مخيمات لبنان تحت الإعصار

مخيمات لبنان تحت الإعصار

الكاتب : موفق مطر
2010-07-25

سيكون انجازاً يحسب للقيادة الفلسطينية عموما والقيادة الفلسطينية بلبنان خصوصاً إن هي نجحت بوقاية المخيمات الفلسطينية بلبنان من عاصفة الخريف الساخنة جداً القادمة على المنطقة، فقد نستطيع احتمال آثارها إذا تعلق الأمر بعاصفة غضب طبيعية رغم الحالة المأساوية التي تطبع معيشة أهلنا في المخيمات في البلد المضيف، لكن الخطورة تكمن بإمكانية انسياق بعض الجماعات المسلحة الفلسطينية في خطط وأعمال قوى صممت على تخريب الوضع القائم بلبنان لصالح قوى إقليمية، وبمعنى أدق اتخاذ الجماعات المسلحة في المخيمات بيادق آدمية يلعب فيها الجندي دوراً واحداً في حياته فإما قاتل أو مقتول، إما القلاع «المخيمات» فإنها ستسقط والى الأبد من اتفاق القاهرة.
لن يخسر أحد غير الفلسطينيين وقضيتهم إن تجرأ فصيل، أو تجرأت جماعة على الاستزلام لصالح قوى بعينها في لبنان، فاللاعبون المتمكنون من جهتي رقعة الشطرنج لن تؤثر فيهم دوشة الصراعات الميدانية التي بدأت الخطوط الأولى لسيناريوهاتها بالارتسام، أو «تطرطشوا» بالقليل من الكثير من الدم الفلسطيني واللبناني الذي سيسفك إذا ما وصلت الأمور إلى هذا المستوى لا سمح الله وفهم سيتمرون باللعبة مادامت عقلية الاستزلام توفر المادة الخام «الرجال» لاستمرار جولات مصارعة لا ضوابط ولا قواعد ولا نهاية لها إلا بكسر العظام!.
من الواضح أن إعادة رسم خطوط المواقع والمواقف السياسية والميدانية وكذلك تحديد رصيد بنك الأهداف باتت الشغل الشاغل لقوى في لبنان باتت ترى في المتغيرات الإقليمية خطراً على مصالحها واستمرارية نفوذها، وبالتأكيد فان هذه القوى ستسعى لاستغلال جماعات، معروف عن رؤوسائها بأنهم ومنذ زمن وكلاء حصريون للفتنة وصناعة الموت والإرهاب، فهؤلاء يعتاشون على التكسب من أرباح مكاتب السمسرة بالدم الفلسطيني وتقديم الخدمات للقوى الإقليمية التي امتهنوها وأهانوا بأعمالهم الشخصية الوطنية الفلسطينية، وتسببوا للقضية الفلسطينية بأضرار بالغة يكاد يكون من المستحيل إصلاحها.
يجب الحذر واليقظة، فالانقياد وراء شعارات ومقولات عفى عليها الزمن وثبت بطلانها، مثل أن «السلاح بالمخيمات لحماية أعراضنا»!! فإغفال الوعي عن المصلحة الوطنية الفلسطينية العليا سيؤدي حتماً إلى تحويل المخيمات الفلسطينية إلى مركز غضب العاصفة الخريفية القادمة، وستأكل نيرانها الضحايا الفلسطينيين الذين كما يبدو لا يبكي عليهم أحد في هذا العالم.
يستضيف لبنان الشقيق أهلنا في مخيمات من أكثر من نصف قرن، وحقه علينا احترام قوانين الضيافة، وبذات الوقت تشريع القوانين التي تتيح للفلسطيني اكتساب الحدود المعقولة من الحقوق التي يتمتع بها الفلسطينيون في أقطار عربية، ولعل مناقشة مجلس النواب اللبناني لهذه القضايا خير دليل على تفهم الحاجات الإنسانية لمئات آلاف الفلسطينيين المقيمين بلبنان، فإقرار قوانين منفتحة على مجال احترام حقوق اللاجئين بلبنان سيكون بمثابة قاعدة ارتكاز تدعم قرار القيادة الفلسطينية بعدم التدخل في الشأن الداخلي اللبناني وبالحفاظ على علاقات متوازنة مع كل ألوان الطيف السياسي بالبلد وأساسها الاحترام المتبادل. كما تعزز توجهات القيادة السياسية الفلسطينية والغالبية العظمى من سكان المخيمات الذين يعملون المستحيل لعدم تكرار تجربة دمار نهر البارد في مخيماتهم، وبالمقابل فان ضبط الأوضاع في المخيمات، وسد المنافذ التي من الممكن أن تشكل نقاط اختراق امني أو مكاتب سمسرة أو وكالات حرب بالنيابة سيدعم وجهة نظر الكثير من الساسة والقادة اللبنانيين الذين يجهرون الآن في نقاشاتهم بمجلس النواب بضرورة تأمين حقوق اللاجئين يضمنها القانون لتمكين عشرات ألآلاف من عيش وعمل وحرية حركة وبناء تحفظ لهم حياة كريمة إلى حين تحقيق أمل العودة.
لا تحتمل أوضاع الفلسطينيين بلبنان شرارة واحدة، كما لا تحتمل اندفاع وتحشد البعض مهما كان حجم هذا البعض وراء أي حزب فمهما كانت طبيعة ومضمون راية هذا الحزب ومهما بلغت درجة التوافق أو التعارض مع سياساته، فان المصلحة الوطنية الفلسطينية أولى وأهم، وبرأينا المتواضع فانا نفهم أن الحزب أو السياسي الذي يحرص على إبعادنا عن مركز إعصار الخريف القادم هو الحزب والسياسي المتضامن فعلا مع القضية الفلسطينية، فإغلاق الباب في وجوه سماسرة الدم والسلاح واجب فلسطيني ولبناني مشترك، فالمخاطر القادمة تحتم على الجميع الوفاء لمبادئ الاحترام والوفاء التي قامت عليها العلاقة الفلسطينية اللبنانية، وتفويت الفرصة على الذين ييبيتون الشر والخراب والموت والدمار للبنان وفلسطين.
المطلوب حركة نشطة من القيادة الفلسطينية تتأكد بأن المتهورين المختبئين في زواريب المخيمات لن يجروا أهلنا إلى هلاك لا يتمناها لهم من لا يرحمون ولا يقيمون لإنسانيتهم وزنا وحسب بل يعملون لأجل خلق قضية بلبنان تنسي الفلسطينيين والعرب والعالم وتشغله عن قضايا حق العودة ووالحرية والاستقلال، وهدف الدولة الفلسطينية المستقلة. فإنقاذ أهلنا في مخيمات لبنان من إعصار الخريف القادم مسؤولية لا تقل عن مسؤولية حماية المشروع الوطني، فإذا فرطنا بمصير أهلنا هناك، فلن يتحقق هدف المشروع الوطني أبداً. فسلامة أهلنا مقدمة لتحقيق هدف العودة والدولة.

» معاناة الفلسطينيين في مخيمات لبنان
» كي لا ننسى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان
» هجرة الاف الكفاءات الفلسطينية من مخيمات لبنان
» الفلسطينيون في مخيمات لبنان.. أجيال من دون هويات ولا حتى حق الترميم
» عرض "مسودة" اتفاق يقيّد إقامة الفلسطينيين في مخيمات لبنان