هل تكون المعركة على البريقة بداية الحرب الأهلية في ليبيا؟

هل تكون المعركة على البريقة بداية الحرب الأهلية في ليبيا؟

3 مارس2011

الثوار يحتفلون باستعادة البريقة من أيدي القوات الموالية للقذافي

البريقة (ليبيا)، لندن – - نشرت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية اليوم الخميس تقريرا حول المعارك التي جرت بين الثوار والقوات الموالية للقذافي أمس تحت عنوان "هل هذه بداية الحرب الاهلية؟"، جاء فيه: "بالنسبة إلى الثوار في شرق ليبيا كان الامر مسألة وقت. وفي صباح الأربعاء، أسرع مما كان معظمهم قد توقع، جاء رجال القذافي إليهم.

وأعلن صوت سلاح رشاش هادر قبل الساعة السادسة والنصف صباحا بداية الهجوم على ضواحي البريقة، وهي بلدة خدمات صحراوية تقع على بعد 150 ميلا إلى الجنوب من بنغازي. كانت قوات الموالين قد تسللت خلال الليل، وتمركزت بصبر في منطقة صناعية على حدود المدينة، ثم شنت الهجوم.

وقال ويس الورفلي، 40 عاما، الذي يعمل في مصنع قريب لإنتاج الأمونيا: "لقد وصلوا في 60 أو 70 شاحنة من نوع "تويوتا"، وقد وضعوا حدودا، ويستخدمون العائلات في المنطقة دروعا بشرية".

مع غروب الشمس، انضم إلى المعركة ثوار جاؤوا من بلدة أجدابيا. وبدأت مرحلة حاسمة في الحرب للسيطرة على شرق ليبيا. قتل ستة أشخاص على الأقل في الاشتباكات التي بدا أنها كانت تتصاعد في فترة ما بعد الظهر، وجرح عشرات آخرون، نقل معظمهم إلى عيادة غير مجهزة بشكل جيد وسط هذه المدينة الإسمنتية البسيطة، حيث قام الطاقم الطبي بكل ما في وسعه لعلاج جروح الحرب التي كان من الواضح أنها ليست في كتاب طب العائلة.

صاحت ممرضة بينما وقفت قرب رجل متوسط العمر ينزف من جرح أصيب به في فخذه: "أحضروا الدم، أحضروا الدم". وانضم إليهم طبيب هندي، وقال: "لقد جاء الناس من البلدة إلى هنا طيلة الصباح للتبرع بالدم، لدينا البعض منه، إنه هناك".

لكنه لم يكن. يمكن للممرضات أن يحقن الرجال ذوي الإصابات الشديدة فقط بالسوائل، ثم ينتظر الجرحى حتى تأخذهم سيارات الإسعاف إلى أجدابيا، على بعد 60 ميلا عبر الطريق السريعة. ولم يظهر بعضهم علائم اهتمام.

في نهاية اليوم، نقل الجرحى إلى سيارات الإسعاف، حين اتت ثلاث سيارات بيضاء إلى المستشفى. جهزت الممرضات النقالات، ثم وقفن كرجل يرفع سلاحه وهتفن: "الله أكبر، شهداء!".

توقفت الشاحنة الثانية امام المستشفى. وتجمع حشد من نحو 100 شخص حولها.

وقف طبيب في رداء أزرق على المركبة، وبينما أطلق مسلح طلقات من سلاحه في الجو، حملت جثث أربعة رجال إلى ما اعتبر غرفة الطوارئ. وعمل الطاقم باهتياج على الرجال، وهم جميعا من سكان البلدة، لكن لفترة قصيرة، فقد كانوا فارقوا الحياة منذ وقت طويل.

وبينما غابت شمس ما اعتبره البعض المعركة الأولى في حرب أهلية، كانت الحسابات والتقديرات تجرى في قواعد الثوار التي كانت قبل أقل من اسبوعين أعمدة في حكم القذافي الحديدي. ووسط البقايا المحترقة التي تعتبر مراكز القيادة، كان القادة يحاولون فهم ما يحاول الديكتاتور القديم ان يقوله. بدا الهجوم على البريقة استراتيجيا أكثر من أن يكون انتقاميا. وتألفت المنطقة التي سيطرت عليها القوات الموالية للنظام يوم الأربعاء من جامعة، ومطار ورصيف وبعض المصانع.

كانت محطة الطاقة التي تزود بنغازي بالكهرباء قريبة، وكذلك كانت هناك مصفاة للنفط وشركة سرت النفطية التي كانت توظف أكثر من 300 أجنبي قبل ثورة السابع عشر من شباط (فبراير).

لا يبدو هذا رجلاً قوياً مهاناً يضرب بغضب، بل بدت سلسلة من التحركات المحسوبة التي تهدف إلى تغيير معادلة كان عكسها يعتبر مستحيلا قبل أسبوع.

خلال الأيام القليلة الماضية، تقدمت قوات القذافي نحو 120 ميلا من سرت باتجاه بنغازي، وهي مقر كل من عاصمة المنطقة ولجنة حاكمة تحاول تنظيم شؤون المدينة الثانية في ليبيا.

في صباح الأربعاء، قدمت اللجنة التماسا الى الأمم المتحدة لإنشاء وفرض منطقة حظر جوي من أجل

الثوار يرفعون العلم الليبي القديم في البريقة

صد أكبر مخاوف الثوار- من تبقى من الطيارين الموالين للقذافي في القوات الجوية.

وحتى عندما بدأوا الكلام، على طول الطريق إلى اجدابيا والطريق نحو البريقة، كانت الشاحنات التي تحمل الأسلحة المضادة للطائرات تندفع جنوبا. وفي بنغازي اثناء ذلك بدا المجندون في معسكر تدريب الثوار مهتمين بمعرفة كيفية استخدام صفوف من مضادات الطائرات المصفوفة في ساحة العرض.

وعند نقطة الخروج من المدينة، المعروفة بالبوابة الغربية، كان رجل في السابعة والخمسين يحمل شيئا أكثر حداثة- صاروخ أرض- جو يطلق من الكتف، قال إنه تدرب على استعماله خلال ثمانينات القرن الماضي. وبدا الصاروخ وكأنه من ذلك العهد، وكذلك البنادق القديمة التي يأملون أن يصدوا بها الطائرات القادمة من الغرب، والتي تشكل خطرا قاتلا متزايدا.

وقال شاب من الحرس المدني في أجدابيا كان يصلي بجوار قاذفة الصواريخ التي عهد بها له: "كانوا يحلقون هذا الصباح وأسقطنا إحدى الطائرات. وسألناه هل تستطيع استخدامه وكان الرد: "بالطبع استطيع. كل رجل في ليبيا يتدرب عسكريا لمدة عام واحد، أو ستة شهور على أي حال".

وكان حشد كبير متزايد العدد في البوابة القريبة يلح على السيارات والشاحنات التي يرونها بأن تحمل الثوار إلى الجبهة. وكان موكب السيارات المعدة لنقل الثوار نحو ممتداً الى ما لا نهاية.

تحركت السيارات 60 ميلا في طريق صحراوي منبسط، قبل أن تنحرف يمينا نحو البريقة. وكل مقطع في الطريق كان يحمل خطر إطلاق النار من عدو يكمن خلفه.

ولكن عندما زحفنا نحو البلدة، أصبح واضحا أن القتال محصور في المنطقة الصناعية في البريقة. وانهمرت قذائف المدفعية على الرمال، كما أن قذائف الهاون التي من الواضح أنها اطلقت من داخل الجامعة نحو مواقع الثوار تنفجر في الجو عن قرب.

وعندما فكرنا في خياراتنا، اقترب الهدير المرعب لطائرة تحلق على انخفاض. ولم يكن ممكنا ايجاد مكان يتوقف فيه موكب الثوار المتدفقين على المدينة داخلها.

وبعد أن تحركنا جلجل صوت انفجار أكبر خلفنا. وارتفعت سحابة من الدخان الأسود فورا من تلك النقطة بالضبط التي شاهدنا فيها تكدس الثوارخلف مرتفع يشرف على الجامعة. ولم نسمع عن مصيرهم أي خبر حتى هبوط الظلام.

سرنا نحو ميلين آخرين، قبل أن ننعطف نحو اليسار في الطريق الشمالي. توقفنا قليلا لسؤال الميليشيا عن الأخبار في الطريق أمامنا. وسمعنا هديرا ثانيا لطائرة قريبة، ثم بدت خلال ثوان ملامح طائرة وارتفع صوت انفجار هائل في الجو على بعد 200 متر على يسارنا. وخلال ثوان ارتفع الدخان الأسود فوق رؤوسنا.

تدفق المزيد من الشاحنات التي تحمل مضادات الطائرات ونحن نسرع نحو الشمال. وبين الحين والآخر، كانت مواقع ثابتة على مشارف البلدات الواقعة على الطريق تطلق النار عشوائيا في الهواء. وكانت نقطة التفتيش في أجدابيا حافلة بالإشاعات حول هبوط طيار بمظلته من طائرته بأمان في وقت سابق من ذلك اليوم.

أحد الطيارين، عبد السلام العديري، فعل ذلك بالضبط قبل ثمانية أيام. وتم إخفاؤه منذ ذلك الحين عن مغتالين ربما يبعث بهم القذافي. ويتعافى هذا الطيار الآن من كسر في ساقيه.

وقال والده لصحيفة "ذي غارديان" في وقت سابق من هذا الأسبوع: "لا أعتقد أنه سيتمكن من السير بشكل طبيعي على ساقيه طيلة العام المقبل. لكني لا أهتم ولا هو يهتم. فقد جلب الشرف لليبيا وهو أحد أبطال الثورة".

وفي الوقت الذي يتخندق فيه القذافي في طرابلس، ويزحف الموالون له شرقا، يبدو أن هذه الثورة بحاجة لمزيد من الأبطال.

وإذا استمر الوضع الحالي حيث يمسك القذافي بالغرب والثوار بالشرق، فلا بد من حدوث أمر خلال الأيام المقبلة.

قال ونيس ورفلي، وهو عامل بناء: "لم يرسل رجاله إلى هنا ليهربوا بعد معركة استمرت يوما واحدا. فهو إما يحاول اختبار قوة الثوار، أو القيام بزحف كبير نحونا. الشعب سيدافع عن نفسه وسينتصر".

ولكن حتى بالأسلحة التي بأيديهم، والعزيمة للقتال لدى مجنديهم، فإن وسائلهم القتالية تبدو غير كافية.

وتستطيع طائرات القذافي أن تقصفهم عندما تصعب الأمور على قواته النظامية وعلى المرتزقة معهم والولاءات القبلية القوية وسط البلاد وفي الغرب التي أثبتت حتى الآن أنها تمنع تحرك ضباط الجيش.

معركة البريقة- وهي منطقة صغيرة، تحت سيطرة واضحة للثوار- ستنجلي بعد أيام. ويبدو ان الحرب الحقيقية بدأت الآن بالفعل.

» قصف لأجدابيا والثوار يستردون البريقة
» إمّا أَن تكون أَو لا تكون
» الدوايمة/لندن تنفي علمها والزهار يهدد بالانتقام للمبحوح ونقل المعركة الى الخارج
» القذافي يشن غارات جوية على البريقة واجدابيا ومعارضوه يرفضون اي حوار
» هل هو بداية الترانسفير