هل هو بداية الترانسفير

هل هو بداية الترانسفير
قلم فؤاد حسين

القرار الإسرائيلي «إبعاد» ما وصفه بـ «المتسللين» من الضفة الغربية صيغ بطريقة غامضة ملتبسة ليكون القرار مطاطا كي يتسع لأكبر عدد من الفلسطينيين لإبعادهم عن أرض وطنهم بحجج واهية لا تصمد أمام أي منطق أو قانون، لكنه قانون الغاب قانون القوة وليس قوة القانون، وأول ما هو مضحك مبكي في القرار الإسرائيلي هو إبعاد كل من هو من غزة أصلا، أو أحد أبويه من غزة، وكأن غزة تتبع لجمهورية والضفة الغربية تتبع لجمهورية أخرى، وكأنها ليست جزءاً من أرض فلسطين التاريخية. والأمر الثاني المضحك المبكي في القرار أنه ينطبق على كل من تزوج من خارج الضفة سواء غزية أو غير غزية، وفي هاتين الحالتين فقط، يقدر عدد المشمولين بين سبعين ألف إلى مائة ألف مواطن فلسطيني.
صيغة القرار الغامضة قد تتسع بعد تنفيذ تلك المرحلة، لتشمل كل من دخل الضفة الغربية بتصريح زيارة ولم يغادر، وهم كثر أيضا، وقد يشمل لاحقا كل من لم يحصل على موافقة لم شمل ومن لم يجدد تصريح إقامته ... وهكذا ليصل العدد إلى ما لا يقل عن ربع مليون، وهو عدد كاف حاليا من وجهة نظر الصهاينة لخلق خلخلة إجتماعية قد تضطر أهالي وأبناء المبعدين بعد إبعادهم للإلتحاق بذويهم مما يفرغ أعدادا لا تقل عن الأعداد التي يتم إبعادها، وبذلك تفرّغ إسرائيل الأرض من عدد كبير من الفلسطينيين ليحل محلهم المستوطنون الجدد.
ومن المفارقات العجيبة أن حلول المستوطنين محل الفلسطينيين الذين سيتم إبعادهم سيتم بتمويل أميركي، فمن يدقق بالميزانيات السنوية التي يقرها الكونجرس الأميركي يجد بندا دائما تحت إسم مساعدة اللاجئين اليهود، فمن يقرأ البند للوهلة الأولى يظن أن المقصود هم يهود غادروا فلسطين المحتلة عائدين إلى مواطنهم الأصلية، لكن من يدقق في ذلك البند يجد أن المقصودين هم المستوطنون اليهود الذين يتدفقون على أرض فلسطين، والحالة هذه ما الذي يضير الكيان الصهيوني في مضاعفة عدد المستوطنين في الأرض الفلسطينية ما دامت كلفة ذلك مغطاة بالكامل من الحليف الإستراتيجي الأميركي، ولا يضير إسرائيل أن تعارض واشنطن قراراها هذا باللفظ والتصريحات التي ترضي حلفاءها من العرب ، ما دامت تلك التصريحات لن تؤدي إلى وقف تدفق الأموال الأميركية وتدفق المستوطنين.

تدرك إسرائيل مسبقا أن قرارها سيواجه بعاصفة قوية، لكنها لفظية، وهي لا تأبه لكل الكلام معسوله وغليظه، ما دامت في النهاية تنفذ على الأرض ما تريده هي، خاصة وأنها تعيش عصرها الذهبي: ضعف عربي لم يسبق أن وصلت الأمة إلى دركه هذا، وعجز أميركي لم يسبق لإدارة أميركية أن كانت في مستوى الخنوع أمام اللوبيات الصهيونية كما هي الإدارة الحالية، إذا ما الذي يمنع حكومة نتنياهو من إستهبال الفرصة وتنفيذ كل القرارات الصعبة التي عجزت الحكومات الإسرائيلية السابقة عن تمريرها في حينه؟.
القرار الإسرائيلي هذا مجرد بالون إختبار من العيار الثقيل، لتجس به نبض الجميع ، سلطة فلسطينية، وحكومات عربية، وإقليمية وعالمية، حليفة وصديقة، فإذا ما نجح بالون الاختبار هذا، فالخطوة التالية لن تكون أقل من عملية ترانسفير ضخمة ولمرة واحدة، وفي حال حدوثها لن تقتصر على الفلسطينيين في الضفة الغربية، بل سينول فلسطينيو الثمانية والأربعين نصيبا كبيرا منه، وبذلك تكون حققت إسرائيل دولتها اليهودية النقية بالقوة، وليشرب العالم من البحر بعدها.
إذا فوّت العرب على أنفسهم تمرير بالون الاختبار هذا فالقادم أعظم، وحينها تكون إسرائيل قد بدأت بالخطوة الأولى لإعادة رسم المنطقة، وفق ما كانت بشرت به غوندليزا رايس قبل سنين، ولادة شرق أوسط جديد تتسيده إسرائيل.

» حق العودة في مواجهة «الترانسفير»
» حق العودة في مواجهة «الترانسفير»
» إسرائيل تعترف بـ "الترانسفير السوري"
» الدوايمة / بداية النصر مبارك يسافر إلى المانيا
» هل تكون المعركة على البريقة بداية الحرب الأهلية في ليبيا؟