الاعلامي هيثم زعيتر في لقاء على تلفزيون المستقبل

[youtube][/youtube]

تحدث رئيس تحرير جريدة "اللـواء" صلاح سلام، والذي سبق له أن قدم الكتاب، فقال في كلمته: هي ليست مجرد لحظات على أرض الحبيبة فلسطين..

ولا هي ساعات وشهور وسنوات يطويها تاريخ الشعوب الحيّة..

ولا هو مجد ذكرى تمر في البال والخيال كلما شعرنا بالحنين إلى الأرض والوطن..

إنها قضية وجود تتجاوز بأخطارها الشعب الفلسطيني المناضل، لتهدد شعوباً عربية وإسلامية أخرى، وبقدر ما هي قضية مصير يبدأ اهتزازه على أرض فلسطين..، وسرعان ما يتحول إلى زلزال يضرب أمنه واستقرار دول المنطقة..

وهي أولاً وأخيراً واحدة من أساطير الشعوب المناضلة من أجل حريتها وكرامتها، واستقلالها وسيادتها..

كنا حتى الأمس القريب نعتبرها قضية القرن العشرين الذي أطل علينا بالوعد المشؤوم، وانتصف مع حصول النكبة، ثم حمل إلينا هزائم العقود المتتالية، الواحدة تلو الأخرى..

والواقع إن فلسطين هي قضية العصر.. نعم هذا العصر بكل ما يحفل به من مظالم وتناقضات، وبكل ما يطفو على سطحه من إنجازات وشعارات، تقف كلها على العتبة العربية، مهما لمع بريقها، والسبب إن العالم ينظر إلى قضيتنا المحقة بمكيالين لا علاقة للحق والعدالة بهما، ولا يمتان إلى حقوق الشعوب بالحرية وتقرير المصير بصلة.

وليست قضية فلسطين وحدها التي تعاني من ظلم "المجتمع الدولي"، ومن الغطرسة الأميركية المهيمنة على مقدرات العالم، بل الوطن العربي كله، ومعه العالم الإسلامي أيضاً يكابد مشاعر الإضطهاد والتهميش، بسبب السياسات الاستعمارية المتجددة للدول الغربية الطامعة بثرواتنا الطبيعية، واللاهثة وراء أسواقنا الإستهلاكية.

كتاب الزميل هيثم زعيتر يؤكد مرة أخرى أن "قضية فلسطين ستبقى قضية الأجيال المتعاقبة، يستلم كل جيل الراية من سلفه، ويحمل الأمانة الوطنية والتاريخية لاستعادة الحق السليب.. ولو بعد حين".

لذلك لن تنفع ترسانات العدو الصهيوني في توفير الأمن والإستقرار للمستوطنين.

ولن تحول إتفاقيات السلام المزيّف دون عودة أصحاب الأرض إلى مدنهم وقراهم في فلسطين.

ولن تضمن سياسة المكيالين التي تمارسها واشنطن ضد العرب، وتورط معها الأمم المتحدة في هذه السياسة المشينة بقاء المعتدي ولا إستمرار احتلاله لفلسطين.

أما نحن في لبنان، فقد نسجنا بدماء الشهداء الطاهرة أروع ملاحم الصمود والنضال اللبناني والفلسطيني ضد العدو الغاصب.

ولن تنجح محاولات فك هذا التلاحم المتين بين اللبنانيين والفلسطينيين مهما اشتدت الضغوط وكثرت الصعاب.. لأن المصير واحد.. والخيار واحد لا حياء عنه.

ونراها مناسبة، في هذه الأمسية الطيبة أن نؤكد من جديد على ثوابت العلاقات التاريخية بين الشعبين اللبناني والفلسطيني، وفي مقدمتها: الإلتزام بحق العودة ورفض كل أنواع التوطين.

- العمل على تحسين ظروف المعيشة في المخيمات الفلسطينية في مختلف المناطق اللبنانية.

- السماح للأخوة الفلسطينيين بحق العمل والإقامة إسوة بغيرهم من العمال غير اللبنانيين، هذا اضعف الإيمان.

- المساعدة على تأمين الخدمات الصحية والتربوية للعائلات الفلسطينية ضمن الإمكانيات اللبنانية المتاحة.

- الإلتزام الفلسطيني بعدم التدخل بالشؤون اللبنانية والإبتعاد عن محاور الصراعات الداخلية.

- إقفال القواعد والمواقع الفلسطينية المسلحة خارج المخيمات، واعتماد نظام مؤسساتي لاستخدام السلاح داخل التجمعات الفلسطينية.

أيها الأخوة، إن العلاقات اللبنانية - الفلسطينية هي فعل إيمان بالمصير الواحد في مواجهة العدو الواحد. وستبقى هذه العلاقات الأخوية التاريخية اقوى من الإشكالات والهيئات التي تظهر بين الحين والآخر وتحاول التشويش على نقاوة الروابط العائلية والوطنية والقومية التي تجمعنا.

وختم سلام: هنيئاً للأخ والزميل العزيز هيثم بلحظاته على أرض فلسطين، وعاشت الاخوة اللبنانية الفلسطينية.

قبلان

* ثم تحدث رئيس "مجلس الجنوب" الدكتور قبلان قبلان، فقال: انه لمن دواعي السّرور أن نلتقي لنبارك للصّديق العزيز الأستاذ هيثم زعيتر بالمولود الفكريّ الجديد الذّي أطلق عليه الإسم الجميل "لحظات من عمري في فلسطين" والذّي حوى في صفحاته المتنوّعة آمالاً وآلاماً وصوراً ووقائعاً وذكريات بعضها سريع وبعضها من عمر القضيّة المقدّسة.

والحديث في هذا اللّقاء في اتّجاهين في الشّخص وفي الموضوع. ففي شخص أخي وصديقي هيثم لن أُكثر المديح وهو أهل له ولا الإطراء وهو مستحقّه بجدارة.

ولكنّني لن أغالي إذا قلت بأنّه الصّديق الذّي لا يبني صداقته على حساب الحقيقة والصّحفيّ النّاشط الذّي لا يصنع خبراً أو سبقاً على حساب الصّداقة أو العلاقة مع الآخرين مهما اختلف معهم. بل الموضوعيّة والمهنيّة حاضرتان في مداد قلمه على الدّوام وتنوّع علاقاته وتعدّدها قائم على الإحترام. والمودّة موجودة لديه في كلّ مجال.

هو من الجنوب لا لأنّه يسكن في صيدا بل لأنّه فلسطينيّ الهويّة والهوى. والجنوب وفلسطين هما فلسطين والجنوب. هما واحد. هما هوى" في هويّة وتوحّد في قضيّة.

أمّا الموضوع فعنوانه فلسطين: فلسطين كلّ الوجع والألم والخوف وهي الإباء والكرامة والقدسيّة وهي العنوان لما عداها من عناوين مهما كانت وأينما كانت.

لقد تفجّرت عاطفة الكاتب واندلقت أحاسيسه على صفحات هذا الكتاب الذّي يحملك لتشمّ رائحة الأرض السّليبة فتشاهد القدس وقبّة الأقصى من بعيد لتلمح آثار البراق يحمل أشرف الخلق في معراجه إلى محيط العرش ويخفق قلبك على أبواب بيت لحم وأنت تسمع صدى صوت المسيح (ع) بين جدران كنيسة القيامة مازال يردّد لهم أنفسه - الدّجالين القتلة المجرمين المحتلّين الذّين سعوا لصلبه - إنّه بيت أبي وأنتم جعلتموه مغارة للّصوص. ما زال اللّصوص في بيت الرّب وفي مسجد الرّسول وفوق الأرض السّليبة.

نشاهد معه خيال بلدته اللّوبية التّي لم يستطع أن يطأها ينعكس في جوف السّماء فما يصعد إلى السّماء يبقى ولا يندثر. يأخذك في كتابه إلى جنين المعجونة بدماء الأبرياء وإلى نابلس وشجر الخير والبركة يقاوم جرّافات الإحتلال.

يدخلك هيثم في حوار مع أهل فلسطين ثوّار وفدائييّن وقادة وشعب صامد بشيوخه وشبابه ونسائه وأطفاله. تسرح فيها باحثاً عن الشّهداء عن محمّد درّة ورفاقه الأطفال الذّي قتلهم العدوّ كي لا يكبروا لخوفه منهم. نعم يخاف من الأطفال وحجارتهم. يخاف من كلّ شيء حتّى من الأموات وها هو يقتلع المقابر لأنّه يخشى أن ينسلّ الشّهداء فيقضّون مضجعه.

يسبح فينا هيثم في فناءات فلسطين السّاكنة مع المعتقلين والأسرى وعوائل الشّهداء. يجلسنا مع محمود درويش ويلبسنا الكوفيّة الفلسطينيّة التّي تمثّل فيما تمثّل تاج الشّرف والعزّ والكرامة وهي عنوان العنفوان والبأس العروبيّ.

نشكرك أيّها الصّديق العزيز على هذه الرّحلة في فناء الوطن والقضيّة وليتنا لا نستفيق من هذه الرّحلة فنعود إلى خيبة هذه الأمّة التّي تركت مقدّساتها مرتعاً للإحتلال وتآمرت على فلسطين وحاصرت شعبها من كل جانب. أمّة تقتل شعبها وتحابي عدوّها. يقتلها عدوّها بسلاح تشتريه له بمالها. أمّة تفرّقت عن حقّها وجبنت أمام عدوّها واستأسدت أمام شعوبها. أمّة غضب اللّه عليها بقادة لا يحسنون القيادة ولا يجيدون إلاّ التّزلّف لأعدائهم واستجدائهم للبقاء في عروش فاسدة و أنظمة بالية.