صور في الذكرى العاشرة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر

صور في الذكرى العاشرة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر

بقلم / جمال أبو لاشين:

ساعات قليلة تفصلنا عن الذكرى العاشرة للهجوم على المدن الأمريكية (نيويورك- واشنطن بنسلفانيا ) , والذي وقع بعد عصر يوم الثلاثاء الموافق 11/9/2001 . وأسفر عن انهيار برجي مانهاتن وتدمير جزء كبير من مقر وزارة الدفاع الأمريكية , ومقتل ما لا يقل عن 2500 مدني وعسكري , وقد تم الهجوم على رموز السيادة الأمريكية الاقتصادية والعسكرية بأربعة طائرات ركاب مدنية من طراز بوينغ 767 , 757 , وتبع هذا الحدث تغيرات وإرهاصات كبيرة على المستوى العالمي , بدأت باحتلال أفغانستان ومن ثم العراق , ودخل مصطلح الإرهاب القاموس السياسي الدولي , وظهرت شعارات جديدة تدور حول الحضارات والأديان .

في هذه المناسبة استحضرتني صورتين من الحياة الأمريكية تعبران وبتلقائية شديدة عما آلت إليه الأمور بعد هجمات 11 سبتمبر .

" الصورة الأولى " لسيدة أمريكية اقتربت من الصحفي والكاتب المصري / محمد حسنين هيكل وكان جالساً مع السفير البريطاني السابق لمصر السير ( مايكل وير ) في إحدى مطاعم العاصمة لندن وقد مضى على الهجمات قرابة الثلاثة أسابيع , وعند اقترابها منه صرخت فيه قائلة : " ليبارك الله أمريكا " فرد عليها مذهولاً " ليبارك الله أمريكا وكل الأوطان " فلم يعجبها جوابه , وصرخت بحدة "ليبارك الله أمريكا فقط , وليذهب الآخرون للجحيم "

أما الصورة الثانية فهي لشاب وفتاة أمريكيين أعمارهما في مقتبل العشرينات الفتاة تجندت في أفغانستان والشاب في العراق مع القوات المحتلة الأمريكية هناك , والاثنان تكلما بنفس اللغة وبنفس المفاهيم علماً أنهما لا يعرفان بعضهما البعض , وملخص حديثهما أنه لولا هجمات 11 سبتمبر التي أيقظت فيهما الشعور الوطني , ونبهتهما لوجود خطر خارجي سيطر على فكرهما وطريقة تنشئتهما فيما بعد , ففي ذلك الوقت كانوا أطفالاً , لما قدموا لأفغانستان أو العراق بعد سنوات طويلة من الهجوم والآن يخدمان في الجيش , وهم راضيان عن أنفسهما كل الرضي .

أمام تلك الصورتين , وهما نتائج للحدث الكبير نستطيع أن نستشعر مدى التأثير الحاصل في البنية الاجتماعية لبلد ناشئ كالولايات المتحدة الأمريكية , ومدى الشعور الوطني الذي ولده الحدث لبلد بلا حضارة قديمة يفتخر ويعتز بها بحيث مثلت تلك الهجمة رصيد جاهز للتعبئة الوطنية , مثلما حدث في هجوم الكاميكاز الياباني على ميناء بل هاربر أبان الحرب العالمية الثانية , وأدى بالمقابل لدخول أمريكا الحرب مع الحلفاء ضد دول المحور , وإلقائه القنابل النووية على هيروشيما وناغازاكي انتقاماً لما حدث في بل هاربر .

إن اهتزاز الصورة الأمريكية بالشكل الذي حدث في سبتمبر والخسائر المادية والبشرية التي لحقت بها , أوجبت رداً عملياً لا يهم مبرراً أم لا فالصورة الأمريكية كقوة أكبر في العالم وقائدة له يجب أن تبقى , والاحتقان الشعبي الأمريكي يجب إعادة توجيهه بما يخدم مصلحة الولايات المتحدة , وكانت سرعة الرد ملحة وضاغطة حتى لا تظهر أمريكا بمظهر المتردد أو العاجز .
فكانت الجنسيات المشاركة في الهجوم وغالبيتها من مصر والسعودية واليمن سبباً يكاد يبدو منطقياً للشعب الأمريكي وقتها للهجوم على العرب والمسلمين رغم ظلمه وإجحافه , ورغم كل التحليلات وقتها أن القاعدة وحدها لا ترقى لمثل هذا النوع من التخطيط والتنفيذ وأن ما حدث قد يكون خلفه دول قادرة وتملك قوة استخبارية لا يستهان بها , وأن المنفذين مجرد أداة إلا أن السرعة مطلوبة للرد , وعدم إنصات الأمريكان للأصوات الخافتة والمترددة بل والخائفة من وصفها بالمتواطئة دفعتهم لإخراج مخططاتهم السابقة من الأدراج , فكانت الحرب على أفغانستان واحتلالها , ودمر العراق وأحتل , وقد خرجت الولايات المتحدة من الحربين بتحالف عالمي ضد الإرهاب .

لقد كان للهجوم ثمن باهظ , زجت فيه إسرائيل والدعم الأمريكي لها كمبرر للهجمة , وهذا المبرر لم يكن ذي جدوى لا سيما وأنه دفع بتأييد أكبر من حزب المحافظين لإسرائيل , ولاقى تأييداً شعبياً في أمريكا , دفع إسرائيل بان تعرض على أمريكا خطف أسامة بن لادن وتسليمه لها , إلا أن الأمريكان رفضوا رغبة منهم في تأكيد قيادتهم للعالم وقدرتهم على الرد والتحرك في أي مكان وأي وقت , وهذا أغضب شارون وقتها لإحساسه أن أمريكا تريد إسرائيل أن تبقى خارج التحالف الدولي ضد الإرهاب , أو على الأقل ليس عنصراً ناشطاً فيه , في المقابل أطلقت يد إسرائيل قتلاً وتدميراً في الشعب الفلسطيني وتوقفت عملية السلام , وحوصر الرئيس أبو عمار بصمت عربي ودولي في المقاطعة برام الله , واستفادت إسرائيل من هذا الهجوم في وقت دفعت السلطة الفلسطينية ومن بعدها العرب والمسلمين ثمن السياسة الأمريكية المندفعة .

في نفس الوقت الذي كان فيه الهدف الظاهر هو " الحرب على الإرهاب " إلا أن الإسلام كان هو المقصود , وكان أن تهافت الكتاب على إصدار مؤلفاتهم بعناوين مختلفة كلها تدلل على نفس الفكرة وتوجه المواطن للهدف المطلوب وهو " الإسلام " ومنها كتاب للمؤلف دانيال بابيس تحت اسم " الإسلام المسلح يصل أمريكا " وظهر واضحاً كيف تدفع أمريكا وأوروبا معاً الفكر الإسلامي ليتوافق مع حضارة العولمة بالضغط السياسي والاقتصادي والعسكري , وظهرت مصطلحات مثل حوار الأديان , وحوار الحضارات , وبدلاً من كونها حوار أديان وحضارات أدت إلى حوارات داخلية بين المسلمين , وظهرت دعوات لتجديد الخطاب السياسي والديني , وحدث تضارب في الفتاوى في مفهوم العمليات الاستشهادية , بل تعدت ذلك لتصريح بتغيير المناهج الدراسية أعلنه برويز مشرف الرئيس الباكستاني السابق .

كل هذا لم يشفع للعرب والمسلمين فكان التصادم مع باكستان رغم تسهيلاتها في الحرب على أفغانستان , وتصريحات رئيسها , واضطربت الأحوال مع السعودية رغم أنها بلد استراتيجي بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية . وتعالت لغة الأمريكان مع العرب والمسلمين بالذات , وأصبحت لغة فوقية , ولأن التحالف الذي يقوده الناتو وأمريكا لجأ للغة العصا , ولم يترك أي مجال للحوار أو التفاهم بل كعادة الأمريكان يتخلون عن أصدقائهم في أي وقت لأنهم لا يعرفون إلا لغة المصلحة والتي حسب مفهومهم تتغير بتغير الوضع فصديق أمس ليس بالضرورة أن يظل صديق اليوم أو يمكن الاستغناء عنه بكل بساطة .

واليوم وبعد عقد من الزمن على تلك الأحداث , والتغيرات التي يشهدها العالم العربي في بنية النظام وانطلاق المزيد من الحريات والديمقراطية وبعد أن تيقن الأمريكان تورطهم في أفغانستان والعراق المحتلين ظلماً وعدواناً هذان البلدان اللذان قدما قرباناً على مذبح التفرد الأمريكي والهيمنة الأمريكية , ألم يحن الوقت الانتهاء من هذا الاحتلال البغيض , وألم يحن الوقت للفلسطينيين أن يشهدوا دولتهم المستقلة , ونحن شعب متحضر وقابل للحياة ولم يكره يوماً الشعب الأمريكي , بل كره السياسة الأمريكية المنحازة دوماً لإسرائيل , أليست ثمانية عشر عاما من المفاوضات كافية لتثبت خطأ بقاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية .

إن إسرائيل لم ولن تشبع من دمنا وأرضنا , وأثبتت بشكل قاطع أنها لا تريد السلام , والعالم كله يشهد ذلك بالصورة والصوت فلماذا اليوم تقف الولايات المتحدة أمام تطلعات الشعب الفلسطيني وهو الذي تنازل بشكل مؤلم عن 78% من مساحة فلسطين التاريخية ليبني دولته على ما تبقى منها , نأمل في هذه الذكرى المؤلمة أن تعي أمريكا دورها في قيادة العالم وتتجه نحو المزيد من حريات الشعوب تلك الحرية التي جعلتها ميزة لها في دستورها ,ونصبت لها تمثالاً ليشاهده الجميع , فنحن نريدها حرية تنهي الصراع , لا تمثال يحمل شعلة حرية لم نر نورها ونحن مقدمون على إعلان الدولة الفلسطينية في سبتمبر .

» لقناة البريطانية العاشرة الجندي الاسراييلي الاسير بريطاني الجنسية
» لقناة العاشرة: الجيش الإسرائيلي يستعد للمرحلة المقبلة ,
» الفلسطينيون يخططون لانتزاع أكبر اعترافات أوروبية بدولتهم قبل سبتمبر
» مسابقـــــة رمضـــــــان ، السؤال الحادي عشر 11 .
» الفلسطينيون يعلنون جاهزيتهم لاقامة الدولة في سبتمبر