قالها بن غوريون ( الكبار يموتون والصغار ينسون ) في يوم من الأيام معتقداً أن هذه المقولة شعار الدولة العبرية
ولكن سنقولها له نحن أبناء فلسطين من منا الكثير لم يعش نكبتها .
عودة التابوت
ثم أخبرهم نبيهم أن الله أرسل لهم هذا الملك, وجعل له علامة ودليلاً على ذلك, وهي أن التابوت الذي أخذ منهم سيعود إليهم, وستحمله الملائكة لهم, قال تعالى: (وَقَالَ لَهُم نَبِيُّهُم إِنَّ آيَةَ مُلكِهِ أَن يَأتِيَكُم التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَبِّكُم وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحمِلٌهُ المَلاَئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَة لَكُم إِن كُنتُم مُّؤمِنِينَ). اليقرة (248), فلما رأوه تطير به الملائكة لم يصدقوا أعينهم, حتى إذا صار بين أيديهم فتحوه فإذا هو فعلاً تابوتهم المفقود!, ففرحوا به ووافقوا على تعيين "طالوت" ملكاً عليهم.
وقد وجدت في الآثار صوراً ورسومات لتابوت تحمله ملائكة لها أجنحة, وهذا التاريخ موثق في تاريخهم وكتبهم, ولكنهم لم يروا الملائكة, وحاشا لهم ذلك, ولكنهم تخيلوا الملائكة ورسموهم, وهي قصة مشهورة عندهم, ولكن هل أطاعوا ملكهم بعد هذه المعجزة الجديدة؟
طالوت الملك الجديد
وبقوا كذلك حتى أتى زمان الملك الكنعاني "جالوت" الذي حكم بيت المقدس, وكان بنو إسرائيل المنهزمون الممزقون والمشتتون بلا حاكم يجمعهم في أسوأ حال, فقالوا لنبيهم وقتذاك: أعد لنا عزنا ومجدنا, وارفع عنا الذل الذي نعيش فيه, واجعل لنا ملكاً نسير وراءه ليحقق لنا النصر, فقال لهم نبيهم: إن لكم ماضياً وتاريخاً أسود, فهل عسى إن جعل الله لكم أن تطيعوه وتذعنوا له ولاتخالفوا أمره؟! فقالوا ولماذا لانطيعه؟ ونحن أذل الناس اليوم! وكيف نخالف أمره وهو يريد إعادة العز و المجد لشعبنا!؟..
فأخبرهم نبيهم أن الله قد اختار لهم ملكاً, هو "طالوت", فما كان منهم إلا أن قالوا لانرضى به ملكاً علينا لأن "طالوت" ليس من أفخاذ اليهود الذين فيهم الملوك, وقالوا معاندين: (أنَّى يَكُونُ لَهُ المُلكُ عَلَينَا وَ نَحنُ أَحَقُّ بِالمُلكِ مِنهُ وَلَم يُؤتَ سَعَةً مِّنَ المَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصَطَفَاهُ عَلَيكُم وَزَادَهُ بَسطَةٌ فِي العِلمِ وَالجِسمِ وَاللَّه يُؤتِي مُلكَهُ مَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيم). البقرة (247
لتابوت المقدس عند اليهود
اضطهاد بني إسرائيل
عندها تمكن منهم العماليق (الكنعانيون), وسلطوا عليهم ألواناً من العذاب والذل والمسكنة, وأخذوا منهم مقدساتهم وأموالهم, ومن ضمن هذه المقدسات أخذوا التابوت, وهذا التابوت كان أقدس شيء لديهم, وهو صندوق كالتابوت كانوا يضعون فيه الألواح الذي كتبها الله تعالى لموسى عليه السلام قال تعالى: ( وَكَتَبنَا لَهُ فِي الأَلوَاحِ مِن كُلِّ شَيءٍ مَوعِظَةً وَ تَفصِيلاً لِكُلِّ شَيءٍ فَخُذهَا بِقُوَّةٍ وَأمُر قَومَكَ يَأخُذُوا بِأحسَنِهَا سَأُرِيكُم دَارَ الفَاسِقِينَ). الأعراف (145).
ولكنهم حرفوا هذه الألواح فيما بعد, وقيل بقي منها لوحان من أصل العشرة في التابوت, وكانت فيه أيضاً عصا موسى وملابسه وملابس أخيه هارون عليهما السلام, قال تعالى: (فِيهِ سَكِنَةٌ مِّن رَبِّكُم وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ). اليقرة (248
انحراف بني إسرائيل
وبقي اليهود في فلسطين وكانت عاصمتهم "أريحا" حتى مات يوشع عليه السلام , فتفرقوا من بعده وتمزقوا, وقامت بينهم الحروب, وأرسل الله لهم الأنبياء, يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: " كلما مات نبي قام نبي". فكان أكثر الأنبياء فيهم, وكان الله يرسل أحياناً في الوقت الواحد ثلاثة أنبياء للمدينة الواحدة, قال تعالى: (وَاضرِب لَهُم مَثَلاً أَصحَابَ القَريَةِ إِذ جَاءهَا المُرسَلُونَ (13) إِذ أَرسَلنَا إِلَيهِمُ اثنَينِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيكُم مٌّرسَلٌونَ) يس (13-14
فكانوا يعصون أنبيائهم, بل أصبحوا فيما بعد يقتلونهم, فوصفهم الله بذلك: (فَبِمَا نَقضِهِم مِيثَاقَهُم وَكُفرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتلِهِمٌ الأَنبِيَاء بِغَيرِ حَقٌ وَقَولِهِم قٌلٌوبٌنَا غٌلفٌ بَل طَبَعَ اللَّهٌ عَلَيهَا بِكٌفرِهِم فَلاَ يٌؤمِنُون إلاَّ قَلِيلاً). النساء (155
وهكذا تأصل الكفر في قلوبهم, واعتادوا الشرك والفجور والمعصية, قال تعالى عنهم : (وَأٌشرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ العِجلَ بِكُفرِهِم). البقرة (93). وظلوا يعاندون ويعصون ويقتلون الأنبياء, ولم يبق لأحد من البشر لديهم قيمة بعد أن قتلوا أنبياءهم وهم من دينهم وجنسهم وأهلهم, فغضب الله تعالى عليهم وعاقبهم, وقال في حقهم موبخاً: (وضُرِبَت عَلَيهِمُ الذِّلَّةُ والمَسكَنَةُ وَبَاؤُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّه ذَلِكّ بَأَنَّهُم كَانُوا يَكفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ويَقتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيرِ الحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَكَانُوا يَعتَدُون). اليقرة (61
ادخلوا القرية
ثم أمرهم نبيهم عليه السلام أن يدخلوا القرية ويأكلوا من حيث شاؤوا بشرط أن يدخلوا الباب سجداً ويقولوا: "حِطَّة", ومعناها: أن ياربنا حُطَّ عنا خطايانا, أي اغفر لنا, فكانوا يقولون: "حنطة" ظلماً منهم وعتواً واستكباراً عن أوامر الله تعالى, واستهزؤوا بيوشع عليه السلام وقالوا نحن انتصرنا بقوتنا فقط, ولما أمرهم نبيهم أن يدخلوا الباب سجوداً ركع بعضهم واستدار, ودخل القرية بمؤخرته, فتأمل هذا الشعب المعاند الكافر؟
قال الله تعالى في ذلك بعد أن امرهم بقول "حطة" فغيروها إلى "حنطة": )فَبَدََّلَ الَّذينَ ظَلَمُوا قَولاً غَيرَ الَّذِي قِيلَ لَهُم فَأَنزَلنَا عَلى الًَذِينَ ظَلَمُوا رِجزَاً مِنَ السَّمَاء بِمَا كَانُوا يَفسُقُونَ(. اليقرة )59
اليهود بعد موسى عليه السلام / ١١٨٦ قبل الميلاد / يوشع بن نون: وفي هذا العام قادهم "يوشع بن نون" عليه السلام نحو الأرض المقدسة، فذهبوا إلى فلسطين ولم يذهبوا إلى بيت المقدس في أصح الروايات، وقد أخطا بعضهم إذ ظن أنهم فتحوا بيت المقدس، وإنما ذهبوا إلى أريحا، وهناك كانت المعركة بينهم وبين العمالقة الجبارين المذكورين في القرآن، وكانوا من "الكنعانيين"، ففتح بنو إسرائيل "أريحا" وسكنوها، واشارت كتب التاريخ والحديث إلى هذه المعركة، وكذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوْا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُوْلُوْا حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ المُحْسِنِيْن). البقرة (٥٨).
وكانت هذه المعرك يوم الجمعة، وكان الله قد حرم عليهم العمل والقتال في يوم السبت، وأوشكت شمس يوم الجمعة على الغروب، وخافوا أن يبدأ يوم السبت عليهم دون أن ينتصروا، فدعا نبيهم "يوشع" عليه السلام ربه أن يوقف الشمس، فتوقفت الشمس في مكانها لاتتزحزح، حتى حسمت المعركة وانتصروا، وهذا ثابت بنصوص السنة، فقد قال الحافظ ابن حجر: ورد من طرق صحيحة أخرجها أحمد من طريق هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه عليو وسلم: (إن الشمس لاتحبس لبشر إلا يوشع بن نون ليالي سار إلى بيت المقدس، وهكذا رأوا معجزة جديدة باهرة أمام أعينهم
إن قلوباً قاسية كقلوب بني إسرائيل لايرتجى منها اليوم رحمة بأحد، فلا ينخدع أحد بخبثهم ونفاقهم، يبطنون غير مايظهرون، ويحملون في قلوبهم الحقد والحسد والضغينة على الناس أجمعين، فليس لهم صاحب ولاصديق، ولاذمة أو عهد. وقد عاشوا أربعين سنة في الضياع يعصون الله تعالى ولايمتثلون لأوامره، وبين ظهرانيهم رسولهم موسى عليه السلام، ثم أرسل الله ملك الموت إلى موسي يخيره بالحياة أو الوفاة، فقال موسى رب أمتني قرب الأرض المقدسة، فقبض ملك الموت روحه على بعد مرمى حجر من بيت المقدس، وكان بينهم وبين القدس كثيب أحمر فقط، ومع ذلك لم يعرفوا طريقهم إلى بيت المقدس، وظلوا ضائعين لايستطيعون الخروج من التيه والضياع، وتوفي موسى عليه السلام هناك عند الكثيب الأحمر.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري: «فلو كنت ثمّ لأريتكم قبره، إلى جانب الطريق، عند الكثيب الأحمر»
وظل بنو إسرائيل في التيه أربعين سنة حتى أخرجهم الله على يد فتى موسى المذكور في قصة الخضر، وهو نبي الله «يوشع بن نون» عليه السلام، فأخرجهم إلى الأردن
وفي هذه القصص المتتالية دلالة على عناء موسى عليه السلام مع بني إسرائيل الذين تعودوا الكفر والذل وعناد الحق
في أثناء فترة التيه حدثت معهم قصة البقرة التي أمروا بذبحها فجعلوا يعيدون السؤال تلو السؤال إمعاناً في العناد ورغبة في عدم تنفيذ أوامر الله على لسان نبيهم، وماكادوا يذبحون البقرة حتى أخذ موسى جزءاً منها ورمى به الميت الذي لم يعرفوا قاتله، فأحيا الله الميت بين أيديهم ونطق باسم قاتله، فكانت هذه المعجزة الثالثة عشرة
ولكن هل أثر ذلك في قلوبهم فألانها وجعلها رقيقة للعبادة والطاعة؟! لقد كان عكس ذلك، قال تعالى: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِنْ بَعْدِ ذَلك فَهِيَ كَالحِجَارةِ أَوْ أشَدُّ قَسْوَةً). البقرة (٧٤).
إن القرآن قد تحدث بقصص كثيرة عن بني إسرائيل وجرائمهم، وفي القرآن كفاية لمستزيد، وليس المقام هنا رواية منكراتهم في تاريخهم الحالك بالسواد والعصيان، وإنما المقام هو بيان أنهم قوم تعودوا الكذب حتى صار لهم سجية، وامترؤوا الخيانة والغدر حتى أصبح لهم خُلقاً وعادة، وليس بمستغرب أن يكذبوا من جديد ويمارسوا كل أصناف الغدر والكذب والنفاق ليقنعوا العالم بأن لهم حقاً في أرض فلسطين، وهم أول من يعلم علم اليقين أن لاحق لهم ولابشبر واحد منها، وهم يعلمون بأن افتراءاتهم ستنقلب آخراً عليهم، وسيقعون ضحية غدرهم وخيانتهم كما جرت سنة الله تعالى فيهم إلى يوم القيامة
٢. موسى عليه السلام واليهود / موسى عليه السلام في سيناء
جبل الطور
ثم استبق موسى قومه إلى جبل الطور في سيناء لمناجاة ربه، وغاب عنهم أربعين يوماً، وجعل أخاه هارون أميراً عليهم، فما إن عاد لهم حتى وجدهم يعبدون من دون الله عجلاً!!.. فكانت معصيتهم تلك من أعظم الجرائم وأفدحها، وكان هذا كفراً لايغتفر، فعاقبهم الله بأن جعل توبتهم مرهونة بقتل أنفسهم، قال الله تعالى على لسان موسى عليه السلام: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُم الِعِجْلَ فَتُوبُوْا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلوْا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُم فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الَّرحِيم). البقرة(٥٤). وكانت شريعتهم تنص على أن التوية من الشرك والكفر مقرونة بقتل النفس، فكان قتل النفس توبة وجزاؤها الجنة، ولكنهم مع ذلك رفضوا، فقال لهم موسى: اسمعوا وأطيعوا، قالوا: سمعنا وعصينا، فجاء نذير الله لهم يتوعدهم بالعقاب، وارتفع جبل الطور كله فوق رؤوسهم، قال تعالى
وَإِذْ نَتَقْنَا الَجبَل فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوْا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهْم). الأعراف (١٧١). فقال لهم موسى: اسمعوا وأطيعوا، فقالوا راغمين: سمعنا وأطعنا!.
ثم اختار موسى من قومه أفضل سبعين رجلًا لميقات الله عزوجل في جبل طور ليعتذروا إلى ربهم عما بدر منهم من معاصٍ وقد رأوا بأم أعينهم المعجزة الحادية عشرة وهي نتق الجبل، فلما سمعوه يكلم الله عز وجل قالوا: (وَإِذْ قُلْتُم يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَك حَتَّى نَرَى الَّلَه جَهْرَةٌ فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَة وَأَنْتُم تَنْظُرُون). البقرة(٥٥). فأماتهم الله بالصاعقة، فناجى موسى ربه أن هؤلاء أفضل قومي فأحياهم الله من جديد إكراماً له: (ُثَّم بَعَثْنَاكُم مِن بَعْدِ مََوْتِكُمْ لَعَلَّكُم تَشْكُرُوْن). البقرة (٥٦). وكانت هذه المعجزة الثانية عشرة، وهكذا تتوالى معجزات موسى عليه السلام على قومه وهم لايزالون يزدادون عتواً وكفر
٢. موسى عليه السلام واليهود / موسى عليه السلام في مصر: قال الله تعالى: (وَ إِذْ نَجيْنَاكُمْ منْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسٌومُنَكمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحٌونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَائكُمْ وَفِي ذَلِكٌم بَلاء من رَبِّكُمْ عَظِيمْ). البقرة ٤٩
إن ظهور موسى عليه السلام في مصر يعود لتاريخ ١٢٥٠ قبل الميلاد، وقد أيده الله بالمعجزات الباهرات الكثيرة، بدءاً بوحي الله لأم موسى كي تلقيه في اليم، ومن ثم ليتربى في بيت فرعون الظالم، الذي كان يستعبد شعب مصر، وفي القرآن الكريم يروي لنا الله تعالى أنه لما شبّ موسى عليه السلام قتل أحد المصريين خطأ، ففر إلى مدين هرباً من فرعون وملئه، فأوحى الله إليه برسالة، وأمره بتبليغها ليخرج الناس من عبادة فرعون إلى عبادة الله وحده، وليخرج بني إسرائيل من مصر حيث تسخيز فرعون لهم (أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بنيْ إِسرَائِيل)، وعزّز الله دعواه هذه بالمعجزات، ومنها معجزة العصا التي تنقلب إلى ثعبان، وإخراج اليد البيضاء من الجيب، والقصة معروفة، حيث تحدى موسى عليه السلام فرعون أمام جمع من بني إسرائي والملأ من قومه، وأحضر فرعون سحرته ليواجهوا التحدي، وكان من نتائج ذلك إيمان كثير من بني إسرائيل والسحرة برسالة موسى عليه السلام، فآمنوا برب موسى وهارون، وكفروا بفرعون وحزبه، ثم أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام أن فرعون سيغدر بكم، فغادروا مصر باتجاه فلسطين، ولحق بهم فرعوه وجنوده، وكاد فرعون يمسك بهم عند شاطئ البحر، وهو أحد فرعي البحر الأحمر، وتحديداً الفرع الأيسر، فشق لله تعالى البحر لموسى وأصحابه، فعبروه على أرض يابسة، ولما لحق بهم فرعون وجنوده أغرقهم فيه، وهكذا أنعم اله عليهم بالأمن والطمأنينة بعدما كانوا ملاحقين خائفين
سلام حين هاجر بقومه بني إسرائيل من مصر تخليصاً لهم من فرعون وجنوده، وهكذا نرى أن اليهود ماكانوا يدخلون فلسطين إلا مهاجرين، أما أهل البلاد الأصليون فهم "الكنعانيون"، وإنما كانت هجراتهم في أغلبها من مصر إلى فلسطين، ذلك أن فلسطين كانت تتبع مصر إدارياً وسياسياً وتاريخياً من زمن إنشاء المعبد الذي أسسه يعقوب عليه السلام، ففي هذا الوقت كان الفراعنة قد بدؤوا يتوسعون في أراضيهم واحتلوا فلسطين وبالذات الأراضي التي كان يسيطر عليها "الهكسوس" (شعب بدوي وخليط من القبائل التي حكمت مصر في القرن الثامن عشر قبل الميلاد ويسمون أيضاً ب"الملوك الرعاة أوالرعاع)، وعندها صارت فلسطين تابعة لمصر، غير أنه لم يثبت في تاريخ القدس وفلسطين أبداً أن اليهود استوطنوا فلسطين أو سكنوا فيها فترة طويلة من الزمن، إنما كانت هجرات قصيرة لها، ومن الثابت قطعاً أن "الكنعانيين" و "اليبيسيون" هم أصحاب الأرض الأصليون
ونعود إلى هجرة موسى عليه السلام، وقد أنعم الله على بني إسرائيل فأنجاهم وأغرق آل فرعون وجنوده في البحر، ولنا مع هذه القصة وقفة وعبرة لنعرف من هم اليهود شعب إسرائيل، الذين في قصتهم الآتية مع نبيهم موسى أبلغ الأمثلة والعبر لمن أراد أن يكشف زيف قضيتهم فيراهم على حقيقتهم
١. هجرة اليهود إلى فلسطين/ يعقوب عليه السلام
لقد أورد التاريخ لنا أن ابني إبراهيم عليهم السلام إسحاق وإسماعيل قد ولدا في فلسطين، و لكنهم من المهاجرين إليها ولم يكونوا مستوطنين بها، ويعقوب عليه السلام (المسمى كذلك إسرائيل) هو ابن إسحاق عليهما السلام، و يوسف عليه السلام هو أحد أبناء النبي يعقوب، و في القرآن الكريم أن يوسف ذهب عبداً إلى مصر، إلى أن مكَّنه الله وآتاه الحكم والتأويل، فأصبح عزيز مصر (أي وزيراً لماليتها)، و من ثم طلب أباه يعقوب و أهله جميعاً أن يلحقوا به إلى مصر، وفي الكتاب العزيز: {اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقٌوهٌ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكٌمْ أَجْمَعِيَن}. (٩٣) يوسف
فأخذ يعقوب عليه السلام جميع أهله وأبنائه، وأقام بمصر فلم يغادرها من بعد، وهكذا انتهت هجرة هؤلاء من فلسطين، واستوطنوا مصر، فلا مجال إلى أن يقال: إن يعقوب عليه السلام من أهل فلسطين أومن سكانها الأصليين، وقد أثبت التاريخ وجميع الكتب هذه الوقائع غاية في الدقة والاتفاق، وذرية يعقوب لم تكمل جيلًا واحداً في فلسطين فكيف يدعي اليهود الآن أن فلسطين أرضهم بدعوى سكنى يعقوب عليه السلام بها فترة من الزمن؟
إن أصل فلسطين للشعوب التي سكنت منطقة "بلست" جنوب فلسطين
ويعود اسم "فلسطين" إلى شعوب أخرى جاءت من جزر البحر المتوسط، وخصوصاً من جزيرة "كريت" وهي جزيرة معروفة ومشهورة، ويبدو أن شعوب هذه الجزر أصابتهم مجاعة أوظروف معينة جعلتهم يهاجمون شواطئ الشام ومصر، وصدهم أولاً "رمسيس الثالث" في معركة "لوزين" المشهورة والتي حدثت في مصر، وكان "رمسيس" لايريدهم أن يسكنوا مصر، وبعد المفاوضات استقر الأمر على أن يرحلوا إلى فلسطين، وأمرهم "رمسيس" أن يسكنوا في جنوب فلسطين في مناطق تسمى "بلست"، وقد نصت الكتب التاريخية والكتب المقدسة على هذا وجاء ذكر "بلست" بها، وعليه نسب أهل هذه المناطق إلى "بلست" وسمّوا ب "البلستينيين" ومن هنا جاء اسم فلسطين حيث كانت تعرف ب "بلستين"، وتبدلت مع الأيام لتكون "فلسطين"، غير أن هذه الشعوب تجاورت مع "الكنعانيين" و :اليبوسيين" وهم السكان الأصليون للمنطقة كما ذكرنا، ومن ثم اختلطت أنسابهم ولغاتهم، وذابوا مع الشعب الأصلي الأكثر عدداً وحضارة، ومع تقادم السنين ذاب "البلستينيون" مع الكنعانيين" ولم يعد لهم أثر، وغاب ذكرهم التاريخي.
مما سبق يتضح لنا أنه إلى هذه المرحلة لم يظهر أي ذكر لليهود أو أقوامهم، فأين كانوا في هذه المرحلة؟ وكيف دخلوا أرض فلسطين؟! وقد أثبتت جميع الآثار والكتب التاريخية والمقدسة وكتب الغربيين على أن سكان فلسطين الأصليين هم "الكنعانيون" و "اليبيسيون"، فأين حق اليهود في أرض فلسطين
فلسطين قبل الإسلام / اليبيسيون: القبائل العربية التي هاجرت من شبه جزيرة العرب نحو الشمال كثيرة ومتعددة، وقد تفرقت هذه القبائل في بلاد الشام والرافدين "العراق"، وانتقل قسم منهم أيضاً إلى بلاد مصر، فكان منهم "الكنعانيون" وقد سكنوا سهول فلسطين، وكان منهم أيضاً "اليبيسيون" وهؤلاء استقروا في منطقة القدس، و،كان ذلك قبل بنائها، وانقسم أقوام آخرون سكنوا الجبال، وكانوا يسمون ب "الفينيقيي... See moreن" و "العموريين" وهكذا قسمت أرض فلسطين بين هذه القبائل، وقد أوردت كتب التاريخ بناء على الآثار والمشاهدات أسماء كل هذه القبائل حسب توزيعها الجغرافي في سكنى بلاد فلسطين. ولذلك تسمى أرض فلسطين عند علماء الآثار بأرض "كنعان" نسبة إلى "الكنعانيين"، وقد ورد ذلك صريحاً في الكتب السماوية ومنها التوراة والإنجيل، ولم يأت أي ذكر لليهود في كتب التاريخ أو الكتب السماوية في هذه الحقبة من الزمن .
إن أول آثار معروفة في فلسطين تعود لقوم يسمون ب "الكنعانيين" وقوم آخرين يسمون ب "الآموريين"، وهذان الشعبان قبائل هاجرت من شبه جزيرة العرب شمالاً واستقرت في بلاد الشام وفلسطين تحديداً، وهذا ثابت وواضح في تاريخ فلسطين، وأجمع عليه جميع المؤرخين الشرقيين منهم والغربيين، إذاً فأول تاريخ مدون يعود لأول ساكني فلسطين هم من العرب "الكنعانيين" و"الآموريين"، أما اليهود فلم يكن لهم ذكر في هذا التاريخ، بل ورد أول ذكر لهم بعد ذلك بقرون عدة .
في القرن الثمانين قبل الميلاد تشير أولى الآثار إلى وجود معالم مدينة تسمى حالياً "أريحا" الحالية، ولذلك يعتبر بعض الباحثين أنها أقدم مدينة في العالم، والآثار لاتدل على أنها مدينة بمعناها الكامل، وإنما تشير إلى بدايات استيطان الإنسان في دور وأبنية، وقبل ذلك كانت الناس ترتحل من مكان لآخر طلباً للخصب والماء، إلا أن حياة الاستيطان بدأت قديماً وظهرت أولى آثار لها في "أريحا" كما أسلفنا، ولكن أيضا لايعرف من سكن هذه الدور والمباني، أو أصل ساكنيها ومكان قدومهم .
تعالوا أحكيلكم عن فلسطين لايعرف أحد بالضبط متى كان أول سكن أو استيطان في أرض فلسطين، ولا يوجد شيئ أو دليل يحدد تاريخاً ما، وإن كان التاريخ المتوقع يمتد لأكثر من مائة قرن ولكن لعل الآثار المكتشفة حالياً تعود للقرن الرابع عشر قبل الميلاد لمجموعة قبائل تدعى ب "النطوفيون" نسبة إلى وادي النطوف غربي القدس، ولهم آثار تدل عليهم، ولكن أحداً لايعرف من هم؟ أو من أين جاؤوا؟ ولكن آثارهم هي أولى الآثار المشيرة إلى أول استيطان في أرض فلسطين، كما تدل على أنهم وضعوا الأساس المادي والفكري في تطور البشرية وأنهم أول حضارة مارست الزراعة ,
ومن هنا نقولها لكم أبناء صهيون أن الكبار لن يموتون إلا بحقهم معهم يرثه أبنائهم لو لحين
ولن نتراجع او نساوم عن حقنا في العودة
واقولها لك بن غوريون :
وصيتي يابني ادفني بالكوفية
وخلي تراب فلسطين يحنيني
واجعل الأقصى وشم على صدري
وخلي قيد الأسير في شراييني
يابني موتي حق
لكن لا تنسى ابد فلسطيني
يا بني كوفيتي عزي وجاهي
وخليني اتكفن بعلم فلسطيني
هذه وصيتي يا بن غوريون لأبنائي
اتعلم أن ألم الجسد لا تهون عليه الأدوية
ونحن آلامنا كثرت واصبحت دماميل
فإنتظرنا لنفول لك
أننا عائدون ومعنا حنظلة
ابو جهاد / منتديات الدوايمة