غفران زامل حكاية حرة لن تغيبها
القضبان
أجناد الإخباري - تقرير خاص : هي قصة جديدة من
قصص حرائر الضفة ، هي قصة لحرة جديدة لم تستطع قضبان السجون الصهيونية والدايتونية
أن تأسر روحها المتقدة والمفعمة بحب فلسطين والمشروع المقاوم ، هي قصة صحفية حاول
العدو وأذنابه عبثا وقف مداد قلمها الذي ما انفك يكشف جرائمهم المتواصلة ومخططاتهم
ضد قضيتنا وشعبنا .
غفران زامل حكاية معاناة لم تقتصر فصولها على الاعتقال
الجائر لدى العدو الصهيوني ، بل سبقتها فصول حالكة خطتها أيد نزقة عن الصف الوطني ،
يوم أمس أفرج الاحتلال عن الأخت غفران زامل بعد اعتقال استمر لمدة عشرة شهور،
أمضتها في مركز تحقيق بتحتكفا وسجن هشارون، ونقل مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق
الإنسان عن الأسيرة المحررة قولها "إن الفرحة منقوصة وغير كاملة، لبقاء أسيرات عشت
معهن أصعب الأيام خلفي في سجون الاحتلال".
وليت الحكاية تتوقف فصولها هنا ،
فغفران تنتمي لبيت مقاوم خرج القائد القسامي الشهيد سعد زامل والذي أذاق العدو
الصهيوني كأس المنون مرات عديدة ، وخرج أيضا الأخ أمجد زامل المبعد لمرج الزهور
والذي تعرض للاعتقال مرات عديدة لدى العدو الصهيوني وأذنابه الدايتونيين ، فالاخت
غفران هي امتداد أصيل وطبيعي لعائلة قدمت لهذا الوطن الكثير .
يشار إلى أن
غفران زامل تعرضت للاختطاف والمضايقة من أجهزة دايتون العميلة وتم استدعاؤها
للمقابلة عدة وجيشت أجهزة عباس لأجل الصحفية غفران طابورا من المندوبين والدوريات
الامنية تلاحقها في حركاتها وسكناتها.
غفران زامل تروي تجربة اختطافها لدى
أجهزة عباس "بتاريخ 3-6-2009 وعند الساعة الثانية عشرة ظهرًا حضرت الأخت عبير
الحضيري من طولكرم لزيارتي في البيت؛ لأنها كانت تريد الذهاب لتقديم طلب للتوظيف في
مكتب الوكالة بالمدينة، وبعد نصف ساعة غادرنا البيت، وفي مخيم العين بنابلس بعد
نزولنا من السيارة أوقفتنا سيارة فيها اثنان من سكان مخيم وطلبا هويَّتيْنا
الشخصيَّتيْن، فتوجهت لشراء كرت جوال كي أتصل بأهلي وأخبرهم بالأمر، فحاول أحدهما
منعي، إلا أنني اتصلت بأهلي وأخبرتهم أن السلطة ستعتقلني".
وتتابع غفران:
"بعد دقائق حضرت سيارة المخابرات ومعها فتاتان، فوضعونا في السيارة التي اتجهت إلى
مقر المخابرات بالمخفية، وهناك اكتشفت أنَّ معي فلاش كمبيوتر وأنَّ بداخلها صورًا
لي ولقريبات لي بحفلة وبدون حجاب، فأردوا أخذها مني، لكنني أدخلتها بفمي، فضربني
الفتاتان وضابط بشدة، غير أنني قاومتهم حتى كسرت الشريحة وأتلفتها، فسألوني عما
بداخلها فأجبتهم أن بداخلها صورًا لي ولأخواتي ولصديقاتي، وبعد ذلك قاموا بتفتيشنا
بدقة، ثم وضعوا كل واحدة منا بغرفة، وسألوني عن سبب زيارة عبير لي فقلت إنها تريد
تقديم طلب عمل لمكتب الوكالة، وكنت أنا برفقتها، فلم يصدقوني بدعوى أن هذه حجةٌ
للتغطية على عمل آخر ننوي القيام به؛ لكوننا أختَيْن لشهداء من القسام، وأننا كنا
في مهمة مساعدة مطاردين من طولكرم، وأن عبير حضرت لأساعدها في شراء سلاح لهم، خاصةً
أنه كان معي مبلغ من المال قدره "1550 ديناراً"، فاتهموا عبير بأنها أحضرت المبلغ
لي من المطاردين لشراء السلاح، لكنَّني وعبير أنكرنا تمامًا هذه الاتهامات الملفقة،
وقلت لهم إن المبلغ لوالدتي وكنت أنوي وضعه في البنك، وأصررت على هذا الكلام على
الرغم من محاولتهم تلفيق تلك التهمة لي".
وتضيف غفران: "بعد المغرب اقتحموا
منزلي لمصادرة جهاز الكمبيوتر الخاص بي، وصادروا بعض الأوراق والدفاتر القديمة
الخاصة بالجامعة أيام دراستي، وكان بداخلها ملصقات للكتلة وبعض الأوراق الخاصة
بجريدة "فلسطين" ودفتر به أرقام تليفونات خاصة بصديقات لي أيام الجامعة، فاتهموني
بأنني أحفظ هذه الأرقام لإجراء تغطية على عمل مناطق الأخوات أيام الانتخابات
التشريعية، ثم سألوني عن علاقتي بجريدة "فلسطين"، وقد كانوا سألوني عن علاقتي بها
عند استدعائي في المرة السابقة، فقلت لهم إنني كنت موظفةً فيها، فاستفسروا عمن
قابلته عند تقدمي للعمل فيها وعن أسماء موظفيها، وعندما علموا أنني قابلت وليد خالد
مدير مكتب الصحيفة في الضفة والمعتقل حاليًّا لدى الاحتلال عند تقديم طلب التوظيف؛
حاولوا تلفيق تهمة أخرى لي بأن لي علاقة بالقسام؛ نظرًا لأن وليد خالد كانت له
علاقة بالقسام على حدِّ قولهم، وقد رفضت كل تلك الاتهامات الباطلة".
وتتابع
غفران: "بعد ذلك سألوني عن دوري في الكتلة الإسلامية أيام الجامعة، فقلت إنني مجرد
مؤيدة للكتلة ولم يكن لي أي نشاط سوى أنشطة عامة، كالمشاركة في المسيرات
والاعتصامات، ثم سألوني عن علاقتي بالنائب منى منصور وعضو المجلس البلدي خلود
المصري، ثم رجعوا لموضوع المال الذي كان معي، ولذلك فقد بقيت عندهم لليوم التالي؛
حيث بقيت حتى الساعة الواحدة والنصف في مقر المخابرات والأسئلة تدور عن مصدر
الأموال ولمن أحملها، وكانت روايتي كما قلت سابقًا أنها لوالدتي".
وتواصل
غفران حديثها: "بعد ذلك نقلوني إلى مقر الشرطة، وبقيت حتى الساعة التاسعة صباحًا،
وفي اليوم الثاني أعادوني إلى مقر المخابرات، وأُدخِلْتُ إلى غرفة التحقيق،
وبقِيْتُ حتى الساعة السادسة والنصف مساءً والأسئلة فقط عن مبلغ المال ومصدره وأنا
أصرُّ على نفس الرواية، ثم أحضروا والدي من باب الضغط عليَّ.. كان والدي منهارًا
تمامًا، ولكنني رفعت من معنوياته وصبَّرته، وطلبت منه ألا يقلق؛ لأنه ما من شيء
عليَّ، فتغيرَت نفسيتُه حين رآني كذلك".
ونظرًا لأن احتجاز غفران رافق أحداث
قلقيلية الأخيرة فإنهم "أدخلوها لمتابعة الأخبار في مكتب المدير وانهالوا بالشتائم
على الشهداء، وبعد ذلك أحضروا لها ضابطًا وبدأ يحاورونها، ويقولون إن القوة
التنفيذية جميع أفرادها من المطرودين من فصائلهم، وممن اعتقلوا على خلفيات جنائية،
وادَّعَوا أن حماس تصادر كلَّ رواتب الموظفين التي تدفعها السلطة لموظفي فتح
بالقطاع، وأنها قتلت أبناء فتح وألقتهم من على البنايات وكلاما من هذا
القبيل".
أما ما شكَّل سابقةً خطيرةً في ظروف احتجاز النساء لدى أجهزة عباس
فقد كان تعرض غفران للشبح؛ حيث تؤكد تعرضها للشبح من الساعة السادسة والنصف مساءً
وحتى العاشرة والنصف ليلاً، وتقول: "ربطوا عينيَّ وكانت يداي مرفوعتين، وأقف باتجاه
الحائط، وأطفؤوا الكهرباء، وخلال هذا الوقت كانت تحضر إحدى المحقِّقات من حين لآخر،
وتسألني إن كان لديَّ ما أقوله غير الأقوال السابقة، فكنت أصرُّ عليها، وأؤكد لهم
أنه ليس لديَّ ما أضيفه".
وتتابع غفران: "هدَّدوني بتحويلي للنيابة العامة
وللمحاكمة، فقلت لهم: افعلوا ما تريدون، ثم كتب المحقق لائحة اتهام بحقي، وقال إنها
ستوقَّع من الرئيس ومِن مدير العمليات لتحويلك للمحاكمة، والتهم كالتالي:
مساعدة
كتائب عز الدين القسام؛ لكونك أخت قسامي.. المبلغ الذي معك هو لأعمال تحريضية ضد
السلطة وتمويل للقسام.. اتصالات بغزة وعمل بجريدة "فلسطين" وهي مغلقة بقرار من
الداخلية، فقلت لهم قدموا ما شئتم من التهم واطلبوا الحكم الذي تريدونه فهذا لن
يضيرني".
وتستطرد غفران: "ثم أعادوا التركيز على موضوع المبلغ، وقالوا إن
والدتك أنكرت أن المبلغ لها، وكانوا قد وقَّعوها على تعهُّد تنفي فيه أنه لها، وزاد
إصرارهم على أنها أموال تتعلق بحماس، فتداركتُ الأمر وقلت لهم إن الأموال ليست من
والدتي، لكنني أخبرتكم بذلك حتى لا تصادروها مني، وإنها تخصُّني وكنت قد جمعتها من
عملي، وبعد ذلك أصدروا قرارَ إفراجٍ بحقِّي، لكنهم طلبوا مني أن أوقِّع على تعهُّد،
وصادروا المبلغ الذي كان بحوزتي".
وفي ختام حديثها عن تجربة اعتقالها تحدثت
غفران عن فضل الصبر والثبات والتسلُّح بالدعاء في مثل هذه المواقف؛ فتقول: "خلال
التحقيق معي وما تعرَّضت له من ضغوط؛ كنت أشعر برحمات الله تتنزَّل عليَّ، وقوة في
الإجابة والإقناع حتى خلال الشبْح، وبفضل الله لم أشعر لحظةً واحدةً بالتعب، وقد
كنت أذكِّر نفسي بما يتعرَّض له إخوتنا من تعذيب وضرب وصل إلى درجة القتل، وأصبِّر
نفسي بالاستغفار والتسبيح، وأن هذا ابتلاءٌ من الله اختارني له، على الرغم من أنهم
كانوا يحاولون أن يضغطوا عليَّ من باب أن أمي كبيرة في العمر ووالدي مريض، ويجب أن
أعترفَ لأجلهما بالتهم الملفَّقة لي، فكنت أقول لهم: أمي وأبي لهما الله، وليس عندي
شيء أتحدث به غير ما تحدثت به سابقًا..
تذكَّرت كل أخت دخلت مقراتهم
وتعرَّضت للتعذيب، وبدأت أصبِّر نفسي.. كنت أحمل همَّ أخواتي بالخارج لأنني أعلم
مدى وقْع أثر اعتقالي على نفوسهن، وبدأت أدعو لهنَّ أن يصبِرن ويثبُتنْ، كما كنت
-خلال تحقيقهم مع الأخت عبير- أمضي الوقت في الدعاء لها أن يثبتها الله
ويصبِّرها".