التضامن مع الأقصى

خبروني أنهم سرقوا من التاريخ
يوماً محزون
ليهاجروا فيه إليك
وهم عن تأخير رحلتهم يعتذرون
أتوك يا قدس
فكفّي عتاباً
وأسقطي دعواك ضد صمتهم
هاهم اليوم
مع قضيتك
وبسقوط أهلك يتضامنون
وقد أعلنوا لأهل الأرض
أنهم بصمو د أهلك يتشرّفون
أو لعلهم
من ذلك الصمود يغارون
ألا ترين .. كيف هم
بسقوط أهلك اليوم
يحتفلون؟!

يا قدس ..

سمعت
وقد وافاني بالأنباء المراسلون
أنهم يسافرون إلبك
أتوك بالهدايا محمّلون
وأغلى هداياهم إليك
دمعاً تعتّق في العيون
واليوم ..
كرماً منهم .. بغزيره عليك يجودون
دمعاً .. يحرق مآقيهم
كما احترق أقصاك ..
وهم عنه في غمرةٍ ساهون

يا قدس .. بشراك
أبشري يا قدس
قد وعدوا أنفسهم بالبكاء عليك
هم .. وأموالهم .. والبنون

يا قدس ..

أنا قرأت على جدول أعمالهم
إذ أقسموا بالله جهد أيمانهم
أنهم لا بد .. لا بد فاعلون

على ذلك الوعد أبرموا اتفاقاً
وما اختلافهم إلاّ ..
على أي شيء ٍ بالبكاء عليك يبدؤون ؟!
على أقصاك ..
وتدنيسه الذي صار يغازل أحلام شارون؟!
على الشهداء
وسيل الدماء
أم تراهم ..
على الخرائب بالبكاء .. سيبدؤون؟!

وكأني يا قدس بهم
يتشاورون
وصوت أحدهم يرتفع
فلنبدأ النحيب على حجارة
صنعت للتاريخ
أشهى حضارة
ما رأيكم؟!
أتوافقون؟!
وينقسم على أنفسهم المحتفلون
فالبعض منهم موافقون
و البعض .. شاجبون
وقليلٌ .. قليلٌ منهم
مستنكرون

ويعترض مستنكرهم
أنا .. لن أبكي حجارة
مالكم يا قوم ..
ألا تعقلون ؟!
ألا ساء ما تحكمون.

و أعود إليك يا قدس
وسامحني لجرأتي..
اتركيني أسألك سؤالي المجنون
علام يا قدس صمتك والوجوم؟!
لم لا ترحمي حيرة دموعهم
ما أقساكِ..
قولي لهم .. على أي شيء
بالبكاء عليك يبدؤون؟!
لعل الجمع على اختيارك يوافقون.

ما رأيك يا قدس..
لو يبدأوا بأطفالك ..
الذين هم بطفولتهم زاهدون
ومن أرحام أمهاتهم
كل يوم ..
إنذاراً لحلفاء الشيطان يرسلون
أنهم قادمون.
لكنهم.
من قبل المخاض في أرحام أمهاتهم
على القتال يتدربون
لئلا يضيعوا الوقت..
فيولدوا في ساحاتك..
رجالاً يجاهدون..

أطفالك يا قدس
الذين انتفضوا ..
وبانتفاضتهم ..
صار بنو إسرائيل ..
رعباً ينتفضون.

أطفالك يا قدس ..
الذين لقنوا الرجولة درساً
حتى نكست الرجولة رأسها
وتمتمت لرجالها..
أيها الرجال
أظننا بالرجولة جاهلون

يا قدس .. ارحميهم
بالله..
أشيري عليهم ..
أن يبدؤوا بالبكاء ..
عند احتراق آخر أغصان الزيتون

يا قدس ..

هم دعوني لاحتفالهم..
لأقول فيكِ قصيدتي
و أعلم يقيناً
أنهم بدعواهم
يتربصون بي ريب المنون.

يا قدس ..

أي القصائد ترضيك؟!
فأرميها على أعتابك..
وقد سيّسوكِ
و أنا امرأة
لا تفهم بالسياسة
ولم أدرس لأجل عينيك القانون!!

يا قدس ..

أأبوح بما لك عندي
وتعلمين من أنت عندي
وكيف أني بكيتك
من قبل أن يبكون!!

يا قدس ..

إني لأستحي منك
أن تقولي في نفسكِ
قالت ليلى قصيدتها..
من جرحي..
ليصفقوا .. ولينهال عليها المعجبون
فتجحدي يا قدس دمعاً نزفته
عند أول رصاصةٍ أصابتك
وبعض الرفاق من دمعي يسخرون
قبل الانتفاضة بألف ألف يوم
يوم بعضهم في سباتٍ عنك
غافلون

يا قدس.

حبك لن يكون شعراً أصوغه
وقد سمعت يوماً أنينك
إذ همستِ
تباً للشعراء
تباً لما يسرّون وما يعلنون
تباً لأقلامهم وما يسطرون
يوم يا قدس قلتِ
أنا لا أقتات حباً جباناً
يذرف الدمع علي
من أحداقٍ تخون
وقد ذقت في ليلةٍ
وطء رسول الله لأرضي
فأقمت لإسرائه عرساً
و رحت .. أقبّل وطء أقدامه
حتى غدا التراب عليّ حنون

يا قدس ..

أذكر قولك إذ ناديت:
يا معشر الشعراء
يا أصحاب المقفّى والموزون
يا أمة الضاد
اهترأت الضاد وانتم بها تلوكون
أبالقصائد عليّ تزايدون ؟!
وبأبياتٍ من الشعر
تبيعون الأقصى وتشترون ؟!

يا معشر الشعراء
أي خيرٍ أرجوه منكم
وقد أنزل الله
أنكم تقولون ما لا تفعلون
وكم كبر عند الله مقتاً
أن تقولوا ما لا تفعلون

يا قدس ..

ختام القول أني
بعتابك أستحي منكِ
وبظنّك يا قدس فيّ
أستحي منك
دموعي .. آدميتي تستحي منكِ
حنيني للسجود بساحاتك
يستحي منكِ
قلمي .. قصيدي يستحيان منكِ
وبحيائي .. لن أبيع جرحك المدفون
و أقصاكِ .. بقصيدةٍ تخطها يدي
لن يهون
حبيبتي ..
اطمئني
أنا .. لن أقول فيكِ
مثلما الشعراء يقولون