د. أيمن محمد عبد القادر الشيخ
رئيس قسم الإذاعة والتلفاز السابق بكلية الدعوة والإعلام جامعة القرآن الكريم – السودان
تمهيد:
لم تكن جرائم الكيان الصهيوني وليدة اللحظة تجاه أمتنا العربية والإسلامية، فقد ظلت تمثل شاهداً حياً لكل متابع ومازالت، وقد أخذت تتجه حديثاً إلى جرائم أكثر فظاعة لا تراعي ديناً، أو خلقاً، أو عرفاً، أو تشريعاً.
1. فذلكة تاريخية موجزة لجرائم الكيان الصهيوني تجاه فلسطين
2. مدخل تاريخي للإعلام العربي
3. قراءة موضوعية للعدوان الأخير على غزة
4. تجديد الخطاب الإعلامي العربي
ويظهر ذلك من خلال الاعتداءات المتكررة التي بدت واضحة للرأي العام العالمي من خلال العدوان الأخير على غزة والذي مازالت تداعياته ماثلة حتى الآن.
في ظل هذه الأوضاع ظل الإعلام العربي بشقيه (الرسمي وغير الرسمي) متأرجحاً بين القوة والضعف، بيد أن الإعلام العربي غير الرسمي قد شكل ظهوراً قوياً على غرار الإعلام الرسمي الذي اكتفى بتناول الأحداث وتحليلها في مسار التحليل السياسي العام دون أن يكون له تأثير واضح على المستوى الدولي.
لذا جاء هذا البحث بعنوان: "تجديد الخطاب الإعلامي العربي تجاه جرائم الكيان الصهيوني" بالإضافة إلى اعتبارات عديدة أهمها:
1. أن الإعلام العربي بشقيه (الرسمي وغير الرسمي) لديه مسؤولية عقدية، وأخلاقية، وشرعية تجاه القضية الفلسطينية باعتبارها قضية عربية وإسلامية.
2. تجديد الخطاب الإعلامي العربي تجاه جرائم الكيان الصهيوني لا تعني تغيير النظرة تجاه هذه القضية المصيرية، وإنما التجديد يكون في الوسائل والأساليب والأدوات المختلفة المشروعة ديناً وعرفاً.
ويركز البحث على النقاط الآتية:
1. فذلكة تاريخية موجزة لجرائم الكيان الصهيوني تجاه فلسطين.
2. مدخل تاريخي للإعلام العربي.
3. قراءة موضوعية للعدوان الأخير على غزة من حيث الآتي:
أ. طبيعة العدوان الصهيوني وخلفياته الإعلامية والسياسية والقانونية.
ب. موقف الإعلام الغربي من العدوان الصهيوني على غزة.
ج. اتجاهات الإعلام العربي تجاه العدوان على غزة بشقيه (الرسمي وغير الرسمي).
4. تجديد الخطاب الإعلامي العربي من حيث الآتي:
أ. حاجة الإعلام العربي للتجديد ومبررات هذه الحاجة.
ب. مجالات تجديد الخطاب الإعلامي ووسائله وأساليبه وأدواته.
ويسعى البحث لوضع تصور لاستراتيجية إعلامية عربية إسلامية لمواجهة الكيان الصهيوني وجرائمه، وتختتم بملخص يحوي أهم النتائج والتوصيات بالإضافة إلى هوامش البحث.
فذلكة تاريخية موجزة لجرائم الكيان الصهيوني تجاه فلسطين
لعل الحديث عن جرائم الكيان الصهيوني لا تحده حدود زمنية، لكن أكبر جريمة هي قيام الصهيونية بوصفها فكرةً ومنطلقاً عقدياً وارتباطها بالعمل العدائي الذي قامت عليه الجرائم المتعاقبة فيما بعد.
فالحركة الصهيونية وفي مؤتمرها التأسيسي الأول الذي انعقد في مدينة (نازل) في سويسرا أخذت شكلاً تنظيمياً مرتبطاً ارتباطاً مباشراً برئيس المنظمة الصهيونية العالمية، والتي أخذت شكلاً دعائياً يعود إلى بداية القرن التاسع عشر.(1)
وقد استخدمت العامل النفسي معتمدة في ذلك على بعدين أساسيين:
البعد الأول: محاولة تناسي اليهود ما واجهوه في أوروبا منذ الحكم النازي.
البعد الثاني: العمل على تعبئة الرأي العام العالمي لتقبل أهدافهم الاستعمارية التي مكنتهم في تغطية جرائمهم المتكررة على الشعب الفلسطيني.
وقد نتج عن هذين البعدين نكبة فلسطين عام 1948م بتأثيراتها الاجتماعية، والسياسية على مجمل الأوضاع داخل البلدان العربية خصوصاً الأقطار المحيطة بفلسطين. (2)
وقد تمثلت أهم هذه الآثار والنتائج في الآتي: (3)
1. الهجرات القسرية لموجات من اللاجئين الفلسطينيين الذين اضطروا لمغادرة فلسطين بعد حرب 1948م.
2. ميلاد عدد من الاتحادات والروابط الفلسطينية الطلابية التي أخذت على عاتقها العمل السياسي والإعلامي؛ تمهيداً للعمل العسكري من أجل تحرير فلسطين، ورفض حالة التشتت والضياع وغياب الشعب الفلسطيني باعتباره عنصراً فاعلاً على خريطة الصراع، ورفض اعتباره مجرد شعب من اللاجئين، وهنا يبرز (دور اتحاد طلاب فلسطين) فرع القاهرة الذي مارس نشاطاً واضحاً في فترة الخمسينات.
وفي تقديري فإن الصهيونية من خلال اتجاهاتها العدائية وأساليبها الدعائية لم تعمد إلى المباشرة أو المواجهة الصريحة للعرب والمسلمين بل عمدت إلى المواراة.
ويتضح ذلك في مميزات العمل الدعائي والمتمثلة في الآتي: (4)
1. لم يكن موجهاً في البداية إلى المجتمع الجماهيري، بل أن اهتمامه كان منصباً في التأثير على مراكز صنع القرار في المجتمعات الأوروبية، أي: أن الدعاية كانت موجهة إلى القيادات الأوروبية، وليس إلى القاعدة الجماهيرية بهدف خلق حالة التأييد والإسناد للمساعي الصهيونية.
2. اعتمدت الحركة الصهيونية أي أسلوب أو صيغة - مهما بلغت وضاعتها - للوصول إلى أهدافها مثل استغلال النساء الجميلات، إلى الإغراق بالأموال الطائلة إلى أسلوب التوريط ... الخ، أي أن أسلوبها كان حافلاً بالعلاقات السيئة أكثر مما كان اتصالاً فكرياً.
3. إن الدعاية الصهيونية لم تهتم بموضوع تشويه الطابع القومي العربي لا لأنها لا تريد ذلك ولكن لظروف وطبيعة خصائص التحرك الدعائي للحركة الصهيونية وتلك الفترة.
وقد يسأل سائل ما علاقة جرائم الكيان الصهيوني تاريخياً وواقعياً بالحركة والدعاية الصهيونية؟ وللإجابة عن هذا السؤال هناك معطيات واقعية موضوعية لابد من مراعاتها وعدم إغفالها عند أي عدوان يتعرض له الشعب الفلسطيني، وهذه المعطيات تتمثل في الآتي:
1- إن الدعاية الصهيونية - بأساليبها المتعددة - أرادت أن تعمل على خلق صورة ذهنية للرأي العام الغربي متعاطفة تجاهها وذلك حتى تجد مبرراً لأعمالها العدوانية على الشعب الفلسطيني.
2- إن الدعاية الصهيونية تدرك تماماً أن الإعلام العربي لا ينبغي من وجهتها إيقاظه بالدعاية المباشرة فضلاً عن عجز هذا الإعلام وهذه الفكرة في مواجهة الاعتداءات المتكررة على الشعب الفلسطيني.
3- قصور الوازع الديني لدى الشباب والمجتمع العربي ساعد الدعاية الصهيونية إلى اتباع أساليب سيئة لإفراغ القضية الفلسطينية من منظورها العقدي.
مدخل تاريخي للإعلام العربي
ارتبط الإعلام العربي تاريخياً من خلال اهتمامه بتطور وسائل الاتصال ففي القرن الخامس عشر الذي شهد اختراع المطبعة في أوروبا برز اهتمام العالم العربي بالصحافة والذي ظهر متأخراً في القرن الثامن عشر.
وقد ظهرت أول مطبعة استخدمت الحروف العربية في حلب سنة 1702م وكانت أول مطبعة عرفتها البلاد العربية. (5)
ويمكن إيجاز البداية التاريخية للصحافة العربية في الآتي:
1. ظهور المدرسة الصحفية الأولى في مصر ويمثلها كتاب الصحف المصرية التي أصدرتها الدولة، أو أعانت على إصدارها، ويمتد هذا الطور حتى الثورة العرابية. ومن أشهر الكتاب في تلك الفترة (رفاعة الطهطاوي، وعبد الله أبو السعود) وغيرهما وقد نشروا مقالاتهم في الوقائع المصرية ووادي النيل والوطن وروضة الأخبار وحركة الشرق على التوالي. (6)
2. في فترة الاستعمار البريطاني صدرت أول صحيفة وطنية (حضارة السودان) وقد كانت بداية لظهور فن المقال الصحفي، ويمكن توضيح ذلك من خلال السياسة التحريرية للصحيفة والمقالات الأربعة الشهيرة بعنوان: "السودان ومصر، أو المسألة السودانية" التي نشرها حسين شريف خلال شهري أغسطس وسبتمبر عام 1920م. (7) والملاحظ أن الصحافة العربية بشكل عام بدأت صحافة وطنية بهدف مقاومة الاستعمار، وبعد الاستعمار تركزت على الاهتمام بالحرية والتعددية الحزبية، وانتشرت مقالات الرأي بصورة ملحوظة فضلاً عن اهتمامها بالأدب والثقافة.
وبعد فترة بدأ اهتمام العرب بالإعلام الفضائي وذلك إيماناً منهم بأهمية استخدام التكنولوجيا وتوظيفها لقضايا الأمة العربية.
وقد ظهر الاهتمام العربي بامتلاك تقنية البث التلفزيوني لأول مرة في عام 1967م عندما أوصى مؤتمر وزراء العرب المنعقد آنذاك في تونس بضرورة استخدام التكنولوجيا الحديثة التي توفرها نظم الأقمار الصناعية في تطوير وسائل الإعلام العربية. (
ومنذ ذلك الحين توالت الاجتماعات ورفعت التوصيات في هذا الصدد إلى أن أطلق القمر الصناعي العربي – عربسات- في فبراير عام 1985م معلناً دخول العرب في نادي الأقمار الصناعية، عضواً يرتاد عصر الفضاء لأول مرة، ومبشراً باستخدام يعود بالإفادة والتطوير على جميع الدول العربية ومواطنيها جراء الاستفادة من إمكانات وميزات البث الفضائي. (9)
ومع تطورات القرن الماضي والتقنيات الحديثة التي أخذت في التنامي والتسارع في القرن الواحد والعشرين تعددت القنوات الفضائية العربية من حيث الملكية والتمويل والتخصصية في المضامين، وقد أولت القنوات الإخبارية اهتماماً بالقضية الفلسطينية وتداعياتها المستمرة، وقد ظهر جلياً التباين في شكل ومضمون وأهداف التغطية والذي سيظهر بشكل مفصل بإذن الله في متن هذه الورقة.
قراءة موضوعية للعدوان الأخير على غزة
العدوان الأخير الذي قام به الكيان الصهيوني على غزة في شهري ديسمبر 2008م ويناير 2009م أثار ردود فعل واسعة وحدثت فيه متغيرات كثيرة تجاه العدو الصهيوني؛ فلم تقتصر هذه الجرائم على رد الفعل العربي والإسلامي بنظمه ومؤسساته المختلفة والمتباينة في أفكارها ورؤاها، بل تعداه إلى الفعل الإقليمي والدولي وهذا يتطلب قراءة هذا العدوان في مسارات مختلفة.
طبيعة العدوان الصهيوني وخلفياته الإعلامية والسياسية والقانونية
أولاً/ الجانب الإعلامي:
أ. التعتيم الإعلامي: لا يمكن تقدير الخسائر (الإسرائيلية) في هذه الحرب بالكامل نظراً للتعتيم الإعلامي الذي فرضته الحكومة (الإسرائيلية) التي حظرت نشر أي شيء عن الخسائر في الجانب (الإسرائيلي)، وربما يرجع ذلك إلى رغبة (إسرائيل) في الظهور بمظهر دولة عظمى على المستوى الإقليمي لا يمكن أن تتأثر بشكل جدي من حرب منظمة بمستوى حماس. (10)
ب. الترويج الإعلامي لاستعطاف الرأي العام الدولي: ويتضح من قرار رجل أعمال (إسرائيلي) من حيفا يدعى (دورون كوهين) لإطلاق مبادرة لاستضافة ألف طفل وامرأة من غزة في (إسرائيل). ويرى صاحب المبادرة أن الجانب الفلسطيني لم يعلق على المبادرة حتى الآن ويتوقع (كوهين) من وزارة الخارجية (الإسرائيلية) أن تستخدم جهازها الإعلامي في الترويج للموضوع. (11)
ج. الاعتداء على فرق التغطية الإعلامية: منع الكيان الصهيوني الإعلام العالمي من الانتشار في غزة ولم يوفر لأي إعلامي الحماية من أجل التغطية؛ منعاً لوجود شهود عيان على جرائم يندى لها جبين البشرية. لا بل إن الإجرام الصهيوني قد استهدف البرج الذي يوجد فيه الإعلاميون، كما قام بسحب هواتفهم المحمولة كي لا يتمكن أحد من إعطاء صورة ما يجري من إبادة لأطفال غزة للخارج. (12)
ويلاحظ أن خطة الكيان الصهيوني كانت في ثلاثة مسارات متسقة مع بعضها البعض: مسار تعتيم إعلامي على خسائره، واعتداء على الصحفيين، واستعطاف إنساني لتبرير جرائمه وهذا يتفق مع المبادئ التي قامت عليها الدعاية الصهيونية.
ثانياً/ الجانب الإنساني:
أ. استخدام غير قانوني لقنابل الفسفور الأبيض في غزة: أكدت منظمة حقوق الإنسان الأمريكية "هيومن رايتس ووش" استخدام (إسرائيل) بشكل غير قانوني قنابل الفسفور الأبيض في هجومها على غزة، وأن استخدام هذا السلاح في منطقة مكتظة بالسكان يعد انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي، وتعد شهادات الأهالي والعاملين في المجال الطبي بوجود حروق صعبة للغاية عند المصابين في غزة تأكيداً على ذلك.(13)
ب. الأثر البيئي والزراعي: قام العدوان (الإسرائيلي) بتدمير أسس الحياة في غزة من خلال الاستيلاء والسيطرة على منابع المياه العذبة، وعلى مصادر الطاقة المختلفة من كهرباء وغاز بالإضافة لما تمارسه (إسرائيل) من تدمير للأشجار والمزروعات، والأراضي الزراعية نفسها، وضرب محطات الصرف الصحي.(14)
ويتضح كذلك من خلال عرقلة الكيان الصهيوني للمنظمات الإنسانية في الاطلاع بدورها الإغاثي، وذلك بحجج واهية تتمثل في الخوف على سلامة هذه المنظمات، وأحياناً الخوف من استيلاء حركة حماس على هذه المساعدات الإنسانية وتوظيفها في القتال ضدها على حد زعمها.
ثالثاً/ سياسات القوى غير العربية إزاء العدوان الإسرائيلي
لقد كشف العدوان الصهيوني الدعم الدولي للقضية الفلسطينية ويتضح ذلك في جملة من المواقف الدولية يمكن إيجازها فيما يلي: (15)
1. أدانت معظم الدول الإفريقية والآسيوية ودول أمريكا اللاتينية العدوان (الإسرائيلي)؛ فكان أقوى تلك الإدانات من بوليفيا، وفنزويلا اللتين قطعتا العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.
2. طالبت بوليفيا بسحب جائزة نوبل للسلام من بيريز، كما وصف (شافيز)، رئيس فنزويلا العدوان بأنه "إرهاب الدولة".
3. آثار بيان رئيس جامبيا الذي وصف العدوان بأنه بمثابة "هولوكوست" ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
4. التزمت الصين الحياد الصارم، وأعلنت خارجيتها عن قلقها العميق من تصاعد الموقف المتوتر في غزة، وإدانتها للأعمال التي تسبب الإصابات والقتل بين الناس العاديين، وناشدت الأطراف بضبط النفس.
ومن الملاحظ أن الدول الإسلامية غير العربية كانت مواقفها قوية ضد العدوان الصهيوني وخصوصاً الموقف التركي ، فضلاً عن مواقف دول شرق آسيا الإسلامية. بيد أن المواقف الغربية تأرجحت بين الحياد والمساندة للعدوان الصهيوني وتحميل المسؤولية الجانبين أحياناً وهذا ما سيظهر بشكل مفصل لاحقاً.
رابعاً/ ازدياد موجة العداء للسامية
في أعقاب العدوان الصهيوني على غزة ازدادت موجة العداء للسامية من خلال الأتي: (16)
(1) كشف تقرير للمنتدى المشترك لمكافحة معاداة السامية الذي قدم بمناسبة اليوم العالمي للنكبة النازية، عن صورة مثيرة للقلق بشأن الآثار المترتبة على عملية "الرصاص المنهمر"، فيما يتعلق بظاهرة العداء للسامية في أنحاء العالم حيث تشير البيانات إلى أنه خلال الحرب على غزة وقعت في العالم أكثر من 250 حادث معاداة للسامية مقابل 80 حادثة في نفس الفترة من العام الماضي.
وفي تقديري فإن هذا التقرير يكشف أن مبررات الدعاية الصهيونية لاستعطاف العالم بشأن اليهود وما تعرضوا له في النازية أضحت مبررات واهية، بالإضافة إلى أن معاداة السامية أضحت ظاهرة إنسانية مجتمعية لم تقتصر على الجانب العقدي، أو السياسي فحسب، وهذه فرصة يمكن للإعلام العربي أن يستفيد منها في مقاومة الدعاية الصهيونية.
خامساً/ الجانب القانوني
يتمثل الجانب القانوني في تقرير القاضي (جولد ستون) والذي تعود خلفياته للآتي: (17)
1. قرر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تشكيل لجنة تحقيق في الانتهاكات التي وقعت إبان العدوان (الإسرائيلي) على قطاع غزة، في ديسمبر 2008م ويناير 2009م، وقد بادرت (إسرائيل) – كالعادة – إلى رفض اللجنة، ورفضت التعاون معها، أو السماح لها بدخول (إسرائيل).
2. على الرغم من وضع قاضٍ يهودي على رأس اللجنة، فإن حركة حماس في المقابل وافقت على الفور على التعاون مع اللجنة، وأتاحت لها حرية الحركة وإجراء التحقيق على النحو الذي ترى.
3. واصل القاضي الدولي، جنوب إفريقي الجنسية، يهودي الديانة (ريتشارد جولد ستون) تحقيقاته وزيارته لقطاع غزة، إلى أن خرج التقرير موجهاً اتهامات محددة (لإسرائيل) بارتكاب جرائم حرب، وربما جرائم ضد الإنسانية، وفي نفس الوقت وجه اتهاماً لحركة حماس بارتكاب جرائم حرب على خلفية استهداف المدنيين (الإسرائيليين).
4. شكل التقرير صدمة للحكومة (الإسرائيلية) والرأي العام هناك، وزاد من مخاوف العسكريين (الإسرائيليين) من الملاحقة بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وجرائم بحق الإنسانية، وعلى أثر الصدمة وجهت (إسرائيل) اتهامات عشوائية للتقرير، دون القدرة على اتهام القائمين عليه بمعاداة السامية، فرئيس اللجنة يهودي الديانة، عضو مجلس أمناء جامعة بن جوريون من ربع قرن، وإحدى بناته تقيم في (إسرائيل) وتحمل الجنسية (الإسرائيلية).
ويبدو أن هذا التقرير قد آثار جدلاً قانونياً في إمكانية ملاحقة قادة الجيش والسياسيين الصهاينة ممن ارتكب جرائم حرب ، فضلاً عن شهرة التقرير في تاريخ الإنسانية وما يمكن أن يكون نقطة جوهرية لإعادة الاعتبار للأمم المتحدة التي كثيراً ما تكون متحيزة للكيان الصهيوني.
ولكن يبدو أن الكيان الصهيوني يسعى للاستفادة من حليفه الاستراتيجي الأمريكي في إمكانية عدم تأثير هذا التقرير لإصدار قرارات دولية تدين هذا الكيان.
موقف الإعلام الغربي من العدوان الصهيوني على غزة
عند متابعة المواقف الغربية الرسمية يلاحظ أنها متسقة تماماً مع العدوان الإسرائيلي على غزة وخصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية؛ فقد أيد الكونغرس الأميركي هذا العدوان بحجة أحقية الكيان الصهيوني في الدفاع عن نفسه.
بيد أن الإعلام الأمريكي لم يكن بمعزل عن الموقف الرسمي الأمريكي ويظهر ذلك من خلال التغطية الأمريكية للحرب (الإسرائيلية) على قطاع غزة والمتمثلة في الآتي: (18)
1. التغطية الإعلامية الأمريكية تعبر عن طرف واحد في المعادلة الصراعية وهو الجانب (الإسرائيلي)، مغفلة الطرف الآخر من هذه المعادلة المتمثل في الوضع القائم في قطاع غزة لاسيما مع حقيقة أن أغلب المصابين من أبناء القطاع، وتلك التغطية الإعلامية تفتقر إلى أدنى معايير العمل الإعلامي والصحفي، مرددة الحجج والأقاويل الإسرائيلية دون البحث عن مدى مصداقيتها.
2. وسائل الإعلام الأمريكية انصاعت - بطيب خاطر - للحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة الذي جعل مراسليها خارج الصورة لعدة أشهر قبل بدء العدوان (الإسرائيلي) على القطاع، وقد عرضت وسائل الإعلام الأمريكية بصورة منهجية التصريحات التي وزعتها وزارة الخارجية (الإسرائيلية) والتي كانت الأساس للتغطية الأميركية.
ومن الملاحظ أن غياب المراسلين الأميركيين عن مسرح الأحداث في قطاع غزة من جهة، وارتباط هؤلاء المراسلين بسياسة المحطة أو الصحيفة التي يتبعون لها تكشف مدى التحيز للكيان الصهيوني ، فضلاً عن أنه لا يمكن أي صحفي من أن يقوم بالتغطية وفقاً للمعايير المهنية المتعارف عليها دولياً.
ولعل مرد ذلك انتماء وتبعية معظم وسائل الإعلام الأميركية للوبي الصهيوني في أميركا، وعلى الرغم من ذلك فهناك مؤسسات إعلامية أميركية أخذت موقفاً محايداً ومتعاطفاً أحياناً مع الوضع الإنساني في غزة.
ومثال ذلك أعربت منظمة "أمريكيون من أجل السلام الآن" Americans For Peace Now عن حزنها لوفاة ومعانات المدنيين من طرفي الصراع، وتدعو المنظمة الحكومة (الإسرائيلية) لإنهاء عملياتها في قطاع غزة، كما أنها تنتقد بشدة إطلاق الصواريخ وقذائف مورتر في القطاع على (إسرائيل)، وأعربت عن قلقها واهتمامها بتدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة. (19)
ولم يختلف الموقف الإعلامي البريطاني عن الموقف الإعلامي الأمريكي ويتضح ذلك من قرار هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) بعدم إذاعة نداء جمع التبرعات لمساعدة الشعب الفلسطيني في غزة، مما آثار ردود فعل من قبل أعضاء من الحكومة ومجلس العموم البريطاني إضافة للعديد من المؤسسات الشعبية البريطانية.
وقد بدا الموقف البريطاني متبايناً في هذا الشأن ويتضح ذلك في الأتي: (20)
1. انضم وزير التنمية الدولية البريطاني (دوجلاس الكسندر) إلى موجة الاحتجاجات، حيث هاجم قرار الهيئة بقوله: (إن الجمهور البريطاني يستطيع التمييز بين التأييد بهدف إنساني، وتفضيل أحد أطراف النزاع على الآخر، وفي ضوء معاناة أهالي غزة الشديدة، من الصعب اعتبار هذا القرار قراراً عادياً).
2. قالت (كارولين تومسون) – مسؤولة كبيرة في هيئة الإذاعة البريطانية "إن أهم شيء يمكننا القيام به من أجل أهالي غزة الذين يعانون هو مواصلة إذاعة الأنباء عن معاناتهم ، فقد قمنا بعمل فريد من خلال التقارير التي أذعناها عن هذه المعاناة" وأضافت: إن إذاعة هذا النداء سيخلق انطباعاً وكأن القناة تتبنى موقفاً في النزاع، وأنها تؤيد أحد الأطراف على الآخر، بينما الهدف هو الحفاظ على التوازن.
ويبدو أن ما ذكرته (كارولين تومسون) ليس مقنعاً من الناحيتين العملية والنظرية وذلك للاعتبارات الآتية:
1- أن الكيان الصهيوني منع المراسلين الأجانب من تغطية الأوضاع في غزة، فكيف يتم إذاعة المعاناة دون التغطية الحية المباشرة.
2- أن الإعلان والنداء الإنساني يأتي للأغراض الإنسانية والإغاثية التي تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني الدولية وهي ليست طرفاً في الصراع ، فضلاً عن أنه من المبادئ التي قامت عليها الأديان السماوية ومبادئ حقوق الإنسان.
3- لو حدث افتراض أن الإعلان من منظمة إنسانية دولية وفيه مقابل مادي بوصفه إعلاناً لظهر الرفض والتحيز بشكل واضح ، ولما وجدت الإذاعة مبررات تقنع بها الرأي العام العالمي.
4- أن حقوق الإنسان من القيم الإخبارية العالمية التي تتمتع بها الإذاعة ، وعدم تطبيق هذه القيمة يؤثر - سلباً- في رصيدها التاريخي والحضاري.
اتجاهات الإعلام العربي تجاه العدوان على غزة بشقية (الرسمي وغير الرسمي)
من النادر أن يتم الحصول على دراسة علمية توضح اتجاهات الإعلام العربي تجاه العدوان الصهيوني على غزة ، وذلك بسبب حداثة العدوان ، وقلة اهتمام الباحثين الإعلاميين في الجامعات العربية بهذا العدوان ووضعه في إطاره العلمي ، بيد أن دراسة إعلامية حديثة قامت بها الدكتورة آمال كمال المدرس بقسم الصحافة بجامعة حلوان يمكن تناول أهم مؤشراتها فيما يلي: (21)
1. أكدت الدراسة أن التغطية الإعلامية العربية كانت لأحداث الحرب (الإسرائيلية) الأخيرة على قطاع غزة وأزمة الانقسام الفلسطيني "لم تعبر عن الواقع" ، وإنما تم استخدام الإعلام في "تسويق" مواقف سياسية معينة تتبناها قوى سياسية من دول متعددة.
2. أشارت الدراسة إلى أن الصحف العربية انقسمت إلى فريقين، أحدهما يعبر عن الموقف السياسي للدول المعتدلة، والآخر يعبر عن موقف محور الممانعة ، موضحة أن الاختلافات الجوهرية في المعالجات الأيدولوجية بين الصحف للأحداث ترجع إلى اختلاف السياسات بين الدول العربية التي تصدر عنها هذه الصحف. بحسب صحيفة "المصري اليوم".
3. أوضحت الدراسة التي تحمل عنوان"ثقافة الحوار في الصحافة العربية دراسة حالة لأحداث العدوان (الإسرائيلي) على غزة" أنه على الرغم من الاتفاق الكامل بين صحف الدراسة على تجريم العدوان، وضرورة العمل المشترك لمواجهته، فإنه كان هناك اختلاف كبير حول الآليات المثلى للتكامل مع الحرب (الإسرائيلية) في غزة مشيرة إلى وجود اختلافات حول مدى مسؤولية حركة "حماس" عن وقوع العدوان.
4. قالت الدراسة "إن لغة الحوار التي سيطرت على الصحف العربية خلال العدوان (الإسرائيلي) على غزة اتسمت بالتحيز لرأي ضد آخر، والهجوم عليه والتشكيك في مواقفه وإلصاق التهم به، كذلك تقلصت مساحة الدعوة لاحترام الآخر ونقد الذات، بالإضافة إلى محاولات بعض الصحف الإعلاء من الذات مقابل الهجوم على الآخر وتقديم تصورات سلبية عنه".
5. اعتمدت الدراسة على تحليل مضامين أربع صحف هي: "الأهرام" المصرية "الرياض" السعودية (ممثلتان لدول الاعتدال)، و "تشرين" السورية و "الراية" القطرية (ممثلتان لدول الممانعة)، وذلك خلال الفترة من 28 ديسمبر 2008م، وحتى يناير 2009م، حيث اعتمدت الدراسة - بشكل أساس - على تحليل مواد الرأي وافتتاحية الصحف والمقالات والأعمدة الصحفية، نظراً لكونها أكثر اتساقاً مع أهداف الدراسة.
وفي تقديري فأن هذه الدراسة أظهرت العديد من الإشكالات أهمها:
1- ركزت الصحف على المواقف العربية الرسمية المتباينة وتصعيد الانقسام الفلسطيني.
2- لم تول الصحف الاهتمام بالجانب الإنساني الذي يعانيه الشعب الفلسطيني في غزة، ولعل التيار الموصوف بتيار الممانعة أوفر خطأ في التعبير عن هذا الجانب بشكل أفضل.
3- تأثر صاحبة الدراسة بالمصطلحات الغربية التي تحاول شق الصف العربي والإسلامي بمصطلحات الاعتدال والممانعة والانفتاح والتطرف ، وذلك على الرغم من أن القضية الفلسطينية هي قضية محورية ومفصلية لدى الأمة العربية والإسلامية.
4- لم تجتهد الصحف في صناعة الأحداث أو توجيهها خدمة للقضية الفلسطينية وتعميقها لدى الشعوب العربية.
5- التبعية الرسمية لهذه الوسائل لا تعطي مجالاً للإعلاميين لممارسة أعمالهم بمهنية أكثر فضلاً من إعاقة الكيان الصهيوني للإعلاميين العرب في تغطية الأوضاع في غزة.
وفي جانب آخر يلحظ أيضا تباين القنوات الفضائية العربية الخاصة والتي تتمتع باستقلالية عن النظم السياسية العربية ومع ذلك أوضحت حالة الانقسام العربي ويمكن تناول أبرز ذلك فيما يلي: (22)
1. لم تختلف توجهات قناة العربية في أول يوم من الحرب عن الأيام التي تليها، ففي اليوم الأول يصف مذيع العربية الصواريخ الصهيونية بالتي تدك مقرات حماس وكأنها جهة معادية للأمة والوطن، أما عناوين الأخبار بعد أسبوع من الحرب وبداية الاجتياح البري فقد كانت على النحو التالي: "توجيه ضربة قاصمة لحركة حماس، (إسرائيل) تحرك الآلاف من جنود الاحتياط للمشاركة في التوغل".
2. قناة الجزيرة وبمهنية عالية نقلت الحدث لحظة بلحظة، وأوردت تحليلات ومعلومات واسعة من مراسليها، وكان لمقدمي التغطية الخاصة بحرب قطاع غزة دورهم في الرد على افتراءات قادة الجيش الصهيوني ، أو المتحدثين باسم الحكومة الصهيونية التي تستضيفهم القناة بين الحين والآخر، وتحملهم المسؤولية القانونية والأخلاقية والسياسية في تواصل المجازر بحق قطاع غزة، كما قامت قناة الجزيرة وعبر مراسليها - بالإسهام بنقل قصص الأمهات اللواتي يبحثن عن أبنائهن ، وقصص الأسر التي تشرد أبناؤها وسط الركام ، وماتوا من جراء القصف الهمجي .
ويعود نجاح قناة الجزيرة لاهتمامها بتطوير اللغة الإعلامية، وذلك من خلال تأثيرها على أولوية السرد المرئي على السرد الشفاهي ، وبعض التزامن بين زمن الحدث وزمن الصورة والبث، من مواقع وأماكن الأحداث والأزمات والظواهر من خلال شبكة واسعة من المراسلين، وليس من خلال التلفزات الأخرى إلا استثناء. (23)
وقد كان للقنوات الدعوية أثر إيجابي في التعبير عن العدوان الصهيوني على غزة ، مثل قناتي (المجد واقرأ) وغيرهما ولكن ليس بالتوسعة التي تميزت بها القنوات الإخبارية.
ومما يؤسف له أن الإعلام العربي الفضائي بشقيه (الرسمي والشعبي) قد تأثر بحالة الانقسام السياسي بين النظم السياسية العربية ، ولكنه - بلا شك – استطاع – من خلال التغطية الإخبارية - التأثير في الرأي العام العربي والإسلامي والدولي من خلال التغطية الميدانية للأوضاع المأسوية في غزة.
وقد نتج عن العدوان الصهيوني على غزة شكلاً جديداً من أشكال المقاومة الإعلامية وهي المقاومة الالكترونية ويتضح ذلك في الأتي: (24)
1. استطاع متسللون إلكترونيون (هكرز) مسلمون اختراق مواقع إسرائيلية معروفة وتغيير ما يوصف ليعكس مشاهدة ما يحدث من اعتداءات على مدينة غزة وسكانها.
2. تعرضت العديد من صفحات الانترنت الإسرائيلية والتي قدرت بحوالي 10 الآلاف صفحة لهجمات انتقامية من مجموعات واسعة يعمل بعضها في مصر ولبنان والمغرب وإيران وتركيا والجزائر وغيرها.
3. تميزت تلك الهجمات بالتنسيق بين أعضاء "هاكرز" في المنتديات الخاصة.
4. نجحت حركة حماس في اختراق موجة إذاعة الجيش (الإسرائيلي) وبث بيانات بوصفها جزءًا من الحرب الإعلامية المضادة تدعو لتصعيد المقاومة الفلسطينية، وتتوعد (الإسرائيليين) بالرد. يظهر ذلك في حرب عصابات كتدمير واستهداف كل المواقع على الانترنت التي يديرها (الإسرائيليون).
وما يميز المقاومة الإعلامية الالكترونية أنها دخلت في ميدان الحرب النفسية ، ذلك الميدان الذي ظلت الحركة الصهيونية ومازالت تستخدمه للتأثير على الشعوب الأوروبية بالاستعطاف والشعوب العربية بالدعوة إلى موقف الحياد بشكل مختلف ، في حين أن المقاومة الالكترونية تقوم ببث الرعب في صفوف الصهاينة وهذا من شأنه أن يعيد للتوازن النفسي العربي حيويته.
تجديد الخطاب الإعلامي العربي
لعل المعطيات الأنفة الذكر تشير إلى أهمية خطاب إعلامي عربي مستوعب لهذه المتغيرات، وهذا يتطلب إعادة النظر في طبيعة الخطاب الإعلامي ، وذلك من خلال الحاجة إلى تجديد هذا الخطاب ومبرراته ، بالإضافة إلى مجالات هذا التجديد ووسائله وأساليبه وأدواته.
حاجة الإعلام العربي للتجديد ومبررات هذه الحاجة
عند الحديث للنظرة التأصيلية لمفهوم التجديد فإنه يتبين الأتي: (25)
1. إن مفهوم وقضية التجديد ليست حديثة ولا معاصرة ولعلها هي نفسها يعتريها "التجديد".
2. التجديد والتجدد والجديد هو الحركة ، أو التغيير والتبديل ، أو التحديث ، أو إعادة الصياغة.
3. التجديد هو سنة كونية إلهية بنى الله عليها كونه الكبير فالكون كله، من المجرة إلى الذرة في تجديد دائم لا يعرف السكون.
وفي تقديري فأن التجديد يعني التحسين والتطوير وفق متغيرات الواقع وتعقيداته المختلفة وهو يهدف إلى التجويد والإتقان ؛ ليحقق الهدف المنشود ، أو الأثر الذي يراد تحقيقه.
أما الخطاب لفظاً فقد ورد في عدة مواضع منها: (26)
1. ورد الخطاب في القرآن الكريم، بصيغ متعددة منها صيغة الفعل في قوله تعالى: (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً). (27) وبصيغة المصدر في قوله تعالى: (رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً). (28)، وفي قوله تعالى عن داؤود عليه السلام: (وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ) (29).
2. عد الرازي صفة فصل الخطاب، من الصفات التي أعطاها الله تعالى لداؤود، معتبراً إياها من علامات حصول قدرة الإدراك والشعور، التي يمتاز بها الإنسان على أجسام العالم الأخرى من الجمادات والنباتات وجملة الحيوانات.
وعند الربط بين التجديد والخطاب وصلتها بالإعلام يمكن أن نخلص إلى أن تجديد الخطاب الإعلامي يعني النظر في مضمون الخطاب وفنونه بنظرة مبتكرة تحقق الاستجابة أو الأثر المطلوب ، مع مراعاة هذه النظرة لقيم الأمة بصورة علمية وعملية لمستجدات الواقع ونواميس الكون ، والرؤية المستقبلية ، بحيث تتحد جميعاً بصورة كلية لا ينفك بعضها عن بعض.
إن عدم مقدرة الإعلام العربي على كشف الإعلام الصهيوني وأساليبه الإعلامية والدعائية تعد معطيات كافية للتجديد ؛ حيث يلحظ إخفاء الخطاب الإعلامي الصهيوني كثيراً من أهدافه عبر صيغ وعبارات وجمل كثيراً ما يتجاهلها الخطاب الإعلامي العربي.
ولعل المبررات الجوهرية لتجديد الخطاب الإعلامي العربي تكمن في فك شفرة الخطاب الصهيوني التي يتمثل أهمها في الأتي: (30)
1. إخفاء مرجعية المصطلحات والمفاهيم الكامنة وراءها:
الحيلة الأساس في الخطاب الصهيوني المراوغ هي محاولة إخفاء المرجعية النهائية للمصالح الكامنة وراءه ، فحينما يتحدث الصهاينة عن "السلام" أو عن "الحكم الذاتي" فهم يخفون تماماً مرجعية هذه المصطلحات، فهل مرجعية هذا السلام هو قرارات هيئة الأمم المتحدة، أم المفهوم (الإسرائيلي) للسلام؟ وهل الحكم الذاتي للفلسطينيين يعني حق تقرير المصير أيضا؟ أم أنه يعني قيام سلطة خاضعة لتوجيهات النظام الصهيوني؟
2. محاولة تجاهل الأصول التاريخية أو تزييفها:
فالإصرار على "المفاوضات وجهاً لوجه" باعتبارها الحل الوحيد والناجح للصراع العربي (الإسرائيلي) هو إصرار على إجراءات دون تحديد أية مرجعية أخلاقية أو تاريخية، وكأن الصراع أمر غير مفهوم ليس له أصل، وكأنه ليس هناك حالة من التفاوت والظلم ناتجة عن الغزو.
3. تغليب عنصر المكان:
إن أية حركة من العرب تذكر الصهاينة بوجود عنصر الزمان (كماض وتراث ومخزون للذاكرة كحاضر ، وصراع ، وكمستقبل وإمكانية ومجال للحرية والحركة) تولد الذعر الشديد في قلوب المستوطنين الصهاينة وتسمى مثل هذه الحركة "إرهاب".
4. النظر للظواهر الصهيونية من الداخل فقط :
حينما يتعامل الصهاينة مع ظاهرة يهودية فإنهم يعزلونها عن الظواهر المماثلة في المجتمعات الإنسانية، فالإبادة النازية هي حدث وقع لليهود، ولليهود وحدهم، دون الإشارة إلى ما حدث للغجر والمثقفين البولنديين والعجزة . واضطهاد أعضاء الجماعات اليهودية في بولندا وروسيا القيصرية يعزل عن اضطهاد أعضاء الأقليات الأخرى . وكل هذا بقصد عزل الواقعة عن النمط ، حتى يكون فرض معنى صهيوني عليها ، وهي أن الأغيار ، يضطهدون اليهود وحدهم ، ولذا فلا بد أن يوجد لهم وطن قومي يأويهم .
5. استخدام مصطلحات تبدو محايدة ولكنها في جوهرها تقوم بتغييب التاريخ والواقع العربيين:
من الحيل الصهيونية البلاغية استخدام مصطلحات تبدو كما لو كانت بريئة محايدة تحل محل المصطلحات ذات المضمون التاريخي والإنساني العربي، ولعل من أهم هذه المحاولات بطبيعة الحال الإشارة إلى فلسطين باعتبارها "أرض بلا شعب" فهذه عبارة محايدة للغاية، ففلسطين قد لا تكون أرض الميعاد التي وعد بها اليهود ولكنها ليست فلسطين أساساً ، وإنما هي مجرد أرض والسلام، مكان بلا زمان ولا تاريخ.
6. استخدام مصطلحات دينية يهودية في سياقات تاريخية زمنية :
يشير الخطاب الصهيوني إلى فلسطين باعتبارها الأرض المقدسة أو "أرض الميعاد" أو "إسرائيل". واستخدام المصطلحات الدينية في سياق زمني يخلق استمرارية خارج إطار التاريخ.
7. إخفاء مصطلح معين تماماً أو محوه من المعجم السياسي والحضاري ، أو استخدام مصطلحات تؤدي إلى تغييب العرب:
يلجأ الصهاينة لمحو بعض المصطلحات أو المفردات تماماً من المعجم السياسي والحضاري ؛ حتى يمكن محو المفهوم أو الشيء الذي تشير إليه، وإخفاؤه من الخريطة الإدراكية. ويبدو أن هناك اتجاهاً في هذه الأيام لمحو كلمة "مقاومة" من المعجم السياسي بحيث يهيمن دال واحد هو كلمة "إرهاب" وتصبح أعمال المقاومة التي لها جذور تاريخية ومعنى وكأنها مجرد "إرهاب"أو "هجمات انتحارية" ليس لها سبب واضح ، ولا اتجاه مفهوم.
8. الخلط المتعمد بين المصطلحات وفرض نوع من الترادف بينها:
يعمد الصهاينة إلى الخلط بين المصطلحات التي لها حدود معروفة، فهم يحاولون الخلط بين مصطلحات "يهودي" و "صهيوني" و "وإسرائيلي" وأحياناً "عبراني". وذلك على الرغم من أن كل مصطلح له مجاله الدلالي الواضح، وقد جرى الخلط بينها لتأكيد مفهوم الوحدة اليهودية الذي يشكل جوهر الرؤية الصهيونية وقد شاع الاستخدام الصهيوني في العقول حتى أصبح من الممكن الحديث عن "الدولة اليهودية" و "دولة اليهود" و "الدولة الصهيونية" باعتبارها عبارات مترادفة، وحتى أصبح من الشائع القول "إن كل يهودي صهيوني وكل صهيوني يهودي" ، وإن كل اليهود يؤيدون الدولة الصهيونية، على الرغم من وجود يهود غير صهاينة، وصهاينة غير يهود.
9. استخدام إسم يشير إلى مسميات مختلفة:
يستخدم إسم مثل "الشعب اليهودي" دون تعريف هذا الشعب اليهودي و " ارتس يسرائيل " دون التحدث عن حدودها، وحيث إن لكل صهيوني تعريفه الخاص فإن الاسم هنا يدل إلى مسميات مختلفة ، وتختلف باختلاف من يستخدم المصطلح، توطينياً كان أم استيطانياً، علمانياً كان أم متديناً، وهذا الإبهام يعني أن الصهيوني يمكن أن يكون معتدلاً إن شاء ، ويمكنه أن يكون متطرفاً ؛ فيقول إن الشعب اليهودي كل يهودي أيما كان.
10. استخدام أسماء مختلفة تشير إلى مسمى واحد ، أو إلى مسميات مختلفة توجد رقعة عريضة مشتركة بينها:
يستخدم الصهاينة اصطلاحات كثيرة مثل "الصهيونية السياسية" ، و "الصهيونية التصحيحية" و "الصهيونية العمالية" و "الصهيونية الدينية"..الخ وهي تيارات صهيونية عديدة يمكن اختزالها في نوعين اثنين: صهيونية استيطانية ، وصهيونية توطينية كما يشار إلى فلسطين المحتلة باعتبارها "الشيوف" أو "ارتس يسرائيل" أو "إسرائيل". والأسلوبان السابقان في التعامل مع المصطلحات يهدفان إلى خلق فراغات يملأها كل صهيوني بالديباجات الملائمة وبالمضمون المناسب ، على أن يظل الإطار النهائي هو الإجماع الصهيوني والثوابت الصهيونية.
ومن الملاحظ أن هذه المبررات تقودنا إلى جملة من الخطوات العملية التي ينبغي للخطاب الإعلامي العربي أن يقوم بها وتتمثل في الأتي :
1. أهمية الوعي بالمصطلحات التي يتعامل بها الخطاب الصهيوني بحيث لا ينحرف الخطاب الإعلامي العربي نحوها باعتبارها مسلمات متفق عليها.
2. ضرورة عدم تجاهل الخطاب الإعلامي العربي للظروف التاريخية لفلسطين ؛ لأن التجاهل يعد جريمة أخلاقية سيما للنشء الذي ينبغي أن يتربى على الإيمان بهذه القضية.
3. التأكيد والإدراك على أن المصطلحات الصهيونية لها دلالاتها المختلفة ، والتعامل معها يكون بتوضيحها ، واستخدام مصطلحات عربية وإسلامية من إرثنا الثقافي.
4. إن أدبيات المقاومة هي ركن أساس وجوهري في القضية الفلسطينية ، وينبغي عدم إفراغه من مضمونه ويكون حاضراً دائماً في سلم أولويات الخطاب الإعلامي العربي.
مجالات تجديد الخطاب الإعلامي العربي ووسائله وأساليبه وأدواته
إن مجالات تجديد الخطاب الإعلامي العربي متعددة ومتشعبة وعند النظر لجرائم الكيان الصهيوني على غزة وتداعياته المستمرة وربط ذلك بالتاريخ والواقع والنظرة المستقبلة تبين أن من أهم المجالات التي تحتاج إلى تجديد هو المجال التسجيلي الوثائقي ، فمثلاً نجد أن الأفلام التسجيلية الفلسطينية شكلت حضوراً عربياً ودولياً ونالت العديد من الجوائز.
وفي دراسة حديثة حول معالجة الأفلام التسجيلية الفلسطينية للقضية الفلسطينية توصلت هذه الدراسة إلى نتائج أهمها: (31)
1. أن جهات الإنتاج الفلسطيني الخاصة هي الأكثر إنتاجا للأفلام التسجيلية الفلسطينية، حيث جاءت في المرتبة الأولى بنسبة 667 % ، وفي المرتبة الثانية جاءت جهات الإنتاج الفلسطينية الرسمية بنسبة 15%.
2. أن جهات التمويل الفلسطينية الخاصة هي الأكثر تمويلاً للأفلام التسجيلية الفلسطينية، حيث حصلت 63,3% ، وجاء في المرتبة الثانية موضوع المعابر والحواجز بنسبة 28,3% ، ثم قضية اللاجئين الفلسطينيين، ثم تاريخ القضية الفلسطينية.
3. اللغة العربية هي اللغة الأولى المستخدمة في الأفلام التسجيلية الفلسطينية حيث حصلت على نسبة 96,6% ، ثم اللغة الانجليزية بنسبة 22% ، ثم اللغة العبرية بنسبة 18,6%.
4. 64,4% من هذه الأفلام فقط استخدمت الأغاني الوطنية والشعبية.
5. إن أكثر الشخصيات التي تناولتها الأفلام التسجيلية الفلسطينية هي شخصية المواطن العادي، وجاءت بنسبة 41% ثم شخصية المسؤول في المرتبة الثانية، كما جاء الذكور في المرتبة الأولى من حيث نوع الشخصية بنسبة 60,7%.
وفي تقديري فإن هذه النتائج عبرت عن مؤشرات واقعية أهمها:
1. تفوق القطاع الخاص الفلسطيني في عمليات الإنتاج التسجيلي على الجهات الرسمية، وهذا فيه إشارة إلى عدم اهتمام الإعلام الرسمي بهذه المسألة ولا يمكن أن يعزى ذلك للأسباب المالية إذا تمت النظر إلى هذه القضية فضلاً عن أن الإنتاج التسجيلي يعد مسؤولية إعلامية عربية وإسلامية بشقيها (الرسمي والشعبي).
2. ارتباط الأفلام التسجيلية بالمواطن العادي مسألة مهمة لكن الأهمية تزداد إذا كانت قصص الأفلام التسجيلية تعبر عن قصص واقعية.
3. تفوق اللغة العربية في جميع الأفلام التسجيلية محل الدراسة والتحليل يشير إلى أننا بحاجة إلى إعطاء اللغة الإنجليزية والعبرية اهتماماً لا سيما عند النظر للدعاية الصهيونية التي تحاول استعطاف الرأي العام الغربي من جهة ، وتضليل الرأي العام اليهودي من جهة أخرى وهذا أيضا فيه إشارة إلى أهمية انتاج أفلام تسجيلية موجهة ومخصصة لجمهور وهذا ما نفتقده في العالمين العربي والإسلامي.
كذلك يحتاج الخطاب الإعلامي العربي إلى تجديد في وسائله وبخاصة ما يتصل بالخطاب السياسي المكتوب، وهذا الخطاب ينبغي أن يتمتع بالأتي: (32)
(1) التسلسل الموضوعي ، فالفقرات مرتبة يتلو بعضها بعضاً، وتسلم كل واحدة منها الفكرة لما بعدها، وهناك اتساق مستمر في الموضوع ، حيث يتطور على طول الخطاب حتى يصل إلى الخاتمة التي توجز ما سبق وتضع الحلول المباشرة.
(2) يأخذ الخطاب طابعاً رسمياً، ليكون أكثر مصداقية ، وتأثيراً.
(3) استخدام الأدلة والبراهين الإقناعية والحجج المعدة.
(4) الإحاطة بمعلومات كافية وشارحة للمضامين والأفكار.
(5) الإجابة عن كل التساؤلات والأفكار التي تحيط بالموضوع.
(6) الاستعانة بنصوص مباشرة من الدستور والقانون ، وتعليق الأحداث بمصلحة الوطن.
(7) إسناد الفعل إلى الفاعل الجمعي (الشعب، الوطن، البلد، الأمة، الجمهور، نحن).
وعند ربط هذه المعايير بواقع الخطاب السياسي الرسمي في وسائل الإعلام العربية يتبين حجم التناقض في أشكال هذا الخطاب ، وأحيانا تكون هذه المسألة بغير قصد مما يتطلب أهمية تأهيل السياسيين في عالمنا العربي للتدريب على فنون الخطاب السياسي المكتوب وذلك لما له من تأثير سيما في مسار القضية الفلسطينية.
وتعد السينما من الوسائل المهمة جداً في تجديد الخطاب الإعلامي العربي ، وخصوصاً عندما ترتبط السينما بالقضية الفلسطينية وارتباطاتها العقدية ويظهر ذلك في العديد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية عن الأبطال العرب والمسلمين الذين سطروا تاريخ هذه الأمة.
ومما يحزن المرء هو عدم تنفيذ فكرة العمل السينمائي لفيلم صلاح الدين من المخرج مصطفى العقاد الذي لبى نداء ربه مع ابنته في نوفمبر من العام 2005م في عمان بالأردن.
وما يميز العقاد أنه أنتج فيلم الرسالة ، وعمر المختار وكان من العرب القلائل الذين درسوا السينما في هوليود.
وقد فسر الإعلام الدولي ما تعرض له العقاد تفسيرات مختلفة منها ما يشير إلى تنظيم القاعدة وغيره ولعل الكيان الصهيوني هو من بادر لذلك ، وذلك إذا وصفنا حجم العمل الذي كان ينوي العقاد عمله وهو فيلم صلاح الدين الأيوبي.
ومن الوسائل التي تحتاج كذلك إلى التجديد هو التجديد في كتابة المقال التحليلي ، حيث يغلب على بعض مقالات التحليل العربية عدم الموضوعية ، أحيانا فضلاً عن مقالات محايدة في قضايا تحتاج الربط بين الموضوعية والإقناع وتبني رأي واضح فيها ، سيما عند النظر للحياد في القضية الفلسطينية من كتاب ينتسبون للعروبة والإسلام فهو أمر لا مبرر له.
وعند النظر للمقالات التحليلية للكتاب (الإسرائيليين) قبل الغزو كانت مقالات توجيهية توجه كيف يتعامل الكيان الصهيوني مع الشعب الفلسطيني في غزة ، إضافة إلى مقالات أخرى للتعامل مع الرأي العام الغربي والعربي كلاً على حده وهذا التجديد يتطلب الأتي: (33)
1. دراسة آليات الخطاب الصحفي الصهيوني في الصحف (الإسرائيلية) الصادرة باللغة الإنجليزية، والتي توزع دولياً (كهآرتس والجيروزاليم بوست)، وتأثير هذه الصحف في تحديد توجهات الرأي العام العربي والعالمي لاسيما في الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الأوربية تجاه قضايا الصراع العربي (الإسرائيلي) ، وقد يكون مثل هذا النوع من الدراسات شاقاً ومكلفاً ولكنه هادف لإثراء الدراسات البحثية في هذا الشأن.
2. دراسة دور الصحافة العربية الدولية في تكوين اتجاهات الرأي العام العربي والغربي تجاه قضايا الصراع العربي الإسرائيلي.
إن الخطاب الإعلامي العربي تجاه القضية الفلسطينية والتعامل مع جرائم الكيان الصهيوني يحتاج إلى تحديد في الأساليب التي يتمثل أهمها في الأتي:
1. الإقناع: والإقناع يكون بالأدلة والشواهد والبراهين ومخاطبة كل جمهور باللغة التي يفهمها وبالأساليب التي يدركها.
2. تحقيق التوازن النفسي لدى المتلقي العربي: بقدر ما يحتاج المتلقي العربي إلى أخبار وتغطيات إعلامية عن الأوضاع المأساوية في فلسطين فهو يحتاج إلى الجوانب المشرقة التي تعمق الإيمان بالله وبعدالة القضية الفلسطينية ، وتعزز الثقة في الإعلام العربي وهذه الجوانب هي من واقع الحقيقة فقط تحتاج إلى المهني المحترف الذي يؤمن برسالته الإعلامية وبإيمانه بقضيته.
3. الرأي والرأي الآخر لا يعني عدم التكافؤ: قد يخطي الإعلام العربي – أحيانا - عندما يدعي الحيادية في القضية الفلسطينية ويجيء بشخصيتين أحدهما مع القضية الفلسطينية لا تعيها ولا تدركها ، والآخر مناوئ لها خبير بخفاياها ويدركها ويحاول التضليل بتحريف بعض المعلومات ، أو بتوجيهها وهذاه سمة خطيرة قد تؤثر في انحراف الرأي العام العربي عن قضيته أو تجعل همه فاتراً بها.
ومبدأ الرأي والرأي الآخر يقوم على المعلومات وعلى الحجة ؛ لذا لا بد من الإتيان بشخصيات مؤمنة بقضيتها مدركة لخلفيات هذه القضية وذلك حتى يكون الرأي العام العربي والإسلامي عارفاً بقضيته ومدركاً لأبعادها وتداعياتها المستقبلية ويكون الرأي العام الإقليمي والدولي واعياً ومتعاطفاً معها.
أما التجديد في أدوات الخطاب الإعلامي العربي فتشمل توظيف تقنيات الانترنت عبر الخدمات التفاعلية واستطلاع