الدوايمة / استيطان لا يصوم في رمضان / خالد معالي

استيطان لا يصوم في رمضان /خالد معالي

الكاتب: خالد معالي
استيطان مريح، وغير مكلف؛ هو ما يجعل المستوطنين يجاهرون بالإفطار بأكل ونهم أراضي الضفة الغربية والقدس، قطعة قطعة. بلطجة وعربدة المستوطنين باتت تتسارع وبحماية جنود الاحتلال، الذين يراقبون الضفة من فوق رؤوس الجبال والأبراج المشيدة.

معاناة الضفة الغربية والقدس المحتلة من سرطان الاستيطان، الذي يتمدد دون توقف، لا توصف؛ لعدم وجود ما يوقفه، أو يحد من تغوله وتفشيه.

"عميرة هاس" كاتبة من دولة الاحتلال؛ أكدت أن ثلثي أراضي الضفة هي أراضي "ج" نقلا عن منظمة "أوتشا"، والتي يمنع فيها البناء للفلسطينيين، ويسمح للمستوطنين، ولا يسكنها سوى 150 ألف فلسطيني، ويتناقصون بفعل سياسة الطرد والتهجير الممنهج.

جرافات الاحتلال لا تصوم في رمضان، ولا في غير رمضان؛ عن استنزاف وسرقة أراضي الضفة والقدس لصالح التوسع الاستيطاني، دون أي اعتبار للشرعية الدولية، ولا لصرخات واستغاثات الفلسطينيين.

استخدام واستثمار أية طريقة ووسيلة لاسترجاع الحق الفلسطيني، ولفضح ممارسات الاحتلال والتوسع الاستيطاني مطلوب، حتى ولو كان بنفس أساليب وأدوات المجتمع الدولي، برغم معرفة الكل أن أمريكا المنحازة للاحتلال دوما تسيطر عليه.

التوجه للأمم المتحدة أو لمجلس الأمن أو لمؤسسات المجتمع الدولي المختلفة؛ لنيل الحقوق وإقامة الدولة الفلسطينية، حتى ولو كان بالحد الأدنى، إن لم ينفع القضية الفلسطينية فهو لن يضرها؛ على شرط أن لا يكون ذلك على حساب الوسائل الأخرى، أو إغفالها وتمويتها بشكل يصعب من استخدامها لنيل الحقوق في الوقت والزمان المناسبين.

الضعيف وحتى إن كان صاحب حق فانه يدفع ثمن ضعفه على الدوام. وزير داخلية الاحتلال "إيلي يشاي" يصدر أزمة الاحتلال بدعوته إلى تسريع إعطاء التراخيص اللازمة للبناء استيطاني، لحل مشكلة السكن وغلاء الشقق، داخل دولته المزعومه.

يبدو أن الاحتلال في هذه المرحلة لا يقدر على شن الحروب بعد خسارته المحدودة بجولتي لبنان وغزة الأخيرتين، ولذلك سرع من الاستيطان.

ثورة العدالة الاجتماعية داخل دولة الاحتلال من الصعب أن تتوقف دون خسارة "نتنياهو" ولو بشكل محدودة. من الصعب أن يغامر "نتنياهو" بحرب حقيقية – ليس معنى هذا عدمها - بعد أن صارت الصواريخ من الشمال والجنوب تنهمر على دولته. ومن الأرجح أن يتقبل الخسارة المؤقتة على أن يخوض غمار حرب لا تحمد عقباها.

الاستيطان وان استمر كما هو - وليس لفترة طويلة- فان حال الضفة عاجلا أو آجلا سيكون في الغالب الضم من قبل سلطات الاحتلال التي تضرب بعرض الحائط كل القوانين والمواثيق الدولية.

مثال حي على تسارع وحش الاستيطان هو محافظة سلفيت، حيث يبلغ عدد المستوطنات أكثر من قرى وبلدات المحافظة، ومن يسير في الشارع الرئيس للمحافظة يتخيل أنه وسط شوارع تل الربيع"تل ابيب" أو حتى وسط شوارع "نيويورك".

يمكن للفلسطينيين أن يحدوا من الاستيطان ويوقفوه برغم جبروت الاحتلال؛ وذلك عن طريق سرعة وحدتهم ومصالحتهم وتوحيد جهودهم في بوتقة التخلص من الاحتلال؛ وهذا ليس بالضرورة أن يقود إلى استخدام وسائل عنيفه في المقاومة، فعمق تجربة الحالة الفلسطينية مع الاحتلال؛ جعلها تعرف وتدرك أية وسيلة ولغة هي الأنجع ويفهمها الاحتلال بشكل جيد، بحيث تجعل احتلاله مكلفا.

ما أحوج الشعب الفلسطيني في شهر رمضان؛ لاستلهام طرق ووسائل الشعوب في مقاومة الاحتلال، وهي كثيرة ولا تنضب، واختيار المناسب منها, بعيدا عن العواطف والارتجالية في العمل والميدان، ولا يكون ذلك إلا عبر التخطيط الدقيق والسليم، والتخلص من التوترات الداخلية التي ترهق وتعطل الطاقات الخلاقة، فهل نحن فاعلون؟!