المسحراتي في قطاع غزة: الأحفاد يحافظون على تراث الأجداد

المسحراتي في قطاع غزة: الأحفاد يحافظون على تراث الأجداد
الأثنين أغسطس 23 2010

المسحراتي في قطاع غزة: الأحفاد يحافظون على تراث الأجداد 1282542081812075100

شبان يتولون مهنة المسحراتي في مدن غزة

غزة – المسحراتي في قطاع غزة: الأحفاد يحافظون على تراث الأجداد Alqudslogo2

من محمد الأسطل - لم يكن لمهنة المسحراتي الاستمرار في قطاع غزة حتى الآن بعد أن توفى ممتهنوها الأوائل، لولا وجود مجموعة من الأحفاد الذين انتقلت إليهم المهنة من الأجداد، بعد أن حرم أهالي القطاع لعدة سنوات من كلمات المسحراتي التي يطرب لها الكبار قبل الصغار.

الشاب الفلسطيني محمد فياض (20 عاماً) واحد من أولئك الذين أصروا على الحفاظ على إرث جده الذي ظل لعشرات السنوات يوقظ أهالي مخيم خان يونس للسحور، إذ حمل "طبلة" الجد وأخذ يردد كلماته الشهيرة "اصحى يا نايم وحد الدايم".

وقال فياض: "الجميع تفاجأ عندما شاهدني في الليلة الأولى لشهر رمضان وأن أسير في شوارع المخيم لأوقظ الناس، لأنهم اعتقدوا أن كان يقوم بذلك قد توفي". وأضاف: "الأمر يتجاوز فكر إيقاظ الناس، لأنه مرتبط بتراث فلسطيني سيضيع لو لم نقم نحن بذلك".

وعلى غير العادة، فإن القطاع يشهد قيام مجموعة من الشباب بمهنة المسحراتي بدلاً من الشيوخ أو كبار السن، في صورة عكست حرص الأحفاد على حمل تراث الأجداد، رغم محاولتهم التجديد في العبارات التي يرددونها لجذب الناس.

وأوضح فياض الذي يدرس في عامه الجامعي الثاني أنه يعلم أن معظم الناس لديها وسائل إيقاظ متعددة، لكن الحرص على الحافظ على الموروث الثقافي الفلسطيني دفعه إلى الاستمرار في مهنة الجد، لافتاً إلى أن المسحراتي جزء أساسي من مظاهر الشهر الكريم ولا يمكن الاستغناء عنها.

ودعا إلى إيجاد جهة تعمل على حفظ الإرث الثقافي الفلسطيني من الضياع، خصوصاً وأنه مرتبط بالتراث العربي والإسلامي.

وإذ كان إرث الجد فياض لم ينقطع ولا حتى لعام واحد على يد حفيده، فإن الشاب محمد أبو جزر (22 عاماً) يحاول منذ ثلاث سنوات إحياء إرث جده الذي انقطع منذ 15 عام، إذ يمارس هو مهنة المسحراتي في مدينة رفح جنوب القطاع، في محاولة جديدة منه لنقل فكرة المسحراتي من جيل إلى آخر بعد أن انقطعت لعدة سنوات، ولم يعد أحد يتحدث عنها، على حد قوله.

وقال: "إذا لم نحمل نحن هذه الأمانة التراثية، فستضيع مع مضي السنين جراء وسائل الاتصال الحديثة التي لا يخلو بيت منها". وأضاف: "أشعر بقيمة معنوية كبيرة أثناء قيامي بذلك، فيكفيني أن الأطفال يطلون علي من شرفات المنازل ويسألون أمهاتهم عما أقوم به".

وأكد أبو جزر أنه بقدر حجم الثناء الذي يسمعه من بعض الناس، فإن البعض الآخر يستهجن قيامه بهذه المهمة، خصوصاً وأن الكثيرين ليسوا بحاجة إليها إضافة إلى كونه شابا، معتبراً أنه لو كانت الشعوب ستعتمد على الوسائل التقنية في كل شيء لضاع تراثها الإنساني.

وذكر أنه يعمل جاهداً على تطوير الكلمات التي ينتقيها لإيقاظ الناس، من أجل جذبهم إلى الاستماع إليه في محاولة للحفاظ على مهنة المسحراتي من الاندثار، مؤكداً أن وفاة الأجداد والآباء الذين كانوا يقومون بهذه المهمة ساهم في انخفاض أعداد "المسحراتية" إلى حد كبير.

صورة أخرى من صور المسحراتي الشاب يرسمها مهران بربخ (30 عاماً)، الذي أخذ على عاتقه إيقاظ الحي الذي يقطنه وسط مدينة خان يونس لأول مرة في حياته، إذ اعتاد في الصغر على صوت المسحراتي وكلماته المسجوعة، لكنه حرم منه لعدة سنوات، فلم يجد من يقوم بهذه المهمة الجميلة، فقرر هو أن يتولى هذه المهنة بنفسه كما قال.

وأضاف: "الجميع متعطش لأن يسمع صوت المسحراتي، والصغار خصوصاً بدوا مستغربين من هذا الصوت الجديد الذي أخذ يصدح في الحي". وتابع: "هكذا يمكن ترسيخ فكرة المسحراتي في عقول وقلوب الصغار لتكبر معهم".

وبين بربخ أن مهنة المسحراتي لم تعد مقتصرة على كبار السن، ففي مختلف أنحاء القطاع يتولى هذه المهمة الشباب، خصوصاً خلال السنوات الأخيرة، مؤكداً أن ذلك يعكس حجم الاهتمام بالحفاظ على هذه المهنة من النسيان من الذاكرة الفلسطينية.

» تاريخ مدينة غزة قطاع غزة
» قطاع غزة يستعد لاستقبال "غزة الحرة"
» مخرج امريكي يروي قصة قطاع غزة للعالم
» الحصار يولد الابتكار لدى سكان قطاع غزة
» أيام فلسطينية ... تراث وفنون ... نقوش كنعانية