استقالة وانتخابات ماذا يحدث في السلطة؟

استقالة وانتخابات ماذا يحدث في السلطة؟
الكاتب : محمد خرّوب

يمكن القول أن «الإثارة» التي سعت إليها السلطة الفلسطينية أو قل منظمة التحرير لتصدر المشهد «الإقليمي», لم تكن عفوية, وان توقيتها في خضم الاحتفالات التي عمّت العالم العربي (يمكن الان العودة لاستخدام مصطلح كهذا, بعد أن نجحت الجماهير العربية في إطاحة نظامين بوليسيين انعزاليين, سعيا بكل ما أوتيا من قوة قمعية وتحالفات مشبوهة, أن ينأيا ببلديهما وشعبيهما بعيداً عن قضايا الأمة وهمومها, لكن الحناجر والإرادات التي فرضت نفسها في مدن تونس ومصر أسقطتا نظريات كهذه, وإن كانت النظريات الانعزالية لم تندحر تماما في المشهد العربي الرسمي الكابوسي, الذي تواصل فصولاً متمادية طوال أربعة عقود ومنذ صعود نجم النور السادات على وجه الخصوص) كان مقصوداً.
الأخبار القادمة من رام الله التي حملت طابعاً دراماتيكياً, بدت وكأنها استدراك لحال الخيبة التي أصابت أركان السلطة بعد سقوط نظام حسني مبارك, والذي أَمِل أهل السلطة أن يستمر على الاقل في شخص عمر سليمان الممسك بـ (الملف) الفلسطيني, وخصوصاً ذلك الفصل المأساوي المسمى بالمصالحة, والذي تحول لاحقاً إلى مصطلح جديد اسمه «الورقة المصرية«.. لكن الأمور لم تسر وفق رغبات أهل السلطة وأصحابها, بعد أن سقط سليمان مع معلمه وذهب نظام مبارك إلى مزبلة التاريخ, فجاء الرد مرتبكاً مفتقداً التماسك, بل أن اللغة «المغسولة» ذاتها هي التي استخدمها «فارسا» الحدث، صائب عريقات وياسر عبد ربه عندما خرجا على الناس «يفسران» ما لحق بالأول وما تفتقت عنه عبقرية الثاني.
عريقات المفاوض المزمن منذ أن عاد عليه «شماغه» بالشهرة, قبل عشرين عاماً في وفد «الداخل» خلال مؤتمر مدريد, والذي أراد أهل السلطة إرسال رسالة للعالم وإسرائيل خصوصاً, بأن الشعب الفلسطيني لم يُنْجِبْ رجلاً يتوفر على مهارات ورؤى وامكانات تفاوضية ومعرفة عميقة بعلم نفس التفاوض وضليع بالثقافة الصهيونية ومناورات الأعداء، سواه.
عريقات هذا, أراد تفجير «قنبلة» عبر اعل «استقالته» من رئاسة دائرة المفاوضات في منظمة التحرير (او يبدو انه دُفع إلى ذلك على ما تقول بعض التسريبات) لكنه أصيب بخيبة بعد آن «سقط» الخبر غالى مؤخرة إنباء الفضائيات ووكالات الانباء رغم أن قناة الجزيرة أوردته تحت بند «عاجل» فيما كانت تبث صور المحتفلين في ميدان التحرير بالقاهرة, وأسباب الجزيرة معروفة فهي التي أطاحت الرجل بعد وثائق «كشف المستور» التي اوصلت رحلة عريقات التفاوضية الى النهاية البائسة هذه, وخصوصاً في ظل «الفهلوة» التي مارسها كبير المفاوضين (للتذكير المفيد) الذي أشبعنا «وطنية» في التصريحات، فيما سيل التنازلات والتفريط لا يتوقف خلف الأبواب المغلقة وخصوصاً في بيت رئيس وزراء اسرائيل (الرسمي وليس الشخصي كما تنبغي الاشارة).
المثير (للغضب بالطبع) هو ان «الرجل» الذي توقع كثيرون ان يبدي فعل الندم لشعبه اولا ويبادر فور كشف المستور للاستقالة وخصوصاً ان المشروع الوطني والحقوق الوطنية الفلسطينية غير القابلة للتصرف أو التقادم, لم تكن مرجعيته فلماذا استقال عريقات؟
صاحب نظرية (وكتاب) الحياة مفاوضات قال أن السبب هو «تسرب» الوثائق التي كشفتها الجزيرة من مكتبه.. «نقطة«..
أليس أي شيء آخر؟ لا... فالرجل مرتاح الضمير لأن ما استند اليه في تفاوضه مع العدو (هل يراه عدواً؟) الإسرائيلي, سواء في ملف اللاجئين والاستيطان والمياه والقدس والحدود, هو القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية..
«يستغبينا» الرجل حقاً.. ليس فقط في انه يهمل عن قصد ما توصف بالثوابت الفلسطينية, التي هي ترجمة للحقوق المغتصبة التي يجب أن تستعاد, وإنما أيضاً لأنه يريدنا تصديق بأن إسرائيل ملتزمة بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية, فضلاً عن أن الذي يتحدث «فلسطيني» يعرف أن قراراً دولياً واحداً لم تنفذه إسرائيل منذ قيامها حتى الان, فأي رسالة يريد هذا الرجل إرسالها بعد أن انكشف المستور؟
في انتظار «بديله» الذي قد يكون نبيل شعث أو محمد اشتيه, فإن «صفحة» صائب عريقات التفاوضية, يجب أن لا تطوى بل يجب فتح النقاش حول كل من ملابساتها, بل إلهاء الناس بالتحقيق في مسألة هامشية تستهدف معرفة كيف ومَنْ سرب الوثائق غير المشكوك في صحتها, لإيجاد كبش فداء فيما يجري الطمس على جريمة التنازلات والتفريط وخصوصاً في حق العودة والقدس (والمخفي أعظم بالطبع)..
ماذا عن ياسر عبد ربه
خرج أمين سر اللجنة التنفيذية ليعلن عن قرار «لجنته» إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في ايلول المقبل, هكذا بغير مقدمات أو تبرير, وإن كان أَلصق بالقرار (كالعادة) انه جاء تطبيقاً لإرادة الشعب الفلسطيني (كذا) وبعيداً عن التفسيرات والهدوء الذي ميز حديث عبد ربه للصحفيين الذين استدعوا لمقر منظمة التحرير الزجاجي الفخم في رام الله, فإن مجرد اتخاذ القرار يعكس الأزمة التي تعيشها السلطة بعد ان فقدت حليفها (مبارك) وبات عمر سليمان من الماضي, وربما يتأخر اهتمام النظام الجديد وشيك البروز في القاهرة, بالملفات الخارجية بهدف ترتيب البيت الداخلي بعد ان عاث فيه نظام الفساد البوليسي طويلاً.
الانتخابات لن تجرى، لا في أيلول ولا هذا العام, وقرار السلطة مجرد محاولة للقول: نحن هنا. لكن: كيف وبأي وزن وأي أوراق يملكون؟
لا احد منهم يريد الإجابة.

» ماذا يحدث للجسم عندما تقول يا الله
» ماذا يحدث للبنية التحتية الاستراتيجية الاسرائيلية ؟
» الرئيس التونسي يتنازل عن السلطة و يغادر البلاد وإسناد السلطة لرئيس مجلس النواب
» على ماذا اختلفوا على ماذا يتصالحون؟! رشاد أبو شاور
» استقالة قيادة الحزب الحاكم بمصر