الدعاية الصهيونية والضفة الفلسطينية... الفخ الخطر

الدعاية الصهيونية والضفة الفلسطينية... الفخ الخطر
الكاتب : خالد بدير

يبدو أن ما يجري في الضفة الفلسطينية المحتلة يتجاوز في خطورته، على المدى الطويل، كل ويلات الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، فعلى الرغم مما يخلفه هذا الحصار من مآس اجتماعية واقتصادية إلا أنه في الوقت ذاته يبقي الصراع مع الاحتلال مفتوحاً، ويوصل رسالة إلى العالم حول حقيقة إسرائيل الإرهابية التي تمارس القتل والتجويع والتدمير غير عابئة بالقوانين والقيم الإنسانية وغير مكترثة لكل الاحتجاجات التي تصدر من أماكن مختلفة في هدا العالم.
ما يجري في قطاع غزة يرسم المعالم الحقيقية للصراع على الأرض، إما النموذج الذي يراد له أن يكون في الضفة الفلسطينية فهو أمر آخر. في تقرير لصحيفة هآرتس الإسرائيلية يشير الكاتب «آفي يسسخاروف» إلى أنه أجرى حوارات مع عدد من السكان في مدينة رام اللـه بشأن النظام العام والأوضاع الاقتصادية، إلا أنه يدعي أن كلمة «احتلال» كانت غائبة عن أحاديث الناس في السوق.
ويقول: في الماضي ما كان لكاتب إسرائيلي أن يخرج من رام اللـه من دون التحدث عن الاحتلال والحرب مع اليهود، إلا أن الناس تتحدث اليوم عن المصالح.
ويزعم يسسخاروف أن «المفاوضات والمواجهات وقطاع غزة» ليست قضايا ذات صلة بالنسبة للناس في رام الله، مشيراً إلى أن دور السينما تعرض أفلاما حديثة، في حين تم فتح عدد من «الخيم الرمضانية» في عدد من أحياء المدينة التي تقدم النارجيلة مع عروض غنائية حية.
هذا التقرير هو جزء من حملة إعلامية إسرائيلية تقدم الضفة الفلسطينية، حتى على الصعيد الشعبي، وكأنها ألفت الاحتلال وقبلت به وتكيفت معه، ومع ما تحمله هذه الكتابات من ظلم حقيقي للفلسطينيين في هذه البقعة الجغرافية من فلسطين، إلا أن ماكينة الدعاية الإسرائيلية تستند إلى وقائع غير شعبية من نوع التركيز على الزيارات التي يقوم بها مسؤولون عسكريون وأمنيون إسرائيليون لمدن الضفة الفلسطينية مثل لقاءات التنسيق غير العادية، حسب هآرتس، التي انعقدت مؤخراً في المقاطعة برام الله، وشارك فيها قائد ما يسمى «منطقة المركز» آفي مزراحي، وقائد كتيبة «أيوش» نيتسان ألون، وضابط ما يسمى «الإدارة المدنية» يوآف مردخاي.
وتلفت هآرتس إلى «علاقات دافئة وتعاون غير عادي بين ضباط جيش الاحتلال في الضفة الفلسطينية ونظرائهم الفلسطينيين، الأمر الذي أدى إلى إحباط عدد كبير من العمليات».
ويضاف إليها زيارات رئيس الشاباك يوفال ديسكين إلى مدينة جنين بالضفة الفلسطينية مؤخراً، وزيارات أخرى لرام الله وقلقيلية، كما لا تنسى الدعاية الإسرائيلية التركيز على قرار السماح للمستوطنين بالدخول إلى مدن الضفة باعتباره يعكس تطوراً في ذهنية الفلسطينيين تجاه المستوطنين.
الإشارات المستمرة إلى التطور الاقتصادي والأمني في الضفة الفلسطينية، هو جزء من سياسة الإيحاء بالآثار الايجابية للاحتلال، أو جائزة لمن لا يقاوم الاحتلال، وخطورة ما ترسم له هذه الحملة الوصول إلى خلق ذهنية تأبيد الانقسام الداخلي تحت ذريعة الفروقات بين الضفة الفلسطينية والقطاع، وهو ما أكده بشكل مباشر «غاي بخور» في صحيفة يديعوت أحرونوت عندما تحدث عن وجود دولة فلسطينية مستقلة في غزة، وعن مطالبة الفلسطينيين في الضفة الفلسطينية بدولة، ليصل إلى استنتاج بأن الكرة ليست في الملعب الإسرائيلي إنما في الأردن ليشعل فتنة فلسطينية ـ أردنية، بعد أن اطمأن إلى الانقسام الفلسطيني ـ الفلسطيني. وليس بعيداً عن هذا الرسم خطة وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان حول طلب حشد دولي لرفع مسؤولية الاحتلال عن القطاع وتحميل الجهة المسيطرة عليها هذه المسؤولية.
إن الجهد العسكري والسياسي والأمني والدعائي الموجه نحو الضفة الفلسطينية سراً وعلانية يعكس مدى خطورة هده الجغرافيا على كيان الاحتلال، فيكفي الإشارة إلى أن المسافة بين الساحل المكتظ بالمستعمرات والمناطق الإستراتيجية الصهيونية، ومدن جنين أو طولكرم لا يتجاوز عدة كيلو مترات، علاوة على التماس المباشر بين مدن وقرى الضفة الفلسطينية والمستعمرات القائمة على أراضيها.
ما يرسم له الاحتلال في الضفة العربية خطر جداً، لأنه يحاول طمس خطوط الصراع، ويلمح إلى تكيف مع الاحتلال، لكن الأخطر هو أن يصدق بعض الإعلام العربي الدعاية الصهيونية ويدخل في لعبة الفرق شعبياً بين الضفة والقطاع، ويحقق من حيث لا يدري، أو يدري لعبة إسرائيلية تظلم المقاومين في الضفة الذين لم يهدؤوا يوماً في مواجهة الاحتلال، ولا تفرق بين شعب الانتفاضات والهبات المتواصلة وبعض رموز السلطة الذين لا يخفون مشروعهم المناقض لمصالح هذا الشعب.

» المستعمرات الصهيونية في الأراضي الفلسطينية للعام 2008م
» الخطر الصهيوني يلاحق نشر كتاب بروتوكولات حكماء صهيون
» لا تنسواالقدس و غزة والضفة
» المصالحة الفلسطينية\ مهام الحكومة الفلسطينية المقبلة
» خطة العمل الفلسطينية لنيل الإعتراف بالدولة الفلسطينية