تهويد المساجد.. جزء من معركة طمس الذاكرة الفلسطينية (تقرير)

تهويد المساجد.. جزء من معركة طمس الذاكرة الفلسطينية (تقرير)

في ظل حملة التهديد والتهويد التي يمارسها الاحتلال الصهيوني منذ ثلاثة وستين عاما، كانت الوقفيات الإسلامية من مساجد وزوايا ومقابر هدفا لسياسة التهويد والاستيطان، والسيطرة التي لم تتوقف حتى اليوم، لأن ممارسات الاحتلال الصهيوني تقوم على سياسة الطمس الحضاري وتغيير المعالم وتهويدها واستبدالها بمرافق يهودية صرفة سواء.

لكن المهين والمؤلم أن يتم احتلال مسجد والسيطرة علية وتحويل المكان المقدس إلى بار أو مرقص أو خمارة، وهذا يؤكد على ارتفاع وتيرة الحقد الصهيوني ضد الدين الإسلامي وأنصاره وأماكن العبادة التابعة له.

هدم المساجد
كان واضحا على الأرض بعد نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948م أن المساجد هي المستهدف الثاني، بعد تنفيذ الهدف الأول المتمثل في طرد السكان من بلداتهم وقراهم ومدنهم الفلسطينية، لأن المساجد تؤكد على إسلامية وعروبة الأرض، لذلك مارس الاحتلال على الأرض فلسفة همجية تمثلت في هدم آلاف المساجد وتدنيسها وإحلال مؤسسات صهيونية مكانها .

وقد أكدت مؤسسة الأقصى الإسلامية التي تدافع عن الوقفيات والمقدسات في تقرير توثيقي لها بأن الكيان الصهيوني هدم منذ عام 1948م (1340 مسجدا ) ، وبنت فوقها بارات وخمارات ومراقص ومراكز ثقافية وفنادق، وصادرت الآلاف من الدونمات التي كانت وقفيات تتبع لهذه المساجد .. لكن المآساة تكمن في تحويل البقية الباقية إلى حظائر للأبقار والحيوانات، كما هو الحال مع مسجد عين الزيتون الكائن في قضاء صفد ومسجد البصة الكائن في منطقة عكا .. وقد قامت الحكومة الصهيونية بتأجير هذه المساجد وما يتبعها من وقفيات إسلامية إلى شركة "تنوفا" الصهيونية المتخصصة في صناعة الألبان، وحولتها إلى مزارع للأبقار وحظائر لها دون مراعاة للمكان وما يعنيه ، علما بأن بقايا الآثار والحجارة واللوحات الرخامية على مدخل المساجد المذكورة تشير إلى أنها أماكن عباده ولها قيمتها ودلالتها الدينية .!!!!!

خمارت وبارات
"قيسارية".. بلدة عربية إسلامية منزرعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط جنوبي مدينة حيفا، دمر جزء كبير منها خلال حرب النكبة عام 1948م/ لكن بعض المنازل القديمة ومسجد البلدة لا زال شاهدا على إسلاميتها وعروبتها.. فمئذنة المسجد الشاهقة القائمة تبكي لظلم الظالمين، فهي بشموخها وعلوها ترقب كل ما يجري داخل هذا المسجد وأروقته الجميلة .. لقد تم إقامة خمارة وبار ومرقص داخل هذا المسجد تشرف عليها وزارة السياحة الصهيونية، يرتادها الشبان والفتيات والعراة يعاقرون الخمر ويرقصون ويلهون... دون أدنى مبالات لقدسية المكان وهذا يؤكد أن تدنيس المقدسات الإسلامية من قبل سلطات الاحتلال هو جريمة دولة منظمة.

ولم يتوقف الحال عند مسجد قيسارية ووقفياته الإسلامية، وإنما تم تدنيس مسجد عسقلان أيضا، حيث تم تحويله إلى مرقص وملهى ليلي يرتاده العابثون من الصهاينة وستحلون داخله كل محرم .!!!

مأساة المسجد الأحمر
في مدينة صفد في الشمال الفلسطيني تم استباحة المسجد الأحمر الذي لا زال قائما بمئذنته الجميلة ، وتم تحويل ساحته الداخلية إلى أستوديو تصوير لإحدى المؤسسات الثقافية الصهيونية، وكم كانت الفاجعة عندما تم تصوير فلم للعراة، حيث جرت عملية التصوير خلال عدة جولات زمنية وفي أمكان مختلفة من المسجد في المحراب في الساحة الداخلية وفي الساحة الخارجية ، حيث كانت بعض المشاهد هي لقطات دعارة رسمية ... كل ذلك يجري على مسمع العالم اجمع الذي ينادي بالديمقراطية وحرية العبادة وحرية الأديان.

وقد استنكرت مؤسسات إسلامية عدة هذا الاعتداء الفاضح للاحتلال الصهيوني وهذا التدنيس المريب للمقدسات الإسلامية في فلسطين المحتلة عام 1948م الذي ينم عن حقد دفين ، وكان على رأس هذه المؤسسات : المجلس الإسلامي الأعلى في القدس المحتلة ، ومؤسسة الأقصى للدفاع عن الوقفيات داخل الأراضي الفلسطينية عام 48م ، ودائرة قاضي القضاة والحركة الإسلامية وشخصيات إسلامية بارزة كالشيخ رائد صلاح والشيخ عكرمة صبري وغيرهم ، وقد تم رفع كتب بهذا الشأن لمؤسسات دولية ومؤسسة اليونسكو وغيرها.

مسجد يحول إلى كنيس
في مدينة طبريا المحتلة على شاطىء البحيرة الشهيرة، مسجد الست سكنية الذي يطل ببقاياه رغم التهويد ورغم استباحة المدينة بكاملها بعد النكبة من قبل الاحتلال الصهيوني، ومنع من حضر من المسلمين الصلاة في المسجد المذكور .. بالرغم من القضايا الني رفعت للمحاكم من قبل مؤسسات إسلامية .. إلا أن الإصرار والتعنت دفع هؤلاء الصهاينة إلى ارتكاب جريمة أخرى بحق المسجد تمثلت في تحويله إلى كنيس يهودي رسميا يرتاده المتطرفين اليهود ويؤدون طقوسهم وترانيمهم.

ثمة خطة ممنهجة سار عليها قادة الحركة الصهيونية الأوائل ويكمل المشوار بعدهم حكومات الكيان اليمينية واليسارية على السواء، فهم لا يزالون يعتقدون كما اعتقد الفيلسوف الصهيوني ( ماكس نوردو ) الذي قال منذ البدايات للنكبة متوهما: "إن فلسطين ارض بلا شعب لشعب بلا ارض !!! ، لكن فلسطين اليوم عامرة بمشروعها الحضاري الجهادي على أساس المقاومة والتحرير واستعادة الأرض المسلوبة مهما طال الزمن : ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) .

» تهويد القدس .. سياسة صهيونية ممنهجة نحو ديموغرافية مزيفة (تقرير)
» من الذاكرة الفلسطينية - مجزرة جنين
» حال الثقافة الفلسطينية بعد معركة بيروت
» 1 2اذار ذكرى معركة تستحق الوقوف عندها .. انها معركة الكرامة
» 21مارس ذكرى معركة الكرامة والوحدة الاردنية الفلسطينية