لقمان بن عاد والأنظمة العربية
بقلم : الداعي بالخير صالح صلاح شبانة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]لم أكتب عن الثورة التونسية ، ولم أكتب عن الثورة المصرية ، وكلاهما حدثان مهمان جدا ، وذلك لأنني لا أحب الكتابة عن المناسبات ، ولكنني اليوم أكتب هذه الحكاية ، وأكني عنهما :
حكاية لقمان بن عاد قد تكون حقيقة أو قد تكون أسطورة ، ولكنها تتضمن حكمة خالدة على مر العصور حري بنا أن نتعلمها وندرك معانيها
أنقل اليكم جزءا منها وأكني بالجزء الأخر :
عندما اقترب أن يحل العذاب ببني عاد أرسلوا منهم وفدا الى مكة ليتقرب لله العظيم عند كعبته ليرفع العذاب عنهم..!!!
وفي طريق مسيره رأى سحابة العذاب تتجه الى دياره فاسرع يغذ السير الى مكة ، وعندما وصلها تعلق لقمان بن عاد بأستار الكعبه طالبا الرحمة لقومه ، فناداه المنادي :
يا لقمان العذاب واقع لا محالة على قومك فاطلب ماشئت الا رفع العذاب عن قومك ، فجلس يفكر ماذا يطلب ويتمنى ..!!!
وفكر.. وفكر .. وفكر...!!!!!
اللهم يارب البحار الخضر ، والأرض ذات النبت بعد القطر ، امنحنى عمرا فوق كل عمر..!!!
فكانت امنيته صعبه المنال وابتهالاته بالغه الحرارة ، كان لقمان قد جاء من اليمن عبر الصحراء ، ورأى الجبال باقيه والإنسان راحلا ، فتمنى بقاء كبقاء الجبال ، وظل يردد هذه الابتهالات حتى بكى ..!!!
ثم نام مؤرقا واستيقظ مفزوعا واصوات غريبه تملأ الفضاء من حوله تنبعث من خلال السحب ورؤوس الجبال يا لقمان بن عاد اما الخلود فلا سبيل اليه ولكن لك طول البقاء اختر عمرك ..!! :
اما بقاء سبع بقرات عفر في جبل وعر ، واما بقاء سبع نوايات تمر مستودعات في صخر ، لا يمسهن ندى ولا قطر..واما بقاء سبعه نسور كلما هلك نسر أعقبه نسر...!!!
ولبث لقمان حائرا : بقر وتمور ونسور...!!
فأين للبقر الحياة والمرعى في الجبال الوعرة وكيف ينبت النوى من الصخر..؟؟؟
لم تبق اذن الا النسور حرة طليقه تملك الفضاء الرحب وتملك ايضا سنوات عمره..!!!
هتف لقمان في حرارة : قد اخترت النسور..قد اخدت اعماري...!!!
عندما خاطبته الاصوات مرة اخرى احس بها تسري في عروقه قبل ان يسمعها باذنيه : يا لقمان بن عاد المغرور ببقاء النسور هاهو عمرك الاول قد بدأ فاصعد الجبل..!!!
اسرع ملهوفا يتسلق الصخور الصعبه ، ومنذ الآن لن يكف عن التسلق ، لقد ربط عمره بالقمم الصعبه حيث تعيش النسور
كلما اضناه عمر جديد تاقت روحه الى سنوات أخرى اضافيه ...!!!!
كان عش النسور الشاهق فيه بيضتان لم يفقسا الا في هذه اللحظه كأنهما في انتظاره يطل منهما فرخان صغيران ، الاكبر رأسا منهما هو الذكر وهو الاقوى والاطول عمرا...!!!
مد يده وامسكه في قبضة يده كأنما يمسك قدره وهتف به : انت المصون ، الباقي بعد الحصون ، من غدر الدهر الخؤون ،
وعقد في رجله رباطا ليعرفه به ثم بدأ رحله العوده الى اليمن ...!!!
كان لقمان قويا ، فيه شئ من صلادة الجبال ووعورة الصخور وعندما بدأ الزمان يتراجع أمامه تحول إلى كائن أسطوري، وسوف تدين له اليمن بالطاعه من اجل ذلك ...!!!
لم يكن النسر يفارقه ، كان يطير من حوله أو يرتاح على كتفه ولا يأكل الا من يديه وكان استقبال قبيلته من ((حمير)) حافلا..!!
فالأخبار تنتقل من الصحراء مع هبوب العواصف ..!!!
وأعطوه الولاء الذي يستحقه والسياده التي يطمح اليها...!!!
ونما النسر..واستطال ريشه..وأصبح يغيب في السماوات البعيده..ولكنه كان يدرك بشكل أو بآخر انه مرتبط بهذا الرجل..وكان يعود اليه دائما ليأكل من يديه أو لينام على جدران بيته ...!!!
************
وللقصة بقية ، تبدأ مع كل نسر جديد ، وكلما مات نسر جدد له النسر التالي الحياة ، وكان كل شيء يتغير ويتبدل من حول لقمان ، الا هو الذي يعيش عمره المتجدد بالسنين دون أن يتأقلم مع الحياة ، ويعيش هموم الأجيال التي تلد وتشب وتشيخ وتموت ، ولقمان يجدد مع كل عمر نسر حياته ، ناسيا أن كل جيل يرى الجيل الذي يليه زنديقا ، ويرى الشباب الشيوخ عصيا في عجلات الحياة ...!!!!
كان الزمان يمر ، ولقمان ملكا على اليمن يروي تاريخ وأساطير وغرائب وعجائب حياة عاشها مئات السنين ، حتى مات أو كاد النسر قبل الأخير ، السادس ، وعليه أن يعيش عمر النسر السابع ، وفيما هو في طريقه الى الجبل ، رأى جمهرة من الناس وبينهم شابا يلبس تاج المُلك ، ويحتفلون به ، فسأل بحرقة : من هذا ؟؟ قالوا : ملكنا الجديد ..!!
فسأل بحرقة وألم : وأنا ؟؟ ألست بملككم ؟؟ فضحكوا منه وألبسوه قشرة بطيخ بدل تاج الملك ، فصعد الجبل حزينا ، وأمسك على رقبة فرخ النسر الذي كان ينظر اليه باستسلام حتى خنقه ، فمات ، ومات لقمان بن عاد ...!!!
هذه الحكاية ترسم لنا زعامات الأنظمة العربية ، الرؤساء حتى الموت ، الذين لا يراعون التغير الذي يحدث في مجتمعاتهم ، ويريدون الحكم خالدا كخلود ابليس في الأرض ، فتتضر الشعوب الى النهوض وبذل التضحيات والدماء في سبيل نزعهم عن عروشهم ، والباسهم قشور البطيخ بدلا من تيجانهم ...!!!
زين العابدين بن علي كان أول من لبس قشرة البطيخ ، وحاول حسني مبارك تغيير الأقدار ، فصمد 18 يوما يجاهد للبقاء في منصبه للأبد ، ولكن ارادة الجماهير التي كانت تحت ارادة الله عز وجل بذلت الدماء وسطرت الأمجاد ، وودعته بقشرة البطيخ التي لبسها لقمان بن عاد..!!!
والآن يا ترى ، من هو صاحب القشرة التالية ، سيما هناك طواغيت يظنون أنفسهم بمعزل عن غضب الله ثم الأمة ؟؟
اتمنى على كل زعيم أن يدرس سيرة لقمان بن عاد ويأخذ منها الدروس والعبر ، التغيير والتجديد ، وفهم الحياة ..!!!
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]الداعي بالخير
صالح صلاح شبانة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]منتديات سنجل الباسلة
الموقع الشخصي للكاتب والباحث صالح صلاح شبانة
هذا الرابط لموقع شخصي وخاص ، وهو محاكاة للتراث الشعبي حسب وجهة نظر الكاتب ، وقد يطلق عليه التأريخ الأبداعي ، وهو يختص بتراث القرية الفلسطينية من وجهة نظر أهل سنجل ، أرجو وأتمنى منكم عدم حذف الرابط بذريعة قوانين المنتدى ، وأرجو من القوانين القفز عن هذا الرابط لما فيه من تواصل بين أبناء الشعب الفلسطيني المهَجّرين ، ولكم التحية .