الخطأ في التعامل الاعلامي مع القرار الاسرائيلي حول الحرم الابراهيمي .بقلم داود كتاب

يخطئ الإعلام العربي والدولي يوميا في تعاطيه مع القرار الإسرائيلي الأخير حول الحرم الإبراهيمي في الخليل وقبة راحيل (مسجد رباح) في بيت لحم في وصفه قرارا يعتبر الموقعين جزءاً من التراث اليهودي، فالقرار الإسرائيلي اعتبر موقعي الحرم الإبراهيمي وقبة راحيل «جزءا من التراث الوطني الإسرائيلي»، وقد خصصت الحكومة الإسرائيلية ملايين الشواكل لإجراء ترميمات في الموقعين الموجودين داخل حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.

ومن هنا جاء الاحتجاج الفلسطيني والعربي والذي تبعه مؤخرا احتجاجات من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومن البيت الأبيض الأمريكي. لا شك أن الاحتجاج ضد القرار الإسرائيلي مشروع لأنه يحتوي على ضم سياسي غير مباشر لإسرائيل لمواقع داخل الحدود المنوية للدولة الفلسطينية.

ولكن تعريف القرار بأنه يعتبر المواقع جزءاً من التراث اليهودي أمرا لا يعكس الخطورة الحقيقية للقرار، فهناك مواقع يهودية ومسيحية وإسلامية في فلسطين التاريخية وفي العديد من الدول دون أن يكون مثل ذلك التعريف اعتداء على السيادات السياسية للدول الموجودة فيها تلك المواقع.

ومن المؤكد أن القرار الإسرائيلي جاء استجابة لمطالب أطراف دينية استيطانية متطرفة وهو أمر في غاية الخطورة لأنه، وكما قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، يشجع ويعيد للمنطقة فكرة الحروب الدينية والتي طالما تمنت البشرية ولا تزال، عدم التعاطي فيها لما فيها من غياب للمنطقية وسيطرة فكرة الانفراد الديني بالحقيقة المطلقة .

النبي إبراهيم وأبناؤه وأحفاده مكرمون من قبل الديانات السماوية وليسوا محتكرين لدين معين، كما من الصعب ربط العلاقة الدينية بالأمور السيادية والسياسية، حيث يعتبر النبي إبراهيم «أبا روحيا» للمسيحيين وللمسلمين أيضا لدرجة أنه يتم التعبير أحيانا للديانات السماوية الثلاث بعبارة الديانات الإبراهيمية.

ففكرة احتكار النبي لجهة واحدة أمر مرفوض دينيا وعقائديا، والأمر نفسه ينطبق على راحيل والدة النبي يوسف والتي تم ذكرها في الكتب السماوية التي يؤمن بها المسيحون والمسلمون واليهود.

إن الاعتراف بمشاركة المؤمنين لهؤلاء الأنبياء يجب أن يشجع الجميع على الفصل بين الدين والسياسة، وكما يقول المثل العربي المعروف فالدين لله والوطن للجميع.

أما في مجال الصراع العربي الإسرائيلي فمن المهم أن تستمر القوة الوطنية الفلسطينية بعدم إدخال الجانب الديني والتركيز بكل قوة على الجانب السياسي، فالشعب الفلسطيني يسعى لدولة مستقلة وطنية ذات سيادة بحيث يمكن لسكانها العيش بأمان وحرية، وكما عبر العديد من القادة الوطنيين الفلسطينيين فلا يوجد مانع من الناحية المبدئية ليسكن في الدولة الفلسطينية العتيدة أتباع ديانات مختلفة بما فيها اليهودية شرط أن يحترم مواطنو الدولة قوانينها.

قرار الحكومة الإسرائيلية خطير ومزعج ولكن خطورته أنه اعتبر المواقع الدينية الموجودة في الخليل وبيت لحم مواقع تراثية إسرائيلية، أما الإشارة لذلك القرار الخطير بجانبه الديني فيعتبر وقوعا في الفخ الذي نصبة الطرف الآخر، فالقرار الإسرائيلي صدر من حكومة سياسية وليس من حاخامات دينيين.

الإعلام العربي يجب أن يكون مهنيا وبذلك يجب التركيز على حرفية ما أقرته الحكومة الإسرائيلية المحتلة، كما وعلى الإعلام العربي أن يفكر استراتجيا بالفصل التاريخي بين معارضة الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والعالمية للحركة الصهيونية لأنها حركة عنصرية مبنية على سياسة استبدال شعب قادم من خارج فلسطين بدلا من الشعب الفلسطيني المتواجد على أرضه منذ آلاف السنين، وأي انجرار وراء الطابع الديني للصراع القائم في فلسطين هو خطأ استراتيجي يجب تجنبه.