عمار وعمرو.. ماذا عن «القطبة» المخفية؟

مشرف سابق

عمار وعمرو.. ماذا عن «القطبة» المخفية؟

بقلم :- الكاتب محمد خروب

هل ثمة علاقة ما، تجمع ما بين ''العراقي'' عمار الحكيم و''الفلسطيني'' نبيل عمرو.. أم أن لا صلة بينهما وأن الصدفة وحدها دفعت بهما الى واجهة الاحداث في بلدين يعيشان مأساة الاحتلال وفقدان البوصلة من قبل القيادات التي هيمنت على القرار الوطني، وباتت رهينة لمعادلات وحسابات لا دور لها في تحديدها، بل انها تـفرض عليها وليس من خيار أمام هذه القيادات، التي يمكن للمرء أن يرفض وصفها بأنها تاريخية أو صانعة للتاريخ، لكن رغم ذلك موجودة بحكم الواقع أو بارادة المحتل وهنا تكمن المفارقة، سوى التنفيذ؟..

العراقي عمار الحكيم غدا رئيسا للمجلس الاسلامي الاعلى العراقي بفعل ''وصية'' والده التي تلاها خلال تشييع جثمانه في مدينة النجف.. هذا الشاب الذي يستعد لعبور عقده الرابع ''ورث'' والده في موقعه، تماما كما كان الأب قد خلف شقيقه في رئاسة حزب كبير يمكن القول أنه الحزب الاكبر في الوسط الشيعي (ما دام الحديث في الشأن العراقي محكوما بالطائفية والمذهبية على قاعدة المحاصصة والتحالفات المعروفة التي كرسها الاحتلال في المشهد العراقي)..

حال الحزب ومعظم العمل الحزبي في العالم العربي، كما هي حال المزرعة، لصاحبها أن يفعل ما يشاء وقت يشاء وكيفما يشاء، وعلى الجميع الطاعة والتنفيذ ولا مكان للاحتجاج أو الرفض، وليس هناك شيء اسمه ثقافة الحوار أو حق الاعتراض..

كتب الزعيم ''عبدالعزيز'' الذي لم يسعفه الحظ للتحول الى ''مرشد روحي'' للمجلس الاعلى، بعد أن اشتد مرضه عليه وظن أن لديه فسحة من الوقت لتأهيل نجله الاكبر، وصية لا يعلم أحد ان كان كتبها قبل تدهور صحته بوقت قصير أم أنه احتاط مبكرا من عاديات الزمن وتآمر الاقربين، فقام بتدبيجها منذ وقت طويل حتى يضمن بقاء ''المزرعة'' في عهدة آل الحكيم والى أن يشتد عود عمار الذي سيكون بمقدوره هو الآخر توريث الزعامة لأحد ابنائه ؟ هذا اذا ضمن ولاء كوادر وقادة الجناح العسكري للمجلس الاعلى (منظمة بدر)، ورهط الذين رفضوا مبكرا فكرة التوريث في العمل الحزبي لكنهم فيما يبدو خسروا الجولة الراهنة، بعد أن انحاز هادي العامري قائد منظمة بدر لعمار الحكيم..

عمار الحكيم بعض تجليات المشهد العربي الراهن، الابن الشرعي للقرن الجديد الذي عبره العرب في اسوأ ظروف انحطاطهم وخنوعهم، عندما أخذت فكرة التوريث طريقها الى الجمهوريات العربية، منها من نجح ومنها من هو على الطريق ومنها من ينتظر نضوج الابناء والاحفاد..

لكن الحال الفلسطينية لا تختلف كثيرا عما يجري على ''الساحات'' العربية من تكريس لعملية التوريث التي غدت ركنا ثابتا من المشهد الراهن، على نحو بات بمقدور المراقب الاجنبي (دع عنك العربي الذي لا يتقن المراقبة أو غير راغب بها) مشاهدة مثل هذا الاداء الرديء على مختلف مناحي الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية في العالم العربي (هل ثمة مصطلح كهذا ما يزال متداولا؟)، زاد من ثقل تداعياته هذا اليأس والاحباط الذي نجحت معظم الانظمة العربية بزرعه في صفوف الجمهور العربي بطرق عديدة، تبدأ بالمساومة على لقمة العيش وفرصة العمل ولا تنتهي عند القمع والاعتقال والتغييب والاقدام على أبشع انتهاكات حقوق الانسان، ما وضع الجمهور العربي في دائرة التحييد أو التغييب أو استخدامه ''كتلة بشرية'' يمكن تحريكها عند الضرورة..

حدث هذا في المؤتمر السادس لحركة فتح الذي انتهى للتو في مدينة بيت لحم الفلسطينية المحتلة، ما انتج حركة جديدة لا تشبه تلك الحركة التي كانت قبل ذلك اليوم، الذي دخل التاريخ الفلسطيني المعاصر من أوسع أبوابه (الرابع من آب 2009) لأن مرحلة ما بعد المؤتمر السادس فتحاويا وفلسطينيا ليست ما قبلها، ومحمود عباس الذي لم يكن قد انتخب رئيسا للحركة بالتصفيق ورفع الايدي وليس عبر صناديق الاقتراع، ليس هو ما قبله والتحالفات التي كانت قائمة داخل ''معسكرات'' فتح قبل ذلك التاريخ، لم تعد موجودة، بل هي تداعت وتصدعت وقامت على انقاضها معادلات واصطفافات اخرى، هي التي دفعت بشخص مثل نبيل عمرو (وهنا نتحدث عن الشخصية الثانية في هذه العجالة) الى وصف حليفه محمود عباس بأنه ''رمز للطغاة في العالم الثالث''..

فما الذي جرى كي يقول نبيل عمرو ما قاله بحق الذي تحالف معه ضد ياسر عرفات، وعمل لديه منظـرا ورجل علاقات عامة (قبل وبعد أن صار وزيرا للاعلام في حكومة عباس) وهو الذي ''ظهر'' صورة عباس وأسهم في تعريف الجمهور الفلسطيني بهذه الشخصية، التي كانت على الدوام تتجنب الظهور على الملأ بفعل العقلية النخبوية التي تحكم خطواتها وعدم ايمانها بالعمل الجماهيري والميداني.. بل ان نبيل عمرو هو فيلسوف السلطة ومنظـرها الاعلامي، وهو الذي قاد أو أقنع عباس بضرورة التصدي لحماس اعلاميا ما يستدعي العمل في سرعة على اشهار فضائية جديدة لحركة فتح، احتاروا في البداية في اختيار اسم لها مثل فتح، أو العاصفة ثم استقروا على اسم ''الفلسطينية'' وواصل عمرو الظهور على شاشاتها خلال ساعات بثها التجريبي، مشيدا بعباس ومشروعه ''السلمي'' وتنوره مقارنة بظلامية حماس والتواءاتها وغموض مواقفها السياسية، وبخاصة بعد الانقلاب العسكري الذي قادته قبل عامين في غزة..

سقط عباس في الامتحان لدى نبيل عمرو، أو أن الاخير هو الذي أسقط في انتخابات اللجنة المركزية، محتلا موقعا متأخرا في قائمة الخاسرين، جن جنون الرجل الذي ظن أن عباس لن يقبل هزيمته وسيقدم له جائزة ترضية اقلها عضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، على ما فعل عباس مع احمد قريع الذي هدد بالانشقاق وفضح ما هو مخفي (ولديه الكثير فهو الشريك في اوسلو).. لكن أمل عمرو خاب، فليس ؟ فيما يبدو ؟ لدى ''عمرو'' ما يحرج عباس.. زد على ذلك أن معسكر دحلان جاهز وتحت الطلب للدفاع عن خيارات الرئيس ومشروعه السياسي..

خرج نبيل عمرو اذا من المولد بلا حمص، أما عمار الحكيم فيبدو الان وقد اجتاز اختبار الوراثة.. فهل الايام المقبلة مضمونة للذين يجلسون الان في مقاعد المنتصرين؟.

لا بد من الانتظار..

» على ماذا اختلفوا على ماذا يتصالحون؟! رشاد أبو شاور
» كوفية أبو عمار
» الدوايمة / ماذا يريد اليهود ... ماذا كتب اليهود انفسهم
» ثمّ ماذا بعد الخطاب؟!
» فيديو نادر للقائد الشهيد ابو عمار في اليمن 1988 ( دبكة)