هكذا أعدم "حرس الحدود" زياد الجولاني.. مرتين

هكذا أعدم "حرس الحدود" زياد الجولاني.. مرتين
عميرة هاس ****

أُطلقت النار مرتين على وجه زياد الجولاني، من سكان شرق القدس الذي دهس وجرح أربعة من أفراد شرطة حرس الحدود في حي وادي الجوز، يوم الجمعة الماضي، من مدى قصير جداً، في حين كان مستلقيا على الارض، كما يقول شهود عيان. وأضافوا بأن شرطي حرس الحدود أمسك السلاح على نحو عمودي، قريباً جدا من رأس الجولاني وأطلق عليه النار. وقد جاء عن شرطة التحقيق السرية ان الحادثة يحقق فيها، وسيتقرر في الأيام القريبة هل سيكون تحقيق فيها أم لا.
صدّق شهود العيان في صحيفة "هآرتس" أن الجولاني أصاب بسيارته مجموعة من رجال الشرطة ساروا في أرصفة الشارع الرئيس في الحي، لكنهم على قناعة كأبناء عائلته، بأن الحديث يدور عن حادثة لا عن نية متعمدة لتنفيذ عملية ضد اسرائيليين، كما أظهرت الأنباء الرسمية. حسب أقوال الجيران، اطلقت الطلقات القاتلة على رأسه في حين لم يكن ثمة سبب يدعو الجنود للخوف على حياتهم بينما كانوا يستطيعون اعتقاله دون أي عائق.
كان الجولاني، وهو في الـ 39 وأب لثلاث بنات، رجل أعمال مستقلا. زوجته تحمل جنسية الولايات المتحدة، وعاش هو نفسه سنين طويلة في سويسرا والولايات المتحدة. في يوم الجمعة الماضي، حوالي الساعة الثانية، كان في طريقه عائداً من صلاة يوم الجمعة الى بيته في حي شعفاط. وقد ركب سيارته في الشارع الرئيس من وادي الجوز.
قبل الحادثة بدقائق معدودة، ظهر في المكان شرطيون يركبون خيولاً، حضروا قرب المنطقة الصناعية في الحي. وانتشر رجال شرطة كثيرون من حرس الحدود عند منحدر الشارع، وعلا بعضهم في اتجاه سور البلدة القديمة. تحرك صف السيارات المزدحم، بما فيه سيارة الجولاني، ببطء شديد، وحسب أقوال شهود عيان لم تكن حركة سيارات في الاتجاه المعاكس قط. بدأ الحي يمتلئ في تلك الساعة بمصلين عادوا سيراً على الأقدام من المساجد، وبدأ عدد من الحوانيت يفتح أبوابه.
حسب رواية اثنين من شهود عيان، وقفا عند مدخل حانوتين في الشارع، رُشق رجال الشرطة بالحجارة، وأصاب حجر سيارة الجولاني. وقد انحرف يساراته نتيجة ذلك خارج صف السيارات وأصاب مجموعة الشرطيين. وقال شاهد عيان لصحيفة "هآرتس" إنه سمع اطلاق نار بعد ذلك فوراً. وقد رأى شرطياً يسقط على الأرض وشرطيين يحملانه ويسندانه الى حائط حتى وصول سيارة الاسعاف. وبدأ رجال الشرطة الاخرون، كما قال، يسرعون نحو الجولاني الذي استمر مسافراً في سيارته.
قال شاهد عيان آخر، عاد هو أيضا سيراً من الصلاة، إنه لم ينتبه الى رمي الحجارة وقدر ان الجولاني انحرف عن مسار السيارات لانه اعتقد انه يستطيع تجاوز صف السيارات. وقال شهود عيان أخرون انهم لحظوا بعد ذلك أن واجهة سيارته الأمامية كانت مهشمة، لكنهم لا يستطيعون ان يقولوا بيقين هل الحديث يدور عن اصابة رصاصة او حجر. مهما يكن الأمر أصاب بعض الرصاص سيارات أخر. جلست في احداها بنت في الخامسة انتظرت أباها الذي دخل ملحمة مجاورة. جرحت بالشظايا وعولجت في مشفى المقاصد في القدس.
استمر الجولاني في السير رغم اطلاق افراد الشرطة النار، وعدل يميناً الى زقاق بلا مخرج عرفه جيداً لأن عمه يسكن فيه. طارده بعض أفراد الشرطة وهم يطلقون النار. وانضم اليهم أفراد شرطة آخرون أتوا من منطقة كراجات وادي الجوز. المسافة بين المكان الذي أصيب فيه الشرطيون وبين المكان الذي أوقف فيه الجولاني سيارته نحو 80 متراً فقط.

عاد من صلاة الجمعة

رأت أم وابنتها كانتا في المكان الجولاني يخرج من السيارة. وروت البنت، وهي في العشرين من عمرها، لصحيفة "هآرتس" ما يلي: "كنت في أعلى الزقاق، في الطريق الى أسفل. سمعت اطلاق نار. وقفت وعدت قليلا الى أعلى لأرى ماذا يحدث، ورأيت سيارة تجري ووراءها شرطيون كثر. وقفت السيارة قربي تماما وخرج بعضهم منها. رأيته عندما كان قرب باب السيارة، نظر الي نظرة لم أفهمها حقاً، ولا أستطيع نسيانها. بدأ اطلاق نار وبدأت أصرخ، جرت أمي نحوي ودفعتني. حدث كل ذلك في ثوان. لحظت أنه لا يمشي على نحو معتاد، ولحظت أن واجهة السيارة الامامية مهشمة. جرى الى أن سقط. نزل من السيارة وهم يجرون وراءه، ولم يطلق النار واحد فقط بل أطلقها كثيرون، وآنذاك بدأوا يصرخون بالعبرية أن ندخل البيوت". المسافة بين السيارة الواقفة والمكان الذي سقط فيه الجولاني نحو عشرة أمتار.
روت الأم لصحيفة "هآرتس" ان البنت بدأت تصرخ، ودفعتها رداً على ذلك واستقلت فوقها على الارض في حين كان افراد الشرطة يطلقون النار ويتقدمون. نظرت كلتاهما، ولحظت أن الجولاني مستلق على بطنه وحوله عدد من أفراد الشرطة. تقول البنت ان احد الشرطيين ركله في رأسه. والأم من جهتها رأت شرطيا يسدد سلاحه قريبا جدا من رأس الجولاني. غطتا رأسيهما وسمعتا اطلاق نار. وعندها دعاهما الجيران الى دخول بيتهما.

الشرطي افتخر: "قتلته
"
سد أفراد الشرطة مدخل الزقاق من جهة الشارع الرئيس. سمع جار يسكن منحدر الشارع اطلاق النار، وظن في البدء ان ذلك صوت مفرقعات. قال لصحيفة "هآرتس" انه قال بالعبرية لأحد أفراد شرطة حرس الحدود ان عليه ان ينقذ حياته. وقال ان الشرطي "وهو ضخم الجسم، أبيض اللون أصلع ذو عينين خضراوين" أجابه بالعبرية "ليس هذا شأنك انصرف". وقال له أيضا آنذاك: "أنا قتلته انا قتلته". وقال له شرطي آخر في زعمه بالعربية "اذهب الى البيت".
عاد الجار الى بيته واستدعى فريقاً طبياً. عندما عاد الى المكان التقى محمود الجولاني، ابن عم القتيل زياد الجولاني، الذي يسكن الزقاق نفسه. وقال ان الشرطي نفسه، الذي افتخر بأنه قتل الجولاني، سدد بندقية الى رأس محمود. قال الجار إن ابن العم أمسك بالبندقية ورفعها الى أعلى كي لا يطلق الشرطي عليه النار وأن شرطيين أمسكا به بقوة آنذاك.
حسب قوله أدرك محمود الجولاني، من المكالمة الهاتفية التي تلقاها، أن شيئا وقع لابن عمه. خرج من بيته الذي يقع على بعد نحو عشرة أمتار من المكان الذي اطلقت فيه النار على زياد الجولاني. وعندما خرج فوراً حدّق به رجال شرطة ومنعوه من التقدم. وقال إنه عندما قال لهم ان هذا ابن عمه انقضوا عليه وضربوه، ثم سدد أحدهم بندقية الى رأسه أيضا. خيطت جروحه بعد ذلك، لكنه احتاج الى فحوص طبية أخرى.
في نهاية الأمر وصل المكان فريق انقاذ من الهلال الأحمر. وقبل ان ينقل زياد الجولاني، لاحظ شهود عيان ثقبين لاطلاق النار في الحنك وصفحة وجهه اليمنى. وعندما أدار فريق الانقاذ رأسه تبين الجانب الأيسر من وجهه، حيث كان ثقبان كبيران بين الحنك المهشم والصدغ. كذلك وجد أنه كان جريحا في رجله وبطنه ويده. في هذه المرحلة كان الجولاني ما زال يتنفس كما قال أفراد الفريق الطبي للعائلة.
فضل شهود عيان ألا تذكر اسماؤهم خوف التنكيل بهم. لم يتناول المتحدث بلسان حرس الحدود، موشيه بنتسي، المزاعم التي فصلتها صحيفة "هآرتس" في سؤالها. وكتب المتحدث في رده: "قتل مدنيون وجرح عشرات في حوادث دهس حدثت خلال 2008 ــ 2009. وأنقذت حياة مواطنين آخرين أبرياء بفضل تدخل رجال الشرطة من حرس الحدود الذين أحبطوا العمليات ومنعوا قتلاً آخر. جميع تلك العمليات نفذها سكان من شرقي القدس، وفي جميع الحالات زعم أقرباء منفذي عمليات الدوس أن الحديث يدور عن حادثة".
في حادثة الدوس الأخيرة في وادي الجوز جرح أربعة من محاربي حرس الحدود "نقلوا الى المستشفى للحصول على العلاج"، كما جاء، "في هذه الحالة ايضا احبط منفذ العملية بعد أن حاول الهروب من المكان خلافا للقانون. لا أنوي التطرق الى تفصيلات أخرى يجري التحقيق فيها".
جاء عن شرطة التحقيق أن الحادثة يجري التحقيق فيها، وأنه سيقرر في الأيام القريبة، هل يبدأ تحقيق في سلوك أفراد الشرطة من حرس الحدود في الحادثة أم لا.

عن "هآرتس"

» التفاصيل الكاملة لملابسات استشهاد زياد الجولاني
» فكر مرتين
» عبد الحليم الجولاني إبن الخليل الملقب بالشلف
» طارق بن زياد
» المناضل الراحل توفيق زياد: