ما بعد المفاوضات!!

الكاتب : سميح شبيب
تاريخ المقال : 2011-01-10

لم يعد الحديث عن المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية حديثاً ساخناً، يستحوذ على الاهتمامات الإعلامية، بعدما وصلت الجهود الأميركية إلى حائط مسدود، لا منفذ منه، وبعدما ظهرت فيه الإدارة الأميركية، بمظهر الضعيف، المتردد، غير القادر على ممارسة أي ضغط جدي على إسرائيل.
غابت المفاوضات، وغاب الحديث عنها، دون أن يترك ذلك فراغاً سياسياً، في خارطة الصراع القائم.
بلورت الأطراف المعنية مواقفها بوضوح، وكانت صورة إسرائيل، هي الصورة الأبشع والأشد قتامة. ظهرت إسرائيل، بوضوح، ورغماً عن مناورات نتنياهو، ومحاولاته ذر الرماد في العيون، على أنها حكومة لا تسعى للسلام، بقدر سعيها للتوسع الاستيطاني، وتجزيء الأرض الفلسطينية، وتجاوز مقررات الشرعية الدولية، وقواعد القانون الدولي والإنساني. صحيح أن حكومة نتنياهو لا تأبه للرأي العام الدولي، ولا تعير انتباهاً للشرعية الدولية، لكنها بدأت تتحسس مدى مخاطر ذلك، بعدما تزايدت حدة عزلتها الدولية، وفقدت المزيد من المصداقية، وبات تسويق سياساتها دولياً، أمراً شبه محال، وبدأت إسرائيل تتلمس مدى الأخطار المحيقة بشرعيتها الدولية، بعدما تزايدت موجة الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية المستقلة، وذات السيادة على حدود الرابع من (حزيران).
ما نشهده الآن، بعد توقف المفاوضات، وانحسار حدة الاهتمام بها، هو حراك سياسي آخر، حراك سياسي يتجاوز أطر المفاوضات، إلى أطر الجهد الفلسطيني الدؤوب الرامي إلى إعادة طرح ملف القضية الفلسطينية على المحافل الدولية مجدداً. طرح هذا الملف، الآن، وبعد مفاوضات استمرت زهاء ثمانية عشر عاماً، لا بد وأن يستند على التراكم السياسي والمعرفي للمفاوضات. هذه المفاوضات التي بدأت بالاتفاق على إطار عام، وعلى جولات تفاوض متنوعة ومتعددة، طال بعضها قضايا الحل الدائم، وطال بعضها الآخر، محاولات التوصل إلى صفقة متكاملة، كما حدث في مفاوضات كامب ديفيد 2000، لكنها وفي مجموعها، كانت تصل إلى جدار، لا منفذ منه. آخر المحاولات ترافقت مع نمو استيطاني غير مسبوق، رفضت إسرائيل تجميده ولو جزئياً، وآثرت الاستيطان على المفاوضات، التي وصلت الآن إلى طريق مسدود.
الفلسطينيون من جهتهم، عازمون على الاستمرار في طريق السلام، عبر وسائل جديدة، غير وسيلة المفاوضات التي وصلت في عهد حكومة نتنياهو إلى طريق مسدود.
الإسرائيليون، الآن، هم في مأزق جدي، وكل يوم قادم يحمل في ثناياه المزيد من الخسارة السياسية والمعنوية للإسرائيليين... صحيح أنهم ينفذون سياساتهم الاستيطانية، لكنهم بالمقابل، يزدادون في نظر العالم، عدوانية بتجاوزهم للقانون الدولي. يحاول نتنياهو، ذر الرماد في العيون، وطرح التصريحات التضليلية بشأن توقف عملية السلام، لكن تلك التصريحات، أصبحت في نظر الجميع، بما فيه الشارع السياسي الإسرائيلي، تصريحات سمجة ممجوجة، لا تقدر على مساعدة حكومة في مأزقها الراهن!!.

» مستوطنات «تحت جنح»... المفاوضات
» توازن القوى في المفاوضات
» استئناف المفاوضات.. مبروك
» مشاهد من مسرح المفاوضات بين السلطة وإسرائيل
» المفاوضات فاشلة.. فلماذا الرهان؟