اهالي قطاع غزة ما زالوا يعانون المشقات

اهالي قطاع غزة ما زالوا يعانون المشقات في انتظار
اجراءات تخفف الحصار الاسرائيلي فعلاً

السبت يونيو 26 2010

المسألة لا تتوقف عند تخفيف الحصار

لندن – – تروي مراسلة صحيفة "ذي غارديان" البريطانية هارييت شيروود في تقرير لها من دير البلح في قطاع غزة قصة الفتاة منال حسن التي تعمل في مصنع "العودة"، وقد التقطت قطعة بسكويت بالعجوة من صينية المصنع وقسمتها الى قطعتين للكشف عن الحشوة وقذفت بها بعيدا قائلة "انظري.. انهم يسمحون بدخول البلح ولكن ليس معجون التمر"، مشيرة الى الحصار الاقتصادي الاسرائيلي على قطاع غزة.

وتقول شيروود ان مصنع "العودة" اضطر للبحث عن مصدر بديل لحشوة البسكويت الذي يقوم بتصنيعه، بكميات قليلة للغاية منذ الحصار على غزة الذي ازداد احكامه خلال السنوات الثلاث الماضية. ويستورد القطاع معظم احتياجاته الاصلية بصورة غير مشروعة عن طريق الانفاق من مصر.

وقد اخذت الآمال تتبخر سريعا لدى رجال الاعمال بان اعلان اسرائيل الاسبوع الماضي عن تخفيف حصارها قد يؤدي الى عودة الحياة الى الاقتصاد المنكمش في غزة، اذا تصورنا انهم فعلا احسوا بمثل هذا الانتعاش.

ولا يزال الغموض يلف النتائج العملية للسياسة الاسرائيلية الجديدة، وان كان القلة في غزة يتوقعون حقا قطرات من المواد الخام اللازمة لانعاش المصانع مثل مصنع "العودة"، ناهيك عن استئناف اي امر يلمس تجارة الاستيراد والتصدير العادية.

وفيما اعتبر الرئيس الاميركي اوباما وموفد الرباعية توني بلير ووزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ البيان الاسرائيلي بانه انجاز مهم، فان تخفيف الحصار حتى الان لا يطبق الا على المنتجات الجاهزة لاستهلاك الافراد. ويعمد اهالي غزة الى الدعابة الساخرة حول تناول وجبة عشاء من المايونيز وعصير الطماطم – وكانا من بين المواد التي لا يسمح بتوريدها طوال السنوات الثلاث الفائتة. اما اصحاب المصانع والمراقبون الاقتصاديون فتتجمع غيوم داكنة حول تصوراتهم في ما يتعلق باحتمالات تنشيط اعمالهم.

وبينما كانت منال حسن تجول في مصنعها الذي يعمل بنصف طاقته في دير البلح، كانت تردد اسماء المواد المحظورة ومن بينها مسحوق الكاكاو والحليب المجفف ومواد التغليف وقطع غيار المصانع. وتقول: "انهم لا يبدون اي تفسير لذلك. هل يمكن لمسحوق الكاكاو مثلا ان يستخدم في انتاج صواريخ او اسلحة؟".

تقول منظمة حقوق الانسان ان الغرض المعلن بالنسبة الى حظر هذه المواد هو خنق النشاط الاقتصادي كوسيلة
للضغط على حكومة الامر الواقع "حماس" ومعاقبة السكان المدنيين لاختيارهم لها. الا ان الحصار

منال حسن في مصنع العودة

فشل في تبديد سلطة "حماس" وان كانت بلا ريب احالت حياة الغزيين وظروف عملهم الى الاسوأ.

ويعمل مصنع "العودة" عشرة ايام تقريبا في الشهر، الامر الذي يخفض بشكل كبير دخل عماله البالغ عددهم 300 شخص. وقالت منال "انهم يعانون. لديهم جميعا عائلات كبيرة وليست هناك امكانيات عمل بديلة".

كان المصنع يصدر 60 في المائة من منتجاته كل شهر، اما الان فليس لديه ما يصدره. وترفض الدكاكين المحلية تكديس الايس كريم الذي يصنعه لان انقطاع التيار الكهربائي لثماني ساعات في اليوم لا يجعل بالامكان تشغيل الفريزرات بصورة عملية.

وتابعت قائلة: "من الصعب ان نتكهن الى متى سنتمكن من الاستمرار في اعمالنا".

وما يعاني منه مصنع "العودة" ليس حالة منفردة. فقد كان في غزة حوالي 3800 من مصالح الاعمال المشروعة التي تتاجر مع الضفة الغربية واسرائيل والعالم الخارجي. ولم يبق منها الا اقل من واحد من كل ستة بسبب الحصار والعدوان الذي وقع في اواخر العام 2009 وأوائل العام التالي، حسب ما اوردته الامم المتحدة.

وقال علي الحايك من جمعية رجال الاعمال الفلسطينيين: "لن يمضي وقت طويل حتى تتوقف الحياة الاقتصادية في غزة. وما بقي منها سيلحق به الدمار".

اما رائد فتوح، وهو مسؤول في غزة ينسق مع الاسرائيليين عبر نقاط العبور، فيقول ان الاسرائيليين ابلغوه بانه سيُسمح بدخول جميع المواد الغذائية الاستهلاكية خلال نهاية الاسبوع الذي اعلن فيه تخفيف اجراءات الحصار، الا انه لم يرد ذكر للمواد الخام او الصادرات.

ويقول فتوح: "انها خطوة ايجابية، ولا نستطيع ان ننكر ذلك، الا ان كل المواد التي يسمح بها الان متوفرة عبر الانفاق. وهذا يعني انه لن يكون هناك تغيير كبير ما لم تسمح اسرائيل بالمواد الخام للصناعة".

كانت اسرائيل خلال الاسابيع القليلة الماضية قد زادت تدريجيا عدد المواد المسموح بها من 120 مادة الى ما بين 400 و 450 مادة، ووعدت بمزيد منها في الايام المقبلـة، حسب ما يقول رائد فتوح.

اما المسؤولون الاسرائيليون فانهم يقولون ان القرارات المتعلقة بالمواد الخام لا تزال قيد الدراسة. ويشعر كل من البيت الابيض ومكتب بلير بالتفاؤل من امكان ان يؤدي تخفيف الحصار الى تنامي جهود اوسع لاعادة تنشيط الاقتصاد في غزة.

على ان بعض الغزيين ينظرون الى امكانات التغيير في السياسة الاسرائيلية بمشاعر متباينة. ويقول حسام الشاعر، احد مالكي الانفاق، ان الايام الطيبة قد ولت.

"تضاءل نطاق العمل.. لان اصحاب الدكاكين الفلسطينيين يتعاملون الان مباشرة مع الاسرائيليين وليس معنا. في الوقت نفسه، هناك كميات كبيرة من السلع في غزة، ولا يشتري الناس الا القليل لضيق ذات اليد.

"والمسألة لا تتوقف عند تخفيف الحصار. اذ ليس فيها اقتصاد ولا مال ولا أعمال. فما الفرق بين سلع تأتي عبر الانفاق وأخرى تأتي عبر المعابر اذا لم يكن هناك من يستطيع شراءها؟".

» صور احتفالات اهالي غزة بتنحي حسني مبارك
» ثلث اللاجئين في برج البراجنة يعانون من اضطراب في الصحة النفسية
» التفائل ( لمن يعانون من قسوة الحياة)
» 1500 أسير فلسطيني يعانون المرض
» اهالي غزة يتخذون من المقابر مأوى لهم بسبب الحصار والضائقة المالية التي يحيون في كنفها