من لاحظ مظاهرة الخليل؟!

من لاحظ مظاهرة الخليل؟!
الكاتب : علاء الدين أبو زينة

كأنما خارج السياق، انحشرت صور «جمعة الغضب» الفلسطينية بخفر بين أخبار التظاهرات العربية المليونية. ولم ينتبه أحد تقريباً للخبر القصير الذي عرض مواطني مدينة الخليل المحتلة وهم يشتبكون مع جنود الاحتلال المدججين، ويواجهون قنابل الغاز، ويتعرضون للاعتقال. مثل هذا الخبر كان سيحتل عناوين الأخبار قبل بضع سنوات، لكن الكثير من الأشياء تغيرت نتيجة لعمل بدا مصمماً ليصيب الحدث الفلسطيني بهذا الكسوف أمام الشموس الثورية الطالعة في العواصم العربية.
ربما مر خبر مظاهرة الخليل هكذا بلا كثير انتباه، لأن صورة الفلسطينيين وهم يشتبكون مع جنود الاحتلال الصهيوني تراجعت إلى قاع الذاكرة، فبدت مشاهد الجمعة الماضية وكأنها فيلم تسجيلي مستل من أرشيف قديم، وجد طريقه إلى الشاشة بالخطأ. وقد أثار خبر هذه التظاهرة الفلسطينية الصغيرة المنسية جملة من الأفكار المختلطة.
أولاً، وضعت التظاهرة الحدث الفلسطيني في السياق العربي الأعم، وألقت ضوءاً كاشفاً على التماثلات والفروقات بين حال الفلسطينيين وبين العرب الآخرين في هذه الأيام. وما علينا هنا سوى رصد استجابة «النظام الفلسطيني» للربيع العربي، ومقارنتها بالطريقة التي استجابت بها الأنظمة الشمولية الأخرى المتشبثة بالسلطة: عينت السلطة موعداً لعقد الانتخابات المهملة في أيلول (سبتمبر) المقبل؛ وأعلن السيد الرئيس عدم عزمه الترشح لفترة ثانية، ولم يطرح فكرة التنحي التي كان قد لوح بها سابقاً على الرغم من انتهاء فترته الرئاسية؛ وقام هو بحل الحكومة، وأعاد تعيين رئيس الوزراء نفسه لتشكيل الحكومة الجديدة؛ وقبلها قمع أمن النظام المسلح بالتجهيزات الأميركية محاولة الفلسطينيين التضامن مع ثورتي الياسمين والنيل. هل تبدو هذه «الإصلاحات» مألوفة؟ وما هو «التغيير» المنظور لتصحيح حركة التحرر الفلسطينية، وليس مجرد استرضاء الناس تحت الاحتلال؟
ثانياً، استيقظت الفكرة القديمة: الطريق إلى القدس تمرُّ عبر عواصم العرب. وكانت هذه العبارة قد أصبحت من التابوهات، لأنها أخرجت من سياقاتها لتعني أن تحرير فلسطين يقتضي قلب «الأنظمة العربية المستقرة الملتحمة بمواطنيها، وتخريب المشروعات القطرية المنكفئة على إنجاح نفسها». لكن نفس الفكرة تعود اليوم في حماية المد الثوري العربي. فقد أجرت «السلطة» إصلاحاتها تحت ضغط الشارع العربي وليس الفلسطيني، كما أصبح من المنطقي الآن الأمل بأن تعيد الأنظمة العربية الجديدة موضوع تحرير فلسطين إلى برامجها من جديد، إذا هي التحمت فعلاً بالتطلعات الشعبية العربية الوحدوية المخلصة، وبهدف استعادة الكرامة الجمعية المهدورة، في جزء منها، بسبب هيمنة الكيان الغريب في فلسطين المحتلة على الشخصية العربية.
ثالثاً، استعادت صور «الخلايلة» في الشوارع تلك الحالة العفية القديمة، يوم فاض الغضب أولاً في نفوس الفتيان الفلسطينيين الذين واجهوا الدبابات الإسرائيلية بالصدور العارية والحصى، وكان الجنود الخائفون يحتمون منهم خلف الدروع الثقيلة وقنابل الغاز والرصاص المطاطي والحي. وفي تلك الأيام، لم يكن الحدث الفلسطيني يتصدر عناوين الأخبار فقط، وإنما أصبح النضال السلمي باستخدام الحصى والقلب الشجاع، هو النمط العالمي للثورة الجديدة. وكبر حينذاك الأمل، حتى قال درويش: «ومن حجر سنبني دولة العشاق». في تلك الأيام، لم يكن يقف بين الفلسطينيين وسجانيهم سجانون محليون، ولا عسس بهراوات معلمة بالعلم الفلسطيني، وعبوات غاز أميركية الصنع، و«ظلم ذوي القربى».
رابعاً، كما أثبتت أحزاب النخب العربية فشلها في التوسط في حل التناقض بين الشعوب وحكامها، كذلك تشكل النخبة الفلسطينية الحاكمة تحت الاحتلال حالة بالغة الفشل في التوسط بين الشعب الفلسطيني وبين الاحتلال. وإذا كانت تبرر وجودها بالعملية السلمية، فلم يعد عاقل يراهن على هذه العملية الميتة. أما ضمان «رفاه» الفلسطينيين و«أمنهم» تحت الاحتلال، فمغالطة مريعة. ومثلما حلت الجماهير العربية شؤونها مباشرة مع الأنظمة، فإن الشأن الفلسطيني ينبغي أن يحل مباشرة بين الفلسطينيين، كل الفلسطينيين في خندق الثائرين بلا تمييز، وبين نظام الاحتلال الصهيوني الوحشي.
لقد رتب الوضع الملتوي الحالي على الفلسطينيين ضرورة العودة من الأول. فتماماً كما يأملون بأن تقترب الشعوب العربية من فلسطين بإنجاز مشروعها التحرري الخاص، يبدو أن عليهم هم أيضاً أن يسقطوا الحاجز بينهم وبين الثورة مباشرة على الاحتلال وبعث مشروع تحرير فلسطين، بإنجاز مشروعهم التحرري الخاص من نظامهم المحلي أولاً.

عضو مميز

هذا هو حال امتنا وخاصة النخبة الفاشلة بالامساك بزمام الامور

في الشارع العربي والفلسطيني وانا ممن شاركوا في مظاهرات الخليل
واعلم ما حدث لنا ومع ذلك تجاهلتنا وسائل الاعلام والنخبة الفلسطينية
التي تتكىء على الكراسي لتصرح في اخرة المطاف بتصريح مقتضب
او لتنعى الشهداء في سبيل التصفيق لهم اثناء الخطب
عاشت فتح

» لاحظ القرق بين المسجد الاقصى وقبة الصخرة
» إجهاض مظاهرة جديدة بالجزائر
» مظاهرة لحماس لإنهاء الانقسام
» بروفة مبكرة لـ«يوم الغضب» .. ١٢ مظاهرة فى القاهرة
» مظاهرة بلبنان تؤيد حقوق الفلسطينيين