الأسرى ومعايير العنصرية

الأسرى ومعايير العنصرية

الكاتب أمجد عرار 3/7/2010

مرة
أخرى يلجأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمراوغة والتضليل في
قضية صفقة مبادلة جنديه الأسير غلعاد شاليت بأسرى فلسطينيين. صحيح أن
الأسطوانة الإسرائيلية الحافلة بالمعايير العنصرية بشأن الأسرى لم تتغير
منذ الأسير الأول، لكن الصحيح أيضاً أن هذه المعايير سقطت في اختبارات
تبادل عدة مع فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية.

نذكر
أن إسرائيل وضعت «فيتو» مطلقاً على إمكان الإفراج عن المناضل الأممي كوزو
أوكوموتو من سجونها، لكنه غادر زنزانته الانفرادية التي أمضى فيها عشر
سنوات مكبّلاً من يديه وقدميه بالأصفاد ومحاصراً بالكاميرات والعزل الذي
بدا له أبدياً قبل أن يخرج بخطوات لولبية تحت شمس الحرية في صفقة الجليل
التي أبرمتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة
العامة في العشرين من مايو( أيار) عام ،1985 وخرج بموجبها أكثر من 1400
أسير فلسطيني وعربي وأممي من ذوي الأحكام المؤبدة والعالية الذين تصنفّهم
المعايير الإسرائيلية بالأيادي الملطخة بالدماء.

ولم
يكن المناضل سمير القنطار ولن يكون آخر كاسري المعايير الإسرائيلية، حيث
يعيش اليوم حياته الطبيعية في لبنان بعدما تحرر في صفقة التبادل التي
أبرمها حزب الله مع إسرائيل وخرج بموجبها القنطار وعدد من رفاقه إلى
الحرية، مقابل رفاة جنديين إسرائيليين، شن الثلاثي اولمرت بيرتس وليفني
حرباً مدمّرة بذريعة تحريرهما، وهُزموا من دون أن يعيدوا الجنديين «إلى
الديار».

لا
نريد أن نستغرق كثيراً فنعطي قضية الأسرى ثوباً سياسياً مطلقاً، لأنها
تنطوي على كثير من الأبعاد الإنسانية، حتى إن بقي البعد السياسي هو الأساس
في ظل قضية قائمة على الاحتلال الذي طالما بقي قائماً يستوجب مقاومته
وفقاً لشرائع السماء والأرض. فما لا تريد إسرائيل أن يفهمه العالم أن
معاييرها بشأن الأسرى عنصرية من الطراز الأول، ولو كانت تعترف بأنها تخوض
حرباً مع شعب آخر لأقرّت أن الحرب فيها قتلى وجرحى وأسرى وخسائر مادية،
ولتعاملت وفق المواثيق الدولية مع من يقع في يديها كأسرى حرب، بلا معايير
مبتكرة تعبّر عن أيديولوجيا عنصرية. لكن إسرائيل التي اضطرت للتعامل مع
ممثلي الأسرى في السجون كممثلي حركة تحرر، تتجاهل هذا الاعتراف عندما
يتعلّق الأمر بالإفراج عنهم سواء في مفاوضات تبادل أو تحرك دبلوماسي أو ما
تسميه أحياناً لفتات «حسن نية» باتت أبعادها معروفة.

معايير
إسرائيل تتيح لها تجويع مليون ونصف مليون فلسطيني، وتفرض على كل العالم أن
يضغط معها ويحاصر شعباً، ويتحدّث في كل مناسبة عن ضرورة إطلاق سراح جندي
إسرائيلي تم أسره من دبابته على مشارف غزة، وفي الوقت ذاته تحرّم مجرد
الحديث عن آلاف الأسرى الفلسطينيين والعرب الذين يدافعون عن أوطأنهم ضد
احتلال لا يختلف على طبيعته اثنان، حتى بعض أحزابه وصحافييه ومثقفيه. ومن
سخرية القدر أن يتحدّث عن أياد ملطخة بالدم أولئك الذين نفذوا المجازر في
فلسطين ولبنان ومصر، وليس أخيراً ما جرى في مجزرة بحق الأتراك في أسطول
الحرية.
صفقة
شاليت ستكون ضربة جديدة للمعايير العنصرية، أما بعض المنافقين الدوليين
الذين يتعاملون مع شاليت وكأنه الأسير الوحيد في الصراع، فعليهم أن يعرفوا
أنهم يساهمون في إطالة أمد احتجازه إذا لم ينظروا إلى آلاف الأسرى في سجون
حليفتهم.

» «زعران» العنصرية و«أوادم» التوطين و...«الشياطين» الفلسطينية
» حذارِ العنصرية... في لبنان
» العنصرية الإسرائيلية أبعد من ليبرمان
» «إسرائيل» ومفارقات العنصرية «الإنسانية»
» تقرير: العنصرية تزداد في الداخل الفلسطيني