من أيام رمضان في فلسطين

مشرف سابق

من أيام رمضان .. في فلسطين
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

عشية العبور العربي على محوري قناة السويس على الجبهة المصرية والقنيطرة على الجبهة السورية، أصدر موشي ديان تصريحا موجها للصحافة الغربية مفاده أن الهجوم العربي الذي نفذ في عيد الغفران اليهودي لا ينم فقط عن سوء النية ولكنه ينم عن سوء الخلق أيضا، هذا التصريح لم يكن يساوي شيئا عند العرب ليس إقرارا منهم بالتهمة الوقحة التي وجهها ديان، ولكن لأن الذاكرة العربية كانت ما زالت تحتفظ بندبة غائرة في تكوينها، صفعة كبيرة للإنسانية تقدم موشي ديان نفسه ليسددها بفجور سافر لكل الأخلاقيات الإنسانية، هذه الندبة ضمن كثيرات غيرها تعود لحرب 1948 التي أسميت بحرب الاستقلال عند الإسرائيليين وبالنكبة في الأدبيات العربية، فبعد إعلان قيام دولة إسرائيل بأقل من شهرين وفي عملية لتطهير الأراضي العربية من سكانها تقدمت فرقة كوماندوز اسرائيلية تحت تغطية كثيفة من المدفعية تجاه مدينة اللد، قائد هذه الفرقة كان ضابطا يدعى موشي ديان أصبح لاحقا رمزا للعسكرية الإسرائيلية بعد حرب 1967، وبقيت صورته وهو يتوعد ويهدد بعينه المعصوبة كقرصان في ذاكرة أجيال عربية متتالية.

لم يتعاطف العرب مع ديان لأنه ببساطة كان يمارس الكذب والمغالطة بفجاجة، فكان أولى به أن يتعاطف ويحترم الشعائر الدينية لشهر رمضان الذي كان يدخل في ليلته الخامسة مع تقدم القوات الإسرائيلية، وقتها كانت تحتاج طموحات ديان للترقي في الجيش الإسرائيلي أن يسجل مجازر خاصة به كما سجلها في الشهور التي سبقت إعلان دولة إسرائيل زملاؤه في عصابات الهاجانا والأرجون وشتيرن، وكان الحادي عشر من تموز 1948 هو اليوم المنشود لديان ليغذي هذه الطموحات بالدماء العربية التي أريقت دون حساب على أرض مدينة اللد.

كانت اللد المدينة العربية المركزية استراتيجيا في جنوب الدولة الإسرائيلية، وكان يشغلها قرابة السبعين ألف عربي، معظمهم من اللاجئين الذين هربوا إليها من يافا، والمهمة كانت عملا إرهابيا يروع السكان ويجبرهم على الرحيل، لا توجد خطة عسكرية ولا أهداف واضحة، فقط ممارسة السادية والوحشية بالصورة التي تسهم في بناء أسطورة جيش الدفاع الإسرائيلي التي تحطمت لاحقا على صخرة الغرور والثقة الزائدة لديان نفسه، تفاجأ السكان في مساء ذلك اليوم بقذائف المدفعية تتهاوى على المدينة بينما يستعد أهلها لاستكمال طقوس شهر رمضان في يومه الخامس، وفي ردة فعل عفوية التجأ المئات من أهالي البلدة إلى مسجد دهمش، فبيت الله له مكانة خاصة في قلوب المسلمين وخاصة في شهر رمضان حيث يتحول إلى موئل لكثير من الطقوس الدينية والاجتماعية، هذه المعلومات كان يعرفها ديان المتخصص في التاريخ والذي يمتلك معرفة قوية بحياة المسلمين وعاداتهم، ولذلك توجه مع مجموعة كبيرة من جنوده لتطويق المسجد، وفي الوقت نفسه انطلقت مكبرات الصوت لأهالي المدينة تطالبهم ليس فقط بالرحيل، ولكن بالتخفف من كل متعلقاتهم الشخصية وتسلميها إلى الجنود الإسرائيليين، لم تظهر أي مقاومة فعلية من المسجد، ففكرة المقاومة من العزل المجردين من السلاح لم تكن معقولة أمام جيش مجهز بكافة الإسلحة القتالية، كانت أرواحهم معلقة في حديثها الأخير مع السماء، وكانوا يعرفون من خبرتهم بالمجازر الإسرائيلية أنهم ملاقوا ربهم في قليل من الوقت.
بالفعل اقتحمت القوات الإسرائيلية للمسجد وارتكبت فيه مجزرة حصدت أرواح أكثر من مائة من أهالي اللد، هذه الخطوة البشعة المنافية لكل التقاليد والأعراف لم تكن كافية، يمكن أيضا أن ينطلق الجنود في الشوارع لقتل الشباب واصطياد البعض إلى الساحة واستكمال المجزرة وحصد بضعة مئات آخرى من القتلى، بعد بضعة ساعات دخل اسم موشي دايان إلى قائمة الرعب الإسرائيلية التي كان يتنافس في الوصول إليها مئات من الضباط الطامحين، وكانت الطريقة معروفة وبسيطة فقط قتل أكبر عدد ممكن من العرب.

لم يكن هذا اليوم هو النهاية بالنسبة لسكان اللد، فالكثيرون أيضا لم تذكرهم سجلات المجزرة لأنهم سقطوا في مشوار طويل من العذاب دون ماء أو طعام في طريقهم إلى رام الله، المجازر الإسرائيلية متشابهة فقط يكون الخلاف حول عدد القتلى فبينما تذكر بعض المصادر أن عدد ضحايا مجزرة اللد وصل إلى أكثر من أربعمائة تؤكد أخرى أنهم تعدوا سبعمائة، بينما تسجل المصادر الإسرائيلية أنهم كانوا حوالي مائتين وخمسين، وعلى كل حال فإن من رحلوا في اللد حظيوا بشرف الشهادة وعلى الأقل لم يسمعوا ديان وهو يلقي الدروس في الأخلاق والشرف.

بطبيعة الحال لم تتمكن أي هيئة دولية أو جهة رسمية من الدخول إلى اللد لمعاينة المجزرة وتوثيقها، فقط وكأي مجزرة أخرى ساوت القوات الإسرائيلية الأرض ببعض الجثث بينما تركت الجثث الأخرى في الهواء طعاما للطيور والزواحف.

استطاعت قوات العصابات الإسرائيلية أن تقتل المئات من الفلسطينيين قبل إعلان دولة إسرائيل في الخامس عشر من أيار 1948بهدف تخويف الفلسطينيين من المقاومة، وبعد ذلك اليوم بدأت المجازر التطهيرية التي كانت أكثر عنفا وضراوة، فاسرائيل لم تكن تبحث عن مكان تحت الشمس ولم تكن تريد مكانا آمنا لليهود في كل أنحاء العالم، ولكنها كانت تريد أن تأخذ الأرض وأن تبيد أهلها لتسوق بعد ذلك أسطورة أرض بلا شعب لشعب بلا أرض التي وجهت أيضا إلى العالم الغربي، فالعرب كانوا يعرفون تلك الأرض ويعيشون فيها منذ سنوات طويلة وليس من الوارد أن يصدقوا تلك الأوهام.

مجازر الإبادة بعد 15/5/1948

هذا سجل ببعض المجازر الكبيرة ذلك أن المجازر الصغيرة كانت تسلية يومية لجنود الإحتلال ولم تعد جديرة بالذكر أمام إنجازاتهم الكبرى في القتل، وهذه بعض المجازر الكبيرة التي سجلها المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات.

مجزرة بيت دارس 21/05/1948

وصلت قوة صهيونية معززة بالمصفحات، إلى قرية بيت داراس وطوقتها لمنع وصول النجدات إليها، ثم بدأت تقصفها بنيران المدفعية والهاونات بغزارة كبيرة، فشعر أهل القرية. بحرج الموقف وقرروا الصمود والدفاع عن منازلهم مهما كلف الأمر، لذلك فقد طلبوا من النساء والأطفال والشيوخ مغادرة القرية بهدف تخفيف الخسائر بين العزل، وتحرك هؤلاء عبر الجانب الجنوبي من القرية، ولم يكونوا على علم بأن القرية مطوقة من مختلف الجهات، لذلك فما أن بلغوا مشارف القرية الخارجية حتى تصدى لهم الصهاينة بالنيران، رغم كونهم نساء وأطفالا وشيوخا عزل، وكانت حصيلة المجزرة 260 شهيدا.

مجزرة الطنطورة 22/05/1948

بسقوط القرية في يد الجيش الإسرائيلي، انهمك الجنود لعدة ساعات في مطادرة دموية في الشوارع، وبعد ذلك أخذوا يطلقون النار بصورة مركزة على السكان، وفي المقبرة التي دفنت فيها جثث الضحايا والذين وصل عددهم 200 أقيمت لاحقا ساحة لوقوف السيارات كمرفق لشاطئ مستعمرة دور على البحر المتوسط جنوب حيفا.

مجزرة الرملة 01/06/1948

خير الضباط الصهاينة أهالي مدينة الرملة بين النزوح من المدينة أو السجن الجماعي، وكان ذلك بمثابة خدعة تمكنوا خلالها من قتل الكثيرين من أهالي المدينة، وقد ألقى القتلة بجثث الضحايا على الطريق العام الرملة ـ اللد، ولم يبق في مدينة الرملة بعد هذه المجزرة سوى 25 عائلة.

مجزرة جمزو 09/07/1948

تقدمت قوة من لواء يفتاح التابع للجيش الإسرائيلي وانقسمت إلى قسمين: أحدهما توجه نحو الجنوب واحتل قرية عنابة ثم احتلت قرية جمزو بعد ذلك بقليل وطردوا أهلها، وكان القتلة يطلقون النار عليهم وهم هاربون فاستشهد منهم 10 أشخاص.

مجزرة الدوايمة 29/10/1948

هاجمت كتيبة من منظمة ليحي الإرهابية يقودها موشي ديان القرية ثم بدأت تفتيش المنازل وإطلاق النار على سكانها، وقد أبيدت عائلات بأكملها في المجزرة التي أسفرت عن مقتل 200 من الذكور والنساء والأطفال.

مجزرة الحولة 30/10/1948

احتلت فرقة كرميلي التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي القرية وجمعت حوالي 70 فلسطينيا مواطنا من الذين ظلوا في القرية وأطلقت عليهم النار.

مجزرة الصفصاف 30/12/1948

دخلت العصابات الصهيونية إلى القرية وأخذت 52 رجلا من أهلها ثم اطلقوا عليهم النار، فاستشهد منهم عشرة، وقد ناشدتهم النساء الرحمة، ثم وقعت ثلاثة حوادث اغتصاب، وقتلوا أربع فتيات آخريات.

» دعاء لكل يوم من أيام رمضان
» رمضان في فلسطين
» فلسطين المحاصرة تستقبل رمضان
» الدوايمة / رمضان في فلسطين الحبيبة
» رمضان في فلسطين: الفقر يسلب الفرحة