وضع المخيمات الفلسطينية في لبنان مرفوض بكل المقاييس.. فمن لساكنيها؟

وضع المخيمات الفلسطينية في لبنان مرفوض بكل المقاييس.. فمن لساكنيها؟

الخميس مايو 6 2010 -

د.حمزة ذيب مصطفى

كانت زيارة دولة لبنان الشقيق تدور في خلدي وتتوق اليها نفسي منذ أمد طويل، غير ان الحرب الأهلية والتي دامت العقد ونصف العقد وما تبع ذلك من اجتياحات ايضاً للبنان وبيروت على وجه الخصوص من قبل الجانب الاسرائيلي، وكثرة الحروب فيها والمنازعات والفتن، يضاف الى ذلك كثرة انشغالاتي وارتباطاتي مما ادى كل ذلك لأن تتأخر زيارتي للبنان الى أمد غير قصير. ومما لا شك ولا ريب ان كل امر وشأن في الحياة انما هو بقدر الله جل شأنه، وكما يقال: «انت تريد وأنا اريد والله يفعل ما يريد».

شاءت ارادة الله سبحانه ان ازور اخيراً هذا البلد العربي الأصيل، وقد هيأ الله لي ويسر ان ازوره ثلاث مرات بين كل زيارة وأخرى قرابة الشهر او الشهرين في رحلات عمل تخص جامعة القدس.

فكانت اول زيارة برفقة ورئاسة الأخ الدكتور سري نسيبة رئيس جامعة القدس، وكان برفقتنا ايضاً الأخ الزميل الدكتور سعيد القيق عميد كليتي الدعوة والقرآن الكريم في الجامعة والأخ الزميل الدكتور موسى البسيط رئيس دائرة الدعوة في كلية الدعوة وأصول الدين في الجامعة ذاتها.

كانت هذه الزيارة بدعوة واستضافة كريمة وحفاوة جليلة من مؤسسة القدس الدولية ادام الله لها التوفيق والنجاح وسدد خطاها نحو الخير والعطاء على الدوام، وبارك في القائمين عليها من رئاسة مجلس امنائها الى مجلس امنائها الموقر الى أمينها العام الأخ الدكتور اكرم العدلوني ومديرها التنفيذي الاستاذ زياد الحسن واعضائها العاملين فيها كافة.

ثم كانت الزيارة الثانية بتاريخ ١٣/ ١/ ٢٠١٠م لأجل حضور المؤتمر السابع لمؤسسة القدس الدولية، وكانت قد وجهت ايضاً هذه المؤسسة الزاهرة دعوة كريمة لجامعة القدس كون هذه الجامعة احدى مكونات المؤسسات العربية والاسلامية على ثرى هذه المدينة المقدسة. وأصل انشاء هذه المؤسسة الدولية في بيروت باسم القدس لغايات دعم هذه المدينة ومؤسساتها القائمة، وتجذير أهلها فيها، والمحافظة على ارضها وهويتها العربية والاسلامية، وحمايتها قدر المستطاع من تسلل الاستيطان تجاهها وصوبها والقيام على شؤون سكانها من الجوانب المتعددة والمختلفة، جزى الله القائمين عليها كل الخير وجعل ذلك في ميزان حسناتهم في يوم تزيغ فيه الأبصار وتبلغ فيه القلوب الحناجر.

ثم قدر الله لي ان أيمم شطرها ثالثة بتاريخ ٤/ ٤/ ٢٠١٠م للغاية نفسها لأجل متابعة اتفاقية التعاون التي ابرمت ما بين الجامعة والمؤسسة، وان نرى ما نفذ منها وما يلزم تنفيذه مستقبلاً، وما سبل الدعم التي لدى هذه المؤسسة كي تستطيع الجامعة ان تنهض من عثارها وتلتقط أنفاسها الاقتصادية وتحاول تجاوز الازمة المالية الخانقة التي تمر بها في عجز سنوي يبلغ الخمسة ملايين دولار سنوياً لمدة لا تقل عن خمس سنوات، ريثما تستطيع الجامعة ان تصل الى مرحلة الاكتفاء الذاتي عبر الخطة المالية والادارية التي وضعتها الجامعة مع محاولة البحث عن مصادر لسد الميديونية التي تراكمت على الجامعة عبر السنين العجاف الخوالي والتي تقدر بزهاء الاربعين مليون دينار اردني.

وفي كل مرة كنا نسعد بلقاء الدكتور العدلوني فهو من الشخصيات الناجحة والمثابرة والمخلصة، ويتمتع بدبلوماسية ومهارة تخاطب وحوار عالية، كما انه شخصية دمثة ولطيفة ويعرف كيف تورد الابل على حد المثل العربي السائر.

كما كنا نلتقي ايضاً الاستاذ الشاب زياد الحسن المدير التنفيذي لهذه المؤسسة الرائدة والتي انشئت سنة ٢٠٠١م، وهو بحق رغم انه شاب صغير السن غير انه يتمتع بلباقة عالية ووعي كبير وطريقة عرض سلسة، وفنية جيدة جداً في التعامل، وفي تقديري وتصوري ان الهيئة الادارية للمؤسسة موفقة جداً في الاختيار لمثل هؤلاء المسؤولين في هذا الموقع الهام، فأكرم بهم من شباب مؤمن ناضج يشهرون على مصالح امتهم وشعبهم، ويعرفون تماماً ما يدور حول هذا الشعب حول قضيته الفلسطينية وقضايا امتهم العربية والاسلامية بوجه عام.

غير انني في كل مرة او زيادة للبنان كنت اقف علي امور لم اكن قد رأيتها في الزيارة او الزيارات السابقة لهذا البلد العربي المجيد.

اذ هذا البلد على صغر حجمه وقلةعدد سكانه غير ان له حصة كبرى من حصص التضحية والفداء والوقفات النبيلة تجاه قضايا امته العربية والاسلامية، وفيه ويحوي من الشخصيات والفعاليات الوطنية ما يحويه. وقد دفع ولا يزال يدفع ثمناً باهظاً لقاء مواقفه الوطنية المشرفة، ونحن لا نتمنى لهذا البلد العربي وشعبه الشقيق سوى الامن والامان والخير ورغد العيش والسعادة على الدوام ولا نقول في هذا السياق ما قاله الشاعر العربي:

ويقضي الامر حين تغيب تيم

ولا يستأمرون وهم شهود

تعيرنا انا قليل عد يدنا

فقلت لها: ان الكرام قليل

وكما قال رسول الهدى والنور صلوات الله في معرض مدح الصدقة القليلة من ذوي العسرة لكنهم اصحاب النية الخالصة والهمة الصادقة «رب درهم سبق ألف درهم».

هذه لبنان وهذه امكاناتها البسيطة والمحدودة جداً لكنها صاحبة العطاء العظيم والوقفة الشجاعة المضاء، وصاحبة العزيمة التي لا يفلها الحديد.

لسان حالها يقول:

لا لن ألين لغير الحق اسأله

حتى يلين لضرس الماضغ الحجر

فمن غير الممكن او القدرة ان يطلب منه ما هو فوق طاقته وقدراته وامكاناته. ونحن معشر الشعب الفلسطيني كلنا احترام وتقدير لهذا البلد العزيز على فؤاد كل عربي ومسلم، ونحن دائمو الدعاء ان يجنب الباري جل شأنه هذا البلد الطيب الخير الفتن ما ظهر منها وما بطن، وان يصرف عن اهله كل ما يسوء الوجه والنفس.

لا يسعنا قبل ان ندلف ونلج الى وضع المخيمات الفلسطينية ومناقشة قضيتهم الا ان نقدم بهذه المقدمة والتي تصدر من الاعماق - والله يشهد على ما في انفسنا - تجاه اهلنا واشقائنا في لبنان الذين احتضنوا الفلسطينيين ولا زالوا وناصروا ثورتها وذادوا عنها وتمتع اهلنا وتمتعت ثورتنا بالدفء اللبناني لسنين طويلة، وكان ما كان من ايجابيات وسلبيات وبضع مواقف لا تحمد تجاه اهلنا واشقائنا اللبنانيين من قبل آحادنا او بعض افرادنا لاننا بشر نصيب ونخطىء ونحسن ونسيء. «كل بني آدم خطاء» المهم ان نراجع حساباتنا ونقلب الصفحة السوداء الى صفحة جديدة بيضاء.

المهم الا تتكرر الاخطاء وان نتعلم ونتجاوز مراحل الجهالة والضلالة ، ونثوب الى رشدنا ووعينا. هكذا الاصل مع بني البشر، وهذا هو الوضع السليم كي يصحح بنو الانسان مساراتهم مع الله ومع الناس. «حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا وزنوا اعمالكم قبل ان توزن عليكم».

انا عبر هذه المقالات سأتحدث وسأتناول وضع اهلنا الفلسطينيين في مخيمات اللجوء على الارض اللبنانية بسبب ان وضعها مأساوي وليس له شبيه ومثيل على اية ذرة تراب على وجه البسيطة. هذا الشعب المصاب المهجر وصاحب حياة اللجوء القسرية سواء الى مخيمات لبنان او سواها من مخيمات دول الجوار من الاشقاء الفضلاء والشعوب العربية الكريمة ونظمها الغيورة على القضية الفلسطينية وشعبها الصابر المرابط الابي.

كلنا معشر الفلسطينيين شكر لكل من وقف الى جانب وجوار هذا الشعب في محنته الظالمة الاليمة، ونافح عن قضيته وقضية العرب والمسلمين والاصدقاء وقضية العدالة الدولية، والذي سيبقى بختمه على جبين العالم اجمع ما لم تحل قضية هذا الشعب حلا عادلا وشاملا ترضى عنه الشعوب والاجيال اللاحقة.

» مقترحات عَمَلية لحل معضلة المخيمات الفلسطينية في لبنان
» وزيع أعداد اللاجئين المسجلين داخل وخارج المخيمات في لبنان
» الحملة الشبابية الفلسطينية لإنهاء الانقسام في لبنان
» الدوايمة / لكي لا ننسى المخيمات الفلسطينية
» «التجمعات الفلسطينية» في لبنان بيوت من تبن وصفيح غير موجودة... «رسميّاً»