ذكريات يوم الارض 1984

مشرف سابق

هرعنا الى شارع بارطو بعد انتهاء الدراسة في مدرسة الاشرفية الاعدادية للبنين، و لا يزال ابو مضطفى بائع السنويش حيا و قد زرت مطعمه قبل سنتين و كان لا يزال على حاله ضيق الخلق و يشتم كل شي ، المهم نعود الى شارع بارطو و كان قد امتلأ بطلبة الاعدادية بنينا و بناتا، و كنا نسير على الارصفة على جانبي الشارع ، و ما هي الا لحظات حتى غبرت مظاهرة من شارع جانبي و راح منظموها يسيرون باتجاه الوحدات، لك نكن نعلم - انا و اصدقائي - و قتها شيئا عن يوم الارض و لعلها تكون اولى المظاهرات التي نراها، و عندما تسائلنا عن سبب التجمع هذا صاحت بنا احدى الطالبات ان هذا يوم الارض و ان اي فلسطيني عليه ان يكون جزءا من هذه المسيرة، فوجدنا انفسنا نعوم و سط الحشد الذي اخذ بالازدياد، و لا ادري ان كنا يومها قد انخرطنا في تلك المظاهرة بافع وطني او انه لمجرد الخزي الذي شعرنا به و نحن نرى الفتيات يسرن في مظاهرة فيما نحن تسير على الرصي بامان.
تابعنا المسير حتى وصلنا الى شارع المدارس في مخيم الوحدات و هناك التقينا ببقية الطلبة الذين تجمعوا من مدارس المخيم في هذا الشارع، و مستقبلا ستكون لنا العديد من الذكريات المؤلمة في هذا الشارع، كان تجمعا كبيرا جدا و قد غض به الشارع عن اخره، و كانت الحناجر تلهبها ترديد الشعارات الوطنية التي اجزم انني كنت اسمعها لاول مرة، كنت التفت الى صديقي و وجدت ذات علائم الدهشة التي تعتريني على وجوههم اين كنا طوال هذا الوقت عن هذه المظاهرات.
كانت المظاهرة تنقسم الى قسمين ، في المقدمة الشباب و كان العدد كبيرا في هذا الجزء و في المؤخرة الفتيات ، و قد عين بعض الشباب الاكبر سنا انفسهم حراسا لهؤلاء الفيتات من اجل حمايتهن، من ماذا لا ادري، و يبدو ان المخطط لهذه المظاهرة ان تخرج من شارع المدارس و تتوجه الى الاشرفية او شارع الثلاثين، الا ان قوات الشرطة كانت قد ضربت طوقا امنيا في نهاية الشارع لمنع المظاهرة من الخروج من شارع المدارس ، و امام اصرار الطلبة على الخروج من شارع المدارس انتهى شهر العسل بينهم و بين الشرطة التي راحت تطلق القنابل المسيلة للدموع، بعدها اندلعت جهنم في حلوقنا و شعرنا بها تحترق و اصبحت الدموع تتقاطر من اعيننا، لمحنا البعض يضع في يده شيء ما و يشتمه دون ان تظهر عليه الاعراض التي نعاني منها، و ما هي الا لحظات حتى كانت النسوة اللاتي يشاهدن ما يحدث من اسطح بيوتهن يلقين البصل فوق رؤوسنا ، تناولناه عن الارض و سارعنا في اشتمامها، و ربما كان له اثر في تخفيف ما كنا نعاني منه، و بعدها استفقنا على هراوات الشرطة و هي تنال من اجسادنا، لا ادري كيف وصلنا الى المقدمة ، ام اننا لم نلحظ تراجع الاخرين مع تقدم قوات الشرطة.
نحفظ مخيم الوحدات كما يعرف المرء راحة كفه لم يكن صعبا علينا ان نختفي في الازقة المنتشرة في المخيم و من واحدة الى اخرى حتى وجدنا انفسنا في الجزء الثاني من الشارع الذي يفصل المخيم عن منطقة الاشرفية،و شاهدنا من هناك هراوات الشرطة و هي لا تزال تهوي فوق الاجساد، و رغم الخوف الذي تملكنا يومها الا اننا كنا نشعر بالسعادة و باننا قد قمنا بشيء ما ربما لم ندرك كنهه الا اننا شعرنا باهميته. القي القبض على بعض من نعرفهم يومها و اطلق سراحهم في اليوم التالي، الا اننا ثلاثتنا تمكنا من العودة ببعض الاوجاع نتيجة الهراوات و قصصا نخبرها لبقية الاصدقاء الذين لم يتمكنوا يومها ان يكونوا جزءا من الحدث.
اطلق الرصاص على احد الاصدقاء بعد هذه الحادثة بسنوات في ذكرى يوم الارض و اضيب بكسر متهتك في عظمة الفخذ الزمته الفراش لاشهر، فيما استشهد اخر بطلقة في الصدر في مخيم اخر - رحمه الله -، و لا يزال يوم الارض ينبت فينا و ليدا كل سنة.

كلما حان موعد يوم الارض تستعيدني هذه الذكرى، و اشعر بطعم السعادة التس شعرتها يومها دون ان اعرف ما معنى يوم الارض. و لعل هذا ما يميزنا كفلسطينيين انه لا يشترط ان اعرف حدثا ما من اجل ان اكون جزءا من احيائه، انه شيء يولد معنا و لا نكتسبه، هذا العشق الذي نحمله بين صدورنا لوطن لم نتكحل برؤيته، و الاستعداد للتضحية من اجله حتى و ان كان يراودنا كحلم صعب المنال.

che

ذكرتني اخي زكريا في 86 كانت المظاهرات في كل مخيم الوحدات والهتافات داخل مدارس الوكالة أكثر من الشوارع
وكان هناك تنظيم للمظاهرة رائع جدا ان يكون مسيرة سلمية بدون تكسير زجاج سيارات المعلمين ولا زجاج مدارس الوكالة
وكانت الشرطة محيطة كل الشوارع وبدأت عطور الغازات تنتشر بين المتظاهرين فعندما ذكرتني بشوارع المخيم الالتفافية فانها ظلنا الدائم في المسير او الهروب .
وركض خلفي شاب وينادي علي بقوة وانا رجلاي تسبقني لكي لا اشم ذلك العطر الذي اصبح شعبنا جزء منه .
ويوجد دخلات لا تتجاوز عرضها متر وذلك الشاب خلفي
واذا بعجوز الله يرحمها ام علي تنادي علي تعال وادخل البيت بسرعة وحمتني ودخل بقوة الشاب نعي وتناولنا رشفة بصل مع دموع وسيول من انفنا .
وقالت الله يحميكم وعملت شاي ولكن المفاجأة ان الشاب يسألني لمذا تركض من الشرطة سرقت اشي ؟؟؟؟؟؟

قلت لا ؟؟؟ قال اكيد مطلوب امني ؟؟؟

فقالت له العجوز هو مو مطلوب امني هو مطلوب وطني ؟؟؟

فلم يفهم ؟ وقالت له ليييه انت تركض ؟؟؟؟

قال انا علي قضيتين سرقة والشرطة تطارد وراي

ضحكت انا وام علي بقوة لغاية اني نزلت على الارض لعفوية جواب الشاب ؟؟؟

قالت اله ام علي يعني انت تركض خوف من القضايا مو مع المظاهرات ؟؟

قال ايش مظاهرات مع العلم انه اكبر مني سنا

قال لا انا اشوف الناس تركض وعلم فلسطين معهم ولكن مليش على هيك امور ؟؟؟؟؟

فسالته يعني ما يهمك فلسطين ولا تحن للارض ولا تعرف معنى القضية ؟؟؟

فسال منه دمعة فعلا شعرت كاني وجهت اله اتهام ؟؟؟

فقالت ام علي يا ابني انت من المخيم ؟؟؟؟

فرد بتنهيد اه يا خالة انا ابن المخيم ولكن انا الان اتعاطى حبوب وحرامي وما اعرف قضية ولا بطيخ ؟

وخرجنا انا وهو وبعد 4 سنين وجدت الشاب وسلم علي وسالني متى موعد يوم الارض ؟؟؟؟

واصبح هذا الشاب عنصر فعال في المخيم بعد ان تعارفنا

وابعدته عن الحبوب وسلامي له الان لانه يرقد على تراب فلسطين

بين احضانها حضنته لانه يحتاج لحضنها ؟؟؟

سلامي اليك يا صديقي جمال وسلاما لروحك على تراب الوطن فانت سبقتنا للشهادة على ترابها ؟؟؟؟

اشكرك زكريا وفعلا دائما تجعلنا نعود لذكريات المخيم والنظيف

ابو جهاد / منتدى الدوايمة

» ذكريات تاريخية فاصلة في سجل الاحداث العربية تزامنا مع مرور عقد على انطلاق "انتفاضة الاقصى"
» اسرائيل تستعيد ذكريات حرب 1973
» شعراء يخلدون يوم الارض
» خيمة فوق السطوح في مخيم «البرج»: هنا القصة والحب... هنا ذكريات الأرض
» ذكريات حزيرانية كانت هناك قصة، يرويها الاستاذ ابراهيم خليل هديب