الأسيرة فاطمة الزق وطفلها الأسير يوسف
إهداء للأسير المجاهد/ ناصر الشاويش / إلى يوسف السجين وأمه
بقلم الأخ/ عبد الله سليمان محمد الزق
لما قرأتُ قصيدةً للشاعر الفذّ الرقيق...
هو شاعر في السجن لو أمْعَنْتَه لرأيت فيه قصيدة تحكي عذابات السنينْ...
قد مال فوق ربابةٍ أعطتهْ ما أعطى الربابةَ من عصارات الهوى والحبِّ والوطن الذي من أجله يحيا السجين...
هو شاعر يحيا سجيناً قد رأى طفلاً سجيناً مثلهُ لا مثلهِ...
فتحسست أعصابه حزناً بعين سجينةٍ .. يا للغرابةِ !.. وابنها في حضنها ملكاً تُجَسِّدَ كائناً كالبدر تحضنه السماءِ ووردةً جوريةً في حُضْنِ والدةٍ...
هي أمّه اسمته يوسف مثلما اسمته راحيل القديمة يوسفاً...
من شدّةِ النور الذي أطفا غرائزهن .. أعماهنّ .. قطّعْنَ الأصابع...
بينما العينان جاحظتان نحو جماله الأخّاذ...
يا لجماله الجسدي والروحي والنبويِّ...
كالقدسِ التي امْتَدَتْ إليه حمامةٍ في الجبِّ فاتّحدا وأصبح عاشق المعشوق...
يعشقها وتعشقه...
ويَرْبِتُ فوق صخرتها...
فَتَرْبِتُ فوق جَبْهَتَهُ...
تُناشدُ في طفولتها طفولته ألا صَبراً...
فيرتد الصدى (ثبراً)...
كأن الصبر يا أيوبُ مكتوبٌ على الجدران في كل المهاجر والبيوت فكل بيتٍ من بيوت الشعب يحكي قصةَ المذبوح في صبرا .. وشاتيلا .. ألا صبراً...
يا ابن الذي .. لما انكشفتَ من العدوِّ تركتهُ طفلاً فأطعمني مَرار فراقه طفلاً وعدت إليه...
عُدْتُ إليه عَلَّ قضيةَ القدس التي من أجلها ضحت ملايين الرجال تزفُ لي خَبَرَ التحرر من قيودٍ كبلتها...
غير أنك أيها الوجه الطفوليّ البريء علامةً...
غير أنك في سجون الاحتلال علامةً وإشارةً...
(إن الدم المهراق مهراً غير كافٍ للتي في كل ذرات التراب ترابها تِبْرٌ)...
ومن كل المياه مياهها من كوثرٍ خمرٍ...
غير كافٍ للتي في كل ناحية تَشُّمُ روائح الشهداء قافلةً وراء قوافل .. جيلاً مضى .. جيلاً أتى .. جيلاً سيأتي بعد جيلْ...
يا ابن الذي هو صابرُ صبرَ النُبوة غير أن الشوقَ يذبحنا ويقتلنا .. ويَغرزُ في نِياطِ القلب خِنْجَر حقدنا النبويّ حتى تستفيقَ ضمائرٌ نامتْ...
وتحيا في قلوب العالمين عواطفاً ماتتْ...
أيُعْقَلٌ يا صغيري أن تكون وأمُكَ اعتقلت لأن الذئبَ فَتَّشها .. وعذبها .. وكبّلها بحكم جريمةٍ عُظمى هي العشق المقدس للتي صَلّى على أحجارها ذاك الأمين...
أنا في انتظارك .. لا
أنا في انتظار الأم تَحضنُ طفلها تجتازُ أسلاكاً تُحطمُّ قيدها... وتَجِيءُ من ليل الضنى وتَضمّ إخوتكَ الذين على رصيف الشوق قد غَنّوا قصيدةَ شاعرٍ يبكي عليك بحرقةٍ...
وبِرقَةٍ فَأَمْسَحْ دموعَ العاشقين وقل لنا يا يوسفَ الصديقَ كيف نوحّد الأشياء حين يضيعُ ناظمها...
وكيف تَسيرُ مركبنا ويركبُ فوقنا الإخوانُ والخلّانُ تركبنا قيادات الهوى والحقدِ والشيطان...
نَمْ يا صغيري...
لم يَعُدْ لتنفّسِ الصبحِ...
انبلاجُ الفجرِ غير هنيهةٍ...
فلقد مضى ليلُ التشردِ والعذاباتِ التي هانت لمن عشق القضيّةَ...
إنَ سِجْنُكَ شارةً للنصرِ والتمكينِ...
............................................................................................................................