كل عيد وأنتم أحرار

الكاتب: كل عيد وأنتم أحرار
/26-10-2011
يسقط علينا العيد كالحجر فوق جرح الذاكرة! ومع زقزقة الصباح نخرج كسرب نمل من حجراتنا المكتظة، للساحة المغلقة بأسوار وأسلاك شائكة، نلملم شظايا أحلامنا وآمالنا، ونصطف فوق سياط الجلاد، تحت سقف الإرادة الحرة بين يدي الله؛ في صلاة عيد مزوحمة بالأدعية وخالية من البهجة، أقرب ما تكون إلى صلاة الاستسقاء؛ طلباً من العلي القدير ومن ثم ممن بيده مسؤولية هذا الشعب المعطاء أن يمن علينا ببعض جرعات الحرية التي انقطعت غيمتها عن نائل وفخري البرغوثي، وأكرم منصور، وإبراهيم جابر، وفؤاد الرازم منذ أكثر من ثلاثين عاماً.
فمذاق العيد من خلف القضبان ممزوج بطعم القيد الذي يغسل بلونه القاتم، إجباراً لا اختياراً مشاعرنا الإنسانية والعاطفية، ويكبت فينا سليقة الأمومة والأبوة بقبضة الحرمان، ويخنق فطرة الحب! اللواتي ابتكرنا التعبير عنها بالإيماء والمراسلة؛ لا بلغة التواصل المباشرة، فعين السجان وأذنه تستبيحان كل مسافة حبل المودة، الممتدة بين كلماتنا المبعثرة وعروة الدلو الذي ينتشلها من أعماقنا.
يدنو الأسرى من العيد تحت وطأة الحرمان، وهم يتشاطرون الألم والأمل، فبمجرد نظرة خاطفة إلى وجوههم المنقوشة بلون الاشتياق، تُبحر فيك أشرعة عيونهم إلى خارج المكان والزمان؛ فكل واحد فيهم يقتات على ما تبقى له من رصيد الذاكرة، وللاستعاضة عما يرفرف في دواخلنا من حاجة لدفء العائلة، وضم الأهل والأحبة، نستعين بالتهاني والعناق والقبل، وكأننا اجتمعنا للتو واللحظة؛ ولا نساكن بعضنا البعض منذ سنوات طويلة. ومن بين ثكنة العصي وفوهات بنادق الغاز التي تحاصرنا ننتزع فرحة العيد المنقوصة، ومن ابتسامة نقاء محمد الصعيدي الشاحبة، وعيون هادي خيري أبورجيلة المرتبكة؛ الطفلان اللذان جردوهما من ملابسهما الصغيرة قبل أن يسمحا لهما بعناق والديهما لدقائق معدودة تحت حراسة مشددة، ومن دموع الطفل ناصر نادر أبوزيدية الذي أزاحته يد السجانة بهمجية بربرية عن بوابة تلك الدقائق بذريعة أنه لايمتلك تصريح دخول، نستجلب التحدي ومزيداً من الصمود.
فبالنسبة للأسير إسماعيل عارف، القادم من قرية ديرعمار الواقعة إلى الغرب من مدينة رام الله، والذي ودع والدته «شمعة» التي غادرتنا إلى دار الآخرة، بدموع الحسرة والفراق، خاصة وأنها لم تتمكن من زيارته نظراً لمرضها خلال السنوات العشر التي امتصها السجن من عمره، إلا مرة واحدة، حط العيد عليه زائراً ثقيلاً هذا العام، وروحه المتلظية مُتلعه إلى الوراء بواحد وأربعين عاماً انقضت من عمره؛ كانت أمه تلازمه خلالها وتطل عليه برعايتها كشفير الوادي، وفي صباح العيد قال لي: أتعرف يا صديقي؟ أمي ماتت وعمرها واحد وثمانون عاماً، وهذا هو العيد الواحد والثمانين الذي أعيشه منذ أنجبتني، اليوم انطفأ من عمري واحد وثمانين شمعة!
أما الأسير راتب حريبات من مدينة «دورا» جنوب محافظة الخليل، والذي فقد والدّيه خلال السنوات الماضية، فيرى العيد في السجن غريماً أربد لروح الأسير، فبمجرد أن يسمع تكبيرة العيد الأولى، تهرب منه روحه المتمردة، لترابط في أيام طفولته الجميلة، في كنف أسرته المتحابة، وتجوب شوارع وأزقة «دورا»، وتطوف في روابيها وتلالها الدارفة، وبعد أن ينتابه هذا الشعور، ومتى يسترجع روحه من عزلتها الجميلة، يعّول على عزيمة الأصدقاء الذين يبلسمون بآلامهم آلامه.
فلا يتعجب أحد إذا ما نقلت لكم صورة الحالة الإنسانية التي يعيشها الأسرى، أو المشاعر التي تعتريهم في هكذا مناسبات اجتماعية، فصورة البطولة والتضحية التي تلازمهم يجب أن لاتلغي أو تنسي المجتمع الخاصية الإنسانية لحياة الأسير وذويه، فعيسى جبارين ابن مدينة رام الله، يقول: منذ دخولي السجن أودعت الفرحة برمتها، وليس العيد فقط، في ثلاجة التجميد، ولايمكن أن يذيب ما تراكم عليها من جليد غير شفتاي تلثمان جبهتي وأيادي والدّي الطاهرة، فحرارة الأمومة والأبوة المباشرة، وليس من وراء الزجاج، كفيلة بإعادة إنعاش وإحياء كل ما ترهل من مشاعرنا المكبلة!.
غير أن ريح الوجع التي تحرك الغصة الملتصقة في جوف مؤيد جرادات منذ اختطفه السجن في قرية «زنوبا» المستلقية على الذراع الشمالي الغربي لمدينة جنين، وسلب منه الموت والدّيه، تقترن بأحاسيسه المرهفة، المعلقة فوق أهداب عينيه كملابس الأطفال على حبال الغسيل؛ المعذبة بدموع الفراق، فبالنسبة له فرحة العيد مرتبطة ارتباطاً عضوياً بفرحة الصغار، والتحضيرات التي تسبق هذه المناسبة من مرافقة آبائهم وأمهاتهم لهم إلى السوق لشراء ملابس العيد وألعابه، هي الجزء الأكثر أهمية من اليوم نفسه، لأنها تبقى محفورة في ذاكرتهم، كيف لا، وهي التي تشكل أحلامهم الصغيرة، واليوم يغتصب السجن من ذاكرة آلاف الأطفال الفلسطينيين هذه الذكريات الجميلة، وبصراحة، هذا أكثر ما يدمي القلب ويدمع العين، فإن كنت أستشعر هذه الأوجاع من معرفتي للآباء، فكيف إذاً ستكون حالة الأبناء؟!.
إن الكتابة حول هذه النماذج القليلة، تسعى إلى تسليط الضوء ولو قليلاً على هذا الجانب الإنساني المعتم من حياة الأسرى، والذي قلما يتم التطرق إليه عبر وسائل الإعلام المزدحمة بالبطولات بعيداً عن الأنسنة، ومع ذلك تبقى بوصلة الأسرى واضحة الاتجاه والوجهة، ومدركة أن شهوة الإحتلال ستبقى مفتوحة على إلتهام سعادتنا ما دام حياً، وأبسط تفاعلاتنا الإنسانية لن يكتمل فرحها إلا بموته، ومشوار نصرنا لن يتكلل بالنجاح إلا ببذل المزيد من الصمود والنضال والتضحيات، وحتى ذلك الحين لايتبادل الأسرى مع ذويهم وشعبهم وبين أنفسهم التهاني إلا بكل عيد وأنتم أحرار.

سجن رامون الصحراوي.

تألق وأبداع الدولة : الاردن

السلام عليكم يا هيفاء
ذاكره عيد مؤلمه وغطرسة كيان صهيوني حقير
في العيد تستيقظ جرعات الحنين ولا تهدأ أمواج الشوق ولا تنطفئ
فرج الله كرب اسرانا واعانهم واعادهم لنا ولاسرهم وذويهم سالمين
كل عام وانتم و اسرانا الابطال بخير
اللهم فك اسرهم عاجلا غير اجل اللهم امين

عضو نشيط الدولة : فلسطين

من يمتلك الحرية والإباء والعزة والكلمات تخترق القلب والعقل معا” لتذكرنا أن فلسطين هي بلد الأحرار الصادقين الذين صدقوا ماعاهدوا الله عليه نسأل الله لكم العزة والرفعة والتمكين في الأرض وقبلها توحيد الكلمة وجمع الصف

» نداء إلى أحرار العالم بكل اللغات
» الدوايمة / مباركة ثورتكم التي اعلنت انكم أحرار أيها الأسرى
» كل عام وأنتم بألف خير
» كل عام وأنتم بألف خير
» كل عام وأنتم بخير بمناسبة حلول شهر رمضان