إن دور الإعلام هو من أخطر الأدوار التي تلعبها الدول وحكامها في سبيل الترويج لسياسة معينة أو خط سير محدد لإقناع
الرأي العام به وتمرير مشاريع ساسية قد ترضي جمهور الناس وقد لا تحوز رضاهم. والاعلام والسياسية توأمان لا يفترقان فالسياسي في الحكم لا يستغني عن الإعلام للتأثير في الرأي العام على الوجه الذي يخدم أغراضه، من مثل تطويع جمهور الناس لقيادته، أو تبرير فعل أو قول صدر منه، أو التحضير لتقبل مشروع سياسي، أو منعطف جديد ينوي تحضير الناس للانعطاف معه في درب التبعية أو في طريق الانعتاق.
والإعلام هو لسان الحاكم والسياسي والذي بواسطته يستطيع التلاعب بالعقول وجعل اللون الأبيض أسود والأسود أبيض، وبه ايضاً يمكن أن يعيش جمهور الناس على الآمال العراض، والأوهام الخداعة، فيتأرجح الناس بين الأمل واليأس مرات ومرات. والإعلام هو سلاح هام للجيوش وللقادة العسكريين حيث يكاد يشكل نصف المعركة في حال إتقان استعماله كسلاح إلى جانب السلاح المادي.
وهو كذلك من الوسائل الهامة للأحزاب والكتل السياسية التي تكافح من أجل تطبيق مبادئها او للوصول لقيادة الناس، عبر الفوز في انتخابات، أو عن طريق قلب نظام حكم والحلول محله.
لذلك فإن جمهور الناس تتناوبه عدة جهات وتتنافس على خطب وده عدة من المؤيدين والأتباع وحتى تصل تلك الجهات إلى مبتغاها تسلك طرقاً شتى تكون في غالب الأحيان مخالفة للشرع الإسلامي لأنها تأخذ من الميكيافيللية نبراساً يهديها الطريق تلك التي تقول "إن الغاية تبرر الوسيلة" مهما كانت الوسيلة قذرة أو مخالفة للشرع، وهذا ما هو حاصل الآن في كل الممارسات السياسية والتي تستعمل الميكيافيللية نهجاً للحكم والسيطرة مع ما يستلزم ذلك من إعلام ميكيافيللي أيضاً يخدم تلك السياسة.
وإذا نظرنا إلى التقدم التقني في وسائل الإعلام والنشر الذي وصل إليه العالم في أواخر هذا القرن نرى أو وسائل النشر والإعلام تكاد تلتصق بالإنسان كالتصاق الثوب بالبدن، وتكاد تأخذ منه قسطاً وافراً من وقته، فجهاز المذياع (الراديو) يصطحبه المزارع والتاجر والحرفي والعامل معه إلى مكان عمله وحتى ربة البيت والموظف لا يستغنون عنه لحظة، أما جهاز التلفزيون فشأنه أخطر لأنه يخاطب كل أفراد العائلة في أفضل الأوقات لديهم وقت راحتهم الجسدية والفكرية حين يفرغ العامل والموظف من عمله والطالب من جامعته، ليصغي الجميع إلى هذا الضيف الثقيل الذي يفرض نفسه على الجميع كما يحلو لموجهيه، والتلفزيون يطلق عليه علماء النفس في الغرب (ثالث الوالدين) ومن هنا تكمن خطورته على الناشئة والأجيال التي نعدها ذخراً للمستقبل، فإذا كانت هذه الأجيال تنشأ على لا مبالاة الأب والأم وخبث الوالد الثالث فتلك الطامة الكبرى، والأسوأ من ذلك أن تلك البرامج تطبخ في بلدان الانحلال الفكري والخلقي. ولا يخفى على الكثيرين ما يتميز به التلفزيون من أساليب دمج الصور أو حذف مقاطع من المشاهد المصورة من خلال (المونتاج) والذي يحصل فيه خداع تركيب الصور على بعضها مما يتعبر إمعاناً في تضليل المشاهد، وهذا يخدم الإعلام الخبيث الموجه لخدمة المهيمنين على تلك الأجهزة
. وننتقل الآن لعرض الاساليب التي يتبعها الإعلام الموجه لتوجيه الرأي العام وهي التالية:-
أولاً: أسلوب التحضير المسبق:
أي طرح المشروع قبل تطبيقه لتهيئة الأجواء لتقبله ثم لمعرفة ردود فعل جمهور الناس عليه، فإن حالفه النجاح تمضى الجهة الطارحة له في تطبيقه، وإن صادف عراقيل تتنصل منه وتوهم الرأي العام بأن صاحب المشروع هو الجهة الفلانية وليست هي، وذلك حتى تحتفظ الجهة صاحبة المشروع بتأييد الرأي العام ولكي تحظى بصورة مشرقة في أذهان الناس لكونها لا تتبنى ما يُسخط الناس أو ما لا يرضيهم.
ثانياً: أسلوب الترويج الحماسي:
وهذا عادة يتزامن مع تنفيذ مخطط ما، ويهدف إلى حشد أكبر عدد من المؤيدين له، وطمس الأصوات المعارضة، أو إبراز أصوات كثيرة مؤيدة بطرق مسرحية يتوهم البعض من خلالها أن ما يرى ويسمع هو عين الحقيقة، ويغلف ذلك بغلاف براق امعاناً في التضليل، مع ما يرافق ذلك من مبالغات وتحريك للمواضيع الحساسة التي تجذب المؤيدين حيث يتم التركيز على إثارة المشاعر الجاهلية مثل "انتم احفاد الفراعنة، أنتم تنتموت إلى حضارة عمرها ستة آلاف سنة"، أو إثارة النعرات القومية وهي أيضاً رجوع إلى الجاهلية مثل "يا أبطال العروبة" أو يتم ذكر اسم جبل أو اسم معركة ثأرية أو إسم عشيرة مثل : يا أبطال جبل النار، يا أبطال معركة البيارق السود، يا بني مشهور، وهكذا تستغل احداث لها وقع عند سامعيها حتى تحدث ما يشبه السحر في سامعيها خصوصاً العناصر الشابة والمراهقين الذين تحركهم العواطف والمشاعر أكثر من العقل فيحصل الحاكم أو الزعيم على مبتغاه وبأسهل الطرق، عن طريق إثارة الغرائز والنعرات والمشاعر.
ثالثاً: أسلوب الاستعانة بآراء وتصريحات اشخاص ذوي نفوذ وشهرة:
ويتم ذلك من خلال اظهارهم في وسائل الاعلام المرئي والمسموع والمقروء، والحصول على تصريحات مؤيدة وخصوصاً في المناسبات الهامة، وحين ظهور هزات داخلية للنظام، فيكون المقصود هو قيام هؤلاء الاشخاص بتزكية النظام برجاله ونهجه والأنظمة التي يطبقها، وغالباً ما يكون هؤلاء الاشخاص حائزين على ثقة واحترام الناس، ولكلامهم وقع وصدى لدى عامة الناس، أما كيفية اقناعهم للإدلاء بآرائهم فتكون إما بجلبهم بالإكراه للقيام بذلك العمل واما طواعية بدافع التزلف للحاكم، وتكون النتيجة خدمة جلى تؤدى للحاكم في سبيل تضليل الرأي العام وإبرازه بغير وجهه الحقيقي.
رابعاً: استصدار فتاوى مؤيدة:
وهذا يعتبر استغلالاً للدين لخدمة مآرب الحاكم وإضفاء طابع شرعي على كل تصرف يقوم به حتى لا تثور الحمية الدينية لدى الناس، والتي من شأنها لو أثيرت أن تحطم كل ما بناه الحاكم، وهذا الأسلوب إستعمله جمال عبد الناصر حينما أراد تطبيق نوع من الاشتراكية في مصر وطلب فتوى من الأزهر بأن الاشتراكية هي من الإسلام واستجاب له الأزهر، وتكرر ذلك مع خلفه أنور السادات حينما لجأ إلى الأزهر لأخذ فتوى بجواز الصلح مع اليهود وتم له ذلك، وهذا منتهى السخرية والاستهزاء بالمسلمين، وإن دل على شيء فإنما يدل على استصغار الحاكم لعقول المحكومين وافتراض منه بأن هنالك عقليات ساذجة من الممكن تضليلها، وإلا لما كان لجأ إلى هذا الاسلوب الاستخفافي.
خامساً: الاستفتاءات المزورة:
تلجأ السلطات الحاكمة في كثير من البلدان إلى إجراء استفتاءات عامة للرأي العام لإيهام البسطاء بأن مشروعهم يحظى بالرضى العام والقبول التام من قبل الرعية، وكذلك يقصد من وراء ذلك إيهام الرأي العام خارج ذلك البلد بأن الحاكم الفلاني ومشاريعه تلقى التأييد المطلق من الجميع، أما في بلدان العالم الرأسمالي فالاستفتاء له وضع مختلف حيث تقوم شركات متخصصة في قياس الرأي العام ومعرفة اتجاهاته عن طريق اختيار عينة عشوائية أو طبقية من المجتمع المراد قياس اتجاه الرأي العام فيه، ثم تقوم هذه الشركات بتزويد الجهات المعينة بنتيجة البحث بما في ذلك السلطات الرسمية التي يهمها معرفة ميول الناس وانطباعاتهم عن سياسة الحكم وانعكاسها على جمهور الناس، ومعرفة مدى رضى أو سخط الناس عن سياسته تلك. الأمر الذي تحرص عليه دول العالم الرأسمالي لأن الحاكم يهاب الرأي العام ويحسب له حساباً نظراً لوجود الاحزاب والكتل السياسية التي حاسب الحاكم وتتصيد الفرص للحلول محله إذا ثبت فشله أو تقصيره تجاه المحكومين، ولهذا يعتبر ضغط الراي العام سيفاً مصلتاً على رأس النظام في الدول الرأسمالية بينما هو عديم الجدوى في الدول القائمة في العالم الإسلامي حيث لا يحسب الحاكم أي حساب لرأي الناس ولا لمطالبهم ولا لمدى رضاهم وقبولهم لسياسته أو عدم رضاهم، ولا يسمح بوجود أحزاب سياسية تتنافس على خدمة الناس ورعاية شؤونهم، بل هنالك الحزب الحاكم الواحد كما هو حال تونس والجزائر واليمن الجنوبي مثلاً، أو لا يسمح بوجود أحزاب للسلطة ولا لغيرها كما هو حال السعودية والأردن وليبيا على سبيل المثال لا الحصر، وفي ظل هذه الأوضاع القائمة في العالم الإسلامي تطالعنا بعض السلطات بين الفينة والأخرى باستفتاء فريد من نوعه وليس له مثيل في شرق أو غرب، ولعل حصولهم على قصب السبق فيه يعتبر مثاراً لدهشة الشرق والغرب، حيث يتم استفتاء على شخص الزعيم دون منازع وتاتي النتيجة دائماً لصالح صاحب الاستفتاء حتى يكاد الرقم أن يكون متماثلاُ عند كل من عبد الناصر، والسادات، ومبارك، ومن على شاكلتهم، وهذا هو النوع الوحيد من الاستفتاءات المزورة لقياس الرأي العام والتي تتم في العالم الإسلامي، اللهم إلا حالات نادرة في الاستفتاء والتي تطلب من الناس ابداء رأيهم في دستور جديد يضعه الحاكم وليس للناس الخيار في أن يقولوا "لا" لأن مصيرهم معروف إذا قالوها.
سادساً: استغلال الكوارث والنكبات والمناسبات:
استغلال الكوارث والنكبات والمناسبات التي تسمى وطنية والمناسبات الدينية والأعياد للدعاية للحاكم ونظامه، مثل الفيضانات والزلازل والمجاعة حيث يجد الحاكم أو الزعيم فرصة لإبراز مواهبه أمام شعبه المنكوب، فيتظاهر بالحرص والحنو عليه ويبدأ بتلقي المساعدات وتوزيع ما تجود به نفسه على المنكوبين فيما يشبه حرص الأم على وحيدها، والمثل يقول "الصديق وقت الضيق"، لذا يحاول اصطناع الغيرة، وافتعال الحرص في أشد حالات الضيق والحاجة، هذا بالنسبة لاستغلال الكوارث أما استغلال المناسبات التي تسمى وطنية، فلا تكاد تختفي مناسبة حتى تظهر أخرى وتكاد تمتلئ أيام السنة بالامجاد (الوطنية) التي سطرناها حتى تفوقنا على أجدادنا في أمجادهم الحقيقية، أما استغلال المناسبات الدينية والأعياد فمن غير المعقول من وجهة نظره أن لا يتظاهر الزعيم بالإيمان وهو يتزعم شعباً يغلب عليه الإيمان والتعلق بشعائر دينه مهما كانت طبيعة الظروف السياسية السائدة، وهو أي الحاكم يحرص على أن يكون في صفوف المصلين الأولى وهذا من مكملات الدعاية السياسية الناجحة.
سابعاً: استغلال الدين والمشاعر الدينية:
يتفاوت الحكام في أقطار مختلفة في طريقة رعايتهم للرعية ولكن هنالك قواسم مشتركة عديدة تجمعهم لدرجة أن المرء يكاد يجد نفسه أمام نفس الأمراض الفكرية والسياسية وهو في كراتشي أو استانبول أو بنغازي أو الخرطوم أو عمان، فالتخلف هو ذاته والتبعية هي ذاتها والانقياد الفكري للغرب هو ذاته والخبث الإعلامي هو ذاته والكيد للرعية وللإسلام تحت ستار الإسلام هو ذاته، ومحاربة حملة الدعوة يتشابه فيه الجميع ويرجع ذلك إلى أن منطقة العالم الإسلامي كانت قد خضعت لاستعمار الإنجليز المباشر لعشرات السنين وبعد انسحاب جيش (بريطانيا العظمى) كما كانت تسمى – أصبحت المنطقة تحت إشرافهم السياسي فيما يشبه (الريموت كنترول) أو التحكم عن بعد، عن طريق عملائهم الذين غرستهم في كل بقاع العالم الإسلامي ولكن المنطقة لم تبقَ على حالها بعد الحرب العالمية الثانية وبروز أمريكا كدولة كبرى، حيث بدأت أمريكا تحاول جادة طرد النفوذ السياسي للاستعمار الانجليزي والحلول محله، فكان أن بدأ صراع حاد بين الدولتين منذ بروز مسرحية الاستقلالات المزيفة في الأربعينيات وحتى الآن، وخير دليل على ذلك الصراع هو الانقلابات الكثيرة والثورات والحروب التي حصلت في العالم الإسلامي ولا زالت النيران مشتعلة وستبقى طالما بقي التسابق على النفوذ في بلاد المسلمين بين دول الكفر الطامعة. وخلاصة الأمر أن تشابه الأمراض السياسية والفكرية والاجتماعية في أقطار العالم الإسلامي يعود إلى تشابه الظروف التي مرت بها هذه المنطقة من حيث خضوعها للمستعمر نفسه في فترة سابقة ثم خضوعها لصراع بين الفريقين نفسيهما في كافة الأقطار في فترة لاحقة وحتى يومنا هذا، وهذا ما نتج عنه التماثل في التخلف والتبعية، والتماثل في القهر والإذلال، والتماثل في افقار البلاد وإغراقها بالمشاكل، وكذلك تتشابه الأنظمة في ركوبها للموجة الدينية والتي سميت (الصحوة)، فحينما يعقد في أحد أقطار العالم الإسلامي مؤتمر لمناقشة الصحوة الإسلامية نعلم مدى الخبث والدس الذي تخفيه الأنظمة في محاولتها الكيد للاسلام وأهله من خلال تظاهرها بالاهتمام بالصحوة الإسلامية وأصحابها، مع أن واقع تلك الأنظمة مدى حقدها وكيدها للاسلام، ويبدو ذلك واضحاً جلياً من خلال مطاردة تلك الأنظمة لحملة الدعوة الإسلامية وزجهم في المعتقلات التي لم تخلُ من احد منهم منذ عشرات السنين، وواقع تلك الانظمة يكشف عن علاقات سرية بينهم وبين اليهود أعداء المسلمين، ويكشف ارتباطهم بدول الغرب الكافرة التي هدمت الدولة الإسلامية بعد الحرب العالمية وأسقطت الخلافة عام 1924 وأنشأت دولة لليهود في فلسطين بعد طرد سكانها المسلمين.
هؤلاء المتظاهرين بالغيرة المصطنعة على الإسلام هم صيادو فرص، لأنهم يلبسون لكل حالة لبوسها، فبعضهم يدعي أنه أمير المؤمنين، والبعض الآخر ادعى من قبل بأنه الرئيس المؤمن، وبعضهم اختار أحد العلماء المسلمين لرئاسة برلمانه ذي التوجه (الوطني)، وجعفر النميري حاول التهرب من الانهيار العام لنظامه حين ادعى أنه بدأ بتطبيق بعض الجوانب من الشريعة، وهكذا فإن التظاهر بالحرص على الإسلام لم يقتصر على الحكام بل انتقلت عدواه إلى كل صاحب مصلحة من وراء استغلال الإسلام للوصول إلى مصلحته وهم كثر.
ثامناً: استعمال أسماء الشخصيات البارزة:
لتذييل برقيات التهنئة والتأييد في المناسبات وكذلك اليافطات والصور التي توقع بأسماء دون علم اصحابها، وأحياناً تمتلئ صفحات الجرائد الرسمية اليومية وفي حجم صفحات كاملة بصورة للحاكم مع تهنئة من قبل شركة كبرى أو شخص نافذ، وكذلك المجلات التي يتبرع أصحابها ببعض الصفحات تزلفاً وتملقاً مع تزيين صفحاتها والغلاف ببعض الصور الملونة للحكام الممولين، وهنا يبرز الخداع من قبل من هم في قمة هرم السلطة لمن هم في القاعدة عن طريق استعارة أسماء بارزة للتمويه والتضليل يقابله محاولة خداع عكسية من قبل بعض المطبوعات الدورية في كيل المدائح وإبراز الصور لاستدرار العون المالي.
تاسعاً: عقد المؤتمرات الصحفية:
أصبحت المؤتمرات الصحفية أداة مهمة لدى كل زعيم او مسؤول أو مدير شركة لإيصال فكرة ما إلى الرأي العام أو للدفاع عن الموقف أو الإجراء الذي اصطدم بالانتقادات وأثار الضجيج، ولا يقتصر عقد المؤتمرات الصحفية على الداخل بل يتم هذا الأمر في الخارج أيضاً عند قيام الزعماء بزيارة بلد آخر أو حضور مؤتمر دولي أو مناسبة حضوره جلسات الجمعية العامة للامم المتحدة.
عاشراً: الندوات والمؤتمرات:
أصبحت الندوات والمؤتمرات من وسائل التأثير على الرأي العام ومن وسائل الدعاوة لدولة أو دول معينة أو لفكرة معينة، وقد تكون المؤتمرات طبية أو في مجال التعليم أو في المجال الاقتصادي، ولكن أخطرها المؤتمرات الفكرية والسياسية والتي تتولى التأثير على الرأي العام وصياغته وقولبته بالشكل الذي يطمح له من هم وراء المؤتمر مثل (مؤتمر الصحوة الإسلامية) الذي عقد في عمان عام 1987 برعاية الملك حسين ومؤتمر شبيه له عقده القذافي وراء ستار في جزيرة مالطة في نفس العام.
وهنالك المؤتمرات القومية العنصرية التي تثير الخلافات بين القوميات المختلفة في دعوة عنصرية مكشوفة لا تختلف عن عنصرية جنوب إفريقيا أو إسرائيل (كادعائهم بأنهم شعب الله المختار) فهنالك دعاوى قومية في العالم الإسلامي لا تختلف عن الإدعاء بالشعب المميز الذي له الأفضلية على باقي الشعوب.
وهنالك المؤتمرات القارية والتي تتعلق ببقعة جغرافية معينة تضم ديانات مختلفة مثل مؤتمر القمة الإفريقي، الذي يخص الأفارقة فق أما الدول الافرو- آسيوية فلهم مؤتمراتهم المستقلة، وكذلك دول عدم الانحياز، ودول رابطة العالم الإسلامي التي تشارك في مؤتمرات القمة الإسلامية، وأخيراً هنالك مؤتمرات القمة العربية تلك التي أنشئت بإيعاز من الغرب هي ورابطة العالم الإسلامي لكي تتمكن دول الغرب من تحقيق مصالحها عن طريق تغليف القرارات والإجراءات بغلاف عربي أو إسلامي حتى يسهل تسويق خططه ومشاريعه دون أن تلقى معارضة ورفضاً من سكان هذه البلاد، والهدف الاكبر هو إبقاء الشرذمة والتمزيق قائمين مع تكريس الإقليمية والعصبية والعنصرية والقبلية من خلال الحفاظ على الكيانات المصطنعة، وحتى لا تعود المنطقة إلى دورها القيادي من خلال دولة واحدة كبرى تجمع الأمة الواحدة تحت راية واحدة.
حادي عشر: افتعال المناسبات التي تشد الأقطار:
مثل افتتاح مشروع كبير أو تخريج دورات تعليمية أو تدريبية أو عسكرية أو ذكرى مولد شخص أو موت شخص أو مناسبة تاريخية، أو انتصارات وهمية وذلك من أجل طرح سياسة جديدة أو إبراز موقف معين، أو الترويج لأفكار معينة، أو الدعاية لمخطط ما.
هذه أهم أساليب الإعلام الخبيث في التأثير على الرأي العام وقد تتفاوت من بلد إلى آخر ولكنها لا تختلف إلا في التفاصيل. وننتقل الآن إلى بحث السياسات المتبعة لترويض الرأي العام.