن لنا أرضاً هناك في حيفا ويافا ونحن هنا لاجئون في مخيم جنين ؟؟
لقد فهم الدرس مصعب وعلم أن الوطن لا يعاد إلا بالدماء فحمل سلاحه وتصدى لمن حاول اجتياح مخيمه وكان ما تمنى وما نتمنى نحن أن نلقى الله شهداء فلم البكاء يا أم الشهيد؟؟.
لم تستطع التحمل وأجهشت بالبكاء وكأن لسان حالها يقول لا أستطيع أن أتحمل وقع مثل هذا الحدث وأنت عني بعيد يا أبا مصعب عد سريعاً.. رحمك الله يا مصعب ترجلت في عنفوان شبابك ،تشربت روح أبيك وامتطيت جواد أبيك وقلت يا خيل الله لبي منادي الجهاد ـ متّ وسلاحك على صدرك تخضب بلون دمك وبقيت أنا بعدك أتجرع مرارة استشهادك وفراق أبيك .
نعم إنه إبراهيم جبر الأسير ووالد الشهيد وأحد رموز معركة مخيم جنين ـ من بين الأنقاض اعتقلوه ولأشهر طويلة عذبوه في سجونهم السرية، لم يكن يعلم أحد أنه اعتقل أياما وليالي، كانوا يبحثون عنه بين أنقاض المخيم الذي دمر عام 2002 ولم يجدوا له أثراً ، شاهد عيان قال لهم هناك كان يقاوم ، وآخر أخبرهم أنه شاهده يحمل الشهيد الفلاني ويسير به إلى خارج المخيم وآخر قال لهم أنه شاهده بأم عينه يحضر الطعام لبعض المقاومين ، وآخر شهد أنه شاهده يضمد جراح فدائي مصاب وتعددت الروايات وكثرت الشهادات ونبشت الأنقاض ولم يظهر إبراهيم جبر إلا بعد فترة من الزمن وجوده حياً بعد أن أبلغ الصليب الأحمر خبر أنه معتقل لدى الاحتلال .
قال لي إبراهيم جبر في سجن النقب بعض فصول حكايته وكيف عذب وكيف تم التحقيق معه، كانوا يتعاملون معه على اعتبار أنه ميت وأن الجميع يعلم أنه ميت ولولا حدوث خطأ فني علم من خلاله الصليب الأحمر أنه حي لأعدم الرجل وتم إخفاء جثته ، أو وضع في مختبرات البحث العملي ليكون حقل تجارب.
قال لي أنه حرم ليالي طويلة من النوم وأنه كان يتعرض لرشات من الماء البارد والماء الحار والضرب المبرح ، قال لي تمنيت مرات ومرات الموت ولم أجده.
كان يحدثني عن ولده الشهيد مصعب بفخر واعتزاز وكان يقول لي أول شيء سأقوم بفعله بعد خروجي من هذا السجن هو زيارة ضريحه والوقوف على قبره.. يتنهد يبكي الرجل وما أصعب دموع الرجال، يقول الله يرحمك يا مصعب .
قال لي إبراهيم جبر أن مصعب مع بداية الانتفاضة كان صغيراً وكنت قد آويت في منزلي مجموعة من المطاردين الذين أصبحوا شهداء وذكر منهم نسيم أبو الروس وجاسر سمارو رحمهما الله ، وقال لي كان دوماً مصعب معجباً بهم يحاول تقليد مشيتهم واللعب بسلاحهم والجلوس معهم ليستمع لبطولاتهم ومغامراتهم فنما بقلبه حب الوطن والجهاد.
إبراهيم جبر فارس من فرسان فلسطين أمضى ما يزيد عن العشرة أعوام في سجون الاحتلال اعتقل ثلاثة عشر مرة في كل عام يقتحم بيته وتصادر أمواله ويسجن ويبعد قسراً عن بيته وما تبقى له من أولاد.
لإبراهيم جبر زوجة فاضلة صابرة محتسبة كريمة أصيلة تحتسب استشهاد فلذة كبدها بكرها مصعب وتنتظر عودة زوجها من سجنه لتضمد جراحه وتنسيه تعب الأيام، تنتظر لحظة استقرار تنتزعها من براثن محتل أصر ويصر على تدمير الفلسطيني.
حبيبي وأخي أبا مصعب سمحت لنفسي أن أقتحم عالمك وأنكأ بعض جراحك وأن أتحدث عن فضائلك يا صاحب اليد البيضاء والراية العالية يا أيها الأسير ويا أبا الشهيد وسيد الرجال.

المدير العام العمر : 59 *المزاج* :

كالصقر وقف بين جموع الأسرى مرفوع الرأس عالي الجبين ، ترتسم على محياه ابتسامة خفيفة يعانقه الجميع ، يشد على معصمه يبادلهم العناق بعناق ودعاء ويجيب اللهم تقبله عندك في الصالحين.

» "نادي الأسير" يطالب بانقاذ حياة الأسير مناضل شرقاوي
» إرادة الحياة - لأبي القاسم الشابي !!!
» يوم الأسير العربي
» من شعراء الفالوجة - الدكتور إبراهيم السعافين
» يوم الأسير... الطريق الى المحاكم الدولية