"كريات أربع" سرطان استيطاني يفسد الخليل

"كريات أربع" سرطان استيطاني يفسد الخليل

يشكل سيل مجاري واد الخليل المار جنوب محافظة الخليل بالضفة الغربية المحتلة مصدر قلق وإزعاج لعشرات آلاف الفلسطينيين القاطنين في التجمعات الفلسطينية في الجهة الجنوبية للمحافظة، في وقت تتضاعف فيه أزمة السيل خلال فصل الصيف من خلال الروائح الكريهة وانتشار الحشرات والآفات الضارة.
ويناشد المواطنون الفلسطينيون في المكان حلا نهائيا وجذريا لآفات ذلك السيل منذ عشرات السنين، لكن مشكلته ما زالت ماثلة تنتظر من يقرع جرس الحل الذي ما زال بعيداً عن الأنظار ومتواريا خلف سنوات متجددة من الإهمال الرسمي لمأساة هؤلاء المواطنين.
وترك السيل آثارا وخسائر فادحة تتواصل في الأرض الزراعية التي أصابها التلوث وفقدت قدرتها الإنتاجية، فضلاً عن صعوبة البناء والسكن في التلال والمناطق التي تحيط بالسيل ما خلق أزمة جديدة لدى السكان نتيجة افتقادهم مواقع جديدة تصلح للبناء غير تلك التي يملكونها بمحاذاة ذلك السيل.
اعتداءات استيطانية
الباحث في الشأن الاستيطاني عبد الهادي حنتش يوضح بأن مصدر مجاري هذا السيل من مستوطنة "كريات أربع" شرق الخليل، ويتجه من تلك المستوطنة إلى المناطق الجنوبية مارا بعشرات التجمعات السكانية على طول تلك المستوطنات.
ويبين بأن سلطات الاحتلال تهدف من خلال هذه المجاري إلى الضغط على السكان الفلسطينيين في المناطق القريبة من السيل، للضغط عليهم وإجبارهم على الرحيل. كما تهدف سلطات الاحتلال من وراء ذلك إهلاك الأرض الزراعية وإفقادها لإنتاجيتها، والتسبب في العديد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي تلحق بالسكان والأرض، وتعزيز العديد من المشاكل الاقتصادية في المجتمع أبرزها تفاقم البطالة والتسبب بأضرار بيئية.
ويشير حنتش إلى أن العديد من التجمعات السكانية تقع على طرفي هذا السيل، أبرزها مدينة يطا والعديد من القرى الجنوبية التابعة لمدينة دورا، وبلدات السموع والظاهرية وقرية الرماضين.
أما المواطن محمد شوامرة الذي يقطن في قرية أبو العرقان مقابل مستوطنة "عتنائيل" جنوب الخليل، فيبين لـ"فلسطين" بأن المنطقة تعاني بشكل دائم من الروائح الكريهة التي يطلقها السبيل المار بجوار القرية.
ويشير إلى أن السكان يفيقون في قريته وفي التجمعات القريبة على رائحة السيل الكريهة في كل صباح، وتستمر هذه الرائحة طوال الوقت وتتعزز في الليل. ويؤكد أن الأضرار لا تقتصر على الرائحة فقط، بل تمتد إلى الحشرات الضارة والآفات السامة التي لا تفارق تلك المناطق.
ويقول شوامرة:"إن السكان لا يتمكنون من النوم في الصيف بسبب كثافة الحشرات الطائرة التي تهاجمهم، دون التمكن من إيجاد أية حلول جذرية لها"، مؤكداً أن أهالي المناطق التي يمر بها السيل توجهوا عبر سنوات متكررة إلى الجهات المعنية في السلطة الفلسطينية لإيجاد حل جذري للسيل الذي يؤرقهم، لكنه يشير إلى أن الأمور ما زالت تدور في مكانها وما زال السكان يعيشون على أمل الحل الذي لا يدرون متى ينجز.
ودعا كافة المؤسسات والمعنيين إلى النظر بعين الجدية إلى الأزمة والأخطار الفادحة التي يتعرض لها السكان، خصوصاً بعد انتشار أمراض معدية نتيجة لدغات الحشرات وخشيته على حياة الأطفال هناك.
بجوار مياه الشرب
بلدية يطا أكدت لـ"فلسطين" أن مدينة يطا تعد من أكثر التجمعات السكنية الفلسطينية تضرراً من مخلفات هذا السيل، نتيجة مروره وسط الأحياء السكنية وشقه للأراضي الزراعية التي تتبع لها. وحسب البلدية فإن السيل يمر عبر أراضي المدينة بطول (15) كيلو متر، في الوقت الذي يبعد حوالي (60) مترا فقط من البئر الارتوازي الذي يغذي يطا بمياه الشرب.
ولفتت إلى أن خراب الأراضي الزراعية التي يمر بمحاذاتها السيل، حيث أجبر أصحابها على تركها دون زراعة بعد وصول مياه المجاري إلى جانبيه، وانتشار الملوثات التي يحملها في الأراضي الزراعية.
وحسب سكان المنطقة الجنوبية في مدينة الخليل، فإن السيل يعتبر أحد أسباب مرض السرطان المنتشر جنوب الضفة الغربية، مشيرين إلى أن المجاري مكشوفة في السيل، وتسبب خسائر وأضراراً فادحة. كما يؤكدون بأن هناك انتشاراً للعديد من الأمراض الجلدية والآثار الصحية المتفاقمة، في وقت يعانون من غياب المواد المكافحة للحشرات.
أما الطبيب أحمد الجبور من جنوب الخليل، فيشير إلى انتشار بعض الأمراض في كثير من الأحيان، نتيجة البعوض وما تسببه من انتشار للأمراض نتيجة لدغاته المتكررة.
ويقول:"إن السيل تسبب في إصابة حوالي (70%) من سكان تلك المناطق بمرض الأميبيا، وحالات الحساسية والأمراض الجلدية، بالإضافة إلى الانتشار القليل لمرض الملاريا". وحسب الجبور، يسبب السيل أيضا تلوثا للمأكولات من خلال استخدام مياهه لري المزروعات في بعض الأحيان، وافتقاده للرش بالمبيدات الحشرية وعدم تغطيته، باعتبار المواد السائبة فيه سموماً قاتلة.

» مستوطنات الخليل سرطان يجب بتره
» مخطط استيطاني جديد بالشيخ جراح
» أربع كلمات في الفجر قبل الشروق تساوي عبادة أكثر من ثلاث ساعات‏
» مشروع استيطاني يشمل بناء فندقين في القدس
» المصادقة على مشروع استيطاني خطير في حي الشيخ جراح