2010-12-28
الدوحة - مصطفى البهنساوي
توقع خبراء اقتصاد أن تحقق قطر فوائض مالية ضخمة في الميزانية في السنة المالية 2010-2011 بسبب صعود أسعار النفط فوق 90 دولارا للبرميل.
وساعد تعافي أسعار النفط في انخفاضات العام الماضي دولة قطر في دعم عائدات ميزانيتها والإبقاء على برامج التحفيز المالي في وقت بدأت فيه دول أخرى تدرس إجراء تخفيضات للإنفاق.
وصف الخبراء الاقتصاد القطري بأنه في مرحلة نمو سريع، مدعوماً بالارتفاع في أسعار النفط والغاز الطبيعي المسال وسوائل الغاز الطبيعي وزيادة الصادرات، مؤكدين أن ارتفاع أسعار النفط والغاز يساهم بشكل كبير في دعم التمويل
العام في الدولة، وكذلك تحقيق فوائض كبيرة في الحسابات المالية والحسابات الجارية خلال العامين الحالي والمقبل، لافتين في الوقت نفسه إلى تحسن السيولة وتوفر الائتمان في قطر، رغم توجه النسبة الأكبر من القروض إلى القطاع العام.
وأطلقت دولة قطر في مارس من العام الماضي أكبر موازنة في تاريخها, قدرت على أساس 55 دولاراً سعراً لبرميل النفط، وبمقارنة تقديرات الإيرادات بتقديرات الإنفاق يقدر الفائض المتوقع بـ9.7 بليون ريال في مقابل عجز بلغ 5.8 بليون ريال في موازنة 2009-2010.
وزادت قطر الإنفاق العام في موازنة هذا العام التي ينتهي العمل بها في الحادي والثلاثين من مارس 2011 بنسبة %25, حيث تأتي هذه الموازنة في أعقاب أزمة مالية لم يتأكد بعد تعافي الاقتصاد العالمي من تداعياتها.
وفي هذا السياق، توقع الرئيس التنفيذي لبنك الدوحة ر.سيتارامان, تحقيق دولة قطر فائضا قدره 19.7 مليار ريال في موازنة العام الحالي، وربما تزيد عن ذلك مع ارتفاع أسعار برميل النفط في 90 دولارا, مضيفا أن هذا النمو يعد إشارة إيجابية تؤكد أن قطر لديها قدرة على الاستدامة لأداء طويل المدى.
وزاد في هذا السياق «بلغ الناتج المحلي لدولة قطر 294 مليار ريال بنهاية العام الماضي، ويتوقع أن ينمو بمعدل يزيد على %15 هذا العام من جراء زيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال ومنتجات البتروكيماويات، ما يعني توجه الدولة نحو تحقيق فوائض مالية في موازنة العام الحالي قدرها 19.7 مليار ريال حسب الأرقام الحالية.
وقال: من المتوقع أن تسجل دولة قطر أعلى معدل لنصيب الفرد من الدخل القومي بقيمة 90.149 دولار أميركي لعام 2010. وبالنسبة لقطاع الهيدروكربون، فإن قطر احتلت بوصول إنتاجها السنوي من الغاز الطبيعي المسال إلى 77 مليون طن المركز الأول على مستوى العالم من حيث إنتاج الغاز الطبيعي المسال ونقله. وقد جاءت قطر في المركز السابع عشر على مستوى العالم في تقرير التنافسية العالمية 2010-2011 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.
بالإضافة إلى ذلك، فقد فازت قطر بتنظيم بطولة كأس العالم 2022. ومن شأن كل هذه الإنجازات أن تدعم موازنة دولة قطر وتساعدها على تحقيق المزيد من الفوائض في المستقبل.
وأوضح أن زيادة الطلب على الطاقة خلال العامين الماضيين على مستوى العالم ساعد قطر على تحقيق فائض مالي كبير، مما أدى إلى تحسين
وضع ميزان المدفوعات لديها, ومكن الدولة من الاستثمار بحكمة في العديد من المشاريع الصناعية ومشاريع البنية التحتية والتي تتضمن المشاريع الرئيسية مثل مطار الدوحة الدولي الجديد، وجزيرة اللؤلؤة، وميناء مدينة مسيعيد الصناعية.
الانتعاش في البورصة
من جانبه توقع المحلل المالي أسامة عبدالعزيز أن يساعد ارتفاع أسعار النفط فوق 90 دولارا للبرميل في تحقيق المزيد من الفوائض المالية, وإحداث نوع من الانتعاش في بورصة قطر خلال الفترة المقبلة.
ووصف عبدالعزيز الاقتصاد القطري بأنه في مرحلة نمو سريع، مدعوماً بالارتفاع في أسعار النفط والغاز الطبيعي المسال وسوائل الغاز الطبيعي وزيادة الصادرات، مؤكداً أن ارتفاع أسعار النفط والغاز يساهم بشكل كبير في دعم التمويل العام في الدولة، وكذلك تحقيق فوائض كبيرة في الحسابات المالية والحسابات الجارية خلال العام الجاري والمقبل، لافتين في الوقت نفسه إلى أن تحسن السيولة وتوفر الائتمان في الدولة يدعم انتعاش السوق المالية.
وأوضح أن ارتفاع أسعار النفط وتحقيق المزيد من الفوائض يساعد الحكومة القطرية على مواصلة سياستها المالية التوسعية وطموحاتها في الاستثمار في البنى التحتية في الدولة، والذي يعتبر المحرك الرئيس للنمو في القطاعات غير الهيدروكربونية.
وأشار عبدالعزيز إلى أن صناديق الاستثمار بقطر ستساهم بشكل ملحوظ في زيادة الإنفاق، إلا أنه أشار إلى أن الحكومة قد تكون قلقة من زيادة الإنفاق بسرعة كبيرة خوفاً من المخاطر التي قد تصيب الاقتصاد القطري؛ لذلك توقع أن تضع الحكومة القطرية في اعتبارها نصيحة صندوق النقد الدولي في الآونة الأخيرة، وهي تحديد أولويات مشاريع البنى التحتية بعناية، من أجل تخفيف ظهور اختناقات العرض وتضخم دفع التكلفة. كما توقع أن تستفيد قطر من الفائض الكبير المتوقع في زيادة شراء أصول لها في الخارج، وبالتالي فإنه من المتوقع زيادة نشاط جهاز قطر للاستثمار خلال الأعوام المقبلة.
وأكد أن توسيع نطاق الخدمات الحكومية، سيدفع الاقتصاد القطري إلى النمو, ويساعد القطاع الخاص على التعافي من الظروف الصعبة التي مر بها في عام 2009.
إيجابية الأداء
وأوضح أن أداء المؤشر القطري سيكون إيجابياً خلال 2011، مدعوماً بعوامل من بينها المناخ الاستثماري القوي، وارتفاع أسعار النفط، وتعافي القوائم المالية للبنوك، وتحسن آفاق السيولة والأسواق العالمية بوجه عام.
وتكهن عبدالعزيز أن قطاع الطاقة سيكون من أفضل القطاعات أداء في العام القادم، نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة والبتروكيماويات، مبررا ذلك بتوقعات بارتفاع أسعار النفط إلى ما فوق 100 دولار للبرميل العام المقبل، نتيجة ظروف الطلب، واستمرار تراجع الدولار الأميركي، وهو العملة التي يجري بها تداول
النفط.
مشيراً إلى أن سهم صناعات قطر سجل أداء لافتا خلال الفترة الماضية, كما صعد يوم الأحد الحد الأعلى متأثراً بصعود أسعار النفط فوق 90 دولارا للبرميل.
من جانبه أشار رجل الأعمال يوسف الكواري إلى أن الحكومة القطرية تتوقع فائضا في الموازنة بنحو 9.7 مليار ريال في موازنة العام الحالي، على
خلاف الغالبية العظمى من الحكومات حول العالم، التي واجهت عجزاً في ميزانياتها. قائلا: «لقد بدأنا في جني ثمار منهجنا الاستثماري طويل الأمد في مجال الغاز الطبيعي المسال، مما سيتيح لنا تعزيز التنوع في اقتصادنا. ونشهد أيضاً المتانة المتزايدة للقطاع غير الهيدروكربوني القطري، الذي يشكل حصة كبيرة ومتنامية من اقتصادنا».
وشدد الكواري على المكانة المتزايدة التي أضحى يتمتع بها الاقتصاد القطري. مشيراً في هذا الصدد إلى التصنيفات التي حصل عليها الاقتصاد القطري والتي أكدت تمتعه بقوة متناهية، مؤكداً أن جداول الموازنة المالية لقطر, ووضع السيولة فيها تتمتع بمكانة أقوى من نظرائنا الحائزين على نفس التصنيف الأكبر من نوعه.
الإنفاق الحكومي
وقال الكواري إن موازنة العام الحالي هي أكبر موازنة تطلقها دولة قطر في تاريخها من حيث الإيرادات والنفقات والفائض المتوقع. كما تعبر أيضا عن رغبة دولة قطر في مواصلة السير قدما في طريق التنمية الشاملة والمستدامة وما تتطلبه من كبح الارتفاع الضار بها لمعدل التضخم دون المساس بمعدلات الإنفاق الحكومي التي تقتضيها المشاريع الاقتصادية والاجتماعية على السواء, مثل المدارس والمستشفيات والمطار والميناء والطرق والصرف الصحي.
وأكد الكواري أن موازنة العام الحالي وما يتوقع أن تحققه من فوائض مالية جيدة تترافق مع شواهد ومؤشرات كثيرة في دولة قطر عند مستويات التطور والديناميكية المتحققة بالفعل, ومنها تضاعف القيمة السوقية لبورصة قطر, وتحقق التوسع المدروس في إنتاج الغاز. والتركيز على الاستفادة القصوى من اقتصادات الإنتاج واسع النطاق. واستخدام التطورات الحديثة في تكنولوجيا الإنتاج لتحقيق أقصى عوائد صافية ممكنة من إنتاج هذه الطاقة, كما تحقق التوسع العمراني الكبير الذي تشهده مدن دولة قطر مترافقا مع التوسع الهائل في مشاريع البنية التحتية الأساسية والمشاريع الرئيسية.
وقال الكواري إن تقدير سعر برميل النفط بموازنة العام الحالي عند 55 دولارا للبرميل يعد متحفظا، حيث شهدنا ارتفاعا كبيرا لأسعار برميل النفط, مع توقعات بأن تقفز أسعار النفط لأعلى من هذا السعر مع بداية العام القادم, مما يحق فائضا كبيرا بالموازنة لارتفاع الإيرادات.
وأوضح أن تقديرات منظمة الدول المصدرة للنفط تتوقع ارتفاع الاستهلاك للعام الحالي والقادم, بما يشير إلى إمكان تخطي السعر فوق 90 دولارا للبرميل خلال العام القادم, وبالتالي تحقيق المزيد من الفوائض.
الفائدة
وفيما يتعلق بالاستفادة من الفوائض المالية المتوقعة في موازنة هذا العام قال الكواري: سيتم ضخ هذه الفوائض في مشاريع البنية التحتية المتعلقة بالنفط والغاز للمساهمة في دفع النمو الاقتصادي, بالإضافة إلى توجيه جزء من الفوائض إلى شراء أصول في الخارج لتنويع الاقتصاد الوطني الاحتياطي.
وكان سعادة السيد يوسف حسين كمال قال في تصريحات صحافية سابقة: إن الفوائض المحققة في ميزانية الدولة تذهب مباشرة إلى احتياطي الدولة, وإن المسؤول عن هذا الاحتياطي هو المجلس الأعلى للشؤون الاقتصادية والاستثمار, موضحا أن جهاز قطر للاستثمار التابع للمجلس هو من يقوم بالتصرف في هذه الأموال وفق الأنظمة والسياسة والاستراتيجية الموضوعة لديه لإدارة استثمارات دولة قطر.
وأكد أن هناك آلية تخضع لها استثمارات الدولة, حيث يؤخذ بعين الاعتبار تركيبة العملات والقطاعات المستثمر فيها, والتوزيع الجغرافي والتوزيع النسبي للاستثمارات، مشيراً إلى أن السياسة الاستثمارية للدولة تكون في أوقات محددة خاضعة لأهداف ومنافع معينة, وذلك بحسب المردود الذي قد يحصل للدولة على القطاع التعليمي أو
القطاع الصحي أو قطاع التكنولوجيا والأبحاث.
ولفت إلى أن العائد من الاستثمارات قد يكون ماديا أو نفعيا لنقل التكنولوجيا والخبرات إلى الدولة, ويستفيد القطاع المعني بهذه الخبرة. وشدد على أن الدولة تنظر إلى الاقتصاد الكلي والمنفعة الإجمالية, حيث تستثمر الدولة في مكان ما ذي عائد مادي قليل, ولكن المنفعة الكلية على اقتصاد الدولة يكون أكبر بكثير من ذلك العائد المادي.
تحقيق الرؤية
وقال: بعد أن تحققت رؤية حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى, في بناء قاعدة أساسية تقوم على الاستثمار في قطاع النفط والغاز وبناء البنية التحتية التي أدت إلى وجود وفرة مالية وبنية تحتية واستثمارات خارجية ومشاريع ضخمة وموازنة كبيرة، فإن الدولة تتجه حاليا إلى الصناعات الصغيرة والمتوسطة, مشيراً إلى أنه تم تجهيز منطقة أطلق عليها اسم «المنطقة الاقتصادية» حيث تبلغ مساحتها (62 كيلومترا مربعا) تقع بين مدينتي «الوكرة» و «مسيعيد» وهي مربوطة بميناء ضخم يستوعب حوالي مليوني حاوية, إضافة إلى قناة مائية تربط هذه المنطقة بالميناء, وذلك بهدف توفير الوسائل الميسرة للتصدير عبر البحر, هذا إلى جانب مشروع القطارات الذي يربط الدولة بدول المنطقة للتصدير الإقليمي.
وأوضح أنه بعد أن وفرت الدولة كل ذلك إلى جانب الطاقة الكهربائية التي تم ضخ استثمارات ضخمة فيها والمشاريع الكبيرة في صناعات البتروكيماويات التي وفرت المواد الأولية للصناعات الصغيرة والمتوسطة, يجب أن يتم جلب التكنولوجيا والأسواق المناسبة والمال الذي يستثمر في هذه الصناعات, لافتا إلى أن الدولة قامت بتوفير الأموال بإنشاء بنك التنمية الصناعي لدعم هذه الصناعات.
وأكد أنه من الآن وحتى عام 2014 سيكون هناك نمو اقتصادي قوي في الدولة نتيجة الاستثمارات في قطاع النفط والغاز والبتروكيماويات, حيث ستكون مساهمة هذا القطاع في النمو الاقتصادي وصلت إلى أقصى مستوى لها, مشددا على أن ذلك يتطلب وضع برنامج
للتنويع الاقتصادي, وهذا ما تعمل عليه الدولة مثل الصناعات الصغيرة والمتوسطة وتنمية القطاع المالي
وتغيير هيكلة السوق المالية, لكي تقوم هذه القطاعات بدورها في النمو الاقتصادي المنشود, بعد أن قام
قطاع النفط والغاز بدوره في الفترة السابقة, لافتا إلى أنه يجب أن نعمل على تجهيز البنية التحتية لهذه القطاعات من الآن