الصهيونية تعيد إنتاج المحرقة

الكاتب : عادل عبد الرحمن

تاريخ المقال : 2011-01-19

يوماً تلو الآخر تتكرس العنصرية الصهيونية في المجتمع الإسرائيلي بأوضح صورها، بعدما خرجت من رحم الفكر الرجعي، فكر الغيتو و«شعب الله المختار» و«أرض الميعاد» ومن أسفار الذبح، التي تقول «أن الرب أمر بني إسرائيل بذبحهم وذبح أطفالهم ونسائهم وشيوخهم وحتى بهائمهم قبل إلفي عام».
استمر حاخامات الموت ومروجو الفكر الصهيوني الصنمي في بث سمومهم في أوساط اليهود لتأجيج واستنفار مشاعر الحقد والكراهية ضد «العمالقة» الفلسطينيين منذ هيأت لهم قوى الشر الأوروبية والأميركية فكرة « الوطن القومي» للتخلص منهم، ولإزاحة نتائج وتداعيات المحرقة التي ارتكبوها ضد اليهود الأوروبيين في ألمانيا النازية عن النسيج الأوروبي لتمزيق الأرض العربية من خلال غرسهم مشروعاً كولونيالياً استعمارياً في فلسطين العربية.
اليهود الصهاينة بدل التصدي لأفكار ومخططات الغرب الاستعمارية، والرد على المحرقة النازية ضد اليهود الأوروبيين، ارتضوا أن يكونوا أداة المشروع الاستعماري ووقوده. واستمراوا لعبة التضليل وتزوير الحقائق بعدما غاصت أياديهم في الدم الفلسطيني والعربي، ونهبوا الأراضي والمصالح الوطنية الفلسطينية، وأقاموا دولتهم على أنقاض الشعب العربي الفلسطيني تحت لافتة مهترئة وكاذبة «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض».
حتى حين أبدى الفلسطينيون والعرب لاعتبارات مختلفة ذاتية وموضوعية، الرغبة بتجاوز الآثار التدميرية للنكبة من خلال إقامة سلام استناداً إلى المعطيات الماثلة في الواقع، تنكر الصهاينة الإسرائيليون الرجعيون للمصالح الوطنية الفلسطينية بحدها الأدنى، التي هبطت إلى نصف ما تضمنه القرار الدولي 181 (قرار التقسيم) القرار الذي قامت على أساسه دولة الابرتهايد الإسرائيلية عام 1948. ومازالوا يماطلون لتحقيق حلمهم البائس بتصفية الوجود الوطني بانتهاج سياسة الترانسفير والترحيل الإجباري لأبناء الشعب الفلسطيني عن أراضيهم من داخل الخط الأخضر والأراضي المحتلة عام 1967 كما أعلن عشرات الحاخامات من أن « فلسطينيي 48 ليسوا أكثر من ضيوف في إسرائيل». وعمق الحاخام زلمان ملميد، احد ابرز المرجعيات الدينية اليهودية في إسرائيل، بعد زيارة للمدن التي يقطنها اليهود والفلسطينيون في شمال إسرائيل مع وفد الحاخامات، الرواية الحاخامية الكاذبة والمغرقة في دونيتها ورجعيتها وعنصريتها، والمحملة بالتحريض على عمليات القتل والإبادة للفلسطينيين، قائلاً «إن حرص الفلسطينيين على الوجود في المدن الإسرائيلية يمثل محاولة إرهابية للمس بالحلم الذي راود اليهود منذ ألفي عام!».
وفي ظل حكومة اليمين الصهيوني الرجعي والعنصري المتطرف بزعامة نتنياهو، باتت المدارس والفرق الصهيونية وحاخامات « قتل الاغيار» الفلسطينيين أكثر توحشاً وسفوراً في إشهار نزعاتهم الدموية، والترويج لأفكارهم الفاشية، الداعية لإبادة الفلسطينيين، وإعادة إنتاج المحرقة ضدهم، وهذا ما دعت له مجلة صادرة عن التيار الديني الصهيوني في إسرائيل، بدعوتها إلى إقامة «معسكرات إبادة للفلسطينيين». حسب ما ذكر الموقع الالكتروني لصحيفة «يديعوت احرونوت» قبل أيام قليلة. ووفق الموقع الالكتروني فإن المجلة يتم توزيعها في الكنس اليهودية في إسرائيل. وهي تحمل فتاوى الإبادة للفلسطينيين مع توقيع العشرات من الحاخامات القتلة باعتبار ذلك (الإبادة للفلسطينيين) «فريضة شرعية». وأضاف موقع «يديعوت أحرونوت» إن الفتوى القاتلة تعتبر أن إقامة معسكرات الإبادة مهمة «اليهود الأطهار».
الفتوى الحاخامية المجنونة ليست وليدة الصدفة، أو نتاج نزعة فردية لهذا الحاخام أو ذاك، ولا هي وليدة رغبة مجموعة صهيونية هامشية داخل المجتمع الإسرائيلي، بل هي إفراز طبيعي لتقهقر قوى السلام وتسييد القوى اليمينية العنصرية القابضة على زمام الأمور في دولة إسرائيل، أمثال نتنياهو وليبرمان وباراك ويعلون ويشاي واراد ومن لف لفهم. كما أن جملة القرارات العنصرية التي أقرها الكنيست الثامن عشر، وهي الأكبر في تاريخ دولة الابرتهايد العنصرية، مهدت الطريق للتغول في الفتاوى الفاشية لـ«إبادة الشعب الفلسطيني». الجنوح الصهيوني اليميني المتطرف نحو الفاشية، بات بحاجة إلى رد قوي، وغير متلعثم من قبل القيادة الفلسطينية والقيادات العربية وكذلك القيادات الدولية وخاصة أقطاب الرباعية. لوقف ما يمكن أن ينتجه هذا الانحدار القيمي والأخلاقي المريع. إسرائيل تغوص في وحل الجريمة المنظمة وإرهاب الدولة، المولد لكل مظاهر وظواهر التعصب والحقد والكراهية، والمنتج الطبيعي للفاشية الإسرائيلية يستدعي التدخل الفوري من قبل أنصار السلام والتعايش في المنطقة والعالم، وخاصة من القوى الأوروبية والأميركية، لخنق تلك النزعات قبل انفلاتها من عقالها، وتدميرها لأفكار السلام والتسوية السياسية في المنطقة، وفي السياق مصالح القوى الغربية وتحديداً مصالح الولايات المتحدة، الراعي الأساسي لعملية التسوية. والتدخل هنا لا يكون عبر بوابة المناشدة والرجاء، بل باستخدام آليات وأساليب عمل جديدة، وفرض عقوبات على حكومة اليمين الصهيونية، التي شكلت الأرضية الخصبة لولادة ظواهر الفاشية في المجتمع الإسرائيلي.
ولمن لا يعلم فان إعادة إنتاج المحرقة ضد الشعب الفلسطيني من ضحايا المحرقة النازية الألمانية (اليهود) لن يمر مرور الكرام، وضحاياها لن يكونوا الفلسطينيين شاء الصهاينة ذلك أم أبوا، ويكونوا هم ضحاياها لاسيما وان رواد المسيحية اليمينية المتصهينين، بدعمهم خيار الحرب والاستيطان الاستعماري في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 على حساب المصالح الوطنية الفلسطينية بحدها الأدنى، تسعى لزج اليهود في اتون المحرقة لتحقيق مقولتهم الدينية عودة المسيح المنتظر في أعقاب زوال إسرائيل. وبالتالي دعمهم لإسرائيل وجنونها ليس لسواد عيون إسرائيل بل لتجسيد مقولتهم الدينية. لذا على اليهود الصهاينة المتغولين في عنصريتهم التفكير بمصيرهم ومصير شعبهم أن كانوا فعلا معنيين باليهود والسلام قبل فوات الأوان.

» إنتاج أول سيارة في فلسطين تسير على الطاقة الشمسية
» الأسد على طريق مبارك.. إعادة إنتاج الاستهبال
» كل الشواطئ العربية تحت الحصار الإسرائيلي... وقافلة الحرية تعيد توحيد
» ناجية من المحرقة متزوجة من فلسطيني منذ 52 عام
» اسرائيل تعيد ذكرى انطلاق انتفاضة الاقصى