قنبلة عباس النووية
رأي القدس
2011-11-03
الرئيس
الفلسطيني محمود عباس يعيش ظروفاً صعبة للغاية هذه الأيام، فاسرائيل جمدت
اموال سلطته عقاباً له على الذهاب الى منظمة اليونسكو للحصول على عضوية
فلسطين فيها، وفتحت الباب على مصراعيه امام الاستيطان المتغول في القدس
والضفة الغربية المحتلتين لتوجيه ضربة قاضية الى حل الدولتين الذي كان يأمل
في الوصول اليه، والأكثر من ذلك ان وزير خارجيتها افيغدور ليبرمان وصفه
بانه عقبة في طريق السلام اسوة بسلفه الراحل ياسر عرفات، وبدأ بسحب بطاقات
كبار الزوار من اركان سلطته.
انه وضع يبعث على الاكتئاب بالنسبة الى رجل
راهن دائماً على السلام، وعارض اي عمليات كفاح مسلح، وهندس اتفاقات اوسلو،
وحمل كل ما تيسر من اغصان زيتون طوال السنوات الست الماضية من عمر رئاسته،
ولم يجد في نهاية المطاف الا النكران والجحود، خاصة من قبل ادارة الرئيس
باراك اوباما التي عول عليها كثيراً لنصرة الخط المعتدل الذي يتبناه. ولعل
الصدمة الكبرى جاءت من قبل الحكومات العربية التي بدأت تتجاهله وقضيته
بالكامل، وتركز على اولويات اخرى اكثر اهمية بالنسبة اليها مثل الوضع في
ليبيا وبعد ذلك الانتفاضة الشعبية في سورية وتعاطي النظام السوري الدموي مع
المشاركين فيها. فالهجمة الاستيطانية الاسرائيلية لم تحرك ساكنا في
العواصم العربية، والفيتو الامريكي المتوقع في مجلس الامن الدولي ضد طلب
سلطته العضوية الكاملة لفلسطين في الامم المتحدة لن يكون افضل حالاً.
لا
نعرف كيف سيتعامل الرئيس عباس مع هذا المأزق خاصة ان تعويله على نجاح
المصالحة الوطنية مع حركة حماس لترتيب انتخابات رئاسية وتشريعية لا يترشح
فيها وتؤمن له تقاعداً مشرفاً لم يكن في محله مطلقاً.
السيد نبيل ابو
ردينة الناطق باسم الرئاسة في رام الله قال في تصريح مفاجئ ان القيادة
الفلسطينية بصدد اتخاذ اجراءات ستغير وجه منطقة الشرق الاوسط في ظل انعدام
افق حل سياسي للصراع العربي ـ الاسرائيلي، واشار الى ان الاسابيع او الاشهر
القادمة ستكون حاسمة وستشكل مفترق طرق مهما بخصوص عملية السلام في
المنطقة.
لا نعرف ما هي الاجراءات والقرارات التي تخطط القيادة
الفلسطينية لاتخاذها او الاقدام عليها، وستغير وجه المنطقة، فالسلطة
الفلسطينية لا تملك الصواريخ ولا الطائرات، كما انها لا تملك القدرة او حتى
الرغبة في العودة الى الكفاح المسلح.
هناك خيار وحيد ربما يكون بمثابة
القنبلة النووية الاكثر تأثيراً بالنسبة اليها، وهي حل السلطة الفلسطينية،
والانسحاب كلياً من عملية السلام واتفاقات اوسلو وكل ما ترتب على ذلك من
تنسيق امني.
تفجير هذه القنبلة، والآن بالذات، هو جسر الخلاص بالنسبة
الى الرئيس عباس الذي سيدخله الى كتب التاريخ من ابوابها الكبيرة، وسيغفر
له كل ما تقدم وما تأخر من ذنوبه وسيوفر له تقاعداً مشرفاً.
هل سيفجر عباس هذه القنبلة ويضع بذلك حداً لمعاناته الشخصية ومعاناة شعبه من خلفه؟ نأمل بذلك ونصلي له ليل نهار.