الموقف الشعبي العربي وآليات تفعيله تجاه حق العودة الفلسطيني

الموقف الشعبي العربي وآليات تفعيله تجاه حق العودة الفلسطيني

بقلم : د.محمد خالد الأزعر

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
أولاً ـ الشعوب العربية وصدمة اللجوء الفلسطيني

حين وضعت جولة 1948/1949 من الصراع الصهيوني العربي أوزارها بعقد اتفاقات الهدنة الشهيرة، كان مجموع الذين أخرجوا من ديارهم من الفلسطينيين، وتحولوا إلى لاجئين تحت سيطرة سيادات دول عربية أو غير عربية زهاء 805 ألف نسمة، وقد توزع 29% من هذه الكتلة البشرية على الضفة وغزة (نحو233 ألفاً) و44%على دول الجوار، لبنان وسوريا والأردن ومصر (نحو340ألفاً) وانتشر الباقون على مساحة تمتد من العراق ودول الخليج إلى بعض دول أوروبا والأمريكتين الشمالية والجنوبية. وهكذا فإن الدول العربية تلقت العبء الأكبر من حجم مشكلة اللاجئين وتداعياتها، إما على نحو مباشر نتيجة استقبال اللاجئين على أراضيها، وإما بشكل غير مباشر نتيجة وقوع ما تبقى من فلسطين التاريخية تحت سيطرتها (الأردن في الضفة ومصر بالنسبة لغزة). وبمرور الوقت تضاعفت أعداد هؤلاء اللاجئين إلى سبع مرات تقريباً لتصل إلى أرقام مليونية.
مؤدى هذه الحقيقة أن الشعوب العربية، وخصوصاً في الدول المجاورة لفلسطين اصطكت بقضية اللجوء الفلسطيني بقوة، التي فرضتها تطورات الصراع الصهيوني ـ العربي على المنكوبين بهذا اللجوء القسري من أبناء فلسطين. هذا بالطبع دون الحديث عن ملامسة هذه الشعوب لانعكاسات نشوء الكيان الصهيوني الاستيطاني في منطقة القلب من مجالهم الجغرافي، واكتوائهم بسياساته العدوانية وأهدافه التوسعية وطموحاته في الهيمنة وفرض النفوذ والسيطرة، ومعاكسته للأهداف العربية في الاستقلال والوحدة والتنمية والتقدم.
كان الاصطكاك بمحنة اللاجئين والانغماس في صراع مع كيان استيطاني استزرع عنوة في جسد الأمة العربية، والشعور شبه الفطري بالأخطار المترتبة على نشوء هذا الكيان، أسباباً كافية لانبعاث حالة من التعاطف المكثف مع القضية الفلسطينية. وقد أجادت الأدبيات والتنظيرات العربية (والفلسطينية بالطبع) الخاصة بالصراع في وصف الصلة بين البعد الخاص بتسوية أوضاع اللاجئين وفقاً للشرعية الدولية (حق العودة أساساً)، وبين تسوية الصراع والقضية الفلسطينية عموماً، كما أجادت التعريف بالبعد الاستيطاني الإحلالي للكيان الصهيوني باستخدام التهجير القسري للاجئين الفلسطينيين كدليل على هذا البعد. وفي ذلك، كان من الصحيح تماماً القول بأن استئصال الشعب الفلسطيني أو اقتلاعه من فلسطين والاستيلاء على أرضه وممتلكاته هو لبّ القضية الفلسطينية.
وقد تداعى عن هذا الاهتمام بقضية اللاجئين، بحسبها تشير إلى جوهر الصراع على أرض فلسطين وما حولها، أن ترسخت في الذهن الشعبي (والرسمي إلى حد واضح) فكرة الحفاظ على الوضع الراهن بالنسبة للاجئين أنفسهم، كونهم الشاهد الأكبر على المأساة الفلسطينية، واقتضت هذه الفكرة بالتداعي المنطقي ضرورة إسناد حق عودة هؤلاء اللاجئين إلى ديارهم، لأنه لا معنى لوجود اللاجئين بدون إسناد هذا الحق ومحاولة الدفاع عنه والتبصير بحجيته وأسسه التاريخية والقانونية والإنسانية والأخلاقية.
كان وجود اللاجئين والحال كذلك مثل شاهد العيان على المأساة الوطنية الفلسطينية والقومية والعربية الناجمة عن المشروع الصهيوني، وأي مساس بهذا الوجود خارج نطاق حق العودة إلى الوطن الأم، كان يعني بداهة القضاء على هذا الشاهد التاريخي، وغض النظر عن لا شرعية إسرائيل ولا مشروعيتها والتخلي عن الحقوق الفلسطينية والعربية في فلسطين.
غير أن اللجوء الفلسطيني امتد في الزمان وتكثف في المكان ونشأت على ضفافه قضايا فرعية اجتماعية واقتصادية وسياسية وأمنية وأخلاقية كثيرة، وهي قضايا وانعكاسات لم تكن الشعوب العربية مهيأة بما فيه الكفاية للتعامل معها بالشكل الملائم.
بصيغة أخرى، باغتت قضية اللاجئين المحيط العربي ـ الشعبي والرسمي ـ وهو في حالة من الضعف والهشاشة وعدم الأهلية والاستعداد لمواجهة تحدّ من هذا القبيل. فاللاجئون لم يكونوا بحاجة فقط لمن يعطف على صيانة حقوقهم في العودة وتقرير المصير وتطبيق فروض الشرعية الدولية الخاصة بمستقبلهم، وإنما كانوا قبل ذلك، ومع ذلك أيضاً، بحاجة للوفاء بحقوقهم الأساسية أثناء حالة اللجوء ذاتها، ومن ذلك حقوق المأوى والتعليم والعمل والتنقل والملكية، وهي مقتضيات تتطلب قدراً عالياً من التنظيم والموارد، لاسيما على صعيد القوى المدنية بمختلف أنماطها، ولا يمكن الزعم بأن المشهد الشعبي العربي كان يستحوذ على مثل هذه المقتضيات التي من شأنها إسباغ الحماية على اللاجئين في الحدود التي تسمح بالحفاظ على أدميتهم وكينونتهم.
على سبيل الاستطراد المفيد لنا نلاحظ بصفة عامة أنه ليس من المحتمل أن يعامل اللاجئون ـ أي لاجئين في أي مكان ـ بقدر من المثالية إلى الدرجة التي تمسي فيها حالة اللجوء مسألة لا تحط من قدر أصحابها، فاللجوء ينطوي ضمنياً وظاهرياً على زعزعة من قواعد الحياة الاعتيادية وإهداراً واضحاً لحقوق إنسانية أساسية، لكن الحالة الفلسطينية كان يؤمل لها أن تكسر هذه القاعدة، كون اللاجئين هنا جزءاً لا يتجزأ من المحيط العربي الذي استقبلهم فضلاً عن انخراط هذا المحيط الشعبي في السياق الصراعي الذي أدى إلى لجوئهم ونكبتهم الوطنية، وبلغة مبسطة، كان اللاجئون الفلسطينيون ومازالوا عرباً بين عرب، بما يفترض معه أن يلاقوا معاملة تيسر عليهم سبل الحياة، في ترجمة عملية للتعاطف القومي والمشاركة في تحمل عبء الصراع بما هو أوقع من مجرد التأييد اللفظي والشعاراتي لفكرة الأرومة القومية الواحدة والمصير المشترك، بل والمقاومة المشتركة للمشروع الصهيوني العدواني.
لكن هذه المعاملة الاستثنائية لم تحدث بالحيثية المأمولة على الصعيد الشعبي(كما على الصعيد الرسمي).فليس صحيحاً أن اللاجئين الفلسطينيين قد حظوا بنظرة تفضيلية بالمطلق أو مثالية قياساً باللاجئين في أي نموذج آخر، وهذه حقيقة ربما خلفت لديهم آلاماً اختزنتها خبرتهم الجماعية.

ثانياًـ في تفسير الفتور الشعبي تجاه جماعة اللاجئين

لا نريد بالتقدير المذكور إنكار الدور الشعبي في مؤازرة اللاجئين الفلسطينيين، ولكن المقصود هو بيان المسافة أو الفجوة بين المأمول والواقع، بين النظرية والتطبيق. وللإنصاف فإن ضعف أو لعله فتور الموقف الشعبي تجاه توفير الحماية اللازمة لحقوق اللاجئين أثناء حالة اللجوء ذاتها( أي في بلاد الضيافة العربي)، يعود إلى أسباب بعينها، ليس من بينها العزوف عن نصرة فلسطين وقضيتها ولا اعتبار هؤلاء اللاجئين أغراباً لا تنبغي المغالاة في كرم الضيافة معهم.
ففي المناسبات التي اختبرت فيها الشعوب العربية ومدى إيمانها بحق العودة الفلسطيني، أثبتت صلابة في هذا الإطار إلى أبعد الحدود، أما فيما يتعلق بالفتور عن الدأب في تحسين أحوال اللاجئين فيمكن تحري أسبابه في سياق محددات بعينها منها كما نتصور بلا حصر أو ترتيب:
1ـ تخلف الأطر التنظيمية الشعبية وضمورها العددي والنوعي. وهي ظاهرة عامة كانت تجلياتها بارزة تماماً في المراحل الأولى من النكبة الفلسطينية، ولا أدل على ذلك من أن المنظمة العربية لحقوق الإنسان وبقية التنظيمات والمؤسسات المدنية المشابهة لم تظهر على الساحة العربية إلا بعد أكثر من ثلاثين عاماً من جولة الصراع الأولى عام1948/1949.
وقس على ذلك بالنسبة للمؤسسات المدنية الأخرى، الموصولة بشؤون المجتمع العربي وشرائحه.
وقد تعزز هذا الوهن بتفاوت انتشار هذه المؤسسات وعملية التأطير والمأسسة ذاتها بين الدول العربي، وتشتتها وضعف مستوى التنسيق والتشبيك فيما بينها.
2ـ عجاف ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان في الرحاب الشعبية، بما فيها النخبوية نسبياً، على المستوى العربي العام. الأمر الذي انعكس في انخفاض الوعي بما للاجئين الفلسطينيين من حقوق وما عليهم من واجبات، يتعين أداؤها بحكم القانون وبمعزل عن الأحانين والعواطف المتغيرة بحسب المراحل والأمزجة ونوعية النظم والحكومات. وقد وجد هذا المحدد صداه في القول الشائع بأن اللاجئ الفلسطيني ما كان له أن يمارس حقوقاً أو يحصل على حريات لا تتوفر أصلاً لمواطني الدول المضيفة ذاتها. وأن التطور الديمقراطي والحقوقي في العالم العربي كفيل بارتقاء ضمانات حقوق اللاجئين بشكل تلقائي على المستويين النظري والتطبيقي.
3ـ التقاء المحددين السابقين، أي الضعف الثقافي والديمقراطي والمؤسسي، أنشأ محدداً ثالثاً، جوهره طغيان البعد السياسي على المنظور الشعبي لقضية اللاجئين الفلسطينيين وتراجع، وربما غياب، الاهتمام بتحسين أحوال اللاجئين بين يدي حالة اللجوء ذاتها في المجتمعات العربية المضيفة وغير المضيفة، فلقد ظلت الفكرة السائدة هي إسناد حق عودة اللاجئين إلى ديارهم؛ بوصفها ذروة التغيير عن التضامن مع هؤلاء اللاجئين. ولم تتبوأ مسألة الكيفية التي ينبغي بها معاملتهم في ملاجئهم العربية(المخيمات مثلاً)مقعدها من الاهتمام والأولوية بالقدر اللازم.
فلم تلحظ المجتمعات المضيفة مثلاُ أن الحكومات العربية تأخرت في إبرام بروتوكول خاص بمعاملة اللاجئين إلى عام1965، إي إلى ما بعد مرور زهاء عقدين من النكبة الفلسطينية، كما لم تلحظ هذه المجتمعات أن حكوماتها كثيراً ما لا تعبأ بالضمانات التي أقرّها هذا البروتوكول(الوثيقة)ولا تحرص على تطبيقها والوفاء بحقوق الإقامة والعمل والتعليم والتنقل للاجئين التي اشتمل عليها.
4ـ الصورة المشوّهة الزائفة التي ارتبطت بقضية اللجوء واللاجئين الفلسطينيين لفترة ليست بالقصيرة، وفحواها أن اللاجئين هم الذين فرطوا في بلادهم وقصروا في جنب أراضيهم وممتلكاتهم(وعند البعض هم الذين باعوا أرضهم لليهود)، تلك الصورة التي اجتهد الإعلام السياسي الدعائي الصهيوني والغربي عموماً في تعزيزها والترويج لها، ويدعو للأسى أن شطراً من النخب العربية التي سعت للتهرب من مسؤوليتها في وقوع النكبة الفلسطينية قد انصاعت لهذه الصورة السافلة وحملتها جهرة وخفية إلى أوساط الرأي العام العربي، وكان من توابع هذه الظاهرة إثارة التساؤلات لدى قطاعات شعبية عربية عن جدوى الترحيب باللاجئين و جدراتهم بالمعاملة الطيبة، قد جعلت هذه الصورة وتوابعها اللاجئين في حالة أقرب إلى المتهمين عوضاً عن كونهم ضحايا، وعلى الرغم من اتضاح حقيقة ما جرى في فلسطين بفعل اندياح الأبعاد العدوانية للمشروع الصهيوني على المحيط العربي، وتبلور الحركة الوطنية الفلسطينية ذاتها، إلا أن إشعاع هذه الصورة الدعائية المضللة يطل في بعض المناسبات بشكل يثير الخجل من مستوى الوعي الشعبي بالصراع الصهيوني العربي وجذور القضية الفلسطينية وأسباب اللجوء الفلسطيني الممتد.
5ـ الإذعان لفكرة أن تحسين أحوال اللاجئين حيث هم سيدفعهم إلى التخلي عن حق العودة ومحاولة تثبيت الأمر الواقع وتوطينهم في مناطق اللجوء، هناك قطاعات شعبية ابتلعت هذه المقولة التبريرية، وذلك على الرغم من مجافاتها للسيرة الذاتية للاجئين الفلسطينيين أنفسهم وتعارضها مع المنطق السليم للتعامل مع قضايا اللجوء عموماً. فهذه المقولة تبدو معاكسة لسيرة الحركة الكفاحية الفلسطينية، التي تبني إعادة بنائها وبلورتها غداة النكبة نخب تكنوقراطية وثقافية ذات أوضاع حسنة قياساً بالسواد الأعظم من اللاجئين البؤساء في المخيمات. بمعنى أن تحسين الأوضاع في إطار حالة اللجوء ذاتها لا يدمر الروح الوطنية الوثابة المتحرقة لحق العودة.
ومن ناحية أخرى، يجمع فقه اللجوء واللاجئين على الصعيد العالمي بأن العودة إلى الوطن الأم هي أنجح الحلول وأكثرها قابلية للديمومة وضمان الأمن والسلم في القضايا ذات العلاقة، وأنه لا غنى عن إعمال حق العودة لمن أراد تسوية تاريخية مستقرة لأوضاع الذين تجبرهم ظروف قسرية على مغادرة أوطانهم.
ومن ناحية ثالثة، ثمة إمكانية للاعتقاد بأن تأييد أحوال اللاجئين البائسة وانتهاك حقوقهم الأولية ربما أدى إلى عزوفهم عن حق العودة والبحث عن أية مخارج وحلول أخرى تنجيهم من عذابات اللجوء وما تنطوي عليه أوضاعهم من قيود وضنك وإذلال. وعليه، لا يصح التذرع بأن الحفاظ على سياسات الأمر الواقع المزرية بحق اللاجئين إنما تمثل أحد ضمانات تعلقهم بحق العودة. لأن عكس هذه النتيجة أمر جائر أيضاً.
6ـ وقوع اللاجئين في بعض المجتمعات المضيفة في مرمى الجدل والتناظر الاجتماعي والسياسي الداخلي، بما يثير مخاوف بعض القطاعات الشعبية في هذه المجتمعات، ويؤدي إلى العزوف عن إظهار الحمية أو الحماسة لتخليصهم من حالة البؤس الحقوقي التي يعيشونها، شيء من هذا القبيل حدث وما زال يتفاعل بشكل أو بآخر في كنف الضيافة اللبنانية للاجئين. فأوضاع اللاجئين هنا تمثل نقطة مهمة على جدول التناظر بين يدي القوى والأرومات الدينية والطائفية، بحيث نعثر على من يؤيدون تطوير هذه الأوضاع وتحسينها وبين من يتخوفون من ذلك. وفي خلفية هذا التقاطع تتلصص بقوة مظاهر التعصب الطائفي وأراجيف التوطين خشية التأثير على المعادلة السكانية الطائفية وما يتصل بها من أحاديث في ترجيح موازين القوى أو الإحلال به بين الطوائف.

ثالثاً ـ المشهد الشعبي وحق العودة

قد نستنتج مما ذكر في الحلقة السابقة أن السواد الأعظم من الشعوب العربية لم تضع حق العودة الفلسطيني على جدول أعمالها وأنشطتها السياسية والمدنية بشكل مباشر، وذلك على الرغم من انحيازها الفطري والتلقائي للحقوق الوطنية الفلسطينية ونصرتها لهذه الحقوق. وبشيء من الملاحظة والمبالغة يجوز الاعتقاد بأن المحددات التي أوجزنا حولها جميعها متعامدة على بعضها البعض، حجبت السواد الأعظم من الشعوب العربية عن الاهتمام المباشر بيوميات حياة اللاجئين وتفاصيلها، حتى أن المتابع لا يكاد يعثر على أطر تنظيمية أو مؤسسات عربية غير فلسطينية ذات شأن، اتخذت من الدفاع عن حقوق اللاجئين في المناطق و المجتمعات المضيفة عنواناً أساسياً لها أو مثلت لها بنداً رئيسياً على جدول أعمالها. ولعل ديمومة أحوال اللاجئين في دول مضيفة يعينها على سوئها لعشرات السنين، تؤشر إلى هذه النقيصة.
وعليه، كان على اللاجئين أن يوزعوا جهودهم على أكثر من جهة، كان عليهم الدفاع عن كينونتهم والحد الأدنى من متطلبات حياتهم، ومواجهة الإهمال المقصود أو غير المقصود لحقوقهم كلاجئين في المجتمعات المضيفة(مع الحسرة واجترار الآلام من كون التقصير يأتي من بني عروبتهم)، وصيانة حقهم في العودة إلى الوطن الأم، وإعادة بلورة حياتهم بكافة أبعادها لإثبات جدراتهم بالاستقلال والتحرير والعودة وحق تقرير المصير في دولة مستقلة على أرض هذا الوطن.
ويبدو أن هناك صلة بين ضمور الاهتمام الشعبي العربي بحقوق اللاجئين في الضيافة من جهة وبين وجود ضمور مواز ملحوظ للانشغال الشعبي العربي بحق العودة ضمن أولويات الرأي العام العربي، باستثناء الطابع الموسمي، المتقطع للاهتمام بهذا الحق على هامش ـ وليس في متن ـ المناسبات التي تقتضي التعبير عن دعم الحقوق الوطنية الفلسطينية بصفة عامة. وإذا قسنا مثلاً حجم الانشغال الشعبي بمصير مدينة القدس مقارنة بالاهتمام بحق العودة، وجدنا الفارق كبيراً لصالح قضية القدس. فهذه الأخيرة تحظى بتعاطف مشفوع بالتطبيق، وصولاً إلى الاستعداد للتظاهر العارم والاحتشاد في الشوارع والميادين، كلما استشعرت الجماهير العربية خطراً استثنائياً على المقدسات الإسلامية والمسيحية بالمدينة. هذا على حين يصعب العثور على مظاهر مماثلة تؤكد الاستعداد للدفاع عن حق العودة الفلسطيني بالقدر ذاته من القوة والفعل؛ السريع والمتواتر والمستمر والمنظم إلى حد كبير.
في هذا السياق، يصح الزعم أيضاً بأن الاحتشاد العربي خلف قضية حق العودة لا يبلغ الطابع التنظيمي أو المأسسة التي تسم الوطني الشعبي الفلسطيني.
هناك عشرات المراكز والمنتديات والملتقيات والمؤتمرات وورش العمل الفلسطينية، المهمومة بالتنظير لحق العودة والدعوة والتعبئة الشعبية فلسطينياً وعربياً ودولياً لأجل الانتصار له. منها بلا حصر:

• مركز العودة الفلسطيني.
• المنظمة الفلسطينية لحق العودة(لبنان).
• تجمع العودة الفلسطيني(واجب ـ سوريا).
• المركز الفلسطيني لتعميم الديمقراطية وتنمية المجتمع.
• لجنة دعوى حق العودة التابعة لاتحاد الحقوقيين الفلسطينيين(لبنان).
• مجموعة عائدون والمجموعة194ولجان الأرض ورابطة العودة (سوريا).
• المنظمة الفلسطينية لحق العودة(ثابت ـ لبنان).
الجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان( راهن ـ لبنان).

كل هذه المراكز واللجان تنشط في حقل اللاجئين، سواء برصد أعدادهم وأوضاعهم أو بإعداد الدراسات والبحوث الخاصة بحق العودة ومحاولة التصدي للقوة المضادة له والتبصير بما يحاك به من أحابيل ومحاولات للإطاحة به وتجاوزه، وقد راكمت هذه الأنشطة والفعاليات تراثاً أدبياً وحقوقياً وفكرياً معتبراً في سبيل تحقيق أهدافها، ومعظمها ينشط عبر مواقع على شبكة الانترنت، يتواصل بها مع جمهور المهتمين فضلاً عن قطاعات اللاجئين أنفسهم.
مبلغ علمنا انه لا توجد محافل عربية مناظرة لهذه الفعاليات الفلسطينية البحتة، وإنما تباشر معظم القوى المدنية الشعبية مبادراتها في الدفاع عن حق العودة الفلسطيني ضمن أجندة أوسع، تتعلق بمجال حقوق الإنسان والتحول الديمقراطي والدفاع عن بعض القضايا الساخنة وضمنها القضية الفلسطينية، ومنها على سبيل المثال:
• المؤتمر القومي العربي، الذي يضم رموزاً ثقافية وسياسية رفيعة المستوى من مختلف الأقطار العربية، وعادة ما يتخذ من دعم القضية الفلسطينية محوراً من محاور أنشطته. وفي اجتماع أخير له(30/10/2009)أكد استمراره في «تأييد ودعم حق العودة الفلسطيني وشرعية المقاومة المسلحة، وضرورة الحل القومي لقضية فلسطين، الذي يقوم على أساس تحرير كل الأراضي العربية المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية التي يتعايش فيها العرب واليهود كمواطنين متساويين في الحقوق والواجبات...»
وتجدر الإشارة إلى أن هذا المؤتمر يدعو منذ العام 2004إلى إعداد دراسة حول عقد مؤتمر عربي وعالمي حول حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، بحيث تضم لجنته التحضيرية ممثلين للجهات المعنية بهذا الحق على كافة الصعد، فلسطينياً وعربياً وعالمياً. وعلى حد العلم فإن هذا الطموح لم ير النور حتى كتابة هذه السطور.
• الندوة العالمية للشباب الإسلامي، التي تتخذ من العاصمة السعودية الرياض مقراً أساسياً لها، وتقدم مساهمات عينية ومنحاً دراسية يستفيد منها أبناء اللاجئين من الطلاب المتفوقين علمياً والمتعسرين مالياً. الأمر الذي يندرج في سياق الدعم غير المباشر للاجئين وتحسين أوضاعهم دون التعارض مع حقهم في العودة.
• اللجنة العربية لحقوق الإنسان في باريس، التي تنشط في التعريف بمخالفات إسرائيل للقانون الدولي، وتصدر بيانات تدين مواقف إسرائيل ضد اللاجئين وسياساتها القمعية تجاههم وما تعنيه هذه السياسات ورفضها لحق العودة الفلسطيني من أبعاد عنصرية.
• مؤسسة قطر الخيرية، وهي تقدم أموالاً تدعم بها تحسين ظروف اللاجئين المادية وتعمل على صون كرامتهم، ويذكر أن هذه المؤسسة نظمت حملة إغاثة للاجئي مخيم نهر البارد في لبنان، واستحثت الفعاليات في دول الخليج على رفع المعاناة عن اللاجئين وتزويدهم بالغذاء والكساء.
إلى هذه النماذج الشعبية التي تنشط جزئياً في تحسين أوضاع اللاجئين والدفاع عن حقهم في العودة على هامش فعالياتها الأوسع نطاقاً، ثمة أحزاب عربية تستطرد في أنشطتها وبرامجها الحزبية لقضية اللاجئين مشيرة إلى دعمها لحق العودة الفلسطيني، ومن ذلك، حزب «التجمع الوطني التقدمي الوحدوي»في مصر الذي نص برنامجه الانتخابي للعام 2005 على «...مساندة الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه المشروعة وتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين وتعويضهم وإزالة المستوطنات وتخلي إسرائيل عن برنامجها النووي». ويكاد حزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا يتبنى الرؤية ذاتها مع التشديد على أن«حق العودة الفلسطيني ثابت مهما طال الزمن وهو غير قابل للتصرف...»
ويلاحظ أن بعض القوى الحزبية العربية، كالأحزاب الوطنية اللبنانية ولاسيما التنظيم الناصري، تقرن الدفاع عن حق عودة اللاجئين بضرورة صيانة حقوقهم المدنية والسياسية، كوسيلة لحماية إنسانيتهم، وترى أن«إهدار الحقوق الأولية ليست السبيل الأمثل للحفاظ على حق العودة...».
وفي مناسبات بعينها، فلسطينية مثل ذكرى النكبة ويوم الأرض، أو عربية (كاجتماعات القمم العربية) ودولية (كمؤتمر ديربان ضد العنصرية)، تنشط بعض الفعاليات الشعبية المدنية العربية في التعبير عن دعمها للحقوق الفلسطينية وفي طليعتها حق العودة. ففي مؤتمر دبريان الثاني (إبريل2009) رفعت أربعون منظمة واتحاداً عربياً غير حكومي صوتها، مطالبة بـ(إعمال حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم بكرامة وأمان).
ومع أن السمة الغالية، بل الأساسية، على مواقف المؤسسات الشعبية العربية تجاه قضية حق العودة هي:«الموسمية وعدم التخصص وعمومية التعاطي مع هذه القضية، إلا أن المشهد لا يخلو من فعاليات تخالف هذا التوجه».
وضمن النزر اليسير من هذه الفعاليات هناك «اللجنة النسائية لدعم حق العودة». وهي لجنة مشكلّة من نساء عربيات (وغير عربيات) مقيمات في سورية، هدفها الأساسي دعم حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى فلسطين التاريخية التي شرد منها أهلها عام1948. ولا تستطر هذه اللجنة إلى أي نشاط آخر غير العمل على تحقيق هذا الهدف.
كذلك لا يخلو المشهد من مبادرات لدعم حق العودة بأعمال إيجابية شديدة التأثير لجهة الحفاظ على الذاكرة الفلسطينية والعربية تجاه هذا الحق ونقلها إلى الأجيال الطالعة. ولعل أكثر هذه المبادرات شهرة وإتقاناً في الفترة الأخيرة، فيلم الرسوم المتحركة بعنوان«حلم الزيتون»الذي أنتجته بتكلفة تزيد عن المليوني دولار شركة«أوتي نون»السعودية.
وقد لاحظ المختصون أن هذا الفيلم استهدى بالمواصفات العالمية وبمعايير أفلام ديزني ويمثل رسالة لا سابقة لقوتها في تعميق الحنين إلى العودة الفلسطينية لدى أطفال العرب بلغة مختلفة، ويروي الفيلم بشكل مشوق قضية فلسطين وسيرة اللجوء الفلسطيني للأطفال عن طريق الرسوم المتحركة من خلال عائلة فلسطينية نزحت عن عين كارم عام1948. ويتطرق للمأساة التي تعرض لها اللاجئون خلال عقود ما بعد النكبة. وبفعل التمويل الضخم فإن الفيلم متاح باللغتين التركية والإنجليزية جنباً إلى جنب مع النسخة العربية.

رابعاًـ في تفعيل الموقف الشعبي من حق العودة

في كل حال يبدو المشهد الشعبي العربي مبشراً كثيراً لجهة التأطير والمأسسة بهدف إسناد حق العودة الفلسطيني، فالمبادرات الخاصة بهذا الهدف تعاني من الشح الشديد، حتى ليمكن الإدعاء دون مبالغة بأن اللاجئين هم أنفسهم من يتولون زمام المبادأة والمبادرة بخصوص تأليف الأفئدة من حولهم وتجميع التأييد لقضيتهم والدعوة لها، أكثر بكثير من اضطلاع القوى الشعبية العربية بهذه الأمور.
ولفترة ممتدة كان يمكن التعلل بضعف الأطر والمكونات التنظيمية، العربية الشعبية وغياب الممارسة الديمقراطية التي تسمح بتبلور مثل هذه المبادرات، وبالتداعي، كانت هناك مبررات يمكن قبولها، على ما أشرنا في موضع سابق، للفتور الشعبي تجاه العكوف على إسناد حق العودة والدعوة له، وتقعيده في مكان مناسب على أجندة اهتمامات الشارع العربي.
غير أنه في السنوات الأخيرة، ولاسيما في ظل حديث الإصلاح الديمقراطي، وانتشار ما يعرف بمؤسسات المجتمع المدني واتساع هوامش الحركة المتاحة عربياً لهذه المؤسسات، لم يعد من الجائز تبرير التقصير في جنب قضية اللاجئين وتعزيز حقهم في العودة.
القصد، أن القوى المدنية التي راحت تنتشر كالفطر على الخريطة العربية، مبدية اهتماماً فائضاً بقضايا حقوق المرأة والطفل والمهمشين وذوي الاحتياجات الخاصة والموظفين ونحو هذه الفئات وقضاياها. هذه القوى مدعوة لتنشيط دعوى حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة ضمن مساقاتها وبرامجها العاطفة على الديمقراطية وحقوق الإنسان من ناحية. كما أن الناشطين العرب في حقل المجتمع المدني مدعوون من ناحية أخرى لبلورة اطر ومؤسسات ولجان خاصة بدعم هذا الحق وإدراجه على قائمة اهتمامات أقرانهم من الناشطين دولياً على الصعيد ذاته. فالجهود الفلسطينية وحدها لا تكفي لإبقاء هذا الحق حياً وملحاً في الضمير العربي ناهيك الحديث عن الضمير العالمي.
وفي تقديرنا أن جهود الناشطين الديمقراطيين والحقوقيين العرب، يمكن أن تؤتى أكلها في استحضار حق العودة والدعوة له على أوسع نطاق، بالنظر أيضاً إلى التطور المتواتر في وسائط الاتصال بالرأي العام وما أتاحته تقنيات الفضائيات ورسائل الهواتف النقالة ونحوها. إن تخصيص فضائية واحدة أو أكثر للسهر على هذا الحق يمكن أن يفعل الكثير، بل وقد نذهب إلى أن المبادرة بإرسال رسائل قصيرة من ملايين الهواتف النقالة العربية إلى ملايين الرموز والأشخاص من الناشطين الديمقراطيين والحقوقيين وذوي الصلة بأوضاع اللاجئين وقضاياهم، ولاسيما في مناسبات بعينها(كذكرى تقسيم فلسطين ويوم إعلان إسرائيل ويوم تصريح بلفور ويوم الأرض ويوم إعلان الاستقلال الفلسطيني ويوم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.....)، هذه المبادرة التي تذكر بحق اللاجئين في العودة، يمكن أن ترمز للكثير فيما يتعلق بإثارة الاهتمام بهذا الحق.
على أن ظاهرة انتشار مؤسسات المجتمع المدني عربياً تنطوي في الوقت ذاته على بعض السلبيات بما يقتضي الحذر. فكثير من هذه المؤسسات تتلقى تمويلاً خارجياً، غربياً بخاصة، بما قد يخضعها لتوجيهات أو توجيهات الممولين، الذين لا يستمرئون الاهتمام بحق العودة الفلسطيني عربياً أو دولياً، وربما تعمدوا حذف هذا الحق من أجندة هذه المؤسسات ودائرة أنشطتها. ولذا فإن نداء السهر على هذا الحق ينبغي أن يتوجه للقوى المدنية المتحررة من مثل هذا الاشتراط، الممولة عربياً والمعنية حقاً وصدقاً بمصالح الإنسان العربي وهمومه.
ومن المداخل المهمة لاستفزاز الاهتمام الشعبي العربي بحق العودة، التعريف بالتداعيات السلبية لعدم تطبيق هذا الحق بالنسبة للشعوب العربية وبخاصة شعوب الدول المضيفة. فإغفال حق العودة وتجاوزه يؤشر عموماً إلى تهميش أحد أبرز حقوق الإنسان الأساسية، وهناك احتمال لأن يتداعى هذا الانتهاك إلى حقوق أساسية أخرى لأبناء الأمة العربية، وتجاوز العناية بتطبيق قواعد أخرى للقانون الدولي بين يدي قضايا عربية ساخنة مع أطراف إقليمية أو دولية. بمعنى أن انتهاك تطبيق حق العودة سوف يكون بمثابة سابقة تغري بانتهاكات حقوق للعرب دون توقع لردود أفعال غاضبة أو احتجاجية.
ومن جهة أخرى أكثر خصوصية، ينبغي توضيح بعض الانعكاسات السلبية لتجاوز هذا الحق، التي ربما أطلت لدى الدول المضيفة في أجل قصير أو ممتد. كالتسبب في تحميل هذه الدول وشعوبها أعباء اقتصادية أو اجتماعية أو أمنية لا طاقة لها بتحملها. ويتأتى عن هذه الانعكاسات المحتملة، إشعار الشعوب المضيفة بأن دعمها لحق العودة الفلسطيني هو وسيلة متاحة للدفاع عن مصالح اللاجئين وقضيتهم العادلة، وكذا وسيلة لصيانة مصالح خاصة بها والوقاية من أعباء يودّ مناهضو هذا الحق إلقاءها على عاتق الأمة العربية.
ولأن بعض حصاد عملية التسوية ومخرجاتها أدى إلى حدوث التباس حول مؤدي حق العودة الفلسطيني ومفهومه وحدود تطبيقه، فإنه يتعين على المعنيين به التصدي لهذا الالتباس واستجلاء المعنى الحقيقي لهذا الحق والمقصود بتطبيقه. فالشاهد أن دخول عشرات الآلاف من اللاجئين والنازحين إلى مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، غداة اتفاق أوسلو1993 وتوابعه، قد فهم من قبل عرب كثيرين على أنه تطبيق لحق العودة الفلسطيني، أو أن هذا الحق هو في سبيله إلى الإشباع والتطبيق بالنظر إلى توالي دخول «الإخوة الفلسطينيين» إلى هذه المناطق، وفي الوقت ذاته، راحت أوساط من دعاة التسوية تروج لهذا الفهم، وتؤكد على أن المطلوب لتطبيق حق العودة هو فتح أبواب الضفة وغزة، المرشحة لقيام الدولة الفلسطينية، لاستقبال اللاجئين بقدر الإمكان. وعندئذ يكون الفلسطينيون قد عادوا إلى بلادهم، لا أكثر ولا أقل.
لكن الحقيقة أن مفهوم العودة الفلسطينية يتعلق حقوقياً ووفقاً لقرارات الشرعية الدولية، بالمناطق التي أجبروا على مغادرتها في غمرة الصراع منذ 1948. كل على مسقط رأسه وممتلكاته فيما عرف لاحقاً بدولة إسرائيل، وأن الدخول إلى مناطق السلطة الفلسطينية لا يتسق وهذا المعنى ولا يعد تطبيقاً منصفاً لحق العودة.
وكل ما في الأمر أن مناهضي هذا الحق؛ إسٍرائيل ومحازبيها الدوليين وبعض أهل التسوية من العرب، معنيون بخلق هذا الالتباس وتعميمه. وقد تأتي لحظة لا تتورع فيها هذه الأطراف عن محاولة استصدار قرارات دولية تكره الخلق أجمعين على التعاطي مع مفهومهم المبتدع لتطبيق حق العودة، بما يُجب المعني الصحيح لهذا التطبيق.
في كل حال، لعل تحويل حالة التعاطف الشعبي العربي التي لا يمكن نكرانها تجاه حق العودة للفلسطينيين بحاجة ماسة إلى التأطير والمأسسة والتنشيط. وتقديرنا أن هذه الحاجة لا يمكن أن تتحقق بدون تأسيس «لجان وطنية عربي»، تجعل من إسناد هذا الحق شغلها الشاغل فإذا ما تولى بعض الناشطين حقوقياً وسياسياً العناية بتكوين هذه اللجان في بلدانهم، بات عليهم وعليها الاجتهاد لنقل الاهتمام بحق العودة من النخب إلى الجماهير العريضة، والتركيز على زحزحة هذا الاهتمام من موقع الهامش إلى موقع البؤرة والمركز في برامج الفعاليات المدنية بكافة أنواعها وبرامجها، ثم إن على هذه اللجان أن تقتحم اهتمامات السواد الأعظم من الشعوب العربية بشكل دائم وملح بعيداً عن الموسمية وفكرة الهوجات المؤقتة السائدة حالياً. وهي إن أفلحت في ذلك فلربما تمكنت من إقحام الاهتمام بحق العودة الفلسطيني على برامج القوي المدنية والفعاليات الحقوقية على الصعيد العالمي. والذي لا شك فيه أن عملاً يتوخى هذا المعنى سيكون أكثر جدوى وأعمق أثراً قياساً بالأنشطة التي تضطلع بها الجهات الفلسطينية، وحيدة في الميدانيين العربي والدولي.

كاتب وأكاديمي فلسطيني ـ القاهرة

» تجديد الخطاب الإعلامي العربي تجاه جرائم الكيان الصهيوني
» الزجل الشعبي الفلسطيني
» موسوعة الطب الشعبي الفلسطيني
» ألوان الكلمات من التراث الشعبي الفلسطيني
» حكايات من ذاكرة التراث الشعبي الفلسطيني