مستوطنات «تحت جنح»... المفاوضات

مستوطنات «تحت جنح»... المفاوضات

ربما تترك إسرائيل أبواب دورات مياه المسجد الأقصى مفتوحة للمفاوضات مع السلطة الفلسطينية، متيحةً الوضوء للمصلين المسلمين وركناً قصياً للصلاة. فمخططات بناء 50 ألف وحدة استيطانية جديدة، قد تكون كافية لنسف ما تبقى من شوارع القدس العتيقة، لكنها غير كافية بالتأكيد لإزالة الغطاء العربي الذي ناله محمود عباس لإجراء مفاوضات غير مباشرة، في اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير.
سيندّد العرب؟... طبعاً.
سيخرجون من جعبهم أكثر عبارات الاستنكار فتكاً، وسيقرعون طبول الشجب والاحتجاج؟... حتماً.
وطبعاً وحتماً سيستأنفون المفاوضات، ويبرهنون للعدو الغاشم والغرب «الامبريالي»، إرادتهم الفعلية والحقيقية في التوصل إلى سلام عادل وشامل.
لقد «انتفض» محمود عباس وعلّق المفاوضات، وبرهن عن «شجاعة وشهامة» في مثل هذه المواقف الحرجة والمحرجة. فالرجل لم يعدّ إلى العشرة قبل أن يسجّل اعتراضه في محاضر الإدانات العربية والدولية للاستيطان غير الشرعي، ولم يتردّد في خرق بروتوكولات حسن ضيافة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في إبلاغه استيائه الشديد من الأعمال الإسرائيلية الاستفزازية.
لكن، يبدو أن عباس «أساء فهم» الإعلان الإسرائيلي، وتسرّع قليلاً في التعبير عن مشاعره، التي لا شك في أنه سيكون قادراً على احتوائها ولجمها، قبل الزيارة المقبلة لجورج ميتشل إلى المنطقة لاستئناف المفاوضات غير المباشرة.
لقد اعترف بنيامين نتنياهو بخطئه وأقرّ في اعتذاره من بايدن بأن «التوقيت لم يكن مناسباً» للإعلان عن المشاريع الاستيطانية بالتزامن مع وجوده في إسرائيل. وقَبِل بايدن اعتذار «صديقه»، موضحاً «أن عمليات البناء لن تبدأ فوراً، مما يوفّر للمفاوضات وقتاً كافياً لحل المسألة».
إذاً، المشكلة في التوقيت، ولا خلاف حول التوسّع الاستيطاني.
والرهان الأميركي ـ الإسرائيلي يركّز على التفهّم العربي لحاجات النمو الطبيعي للمستوطنات، وهو تفهّم لن نجده عند الحديث عن نمو مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، الذين لا يزالون ممنوعين من إدخال مواد بناء لترميم منازلهم المبنية من الصفيح.
يقول تقرير صحيفة «هآرتس» الذي نشر مخططات البلدية الإسرائيلية في القدس للتوسّع الاستيطاني في اتجاه الشرق العربي بدلاً من الغرب «الإسرائيلي»، بأنها جاءت تلبية لرغبات منظمات البيئة التي تعارض المساس بجبال القدس، وحفاظاً على «رفاهية» سكان الأحياء القديمة في القدس الغربية و«جودة الحياة فيها».
لا شك في أنه قرار صائب وحكيم، ناتج من حرص إسرائيلي على البيئة.
قرار من الصعب معارضته، إذا ما أراد العرب الالتزام بمقرّرات قمة استوكهولم البيئية الأخيرة والتوجّه العالمي الجديد لانقاذ الأرض ومن عليها من الاحتباس الحراري.
عليهم أن يدركوا هذه الحقيقة البيئية الخطرة، فالقبول بتهجير آلاف الفلسطينيين من منازلهم في القدس الشرقية، يبقى أرحم من أن يفقدوا عضويتهم في المنتديات البيئية العالمية.
لا يهم، طالما أن حمام السلام يرفرف في السماء... والبلدوزرات تعمل على الأرض.

بقلم سامر الحسيني

» مستوطنات الخليل سرطان يجب بتره
» إسرائيل تقرر إقامة مستوطنة علمانية شرق نابلس وإضافة أبنية في 8 مستوطنات
» ما بعد المفاوضات!!
» استئناف المفاوضات.. مبروك
» انطلاق المفاوضات المباشرة