عمر القاسم (مانديلا فلسطين ) كفاح شعب في سيرة مناضل

عمر القاسم (مانديلا فلسطين ) كفاح شعب في سيرة مناضل

في الثالث عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 1941 وفي حارة السعدية بمدينة القدس ولد عمر القاسم. وما أن بلغ السابعة من عمره حتى حلت النكبة بالشعب الفلسطيني، وبدأت طفولته تتفتح على نتائجها المريرة المتمثلة بالاقتلاع من الوطن والتشرد ومحاولات طمس الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني.
درس عمر قاسم في مدارس القدس في المدرسة العمرية الابتدائية والمدرسة الرشيدية الثانوية التي كانت معقلاً وطنياً ومركزاً لتخريج مئات المناضلين،فلعب دوراً مميزاً في الحركة الوطنية. وبعد أن أنهى دراسته عام 1958 انتسب إلى جامعة دمشق ـ كلية الآداب ـ وتخرج من قسم الأدب الانكليزي.
القاسم من مؤسسي الثورة الفلسطينية المعاصرة ومن مؤسسي حركة اليسار الفلسطيني، الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وكان عضوا في لجنتها المركزية .
في ليلة الثامن والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر عام 1968 اجتاز القاسم ورفاقه نهر الأردن بهدف التمركز في جبال الوطن إلا أن الدورية الفدائية اصطدمت وقبل أن تصل إلى هدفها بكمين إسرائيلي قرب بلدة كفر مالك. فقاومت الدورية بقيادته ضمن شروط غير متكافئة حتى نفذت ذخيرتها مما أدى إلى وقوعها في الأسر وكان قائدها القاسم في السابقة والعشرين من عمره.

أكاديمية الأسرى

كرس عمر القاسم منذ بدايات الأسر جل اهتمامه، لتحويل السجون والمعتقلات إلى أكاديميات وطنية حول القضية الفلسطينية والبرنامج السياسي للجبهة الديمقراطية والأدبيات الفكرية والسياسية، والبرنامج المرحلي الذي طرحته الجبهة الديمقراطية ليتحول لاحقاً إلى برنامج للشعب ولمنظمة التحرير الفلسطينية.
وركز عمر القاسم اهتمامه على شؤون الأسرى وأوضاعهم وقدم دراسات قيمة لأوضاع المعتقلين والتجربة الكفاحية للحركة الأسيرة والمراحل التي مرت بها، والتجارب العظيمة للاضرابات عن الطعام ودروسها كما أرّخ للمراحل التي مرت بها الثورة الفلسطينية المعاصرة واعتنى بالطاقات الوطنية الناشئة وعلمّ الأسرى اللغات الإنكليزية والفرنسية والعبرية.

مواقف صلبة

عندما جرى تبادل الأسرى، وخرج معظم زملائه من الأسر ولم يكن اسمه ضمن القائمة، كان موقف عمر مجسداً للأبعاد الإنسانية العميقة في شخصيته وذلك حين تحدث في ندوة أمام الذين سيفرج عنهم : « إنه إنجاز وطني كبير،ونحن نعيش الآن عرساً وطنياً، وعلينا أن نعمل على إنجاحه، ونحن الذين سنبقى نفرح لفرحهم.
بعد خروج المعتقلين واستقرارهم في الخارج كتب لأحد رفاقه المحررين: «سعادتي غمرت بتحريركم حياتي وهذا ليس مجرد كلام بل هو شعور عميق من السعادة يسيطر على نفسي نتيجة لتحرير هذا العدد الكبير من الأحبة»
ولشخصية عمر المتفانية أبعاد إنسانية عميقة كان يلامسها زملاؤه في السجون، فقد كان له تعامل خاص مع المعتقلين العرب وذلك لأنهم منقطعون عن أهلهم ولا توجد لهم زيارات فحرص على تأمين احتياجاتهم الضرورية عبر علاقاته مع أسرته وقيادة الجبهة الديمقراطية, وطلب من أهالي المعتقلين الفلسطينيين أن يقوموا بزيارتهم وكان يصر على أن يشتركوا معه في الزيارات.

المرض والرحيل

تحمل قلب عمر أعباء النضال وعذاب السجون, أفراح وأحزان الثورة والشعب.. وحتى توقف القلب الكبير عن الخفقان , واستشهد القائد الوطني الكبير في سجون الاحتلال الإسرائيلي يوم 4 حزيران/ يونيو 1989 بعد مماطلة الحكومة الإسرائيلية في معالجته, وعدم الإفراج عنه من أجل إخضاعه للعناية الطبية خارج السجون.
لقد ضربت الحكومة الإسرائيلية طول شهرين عرض الحائط بكل المناشدات الصادرة عن الهيئات والمؤسسات الإنسانية والدولية الداعية لإطلاق سراح المناضل الكبير وأبقته يكابد آلام المرض العضال في مشافي السجون حتى الرحيل الحزين فلم تتكحل أنظار الأسير بحرية شعبه واستقلال وطنه
استشهد القائد الكبير بعد أن أمضى إحدى وعشرين عاماً في سجون الاحتلال وهي أطول فترة يمضيها مناضل سياسي في سجون الاحتلال حينذاك, لقبه لشعبه وألبسته الحركة الأسيرة عباءة «مانديلا فلسطين».
رحل القاسم مخلفاً تراثاً ثريا للمناضلين داخل وخارج السجون وقدم عمره كله من أجل تحرير شعبه وارتفع نجماً ليضيء ما تبقى من الطريق المؤدي إلى النصر, وقدم الشعب لابنه النار أسمى آيات التقدير والاحترام, وذلك عندما خرج عشرة آلاف من أبناء مدينة القدس في عرس القاسم وخرجت جماهير الضفة الفلسطينية وقطاع غزة ومن بينهم المئات من تلاميذه في يوم استشهاده لتؤكد على مواصلة طريق عمر القاسم طريق الحرية والاستقلال ....

ـــــــــــــــــــــــــ
شهادات رفاق الشهيد
مواقف بطولية
أنور ياسين
عضو اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي اللبناني

«... كان للشهيد محطة منيرة في تاريخ الحركة الأسيرة، ففي عام 1974 وأثناء نجاح مجموعة للجبهة الديمقراطية في التسلل إلى داخل فلسطين المحتلة والدخول إلى مدرسة في مستوطنة معالوت واحتجاز عدد كبير من الأساتذة والتلاميذ والمجندين والعسكريين الصهاينة بهدف إطلاق الأسرى من سجون العدو وكان على رأس اللائحة المطالبة بإطلاق سراح الشهيد عمر القاسم فما كان من قوات الاحتلال إلا أن اقتادته من المعتقل تحت التهديد ليخاطب أفراد المجموعة ويدعوهم للاستسلام، لكنه خاطبهم بعد أن عرفهم على نفسه بالقول «أيها الرفاق نفذوا أوامر قيادتكم، لديكم مهمة وتحملون تعليمات لتنفيذها، وأطلب منكم ألا تتراجعوا» وقد شكل هذا الموقف الشجاع البطل للشهيد القائد عمر القاسم صدمة للأعداء ودفعة معنوية للمقاومين الذين استبسلوا في استشهادهم وسطروا بدمائهم الزكية عملية بطولية يرتعد لذاكراها من عاشها ومن سمع عنها من الصهاينة.
هذا المناضل الرمز الذي أضحى في سجون العدو الصهيوني أكثر من عشرين عاما لم يكسره القيد فكان قائدا ومثقفا من الطراز الأول.

مناضل لا يساوم
د. فايز أبو شمالة ـ غزة
كاتب وصحفي

«ذات يوم زاره في سجنه «إسحق نافون» رئيس دولة إسرائيل وقال له: سيد عمر أنا وأنت من مواليد القدس، ربما أكبرك بعشرين عاما، وسياستي مثلك، ولا شك أنك تعرف مكانتي في إسرائيل أنا أحترمك سيد عمر وأريد أن أصل معك إلى حل يرضينا.
قال له عمر القاسم: إلى ماذا تريد أن تصل مع رجل له عشرون عاما في السجون.
قال إسحاق نافون: أريد منك فقط أن تدين الإرهاب وأن تعترف بدولة إسرائيل وتتعهد بعدم القيام بأي نشاط سياسي مقابل الإفراج عنك والسماح لك بالإقامة أينما شئت حتى في القدس.
أجاب عمر القاسم: سيد نافون لك منصبك وعرشك ولنا سجوننا، ولا تظن أنني لا أحب الحياة والحرية ولا أكره السجون ولكني لن أساوم»
ــــــــــــــــــ

بطاقة
الكتاب: عمر القاسم «مانديلا فلسطين»
الكاتب: رشيد قويدر
الناشر: الدار الوطنية الجديدة ـ دمشق
دار التقدم العربي ـ بيروت
الطبعة الأولى: 2010

أجاب عمر القاسم: سيد نافون لك منصبك وعرشك ولنا سجوننا، ولا تظن أنني لا أحب الحياة والحرية ولا أكره السجون ولكني لن أساوم

عبارة تشتد فيها اعصابنا وتقشعر ابداننا لأننا نعلم ان قائلها بطل حقيقي

ومعك للابد لن نساوم

ابو جهاد / منتدى الدوايمة

أجاب عمر القاسم: سيد نافون لك منصبك وعرشك ولنا سجوننا، ولا تظن أنني لا أحب الحياة والحرية ولا أكره السجون ولكني لن أساوم»

فعلا عبارة من يفهمها ينحني اجلالا واكبارا لشهدائنا الابطال واسرانا البواسل
اخ ابو جهاد لفلسطين ابناء ابطال وشهداء ابرار لا يساومون ولا يستهينون ولا تكسرهم قيود
عشاق للحياه والحرية

رحم الله شهداء فلسطين
وفك اسر جميع اسرانا واسيراتنا البواسل
شكرا لمرورك
تحياتي
امل فلسطين

» تدهور خطير على صحة الأسير مناضل شرقاوي بعد أن أعطي أدوية بالخطأ
» سميح القاسم
» في الذكرى 20 للإفراج عنه ... غزة تحتفي بالزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا
» "نادي الأسير" يطالب بانقاذ حياة الأسير مناضل شرقاوي
» تقدمو سميح القاسم