من كتاب الأسير محمد العرمان
مدخل
لعل سوء حال المقاومة في الضفة الغربية هذه الأيام , هو ما شجعني على كتابة هذه الصفحات التي تسلط الضوء على عوائق خط المقاومة في هذه المرحلة والتي لربما ترافق القضية في المستقبل إن لم نبادر نحن الذين خضنا التجربة قبل سنوات قليلة , والتي مارسناها على الأرض ضمن نفس التوزيعة السكانية والجغرافية التي نراها اليوم . فالشوارع الالتفافية لم تتغير كثيراً , والشوارع البديلة للشوارع الأصلية لم يضف اليها الكثير . ولم تنقطع عنا هذه التفاصيل التي تتراكم يوماً بعد يوم . من خلال متابعة الأخبار المسموعة والمرئية والمقروءة وما يتواتر إلينا نقله من خلال إخواننا الأسرى القادمين من الخارج .
وكوننا أبناء هذه الأرض وهذه المدن والمحافظات فإنه من السهل علينا أن ندرك ونشعر ما يوصف لنا , وكأنه عيان امامنا . إن أحق الناس بالحديث عن هذه المرحلة وتشخيص العوائق فيها . والتي امتدت منذ اتشهاد الإمام الشسخ أحمد ياسين في آذار من العام 2004 ما زالت حتى ساعة كتابة هذه السطور العام 2010 .
من عاش التجربة عملياً بكل ما تعنيه الكلمة , وما تحمله من دلالات , هو نحن الأسرى , فالشهداء رحمهم الله ذهبوا إلى جوار ربهم , وذهبيت معهم تجاربهم وبقي الأسرى مع التجارب التي صنعوا أحداثها أو كانوا مشاركين فيها , وقد عايش الأسرى ردود الأفعال على هذه الأحداث ......
إن الهدف من كتابة هذا العمل , هو الخلوص إلى استراتيجية قادرة على النهوض بالمقاومة من تعثرها في الضفة , وتوجيهها ضد الاحتلال بحيث تكون المقاومة مسلحة وشعبية , وتحويلها إلى عامل لتوحيد الشعب وتسخير الطاقات . للضغط على نقاط ضعف الاحتلال الإسرائيلي , بما يتلائم مع خوض مواجهة طويلة الأمد , تكون خسائرها محتملة فلسطينياً وتتحول إلى حرب استنزاف , تجعل الاحتلال مشروعاً خاسراً في نظرهم قبل غيرهم .
رأيت أنه من الواجب الحديث عن مشكلة تواجهنا نحن أبناء حماس , فيما يتعلق بالمقاومة في الضفة الغربية قبل الخوض في الحديث عن الرؤية للمقاومة كيف نريدها في هذه المرحلة .
إننا نعمل بالنصيحة التي تقول إن أي طرف مطالب بإبداء رأيه لا بد وأن يكون في صورة كل ما هو جاري في تفاصيله .
نسأل الله أن يكون هذا العمل عوناً لمن يطالعه . وأن ينفع به الباحثين والمهتمين شأن المقاومة .
****************************************************
من هنا نبدأ :
لا بد لنا من العودة إلى الخلف سنوات قليلة , لنستعرض أهم الأحداث التي مررنا بها, وإن كتب لنا التوفيق في اختيار العام الذي نبدأ به فسيكون العام 2004م , وتحديداً بعد شهر آذار وقع حدث مروع هز الحركة وهو استشهاد الإمام أحمد ياسين رحمة الله تعالى , وتلى ذلك إغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي في نيسان من نفس العام .
لقد كنا في حينها مطمئنين إلى قدرة الحركة على الرد , فقد كانت آخر عملية لنا نحن في حماس في شباط من العام 2004 م في ميناء عسقلان . وقد كنا ننتظر الرد وقد تخيلناه بحجم الجريمة , ليكون صاعق ورادع .
وكانت المفاجاة أن مرت الأيام والأسابيع والشهور وفي النهاية , جاء الرد متواضعاً بسيطاً خجولاً يحمل عنوان الثأر , ويحمل عنوان آخر وهو التضامن مع إضراب الأسرى حيث نفذت الكتائب عملية استشهادية في مدينة بئر السبع المحتلة .
وبعملية حسابية بسيطة , نجد أن العمليات التي قامت بها الحركة بعد استشهاد الشيخ والدكتور معدودة على الأصابع .
قرار الدخول إلى الإنتخابات :-
لقد جاء العام 2005 م زما حمله معه من تطور في الموقف السياسي للحركة , والقرار بدخول الأنتخابات , وقد طرح سؤال حينها : كيف سيؤثر قرار المشاركة والمشاركة نفسها على مسار المقاومة التي تميزت به الحركة وميزتها عن غيره ؟؟؟؟
وإن كان لا زال السؤال وقتها مطروحاً عن الثأر للشيخ والدكتور . وهنا لا بد من التوضيح لأمر مهم , وهو معادلة الردع , فعند الإعلان عن قرار الحركة بالمشاركة في الانتخابات , لم تكن قد مضت سنة على عملية الاغتيال , وكان اليأس من الثأر قد تسلل إلى كثير منا , وبقي البعض على الأمل أن يكون الثأر ذات يوم وقريباً , وللأسف لم يحصل ما كنا ننتظره ؟ بل الذي حدث هو مزيد من الوقاحة من قبل الاحتلال تجاه كوادر الحركة , والمزيد من الاغتيالات والتصفيات , وهذا لا بد من ذكر ما قاله الشيخ أحمد ياسين , في مقابلة في برنامج شاهد على العصر على قناة الجزيرة عندما سأل مقدم البرنامج أحمد منصور الشيخ :-
ما هو سر اهتما الاحتلال بك , وأنت أسير عندهم ومحكوم بصفتك مسئول عن قتل جنود من الإختلال ؟
فكان جواب الشيخ : -
أنت تعرف ان اغتيال أي قائد عسكري أو أي كادر من الحركة يقابل برد قاس جداً في مدن الاحتلال فكيف إن تم قتل أحمد ياسين في السجن ؟؟؟؟؟
وللأسف يا شيخنا ( تجرؤا وغدروا بك ) .
الفوز في الانتخابات العام 2006 م
لقد جاء عام 2006 م بالإنتخابات والفوز وتشكيل الحكومة والحصار الظالم , ورأينا المهرجانات التي تضم عشرات الآلوف وحجم الجماهير التي كانت تملأ ساحات الضفة بأعداد هائلة , بينما كان العمل باتجاه المقاومة خجولاً جدا ً.
لا شك أننا نفهم أن يتم ضبط إيقاع المقاومة مع إيقاع التحرك السياسي للحركة , حتى وان لم يكن أي صلة بين من هو في الميدان وبين من يرسم سياسة الحركة . فعادة ً كان الخطاب الإعلامي يوجه من هو في الميدان , سواء بالتصعيد أو التهدئة .
والذي كان مهتماً أن يسبق عام الانتخابات بالهدوء , لكي يتم الاستعداد والتحضير للانتخابات , عملا على حسم الفوز إذ أن عدم الفوز يعني انتحاراً على أعتاب سلطة فاسدة لا تساوي نعل مقاوم .
والحمد لله أننا قد فزنا وحسمنا الأمر دون شك , وإلا لكنا امتطينا لتمرير مشاريع لتصفية القضية باسم الديمقراطية , حيث أنه لا بد من احترام رأي الأغلبية . ولكن الله سلم .
دور غزة الذي كنا نريده ,,,,,,,,,
لا بد من الإشارة إلى أنني لست بصدد الحديث عن غزة , ولكن لابد من التظرق للدور الذي كان من الأفضل حسب وجهة نظرنا أن يناط بقطاع غزة . بعد إعلان الإنسحاب في العام 2003 م وتنفيذه فعلياً في العام 2005 م , لأن القطاع بعد انسحاب الاحتلال منه أصبح له وضع ميداني جديد مختلف عن السابق , وما نريده منه أن يكون بوابة للمقاومة الإعلامية والجماهيرية والمالية إن أمكن .
والاستعداد في القطاع لمقاومة دفاعية بالدرجة الأولى مع الحفاظ على سمة المبادرة وتكون استثناء وفي أحوال خاصة .
لأن المبادرة في القطاع أصبحت محصورة بسبب طبيعة الجغرافيا في القطاع وما حوله . إضافة للمعادلة الدولية التي تقيد العمل في القطاع , لأن الوسيلة التي نمتلك المبادرة بها لا تصلح في مثل وضع القطاع الحالي , إلا كسلاح للدفاع والردع , وخلق توازن رادع لإيجاد معادلة جديدة للوضع القائم .
وهنا نقصد وسيلة الصواريخ وسنأتي عليها لاحقاً _ إن شاء الله تعالى _ فهي وسيلة تحتاج الى مكان وزمان وظروف مناسبة لاستخدامها , إن قصد منها أن تؤدي هدف سياسي وهذا ما نريده .
ونتيجة لغياب توازن الرعب أو نظرية الردع من طرفنا , والتي كان من المفضل أن تقوم بها الضفة الغربية , وبسبب الاعتداء على الضفة والقطاع اضطررنا للعمل من القطاع لنرد على جرائم الاحتلال , وكما هو معروف بوسيلة الصاروخ التي أصبح الثمن لإطلاقها بعد الندحار من القطاع مكلف جداً .
لقد كانت هذه الفترة تشهد تطوراً سياسياً , حيث تم تشطيل حكومة خالصة من قبل حركة حماس , لم يشارك أي من الفصائل فيها كل لأسبابه .
البعض منهم يعتبر أن هذا ليس مشروعه وهو ضده والبعض الآخر راهن على سقوط الحكومة خلال شهور قليلة والذهاب لانتخابات جديدة تتغير فيها موازين القوى .
لقد بدأ حينها إطلاق الدعايات المغرضة ضدنا , باننا طلاب السلطة وطلقنا خيار المقاومة , وهذا اضطر الحركة في القطاع في ظل غياب المقاومة في الضفة للمبادرة والمحاولة بشتى الوسائل أن تبرهن للعالم أننا ما زلنا حركة مقاومة وسنبقى كذلك . ونحمد الله أن رزقنا باسر الجندي الصهيوني ( شاليط ) , كثمرة لعدة محاولات جادة للمقاومة في القطاع , وقد جاءت عملية الأسر في مرحلة حساسة كانت أبواق الضلال السياسي قد أطلقت لنفسها العنان ضدنا . فكان الرد على الأرض على كل المزاودين على الحركة .
ولنا بقية ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
ابو جهاد / منتدى الدوايمة