متى تطوى صفحة «خيار التنازلات»

الكاتب : شارل كاملة |
تاريخ المقال : 2011-01-05

لماذا يعيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعوة التفاوض إلى الواجهة، وهذه المرة ممهورة بتوصية «من دون توقف»؟ ومتأكد من إمكانية التوصل إلى اتفاق تسوية خلال شهرين في حال استئناف المفاوضات؟!
بالتأكيد، ثمة ما يدفع إلى هذه الوجهة.. وبالتأكيد أيضاً ثمة ما يستبعد أن يكون جوهر القضية الفلسطينية بالحسبان، وهذه نتيجة لم تكن وليدة عام من التفاوض بل تحصيل حاصل 18 عاماً من المفاوضات العبثية، وكلها أثمرت تفاهمات لم تحترم واتفاقيات مبدئية لم تحترم، بالرغم من أنها جميعاً لم تلامس جوهر القضية الفلسطينية.. ومن كثرة التفاصيل التي انضوت فيها الشياطين والتي تغرق فيها إسرائيل المفاوضات كاد هذا الجوهر أن يضيع وكادت القضية برمتها أن تصبح في خبر كان، لو قدر للبعض الاستمرار في ذاك اللهو والعبث!!.. ‏
إذاً، نتنياهو يطلب فرصة ـ تصوروا هذه المفارقة العجيبة الغريبةـ وهو الذي لم يغير حرفاً واحداً في استراتيجياته وإنما يطورها بما يخدم مخططاته الشيطانية، أليس هو من قال وأصر على أقواله منذ وصوله للسلطة على أنه لا عودة إلى حدود الرابع من حزيران 1967، وأن القدس ستبقى موحدة تحت السيطرة الإسرائيلية وأن لا توقف للاستيطان لتأكيد هوية الكيان اليهودية وبعدها يمكن للفلسطينيين إقامة دولة منزوعة السلاح والسيادة، وهو اليوم يجدد الدعوة لمفاوضات تحت هذا السقف ـ ولا شيء غيره ـ وهو اليوم يتبع سياسة التدرج في اعتداءاته على الفلسطينيين تمهيداً لعدوان شامل على شكل محرقة قطاع غزة مثلما انتهت اعتداءاته متدرجة باجتياح شامل في الضفة الغربية استيطاناً وفلتان قطعان المستوطنين، ما وضع حداً لاتفاق أوسلو رغم السوء الحافل في طياته ويدعو إلى التفاوض من دون توقف ومهما كانت الأسباب!! إنها مفارقة بل صفاقة سياسية قل نظيرها في القضايا المتماثلة، وهي إذاً دعوة المستمرئ مما حصل في جولات التفاوض كلها والتي أفضت إلى نتيجة واحدة وهي: إن الدول العربية وبينها السلطة الفلسطينية قبل أوسلو وبعدها هي التي بدلت وغيرت، ساومت وتنازلت، فاوضت وتراجعت دمرت قدرتها وأحرقت أوراقها بعد جعل خيار السلام خياراً واحداً لا رجعة عنه وتنازلت عن بقية الخيارات وكأن السلاح والمقاومة ليسا خياراً يفرض على طاولة التفاوض إرادة الند والغلبة وعدم التفريط بالحقوقـ ومع كل تراجع عربي كان، كان وحش الاستيطان والاحتلال والقتل والتهجير يتغول أكثر ويتمدد وينتشر وبقيت المعادلة الثابتة عند العدو واحدة، فيما المعادلة الفلسطينية بقيت مأسورة في زاوية الانتظار والرهان على ما لن يأتي أبداً من خارج أسوار فلسطينيتهم!.. ‏
من هذا المشهد يجدد نتنياهو الدعوة ما دامت كل جولة تفاوض تزيد العري الفلسطيني، وما دام القول أن لا مهرب من المفاوضات إلا بمزيد من التفاوض هو اللغة الوحيدة التي بقيت في قاموس السلطة الفلسطينية، فيما نتنياهو يستغل الوقت ويلعب به ويظهر كمن يروج للسلام والطرف الآخر يرفض فيما الحقيقة هي أن طلب التفاوض من دون توقف غايته نقل مستوى التفاوض في التنازلات إلى مستوى جديد كما في كل المفاوضات السابقة، أي من مستوى إلى آخر أدنى في التنازلات فيما الغاية الثانية هي تعميق النزاع الفلسطيني الداخلي وتوسيع شق الانقسام العربي ـ العربي.. هذه هي غاية نتنياهو ولا شيء سواها.. وخيار السلام على هذه الشاكلة كان خياراً بائساً بامتياز وبات من الضرورة القصوى تجريب خيارات أخرى متوفرة وربما تكون منقذة لهذه الحال العربية المزرية!!؟ ‏
إذاً لا يطلب نتنياهو محطة تفاوضية مفتوحة لو لم يدرك أن من ورائها محطة تنازل جديدة يغطي فيها سعاره العنصري وشهيته الاستيطانية المفتوحة... فهل تطوى صفحة التنازلات المنضوية تحت بند المفاوضات؟!

» الانتفاضة الثالثة خيار وحيد ..رشاد أبوشاور
» 118 صفحة "فيسبوك" تريد إنهاء الانقسام
» سليمان يؤكد سقوط خيار التوريث
» اللا دولة.. خيار إسرائيلي ثالث
» نساء من الدوايمة رسمية سعد الخطيب .. خيار حفظ الكرامة