العجز العربي سيُكسر مع كسر الحصار

العجز العربي سيُكسر مع كسر الحصار

الجمعة, 04 يونيو, 2010

مصطفى الصواف

العجز العربي واضح وضوح الشمس، ويبدو أن النظام العربي الرسمي يحتضر، ويجهز نفسه للمغادرة من الساحة السياسية العربية، هذا كلام قديم ولكنه جديد، ويتجدد مع كل حادثة تتعلق بالوضع العربي وقدرته على التصرف والتعامل مع القضايا العربية، ما يدفعنا للحديث عن هذا العجز ؛ العجز العربي بدأ بالعجز الفلسطيني، والعجز الدولي، ثم العجز العربي الذي لم يرق الى مستوى الحدث.

مجلس وزراء الخارجية العرب يلتقي ويجلس من أجل اتخاذ القرار بخصوص حصار غزة، وينتهي اللقاء ، وإذا بوزراء الخارجية العرب كعادتهم منقسمين، وخرجوا بقرار يدلل على عجزهم وهو رفع قضية حصار غزة إلى مجلس الأمن الدولي، علماً بأن الوزراء العرب يعلمون أن مجلس الأمن الدولي أكثر عجزاً منهم، فهو قد سبقهم في الاجتماع ، وسبقهم في القرار المتعلق بالجريمة التي وقعت على سفينة الحرية ولم يتمكن من إدانة (إسرائيل) اسماً على جريمتها الدولية، فكيف سيقوم مجلس الأمن بالتقرير عنهم بخصوص حصار غزة؟ هذا الحصار لا يرفعه مجلس الأمن، ولا الأمم المتحدة، هذا الحصار لا يرفعه إلا العرب، ولكن عجزهم يحول دون ذلك، وعجزهم حول البعض منهم إلى مشاركين في الحصار وهذا يعلمه الجميع.

يبدو أن الموقف العربي أبعد عن اتخاذ أي قرار سيادي من قبلهم، وأن هناك من غير العرب من هو صاحب القرار في رفع الحصار عن غزة، وأن العرب تخلوا عن المسؤولية وتخلوا عن السيادة والقيادة، وهذا يعطي مؤشراً إلى أن الجامعة العربية بأمينها وغالبية أعضائها هي تحت إمرة وتصرف الولايات المتحدة، وهي كهيئة الأمم المتحدة التي باتت واحدة من مؤسسات الإدارة الأمريكية، وهذا واضح من خلال قرارات مجلس الأمن وواضح من خلال قرارات الجامعة العربية أنها لا تختلف عن قرارات مجلس الأمن لأن سيد الموقف في المؤسستين هو الإدارة الأمريكية.

البعض قد ينظر إلى فتح معبر رفح على أنه قرار مصري خالص، قد يكون هذا الكلام صحيحاً، أن الذي أصدر قرار فتح معبر رفح هو الرئيس المصري، هذا ما أكدته وسائل الإعلام، ولكن حقيقة الأمر أن معبر رفح خدعة كبيرة أراد من يقف خلف قرار فتحه، ومن أعطى الأوامر الحقيقية لفتحه، تخفيف الضغط عن حكومة الاحتلال، وكذلك رفع الحرج عن الحكومة المصرية التي باتت فيه نتيجة هذا الموقف من معبر رفح. إن قرار الفتح ليس رفعاً للحصار وليس تخفيفاً عن غزة، لأن القرار المصري يقضي بعدم فتح المعبر ؛ فالمعبر يخضع لاتفاقيات حسب المصريين، و يجب أن تكون فيه قوات أمن الرئاسة، و المعبر لا يعمل إلا بوجود القوات الدولية والمراقبة الصهيونية، واليوم المعبر يُفتح دون مراقبين دوليين، ودون اتفاقية، ودون أمن رئاسة، ودون مراقبة صهيونية، وهذا وحده كاف ليؤكد أن إغلاق المعبر سياسي وليس إجرائياً لعدم توفر الآليات التي تعمل على فتحه كتلك التي تتحدث عنها الحكومة المصرية، وهو اليوم يفتح بشكل دائم مؤقت، لأن هذا المعبر سيغلق بعد أن تهدأ العاصفة الداخلية والخارجية التي تتعرض لها الحكومة المصرية.

معبر رفح فتحه لم يكن قراراً عربياً ولا مصرياً، المعبر فتح بقرار أمريكي وسيغلق بقرار أمريكي، من يتابع سير العمل في المعبر وحركة المرور ودور الأجهزة الأمنية وعدد الأفراد الذين يمنعون من الدخول وعلى رأسهم وزير الصحة باسم نعيم، هذا يدلل على أن فتح المعبر سياسي والمنع سياسي، وليس إنسانياً، أو حباً في قطاع غزة وحكومته، وكنت أتمنى أن يقوم أحد رجالات فلسطين في غزة باتخاذ قرار للسفر عبر معبر رفح، كرئيس الوزراء أو نائب رئيس المجلس التشريعي ، وأنا على يقين أنهم فكروا أكثر من مرة؛ ولكنهم كانوا يعلمون أن سلطات المعبر( النظام المصري ) ستمنعهم من العبور، وأرادوا أن يرفعوا عن أنفسهم الحرج، ولكن لو فعلوها لكشفوا زيف هذا الفتح وأسبابه، ولكنهم يريدون أن يبقوا شعرة معاوية مع هذا النظام الذي لا يريد أن يتعامل مع غزة وحكومتها وشعبها على أنهم أصحاب إرادة ويريدهم أذلة خانعين، منقادين لسياسته ويضعون أنفسهم تحت تصرفه وهذا ما لم يتحقق ولا نعتقد أنه سيتحقق.

النظام العربي الرسمي أعجز من أن يتخذ قراراً برفع الحصار لأنه جرب ذات مرة وفشل في حماية قراره ولن يكرر مرة أخرى، ولكن من سيكسر الحصار من يملك الإرادة ومن يملك القرار، وكسر الحصار هو بداية ليس لكسر الصهاينة، بل هو أيضا بداية كسر العجز العربي عبر كسر نظامه العاجز.

المصدر: صحيفة فلسطين

» العجز العربي و«شعر بنت خالتي»
» “الموت للعرب”: الفكر الصهيوني وعملية ترسيخ مفهوم “العربي الجيد هو العربي الميت
» كسر الحصار ومواصلة المشوار
» موسى في غزة : «رفع الحرج» لا «رفع الحصار»
» أجمل ما قرأت عن صمود غزة في وجه الحصار