آراء

لكلٍ منا رأي يختلف باختلاف شخصياتنا، تجاربنا، اتجاهاتنا، وليس من الضروري أن تتطابق آرائنا ما دمنا نقصد نفس الهدف ونسير بنفس الاتجاه.. فإن اتفقنا على هدفنا فلا ضرر من اختلاف الـ "آراء".
[center]أشـخاص وشـخصيـات[/center]
رأيت بدايةً، قبل أن أتطرق لاختلاف الآراء ودوره في إيجاد العديد من الحلول مما يتيح لنا أكثر من فرصة لإيجاد ما يناسبنا منها؛ أن أُفرِق أولاً بين وجهين أساسيين لشخصية كلٍ منا، ألا وهما "الشخصية الطبيعية، الشخصية الاعتبارية" أو كما يعرفهما النص القانوني بـ "فلان بشخصه، فلان بصفته".
وبدايةً فإن الشخصية الطبيعية هي شخصية الفرد منا بسماته الشخصية وما يتمتع به من صفات وفروق فردية تميِّز كلٍ منا عن الآخر؛ في حين أن الشخصية الاعتبارية أو الصفة فهي مكانة الشخص في المجتمع ودوره العام والذي يرتفع بقدر ما تحمل شخصيته الاعتبارية أو صفته من مسئوليات وتبعاً لمدى حساسيتها في الارتباط بمصالح الدولة أو الأفراد.
لذا فلكل شخصية عامة وجهان الشخص الطبيعي، والذي لا يخص أحداً إلا صاحبه، كما لا يجوز التعرض له إلا في سياق ما حدده القانون وسمح به العرف، وجرت عليه القواعد الأخلاقية العامة؛ أما شخصيته الاعتبارية أو موقعه كمسئول فهذا ما يخضع لكل أشكال الرقابة والنقد بشكل عام وموضوعي ولا يجب التهاون فيه؛ حيث أن الشخصية الاعتبارية ليست ملكاً لصاحبها بقدر ما هي التزام وواجب تجاه من منحه إياها؛ فالوزير والحاكم ونائب الشعب وأصحاب القيادات العامة والمناصب الحزبية الرفيعة بصفاتهم وشخصياتهم الاعتبارية ليسوا آلهةً، وليسوا فوق النقد والرقابة والمحاسبة؛ فالديمقراطية تكفل للجميع حق محاسبة المسئولين إذا ما رأت منهم تقصيراًِ أو شططاً أو حتى عدم شفافية في عرض خططهم وهذا باتفاق الشرع والدين والدستور؛ لذا وجب على المشرع القانوني أن يراعي ذلك من خلال وضعه لوسائل التعرض للشخصيات الاعتبارية، حيث أن المسئول هو من عليه إثبات عدم صحة ما نُسب إليه وليس العكس.
فكلمة مسئول اشتقت من المسئولية، والمسئولية مصدرها السؤال، أي من يُسأل عن تحقيق ما كلفه به غيره من أداء مهمات معينة من شأنها مراعاة مصالح من كلفه؛ ولقد مضى عهد الاستبداد بالسلطة وإخضاع القانون لحماية المفسدين بحجة عدم توافر الأدلة والمستندات أو بطلان الإجراءات؛ فلقد قامت بمصر ثورة لتغيير كافة النظم والإجراءات البيروقراطية التي ظلت على مدى ثلاثين عاماً وأكثر تربة خصبة لرعاية الفساد ودعمه، وما دمنا سنعيد صياغة الدستور فلابد من إعادة النظر في صياغة بعض القوانين التي من شأنها ضياع الحقوق العامة وحماية المفسدين أكثر من محاسبتهم بدعاوى السب والقذف وما شابه ذلك؛ فلابد من النظر للموضوع بعين من الدراية والحكمة.