"هآرتس" تسرد حكاية مقدسيين فلسطينيين ألغت اسرائيل اقامتهما

"هآرتس" تسرد حكاية مقدسيين فلسطينيين ألغت اسرائيل اقامتهما باعتبارهما
"سائحين" و"زائرين غير شرعيين"
الأحد يونيو 20 2010

القدس ضحية التهويد والصمت العربي المريب

تل ابيب – – كشفت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية عن الاساليب التي تتبعها السلطات الاسرائلية لحرمان المقدسيين الفلسطينيين الذين يغادرون المدينة لاسباب تتعلق بالعمل او الدراسة في الخارج من حقهم في الاستقرار في موطنهم.

وتروي الصحافية عميرة هاس قصة الدكتور عماد حمادة الذي عاد بعد تخرجه من الولايات المتحدة الى قرية صير باهر التي ولد فيها قبل 43 سنة، والتي عاش فيها اجداده، بعد ان أكمل دراسته الثانوية في القدس ودفع اخيرا 120 ألف شيكل للحصول على تصريح بناء من بلدية القدس، انه زائر غير شرعي، او بكلمة اخرى – كما تقول الصحافية الاسرائيلية – انه "مجرم".

والدكتور حمادة قضى في الخارج فترة اطول مما كان متوقعا، ما بين عام 1989 وعام 2007. اذ بعد حصوله على الدكتوراة امضى ثلاثة اشهر مع عائلته، وقرر العودة في آب (اغسطس) 2007 بعد عام على حصوله على الجنسية الاميركية، مع ابنائه الثلاثة. وعندما ارادت شركة اسرائيلية واخرى اميركية لها فروع في اسرائيل استخدامه، قالت لهم وزارة الداخلية الاسرائيلية انه "سائح" لا يجوز له العمل.

وتساءلت الصحيفة الاسرائيلية كيف اصبح الرجل سائحا؟ وقالت انه اكتشف ان وزارة الداخلية الاسرائيلية الغت صفة الاقامة عنه. ما دفعه الى رفع الامر الى محكمة القدس، وقد امضى السنوات الثلاث الماضية في منزل عائلته، من دون تأمين صحي لاطفاله ومن دون حقوق يهدده خطر القاء القبض وابعاده.

وقال القاضي سولبيرغ ان الاقامة غير الشرعية تدفعنا الى "القول بان هذا سبب لرفض الدعوى على الفور". لكنه اضاف ان "من الطبيعي ان يتوجه الافراد الى الخارج للدراسة والاقامة لفترة من الزمن. وهناك فسحة من الامل للتغاضي عن هذا الوضع عندما نعرف ان الرجل عمل في هرتزيليا لدى شركة تايوانية لها فرع في رام الله، وان زوجته تعمل في ميدان التمريض. ومشاعري ترى ان ارتباطه باسرائيل جدي".

واعرب القاضي سولبيرغ عن رغبته في التوصل الى حل وسط. فاقترح ان تستبدل هذه الدعوى بطلب "لمّ شمل العائلة" (مع زوجته التي تعمل ممرضة في القدس).

وفرضت سلطات الاحتلال القانون الاسرائيلي الذي يقضي بعدم السماح بدخول اسرائيل الا لمن كان اسرائيليا او حاصلا على تصريح بالهجرة او شهادة مهاجر في القدس الشرقية وضواحيها، بعد ان اعلنت اسرائيل ضمها اليها العام 1967. وقال احد المقدسيين بمرارة "اسرائيل هي التي دخلت الينا، ولم ندخل نحن اليها". لكن القاضي سولبيرغ قال ان المنطق يؤكد على ان حالة الفرنسي (غير اليهودي) الذي هاجر الى اسرائيل ليست كحالة الفلسطيني الذي ولد في القدس.

كما ينص القانون الاسرائيلي على الغاء تصريح الاقامة عن كل شخص يقيم خارج اسرائيل لسبع سنوات على الاقل، او يحصل على تصريح اقامة دائم في ذلك البلد، او يحصل على جنسية ذلك البلد. ويكفي احد هذه الشروط لحرمان الفلسطيني من الاقامة في القدس الشرقية.

وكانت السلطات الاسرائيلية تتساهل في تنفيذ القانون وتسمح لمن يعيش في الخارج بالزيارة خلال مدة لا تزيد عن السنوات السبع. الا انه خلال تولي حاييم رامون وزارة الداخلية في حكومة شيمون بيريز القصيرة الاجل، ادخل تعديلا على هذه السياسة في كانون الاول (ديسمبر) 1995، ووجد الذين يقومون بزيارات متكررة ان تصاريح اقامتهم قد الغيت. ولم تلبث الداخلية الاسرائيلية في عهد ناتان شارانسكي ان اعادت العمل في اوائل العام 2000 بما كان معمولا به قبل العام 1995 على ان يثبت الفلسطيني ان القدس هي مركز معيشته. لكن الداخلية الاسرائيلية ما لبثت في اعقاب الانتفاضة الثانية في العام 2000 ان استأنفت الغاء تصاريح الاقامة الدائمة بالجملة عن فلسطينيي القدس.

وعماد حمادة ليس الا واحدا من اصل 289 مقدسيا الغيت اقاماتهم في العام 2007. ففي العام 2008 الغيت اقامة مراد ابو خلف (33 سنة) وهو مواطن من رأس العمود حصل على الدكتوراه في الهندسة الكهربائية. وكانت عائلته تقيم في ضاحية البقعة في الضفة الغربية التي طردت منها العام 1948.

ومنذ العام 2007 بدأ العمل مهندسا لبرامج الكومبيوتر في مؤسسة اميركية بولاية ماساشوسيتس، التي تتعامل مع شركات صناعة الطائرات وشركات الامن، ومن بينها شركات اسرائيلية مثل "رافايل". وتشترط الحكومة الاميركية على من يعمل في صناعة الامن لديها ان يحصل على "البطاقة الخضراء" (غرين كارد). ويقول ابو خلف ان ذلك ليس اقامة دائمة لاسباب عائلية، او لمن يطلب اللجوء السياسي، وانما لغايات العمل فحسب. وقال "لو كنت ادرك ان البطاقة الخضراء ستؤدي الى إلغاء حقي كمقيم في القدس، لكنت رجعت بعد الحصول على الدكتوراة. ولكن ما الذي يمكنني ان امارسه من دون خبرة؟ ابيع فلافل؟".

وستجري المداولات الخاصة بطلب أبو خلف امام القاضي سولبيرغ في غيابه. فقد سعى منذ كانون الثاني (يناير) 2009 وراء العدالة القانونية لقضيته. ونظرا لان وثيقة سفره انتهت في كانون الثاني (يناير) 2010 فانه لم يتمكن من زيارة والديه واشقائه. فافراد عائلته جميعا يعيشون في القدس، ووالده طبيب وشقيقه طيب ايضا يعمل في المركز الطبي "شعار زيديك" في القدس. لكنه يعيش في بوسطن يتنازعه الشوق لاصدقائه وشوارع طفولته.

وأبو خلف هو أحد مجموعة من 4577 مقدسيا الغيت اقاماتهم في العام 2008. وهو أكبر عدد من سندات الاقامة الملغاة منذ ان بوشر بتطبيق هذه السياسة في العام 1995. وكان العدد قد بلغ 1363 في العام 2006. وفي العام 1995 كان العدد 91 تصريحا. بينما بلغ 739 في العام 1996، و1067 في العام 1997. مقابل 20 فقط في العام 1991.

» الدوايمة / أسرى فلسطينيين لدى اسرائيل يعيشون أجواء مسممة
» فيدل كاسترو: اسرائيل قد ترسل فلسطينيين الى افران الغاز
» الدوايمة / فضائح اسرائيل تجسس اسرائيل على أمريكا الحلقة الثانية
» شبح الطرد يلاحق مواطنات متزوجات من مقدسيين
» إبعاد مقدسيين وتخطيط لهدم منازل