قصة مهداة إلى كل الأطفال الشهداء
حسناء فتاة صغيرة لم يكد عمرها يتجاوز الخمس سنوات، هي أصغر أبناء أهلها، يحبها الجميع لوداعتها وجمالها وهدوئها، عيناها صافيتان يكاد المرء يرى البحر فيهما لعمقهما وجمالهما.
كانت حسناء تلعب بدميتها أمام باب بيتها في إحدى قرى الضفة الغربية المحتلة عندما رأت امرأة شابة تقترب منها وتبتسم لها، أحبتها حسناء دون أن تعرفها وأحست أنها قريبة
سلمت الشابة وقالت لها:
- مرحباً يا صغيرتي كيف حالك؟.
- الحمد لله أنا اسمي حسناء.
- أعرف ذلك يا حبيبتي وهل من لا يعرف اسم أجمل طفلة في القرية.
- أنت أيضاً جميلة يا خالة هل تودين اللعب معي؟.
- لم لا؟ فأنا لم ألعب منذ سنين.
جلست الفتاتان تلعبان بالدمى عندما سألت حسناء الفتاة الشابة مرة أخرى.
- هل أنت من هذه القرية؟.
- لا ولكني من هذه الأرض وكل قرية وبلدة فيها هي وطني.
- أمي تقول عن أرضنا أنها محتلة ولكنها ستعود لنا حتماً.
- دون أدنى شك يا صغيرتي دون أدنى شك.
- أمي تقول أن المجاهدين والمناضلين هم من سيعيد فلسطين إلينا بعد أن احتلها الصهاينة، كم كنت أتمنى أن أكون ولداً كي أصبح فدائية عندما أكبر .
- ومن قال لك أن الجهاد والنضال مقصور على الرجال؟ للنساء دور في تحرير الأرض مثلهم مثل الرجال.
- نعم أمي تحدثني دوماً عن الشهيدة دلال المغربي وبطولتها.
- حقاً؟ وماذا قالت لك؟ أخبريني.
- قالت إنها فتاة جميلة من فلسطين لم يتجاوز عمرها العشرين لم ترضَ بالظلم فذهبت إلى فلسطين مع مجموعة من الفدائيين وقاتلوا الصهاينة حتى استشهدوا.
- صحيح يا حبيبتي صحيح.
- وقالت أمي أن المجرم باراك شد جثتها من شعرها أمام المصورين كي يتباهى بقتلها.
- حدث ذلك يا حبيبتي.
وهنا وضعت الفتاة الشابة يدها على رأسها ولاحظت حسناء لأول مرة أن جزءاً كبيراً من رأسها لا يغطيه الشعر وكأنه اقتلع بقوة فسألت ببراءة:
- ما الذي حدث لشعرك يا خالة؟.
- لا شيء يا حبيبتي أكملي قصتك.
- وقالت أمي أن الصهاينة حبسوا جثتها عشرات السنين ومنعوا أهلها من دفنها بما يليق بها من شدة حقدهم عليها وكرههم لها.
- أو ربما يخافون منها ميتة أكثر مما يخافون منها حية.
- ربما لا أدري لم تقل أمي شيئاً عن ذلك .
- لا عليك يا حبيبتي فقد تحررت دلال بهمم الرجال وعادت جثتها إلى أهلها وغلبت الصهاينة مرتين مرة بحياتها ومرة بموتها.
- أريدك أن تأتي معي إلى البيت كي تراك أمي.
بدأ الحزن على وجه الفتاة الشابة وقالت:
- أخشى أن ذلك غير ممكن يا صغيرتي بل أنت من سيأتي معي .
- إلى أين؟ .
- إلى مكان جميل لا فيه صريخ ولا عويل ولا ترين فيه جنود الأعداء يدنسون أرض فلسطين بالبساطيل.
- من أنت؟ وما اسمك؟ .
- أنا يا حبيبتي دلال التي حدثتك أمك عني جئت كي أكون رفيقة دربك في طريقنا إلى جنات الخلد حيث الشهداء والأبرار.
- ولكنك ميتة.
- نعم وأنت كذلك يا حبيبتي.
- كيف؟.
- انظري خلفك.
استدارت حسناء ونظرت فرأت عتبة البيت وقد أصابتها قذيفة مدفع دمرت العتبة ونصف البيت قد انهدم، وأهلها يصرخون ويبكون على جسدها الصغير المقطع الأوصال.
قالت حسناء لدلال:
- أنا خائفة.
- لا تخافي يا حبيبتي فالشهداء هم الأعلون ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون وأنت بطلة يا حسناء فقد سبقتيني بالشهادة، أنا استشهدت بنت عشرين وأنت شهيدة وأنت بنت 5 سنين.
- هل لنا عودة؟.
- بالتأكيد ولكن ليس بأجسادنا ولكن ستشهد أرواحنا يوم النصر ويوم عودة الأرض وسنراهم مندحرين وإلى حيث جاءوا عائدين.
فلنذهب فعشرات من الأطفال بانتظارك لتلعبي معهم من العراق وفلسطين ولبنان وكل مكان طالته يد بني صهيون والأمريكان.
مدت حسناء يدها إلى دلال وذهبت معها وهي تضحك ضحكتها الساحرة.